بوابة الوفد:
2025-12-12@23:08:34 GMT

قانون ترامب.. ليس كبيرًا.. وليس جميلًا!

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

 

يُروَّج في بعض الدوائر السياسية والإعلامية لما يُعرف مجازًا بـ «قانون ترامب» أو سياساته المقترنة باسمه بأنها إصلاحات "كبرى وجميلة" تقلب موازين الاقتصاد والسياسة لصالح المواطن الأمريكي، لكن القراءة المتأنية تكشف لنا بوضوح أن هذا الوصف يحمل قدرًا من المبالغة وربما التضليل. ما هي أبرز بنود هذا القانون؟

يشمل هذا القانون "خفض ضريبة الشركات" من ٢٥٪ إلى ٢١٪، وإلغاء "ضرائب على الإكراميات" في جميع القطاعات، وزيادة "إنفاق الدفاع" بـ ١٥٠ مليار دولار، وتمويل "أمن الحدود" بـ ٧٠ مليار دولار، وتقليص "دعم الرعاية الصحية": من خلال خفض أكثر من ٧٠٠ مليار دولار من "ميديكيد".

أول ما يلفت النظر هو أن ما يُسمى بـ «قانون ترامب الكبير والجميل» لم يأتِ في سياق مشروع شامل للإصلاح البنيوي، بل جاء في صورة تعديلات ضريبية وإجراءات سريعة تخدم مصالح محددة: تخفيضات ضريبية كبيرة للشركات الكبرى والأثرياء تحت شعار «تحفيز الاستثمار» و«خلق الوظائف». لكن الواقع أظهر أن الجزء الأكبر من هذه الأرباح لم يُعاد استثماره في الاقتصاد الحقيقي، بل تم توجيهه لإعادة شراء الأسهم، ما عزز ثروات المساهمين والمديرين التنفيذيين بدلًا من تحسين حياة الشرائح الأوسع من المجتمع.
من الناحية الاقتصادية، لم يكن القانون «كبيرًا» بالمفهوم العميق للكلمة؛ أي لم يُحدث تحوّلًا نوعيًا في بنية الاقتصاد الأمريكي، بل عمّق الاختلالات القائمة، وساهم في زيادة العجز المالي للولايات المتحدة إلى مستويات قياسية.

أما من الناحية الجمالية، بمعناها الأخلاقي والسياسي، فلم يكن القانون «جميلًا». الجمال في السياسة لا يقاس بالشعارات الرنانة، بل بمدى تحقيق العدالة، والتوازن، والاستقرار، والاستدامة. وهنا تحديدًا أخفق القانون؛ إذ افتقر إلى العدالة الضريبية، وجاء محملًا بفلسفة ضيقة ترى في السوق وحده مفتاح الخلاص، متجاهلًا المسؤولية الاجتماعية للدولة تجاه مواطنيها الأقل حظًا.

بعيدًا عن العناوين المضلِّلة حول النمو والفرص، ظهرت آثار عميقة سلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أبرزها:
١- تفاقم التفاوت الطبقي: إذ استفاد الأثرياء بشكل رئيسي، بينما تضرر محدودو الدخل عبر تقليص الخدمات.
٢- العجز المالي: ارتفع الدين الفيدرالي نتيجة فقدان الخزانة العامة لموارد ضخمة من الضرائب دون تعويض كافٍ من النمو الحقيقي.
٣- تراجع الاستثمار في البنية التحتية: بسبب تحويل الموارد من الإنفاق العام إلى الإعفاءات الضريبية.
٤- إضعاف العدالة الاجتماعية: حيث فقدت السياسات جانبها التوازني الذي يقي الفئات الضعيفة من السقوط تحت خط الفقر المدقع.

في النهاية، لم يكن «قانون ترامب» كبيرًا لأنه لم يُؤسس لرؤية اقتصادية عادلة وشاملة، ولم يكن جميلًا لأنه تجاهل إنسانية السياسة الاجتماعية، وأطاح بقيم التضامن المجتمعي لصالح مصالح نخبوية قصيرة المدى. حيث أظهرت التجربة أن تقليص الرعاية الصحية والغذائية لا يؤدي إلى اقتصاد أقوى، بل إلى مجتمع أكثر فقرًا، وأقل استقرارًا.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

إلغاء قانون قيصر.. توقيع ترامب ينهي سنوات من خنق الاقتصاد السوري ليبدأ التعافي

في لحظة سياسية فارقة تعيد رسم موقع سوريا على الخريطة الإقليمية والدولية، صوّت مجلس النواب الأميركي على إلغاء "قانون قيصر" الذي شكّل طوال ستة أعوام أحد أكثر أدوات الضغط الصارمة على الاقتصاد السوري. 

ومع انتقال المشروع إلى مجلس الشيوخ تمهيداً لتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل نهاية العام، تتجه الأنظار إلى مرحلة جديدة قد تُنهي سنوات من الخنق الاقتصادي، وتفتح باب الأسئلة حول فرص التعافي وقدرة الحكومة السورية الجديدة على استثمار هذه التحولات.

