بغداد اليوم- متابعة

"الفوضى" عنوان بليغ للأحداث الجارية في شمال الشرق السوري وبالقرب من الحدود مع العراق، ويمكن القول بأنه لا أحد يعلم ماذا يحدث بالضبط، مع تعدد الاطراف المتصادمة والتي "تحشد" في ذات الوقت، حتى وصل التحشيد الى العراق، فيما لازالت المعلومات غامضة عن طبيعة الاصطفافات بين هذه الاطراف المسلحة التي من الممكن ان تصل الى 6 اطراف مختلفة.

ولم تتوقف الاشتباكات في ريف دير الزور الشرقي بين عناصر "مجلس دير الزور العسكري" ومقاتلين من عشائر عربية من جهة، و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، من جهة اخرى، والتي تفجرت الأحد الماضي بعد إقالة قائد المجلس، أحمد الخبيل، (أبو خولة) ووضعه تحت الإقامة الجبرية، بتهم تتعلق بالفساد من قبل قيادة قوات قسد، وهو ما دفع فعاليات قبلية للدعوة إلى تشكيل إدارة مدنية لهذا الريف، يتبع للتحالف الدولي.

وأدت الاشتباكات، التي تعتبر الأسوأ منذ سنوات، إلى مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا وإصابة العشرات في محافظة دير الزور الغنية بالنفط، وتتمركز المئات من القوات الامريكية في شرقي سوريا، منذ عام 2015، للمساعدة في قتال داعش.

ويتهم مؤيدو “قسد” وجهاء العشائر العربية المنتفضة بسبب القتال الدائر هناك، ويؤكدون أن قيادة حزب العمال الكردستاني المهيمنة على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا هي الطرف المسؤول عن كل ذلك.

ونشر موقع “الخابور” المعارض للنظام و“قسد“، الأربعاء الماضي خبرًا أكّد فيه أن باهوز أدال، القيادي في حزب العمال (PKK) ، هو من أشرف على عملية اعتقال الخبيل وقادة مجلس دير الزور العسكري، بعد أيام فقط على قدومه من جبال قنديل في العراق، وهي معقل الحزب المصنَّف على قوائم الإرهاب.


"النار تلمس حدود العراق"

ولن يكون العراق بمنأى عن انعكاسات هذا الاقتتال الداخلي السوري، بل على العكس ربما يكون طرفاً وجزءاً منه لاسيما وان فصائل بالحشد الشعبي "فتحت باب التطوع لأهالي سنجار في محافظة نينوى" للقتال في سوريا او حراسة الحدود بين البلدين، وفقاً لوسائل اعلام محلية نقلت عن مصدر أمني ذلك. 

وبحسب هذا المصدر "فأن فصائل تابعة للحشد الشعبي المتواجدة في القضاء أطلقت نداءً للأهالي الراغبين في التطوع والسفر إلى سوريا  شريطة ان يملكون جواز سفر عراقي وبالفعل تمت الموافقة على تسجيل أكثر من 700 متطوع مع منحهم راتبا شهريا يبلغ 3000 دولار لكل متطوع".

وفي سياق آخر اكد مصدر أمني، أن" هؤلاء المتطوعين سيشكلون قوة عسكرية ستتمركز على الحدود العراقية السورية غرب مناطق قضاء سنجار".

"تحرك أمريكي لقطع الطريق"

في المقابل هناك ثمة حركةٌ غير اعتياديةٍ لطائرات شحن عسكرية أمريكية في قاعدة عين الأسد العراقية بناحية البغدادي بمحافظة الأنبار، بحسب ما يقول سكان المنطقة. 

ووفقاً لتقارير إخبارية، فإن القوات العسكرية الأمريكية المتمركزة في قاعدة الأسد، تخطط لإغلاق الحدود الطويلة بين العراق وسوريا، كما يرسل الجيش الأمريكي قوافل جديدة من الشاحنات العسكرية التي تنقل الأسلحة والإمدادات اللوجستية من العراق، إلى محافظة الحسكة في سوريا . 

