لا يزال موضوع الحرب على قطاع غزة مثيرا للجدل داخل الأوساط السياسية في تل أبيب وفي عموم المجتمع الإسرائيلي، حيث يرى معظم الناس أن الحرب التي قال رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو إنه خاضها ضد 7 جبهات لم تنته بعد، وذلك رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار مع حزب الله اللبناني، والبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المتعلقة بإنهاء الحرب على غزة.

تركيز نتنياهو وائتلافه الحاكم على غزة أكثر من الجبهات الأخرى كان موضوعا لدراسة نشرها مركز المستقبل للأبحاث تحت عنوان "كيف تؤثر خطة ترامب بشأن حرب غزة في الداخل الإسرائيلي؟" للباحث سعيد عكاشة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إستراتيجية دول الساحل الأفريقي.. سيادة مغلقة بين التحرر والتبعيةlist 2 of 2أبرز ما نشرته مراكز الدراسات والأبحاث خلال أسبوعend of list

واستعرضت الدراسة بالتفصيل تداعيات خطة ترامب على مواقف الرأي العام الإسرائيلي، وتأثير الخطة نفسها في تماسك الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو.

الرأي العام الإسرائيلي

أشارت الدراسة إلى أن استطلاعات الرأي الإسرائيلي كشفت إلى حد كبير مدى تردد المجتمع الإسرائيلي بين التشدد والمرونة حيال القضايا المرتبطة بهذه الحرب، بما في ذلك الموقف من خطة ترامب.

وقد تجلّى ذلك التردد من خلال ما يلي:

1- الموقف من إنهاء حرب غزة بهدف استعادة الأسرى: فقبل طرح ترامب لخطته بشأن حرب غزة، أظهر استطلاع لـ"المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" أُجري في منتصف سبتمبر/أيلول 2025، أن 60% من اليهود الإسرائيليين يؤيدون إيقاف الحرب مقابل استعادة الأسرى.

وبعد طرح خطة ترامب، أظهر الرأي العام الإسرائيلي تأييدا كبيرا لها؛ حيث أوضح استطلاع لصحيفة "معاريف" أجري في 3 أكتوبر/تشرين الأول الجاري أن 66% يؤيدون الخطة.

2- توجهات الرأي العام الإسرائيلي إذا ما أُجريت الانتخابات العامة مبكرا: أظهرت عدة استطلاعات للرأي في سبتمبر/أيلول الماضي، وقبل طرح خطة ترامب، أنه في حال إجراء الانتخابات مبكرا في إسرائيل، فإن حزب "الليكود" سيحصل على ما بين 22 إلى 25 مقعدا في الكنيست من إجمالي 120 مقعدا، فيما سيحصل منافسه الرئيسي حزب "بينت" الذي يتزعمه رئيس الحكومة الأسبق نفتالي بينيت على 15 مقعدا كحد أدنى أو 24 مقعدا كحد أقصى.

إعلان

وفي كلتا الحالتين، لن يكون بوسع "الليكود" وشركائه تشكيل الحكومة التي تحتاج إلى 61 صوتا على الأقل لنيل ثقة أعضاء الكنيست.

3- الأصلح لمنصب رئيس الحكومة الإسرائيلية: تعرضت شعبية نتنياهو لتغيرات حادة خلال سنتي حرب غزة، وظلت تتردد بين 30 إلى 35% حتى أغسطس/آب الماضي وقبل ظهور خطة ترامب لإنهاء هذه الحرب.

أما بعد طرح خطة ترامب وعودة الأسرى، فقد حصل نتنياهو على تأييد 58% من المشاركين في استطلاع موقع "جيه إن إس" (JNS) في 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وجاء بعده بينت بنسبة 22%.

وأشارت الدراسة إلى أنه ينبغي الحذر في البناء على هذه النتائج، لأن استطلاعات الرأي تتأثر عادة بأحداث متغيرة، ولا تعبر بالضرورة عن مواقف ثابتة على المدى البعيد، كما أن الاختلاف في مناهج إجراء الاستطلاعات من مصدر إلى آخر، قد يؤدي إلى نتائج مختلفة، ويصل الاختلاف في النتائج أحيانا إلى ظهور فجوة واسعة وغير منطقية بينها.

الائتلاف الحاكم

وتطرقت الدراسة إلى المشاكل الداخلية التي يعاني منها الائتلاف الحاكم، والتي تجاوزت الصراعات المؤثرة في التماسك السياسي، إلى الانقسامات الطائفية التي أدت إلى شرخ كبير في الرأي العام الإسرائيلي.

