الكشف المبكر والعلاج المتطور ينقذ حياة مواطنة من سرطان الثدي المنتشر في معهد برجيل للأورام
تاريخ النشر: 28th, October 2025 GMT
في قصة ملهمة تعكس قوة الإرادة والعزيمة، استطاعت المواطنة الإماراتية موزة الشحي وهي أم لستة أبناء، التغلب على سرطان الثدي المنتشر بعد رحلة علاج دقيقة ومعقدة أشرفت عليها الدكتورة سونيا أوتسمان، أخصائية طب الأورام في معهد برجيل للأورام بمدينة برجيل الطبية، نجاح هذه الرحلة لم يكن فقط قصة شفاء، بل مثالاً على أهمية الكشف المبكر ودور العلاج الموجه والمناعي في إنقاذ الأرواح.
بدأت القصة في سبتمبر 2023 حين شعرت موزة بآلام حادة في ركبتها اليسرى بعد الاستيقاظ من النوم، تقول:” كنت أعتقد أنه مجرد شد عضلي بسيط، لكن الألم ازداد يومًا بعد يوم حتى أصبحت أعرج أثناء المشي، زرت أكثر من مستشفى، وقيل لي إنها جلطة أو تمزق عضلي، ولم أكن أتخيل أن السبب سيكون سرطانًا.”
وبعد مراجعتها لمعهد برجيل للأورام، لاحظ الفريق الطبي وجود كتلة كبيرة مؤلمة في الركبة اليسرى بحجم 7×5 سم، إلى جانب ورم في الثدي الأيمن وتضخم في الغدد اللمفاوية تحت الإبط وفوق الترقوة، أظهرت الفحوصات لاحقًا أن السرطان انتشر إلى الرئتين والعظام والجمجمة، في حالة نادرة جدًا من الانتشار إلى الأطراف.
تقول موزة:” حين أخبرني الفريق الطبي بأن الجراحة يجب أن تتم خلال أسبوع لتجنب بتر الساق، واجهت الموقف بإيمان تام، لم أرد أن أقلق أسرتي، وقلت لنفسي أنا على قيد الحياة، والورم موجود، فلماذا أحيا شعور الخوف، كان عليّ أن أكون أقوى.”
رغم صعوبة المرحلة، بدأت خطة علاج متكاملة وضعها مجلس الأورام متعدد التخصصات في برجيل بمشاركة خبراء في الأورام والجراحة والعلاج الإشعاعي والعلاج النفسي والفيزيائي، برئاسة البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي الرئيس التنفيذي لمعهد برجيل للأورام، وشملت الخطة العلاج الكيماوي بنظام تاكسول (Taxol) إلى جانب العلاج المناعي المزدوج بالعقارين برتووزوماب وتراستوزوماب (Pertuzumab & Trastuzumab)، ثم العلاج الهرموني المكمل مع إيقاف وظيفة المبيض للحد من تأثير الهرمونات على نمو الخلايا السرطانية.
من جانبها، علقت الدكتورة سونيا أوتسمان، قائلة:” كانت موزة مصابة بسرطان ثدي من النوع الإيجابي لمستقبلات الهرمونات وHER2 الثلاثي الإيجابي، وهو نوع عدواني وسريع الانتشار، ما يميز حالتها هو ظهور الورم أولاً في الركبة، وهو أمر نادر جدًا، تعاملنا معها بخطة علاج دقيقة ومكثفة تشمل العلاج الموجه والمناعي إلى جانب الدعم النفسي والبدني، بعد ثلاثة أشهر فقط من العلاج، أظهرت الفحوصات تحسنًا ملحوظًا، وبعد سبعة أشهر أظهرت صور الأشعة المقطعية (PET-CT) اختفاءً تامًا للأورام في الثدي والعظام والرئتين دون أي تدخل جراحي، يمكن القول إنها وصلت إلى مرحلة الشفاء التام.”
ولتحسين جودة حياتها، استخدم الفريق دواء “فيسغو Phesgo “الذي يجمع بين العقارين “برتووزوماب وتراستوزوماب” في حقنة واحدة تُعطى تحت الجلد خلال عشر دقائق فقط، ما خفّض الوقت في العيادة وأزال الحاجة إلى تحاليل دم متكررة.