وتضيف التقارير أن القوات الامريكية المتمركزة في القاعدة العسكرية ذات الموقع الاستراتيجي في منطقة التنف السورية، تتلقى قوافل متعددة من المعدات العسكرية من قاعدة عين الأسد، لتنفيذ برنامج سري في المنطقة.

ويرى رامي عبد الرحمن مدير المركز السوري لحقوق الإنسان من بريطانيا أن "هناك توتراً مستمراً بين ضفتي الفرات الشرقية والغربية، بين مناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف في شرق الفرات، وميليشيات إيران التي تحشد غرب الفرات على الحدود السورية العراقية" بحسب قوله.


"تحذير أمريكي من تربص داعش"

ودعا الجيش الأمريكي، أمس الخميس، إلى إنهاء القتال المستمر شرقي سوريا، محذرا من أن ذلك قد يساعد في عودة تنظيم داعش".

وأكد الجيش الامريكي في بيان أن "الالتهاء عن هذا العمل المهم تؤدي إلى انعدام الاستقرار وتزيد من خطر عودة ظهور داعش، يجب أن يتوقف العنف في شمال شرقي سوريا، وأن تعود الجهود إلى إحلال السلام والاستقرار في شمال شرق سوريا، خالية من تهديد داعش".

"يسقط النظام.. شعارات القديم الجديد"

وفي ظل التوتر هذا التوتر الأمني في شرقي البلاد، عادت تظاهرات متصاعدة في بعض المدن السورية مطالبة بإسقاط النظام، حيث شهدت ساحة الكرامة الرئيسة في مدينة السويداء، اليوم الجمعة (1 أيلول 2023)، تظاهرات هي الأكبر من نوعها منذ بدء الاحتجاجات الحالية ومنذ عام 2011، تاريخ انطلاقة الاحتجاجات السورية ضد النظام السوري.

وإلى جانب السويداء شهدت عدة مناطق في محافظة درعا، اليوم الجمعة، احتجاجات شعبية نادت بإسقاط النظام السوري.

والسويداء ودرعا خاضعتان لسيطرة النظام السوري، وتعتبر الاحتجاجات فيها "حالة استثنائية" قياسا بباقي المحافظات الأخرى التي يسيطر عليها الأخير. 

كما خرجت مظاهرات شعبية في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شمال سوريا، في إدلب وأرياف حلب. ومن غير الواضح حتى الآن المسار الزمني الذي سيلسكه المحتجون في الشوارع منادين بإسقاط النظام، وما إذا كان الأخير سيلجأ إلى خيارات قد تفضي إلى "التهدئة" أو التصعيد.

"صمت وترقب"

ويلتزم النظام السوري منذ 13 يوما سياسة تقوم على عدم التعليق والصمت و"برودة الأعصاب" كما وصفها أحد المحللين عبر شاشة التلفزيون الرسمي، أمس الخميس، وحتى الآن لم يبد أي بادرة إيجابية أو سلبية بشأن المطالب التي ينادي بها المحتجون.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: النظام السوری دیر الزور فی شمال

إقرأ أيضاً:

فوضى التعددية هل 500 حزب في انتخابات العراق نعمة أم نقمة؟

بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

في بلد مثل العراق، حيث الديمقراطية ما زالت في طور التشكل بعد عقود من الدكتاتورية والحروب، يطفو على السطح سؤال محوري هل يعقل أن يشارك أكثر من 500 حزب في العملية الانتخابية؟ سؤال مشروع يعكس حجم التحدي الذي يواجهه العراق في بناء نظام سياسي مستقر ومؤسساتي. هذا الرقم الضخم قد يُقرأ من زاويتين:
الأولى تُبرز تنوع التمثيل السياسي والانفتاح الديمقراطي.
الثانية تفضح حالة التشتت والانقسام وغياب المشاريع الوطنية الجامعة.