وتعود جذور هذه الأزمة إلى ما قبل الحرب على غزة، حيث طرحت مسألة تجنيد أبناء الطائفة الحريدية التي يمثلها حزبا "شاس" و"يهوديت هتوراه" في الكنيست والائتلاف قبل فترة.

وفي يوليو/تموز الماضي، أعلن حزب "يهوديت هتوراه" انسحابه من الائتلاف الحاكم، وعدم تأييده للحكومة داخل الكنيست في حالة إجراء تصويت بالثقة عليها، أما حزب "شاس" فقد اكتفى بسحب وزرائه من الائتلاف، مع تعهده بالاستمرار في تأييده داخل الكنيست.

وترجع خلفية تلك الأزمة إلى قرار المحكمة العليا في يونيو/حزيران 2023 بمنع وزير الدفاع من إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، ومطالبة الحكومة بإعداد قانون جديد بهذا الشأن يحقق المساواة بين كافة أبناء الشعب الإسرائيلي في تحمل مسؤولية الدفاع عن البلاد، وفي حالة عدم إصدار مثل هذا التشريع خلال عام سيتم اعتبار كل من لا يستجيب للخدمة الإلزامية في حكم المتهرب من الواجب الوطني.

من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي -في وقت سابق- أن حاخامات الطائفة الحريدية يحرضون شبابهم على عدم الاستجابة لأوامر الاستدعاء للخدمة العسكرية والدفاع عن الوطن، لكن حاخامات الطائفة يقولون إن الحكومة التي تتصرف على هذا النحو تجاه طلاب التوراة ترتكب فعلا شائنا ويجب إسقاطها.

ويمكن أن تؤيد الأحزاب الحريدية خطة ترامب لأنها ستجرد الحكومة والرأي العام الإسرائيلي من حجة ضرورة تجنيد أتباعها بسبب حاجة الجيش إلى جنود جدد في ظل استمرار حرب غزة.

ومن جهة أخرى، فإن أحزاب الصهيونية الدينية التي صوتت ضد خطة ترامب تريد استئناف الحرب حتى تحقيق أهدافها وعلى رأسها القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وربما استعادة فرصة تهجير الفلسطينيين من غزة مستقبلا، وفقا لرؤيتها.

احتمالات ثلاثة

وأمام هذه الخيارات، يجد نتنياهو صعوبات جمة في الحفاظ على تماسك الائتلاف الذي يدعمه، ونظرا للصراع الدائر حول خطة ترامب سيواجه 3 احتمالات وهي كالتالي:

إعلان احتمال تعرض الحكومة لاقتراع بالثقة عليها داخل الكنيست بعد عودته من عطلته الصيفية في 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. عدم وضوح الخطوة التالية لتطبيق خطة ترامب بعد استعادة الأسرى؛ حيث تطالب عائلاتهم بعدم التفاوض على المرحلتين اللاحقتين (نزع سلاح غزة، وتشكيل مجلس الحكم الانتقالي، وإعادة الإعمار) قبل استعادة جثث الأسرى المتبقين. تمرير الميزانية السنوية في مارس/آذار المقبل، والتي يمكن بفشل تمريرها الدعوة إلى حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة.

وخلصت الدراسة إلى أن خطة ترامب ستبقى، في ظل عدم اكتمال مراحلها وفي ظل احتمال رفض حركة حماس الالتزام بالبند الخاص -في الخطة- بنزع سلاحها وسلاح الفصائل في غزة، معرضة للفشل، الأمر الذي قد يؤدي إلى اندلاع الحرب من جديد، وهو ما سيعطي فرصة لاستمرار الائتلاف الذي يقوده نتنياهو من خلال تهدئة الصراعات حتى الموعد القانوني لإجراء الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2026.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات دراسات الرأی العام الإسرائیلی أکتوبر تشرین الأول الائتلاف الحاکم الدراسة إلى خطة ترامب حرب غزة

إقرأ أيضاً:

مكتب نتنياهو: تصويت الكنيست بشأن ضم الضفة استفزاز سياسي متعمد

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن تصويت الكنيست بشأن الضم كان "استفزازا سياسيا متعمدا" من قبل المعارضة، بهدف إثارة الانقسام خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إلى إسرائيل.