وأوضحت الدكتورة سونيا، أن هذا النوع من العلاج الموجه جعل رحلة موزة أكثر سهولة، ورفع جودة حياتها بشكل كبير مقارنة بالعلاج الوريدي التقليدي.
اليوم، تتابع موزة علاجها الوقائي إلى جانب حقن فيسغو كل ثلاثة أسابيع وحقن الدينوسوماب كل ستة أسابيع للحفاظ على كثافة العظام ومنع المضاعفات، كما تُجرى لها فحوصات الطب النووي PET-CT الدورية لمتابعة حالتها، إلى جانب فحص الحمض النووي للخلايا السرطانية (ctDNA) الذي يُستخدم للكشف المبكر عن أي مؤشرات للعودة.
وأكدت الدكتورة سونيا، أنه بالرغم من أن موزة كانت في المرحلة الرابعة من المرض، إلا أنها الآن في حالة استقرار تام ومستمر منذ عامين، وهو إنجاز طبي كبير يعكس تطور العلاج المناعي في معهد برجيل للأورام، فالهدف الأساسي للمعهد ليس فقط علاج المرض، بل إعادة الأمل وجودة الحياة للمريض.
وتتابع حديثها محذّرة من تأخير الفحص:” للأسف، لا تزال المخاوف من الفحص المبكر تشكل عائقًا أمام كثير من النساء، الفحص بالماموغرام أو الأشعة الصوتية آمن وسهل، والكشف المبكر يجعل العلاج أبسط ويزيد فرص الشفاء بنسبة تصل إلى 100% في المراحل الأولى.”
أما موزة، فترى في تجربتها درسًا ورسالة للآخرين، قائلة :” أدعو كل امرأة إلى عدم تجاهل الفحص المبكر وعدم الاستماع إلى الشائعات مثل أن الخزعة تنشر السرطان، فهذا غير صحيح، اكتشفت الورم قبل الخزعة، وكان التشخيص المبكر هو بداية الشفاء، أقول لكل مريضة السرطان يمكن التغلب عليه، فقط ثقي بالله وبفريقك الطبي، ومن واقع تجربتي فإن الفريق الطبي المعالج في برجيل كانوا عائلتي الثانية، منحوني الأمل والقوة بفضلهم تعلمت أن المرض ليس نهاية، بل بداية لحياة جديدة”.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
اكتشافات طبية مذهلة شهدها عام 2025.. تعرف على بعضها
قدم عام 2025 تقدمًا ملحوظًا في الطب، وعلى الرغم من تراجع مستويات التمويل في مجالات عديدة، فقد سجلت اكتشافات لافتة وتطورات ثورية في غاية الأهمية أعادت الأمل للكثيرين باتجاه علاج الأمراض البشرية وسبل الرعاية الطبية ، مع تطور ملحوظ في مجال التشخيص وتطوير الأدوية الموجودة أصلًا، بدءًا من تحرير الجينات إلى الكشف المبكر عن السرطان.
ما أبرز الاكتشافات الطبية لعام 2025؟
-علاج ثوري غير هرموني للنساء في مرحلة انقطاع الدورة الشهرية
فيما تواجه نسبة 80 في المئة من النساء مشكلة الهبات الساخنة المزعجة طوال سنوات بسبب المرور بمرحلة انقطاع الدورة الشهرية، ما يؤثر على نمط حياتهن، كان الحل الوحيد المتاح لهن هو العلاج الهرموني، وبرغم أن كثيرين من الأطباء يؤكدون أنه آمن ولا خطورة في اللجوء إليه، كانت هناك تساؤلات عديدة بشأنه، وفي الوقت نفسه، برغم أن العلاج الهرموني هو الحل الأكثر فاعلية، إلا أن كثير من النساء لا يستطعن اللجوء إليه إذا عانين سابقًا سرطانًا في الثدي أو في الرحم أو مشكلة في القلب، ووافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على علاجين غير هرمونيين يمكن أن تحصل عليهما المرأة في مرحلة انقطاع الدورة الشهرية.