يأتي القرار في سياق إقليمي ودولي متغير، وبعد عام من التحولات الجذرية التي شهدتها سوريا إثر سقوط نظام الأسد وصعود حكومة انتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع. ومع ذلك، يبقى السؤال الأبرز: هل يكفي رفع العقوبات لتبدأ سوريا رحلة النهوض، أم أن الطريق لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات المعقّدة؟

قانون قيصر

أقِرّ "قانون قيصر" عام 2019 خلال ولاية ترامب الأولى، مستنداً إلى صور مسرّبة وثّقت انتهاكات واسعة في السجون السورية. فرض القانون عقوبات مشددة طالت مؤسسات الدولة وقطاعات الطاقة والبناء والمالية، ومنع التعامل مع جهات حكومية أو شركات مرتبطة بالنظام السابق. وعلى مدى سنوات، شكّل القانون أحد أعمدة العزلة الاقتصادية التي عمّقت الانهيار البنيوي في سوريا.

أما التغيير الجوهري فجاء في ديسمبر 2024 حين أطاحت قوات المعارضة بنظام الأسد، ليفرّ الأخير إلى روسيا، وتبدأ مرحلة سياسية جديدة بدعم أميركي. ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، بدأت سياسة إعادة تقييم شاملة للعقوبات، وصولاً إلى مسار الإلغاء الذي نشهده اليوم.

تفاصيل مشروع الإلغاء وشروطه الرقابية

رغم أن القانون يلغي العقوبات فعلياً، إلا أنه يستبدلها بآلية رقابية دورية تُلزم البيت الأبيض بتقديم تقارير إلى الكونغرس كل 90 يوماً ثم كل 180 يوماً لمدة أربع سنوات، تتضمن:

مكافحة الإرهاب والجماعات المتشددة.حماية حقوق الأقليات الدينية والإثنية.إبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب العليا.الامتناع عن أي عمل عسكري غير مبرر ضد الجوار.التقدم في تنفيذ اتفاق 10 مارس 2025 مع "قسد".مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمخدرات.ضمان تمثيل عادل في الحكومة والبرلمان.ملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان.

هذه الشروط غير ملزمة قانوناً لإبطال الإلغاء، لكنها تشكل آلية ضغط سياسية وأمنية على الحكومة السورية الجديدة.

هل يبدأ النهوض الاقتصادي؟

ترفع خطوة الإلغاء الكثير من القيود، لكنها لا تُطلق العنان للتعافي بشكل مباشر. فالأضرار التي ألحقها العقد الماضي بالاقتصاد السوري ضخمة؛ تقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي تتحدث عن حاجات إعمار تفوق 216 مليار دولار، إضافة إلى نظام مصرفي مضطرب، وسيولة شبه معدومة، وسوق موازية تتحكم بتعدد أسعار الصرف.

ويرى خبراء الاقتصاد أن رفع العقوبات يمثل شرطاً لا بد منه لكنه غير كافٍ. فالدخول في مرحلة الإعمار يحتاج:

تحديثاً تشريعياً شاملاً.استعادة الثقة بالقضاء والمصرف المركزي.بيئة أعمال شفافة تستقطب المستثمرين.إعادة ربط البنوك السورية بمنظومة "سويفت".ضمانات أمنية وسياسية.

ويتوقع اقتصاديون انتقالاً من الانكماش إلى نمو إيجابي محدود خلال الأعوام الثلاثة المقبلة في حال أُنجزت الإصلاحات.

التحديات المعيشية.. طريق طويل قبل التحسن

يعيش أكثر من 90% من السوريين تحت خط الفقر، ما يجعل أي إصلاح اقتصادي محفوفاً بتكاليف اجتماعية قصيرة الأمد، أبرزها:

تحرير تدريجي للأسعار.إعادة هيكلة الدعم.ارتفاع مؤقت في تكاليف المعيشة.

لذلك، تحذر المؤسسات من أن التعافي لن ينعكس سريعاً على الأسر إلا بوجود برامج حماية اجتماعية فعّالة.

إلغاء "قانون قيصر" يمثل بداية مرحلة لا نهايتها. صحيح أنه يفتح الباب أمام انفراج اقتصادي محتمل، لكنه يضع سوريا في مواجهة اختبار أكبر: القدرة على تنفيذ إصلاحات عميقة، وبناء دولة شفافة تستعيد ثقة شعبها وشركائها الدوليين. فالطريق إلى التعافي لن يُرسم في واشنطن وحدها، بل يبدأ من دمشق قبل أي مكان آخر.

طباعة شارك قانون قيصر سوريا العقوبات الأمريكية على سوريا إلغاء قانون قيصر

مقالات مشابهة

  • إلغاء قانون قيصر.. توقيع ترامب ينهي سنوات من خنق الاقتصاد السوري ليبدأ التعافي
  • السوريون يحتفلون برفع قانون قيصر
  • النواب الأمريكي يقر مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية بـ 900 مليار دولار
  • الأضخم في تاريخ أمريكا .. إقرار مشروع قانون دفاعي بقيمة 900 مليار دولار
  • "النواب الأمريكي" يقر مشروعا دفاعيا ضخما بـ900 مليار دولار
  • النواب الأميركي يقر مشروعا دفاعيا ضخما بـ900 مليار دولار
  • النواب الأميركي يقر مشروعاً دفاعياً ضخماً بـ900 مليار دولار
  • النواب الأمريكي يقر قانون الدفاع الوطني بإنفاق 900 مليار دولار
  • 3.5 مليار دولار.. 94 صفقة نفذها البنك الأوروبي في مصر منذ 2020
  • ترامب يكذّب زعيما أوروبيا بعد "تصريح العشرين مليار دولار"