نتنياهو: إسرائيل ستواصل العمل من أجل استكمال تحقيق أهداف الحرب ترامب: سأتخذ قرارا بشأن احتمال إفراج إسرائيل عن مروان البرغوثى


وكان الكنيست الإسرائيلي، قد أقر الأربعاء، مقترح قانون ضم الضفة الغربية بالقراءة التمهيدية.
وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، صوّت 25 نائبا لصالح القانون، مقابل 24 صوتوا ضده، وكان صوت رئيس لجنة الخارجية والأمن الأسبق، يولي إدلشتاين، هو الصوت الحاسم.
وأوضح بيان مكتب نتنياهو أن مشروعي القانون قدما من قبل أعضاء في المعارضة، وأن حزب الليكود والأحزاب الدينية – وهي المكونات الرئيسية في الائتلاف الحاكم – لم يصوتوا لصالح هذه المشاريع.
وأشار المكتب إلى أنه من دون دعم الليكود، من غير المرجح أن تمضي هذه القوانين قدما.
وعلى صعيد آخر، قال أوفير كاتس، رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، إن هناك  توجيه من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم تقديم مقترحات بشأن تطبيق السيادة على الضفة الغربية حتى إشعار آخر.
وأوضح أن القرار تم اتخاذه بعد أن "انتهك أعضاء الائتلاف قواعده وصوتوا أمس لصالح مشروع قانون تطبيق السيادة على يهودا والسامرة".

ويأتي هذا الإعلان أيضا بعد انتقادات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي صرح في مقابلة مع مجلة "تايم" الأمريكية بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم يهودا والسامرة، وبعد أن صرح نائبه، جي دي فانس، بأن "التصويت كان غريبا. لو كان مناورة سياسية، لكان مناورة سياسية غبية، وقد أزعجني ذلك".

وكانت الهيئة العامة للكنيست أقرت في القراءة التمهيدية على مشروع قانون تطبيق السيادة الإسرائيلية على أراضٍ في الضفة الغربية، قدمه النائب آفي ماعوز، بعد تصويت 25 نائبا لصالحه مقابل 24 معارضً.

ورغم توجيهات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لأعضاء الائتلاف الحاكم بالتصويت ضد المشروع، صوت عضو الكنيست يولي إدلشتاين من حزب "الليكود" لصالحه. وسيحال المشروع إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع لمزيد من النقاش.

في المقابل، رحّب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بالمصادقة الأولية، وقال: "أفتخر بتصويت حزب (العظمة اليهودية) لصالح السيادة. أتفهم وجود ضغوط دولية، لكن الحكومة اليمينية تفعل ما هو صائب لسكان دولة إسرائيل، وما هو صائب الآن هو السيادة".
وفي موازاة ذلك، عبر جي دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، عن استيائه الشديد من تصويت الكنيست، قائلا إنه "شعر بالخداع" بعد أن قيل له إن الخطوة "رمزية فقط".
وأضاف فانس في تصريحات صحفية: "كان الأمر غريبا جدا، وشعرت بالحيرة الشديدة. أخبرت مرارا أن التصويت رمزي ولا يقصد به سوى كسب نقاط سياسية داخلية. إذا كان ذلك صحيحا، فهو تصرف غبي حقا، وأنا مستاء منه".
 

مقالات مشابهة

  • المرعاش: الحكومة الليبية فقدت صبرها تجاه البعثة الأممية التي تتجاهل المؤسسات الشرعية
  • قيادي في «صمود» ينتقد غموض الحكومة السودانية بشأن مفاوضات واشنطون
  • الرمان.. فاكهة الجمال والمناعة التي تحارب الشيخوخة من الداخل
  • الحوار أفضل من المواجهة.. بوتين: العقوبات على النفط الروسي جدية لكنها لن تؤثر على اقتصادنا
  • رئيس الوزراء البريطاني: بوتين ليس جادا بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • مكتب نتنياهو: تصويت الكنيست بشأن ضم الضفة استفزاز سياسي متعمد
  • الائتلاف الإسرائيلي: نتنياهو وجه بعدم تقديم مقترحات بشأن تطبيق السيادة على الضفة
  • وزير الدولة لشؤون الطاقة يؤكد ضرورة الوضوح في معارضة الحواجز التجارية التي تؤثر على منتجات الطاقة
  • أزمة داخل الائتلاف الإسرائيلي بعد استقالة شاس من لجان الكنيست