-بخاخ للأنف لمكافحة الحساسية
أصبح هذا العلاج الجديد للحساسية متاحاً للأطفال الذين يعانون حالات متقدمة من حساسية الطعام التي يمكن أن تهدد الحياة. وفي هذا العلاج الجديد الذي يأتي بشكل بخاخ ويجنّب الطفل التعرض لحقنة، ينتقل الدواء مباشرة إلى الدم لدى تلقيه بعد التعرض لنوبة حساسية.
-علاج وقائي من الإيدز
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على حل هو الأول من نوعه للوقاية من انتقال مرض الإيدز. ويمكن للعلاج الذي يعطى بشكل حقنة مرتين في السنة، أن يمنع انتقال كل حالات الإيدز تقريباً كما أظهرت التجارب. واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن هذا العلاج الجديد يشكل تطوراً مهماً في مجال الوقاية من الإيدز، ويساعد على الحد من المتابعة الطبية. ويمكن أن يساعد على ضبط المرض لمن أصيبوا به، إلى جانب أدوية أخرى.
-لقاحات يمكن الاستفادة منها على نطاق أوسع
تم التوصل إلى لقاحات استطاعت أن تحمي العالم من وفيات عديدة ناتجة من أمراض لم يكن من الممكن مواجهتها مثل إنفلونزا وكورونا وشلل الأطفال وغيرها. لكن التطور الحاصل في هذا المجال سمح بتوفير لقاحات يمكن الاستفادة منها على نطاق أوسع مثل الخرف والذبحات القلبية، إضافة إلى اللقاحات الخاصة بالسرطان. فقد تبين أن من تلقوا لقاح الهربس الذي يحمي من الحزام الناري، كانوا أقل عرضة للإصابة بالذبحة القلبية بنسبة 18 في المئة بحسب دراسات عدة.
كما أن اللقاح خفض خطر الإصابة بالخرف بمعدل الثلث خلال السنوات الثلاث بعد تلقيه. كما أن مرضى سرطان الرئة والجلد في مراحل متقدمة الذين تلقوا لقاح فيروس كورونا الذي يعتمد على تقنية mRNA شهدوا تحسناً في حالاتهم خلال الأشهر الثلاثة التي تلت بداية تلقيهم العلاج المناعي وكانوا أكثر استجابة للعلاج، إضافة إلى أنهم عاشوا لمدى أطول بالمقارنة مع من لم يتلقوه.
-وقف سرطان البنكرياس قبل بدايته
يعتبر سرطان البنكرياس من أكثر الأورام شراسة وفتكًا بالناس، ويعود ذلك إلى حد ما إلى كونه يُشخص غالبًا في مراحل متقدمة. وتقل نسبة المرضى الذين يعيشون أكثر من 5 سنوات بعد التشخيص عن 13 في المئة. في عام 2025، حصل تطور مهم في مجال تشخيص سرطان البنكرياس والوقاية منه بحيث أصبح من الممكن كشف المرض في مراحل مبكرة أكثر، وأظهرت الدراسات المخبرية أن حجب بروتين FGFR2 يمنع خلايا سرطان البنكرياس المبكرة من أن تصبح خبيثة، ما يفتح إمكانية استراتيجيات وقائية للأشخاص المعرضين للخطر.
إذ تبين للخبراء أنه من الممكن وقف نشاط بروتين معين يساعد تغذية خلايا سرطان البنكرياس، ما يسمح بالوقاية من الأورام السرطانية في حالات معينة. وبما أن العلاجات التي يمكن أن توقف عمل هذا البروتين أصبحت متوافرة بناءً على تجارب على الفئران، يأمل الخبراء أن يصبح من الممكن الاعتماد عليها مع الأشخاص الذين هم أكثر عرضة للخطر، ومنهم من يواجهون عامل خطر مرتبطًا بالوراثة أو بتاريخ المرض في العائلة. لكن لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من التجارب على البشر، لكن التجارب الأولية تبدو واعدة ويمكن أن تنجح هذه العلاجات في الوقاية من المرض.