من الناحية النظرية، فإن مشاركة هذا العدد الكبير من الأحزاب في الانتخابات تمثل مظهراً من مظاهر التعددية السياسية والانفتاح الديمقراطي. فهي تُعبّر عن حرية التعبير والتنظيم، وتمكّن فئات وشرائح متعددة من الشعب من مختلف الأعراق والطوائف والمناطق من التمثيل السياسي. وهذا قد يعزز الشفافية ويكسر احتكار السلطة من قبل النخب التقليدية، ويعطي فرصة لبروز قيادات جديدة قد تحمل رؤى إصلاحية حقيقية.
كما أن كثرة الأحزاب قد تدفع نحو خلق تحالفات سياسية واسعة، مما يُجبر القوى السياسية على التفاهم والجلوس إلى طاولة الحوار. وهذا بحد ذاته يمكن أن يكون خطوة نحو بناء ثقافة ديمقراطية تقوم على التوافق لا الإقصاء.

لكن الواقع العملي يرسم صورة أكثر تعقيداً. فوجود أكثر من 500 حزب يعني عملياً غياب برامج سياسية واضحة، وتشظي الأصوات، وانعدام الاستقرار السياسي. كثير من هذه الأحزاب عبارة عن كيانات شخصية أو عائلية، أُسست لأهداف انتخابية ضيقة أو لتمثيل مصالح فئوية دون رؤية وطنية جامعة. هذا يُنتج برلماناً مفككاً، يصعب فيه تشكيل حكومات قوية وقادرة على تنفيذ برامج إصلاحية.
كما أن هذا الكم الهائل من الأحزاب يخلق نوعاً من الإرباك لدى الناخب، ويصعّب عليه عملية الاختيار. وغالباً ما تُستغل هذه الفوضى لتزوير الانتخابات أو شراء الأصوات، ما يُفقد العملية الانتخابية مصداقيتها ويُكرّس نفور المواطن من المشاركة.
ليس من المنطقي أن يستمر هذا الكم غير المنظم من الأحزاب بدون ضوابط قانونية وتشريعية واضحة. يجب أن يكون هناك قانون أحزاب صارم يضع معايير حقيقية لتأسيس الأحزاب، تشمل عدد الأعضاء، البرنامج السياسي، التمويل، ومدة النشاط السياسي. هذا لا يعني قمع التعددية، بل تنظيمها بما يخدم المصلحة الوطنية.

ختاماً، فإن الديمقراطية لا تُقاس بعدد الأحزاب، بل بقدرتها على إنتاج نظام عادل، مستقر، وتمثيلي. العراق بحاجة إلى أحزاب فاعلة لا أحزاب متعددة فقط، وإلى مشروع وطني جامع لا أصوات متنافرة. وبين فوضى التعددية وشبح الدكتاتورية، يبقى الأمل معقوداً على وعي الناخب، وإرادة إصلاحية جادة تنقذ البلد من فوضى لا طائل منها.

انوار داود الخفاجي

مقالات مشابهة

  • بقرة تتحرك بأمر الله وترسم الحدود.. ماذا يحدث في الضفة الغربية؟
  • تركيا تعتزم إطلاق نظام رقمي لتقييم العقارات.. هل تنتهي فوضى الأسعار؟
  • عربي21 تحاور رئيس الوزراء العراقي.. ماذا قال عن فلسطين والشراكة مع سوريا وإيران؟
  • ماذا يحدث لجسمك عند شرب شاي اللومي الأسود؟
  • بعد قضمها عشرات الأمتار.. انسحاب القوة الإسرائيلية التي توغلت إلى أطراف ميس الجبل
  • ماذا يحدث لمن لا يصلي صلاة الفجر في وقتها؟.. 23 مصيبة بانتظاره
  • ماذا يحدث بالجسم عند شرب عصير البنجر بالكركم كل صباح؟
  • توجيه من الأوقاف السورية لخطباء المساجد .. ماذا تضمن؟
  • فوضى التعددية هل 500 حزب في انتخابات العراق نعمة أم نقمة؟
  • وزارة الزراعة تدين الجريمة التي ارتكبها صوماليون مسلحون بحق صيادين يمنيين