د. محمد عبد المطلب.. رفيق الشعر الذي غادرنا
تاريخ النشر: 26th, November 2025 GMT
بوجوم غير المتوقِع، ودموع المصدوم، تلقيت خبر رحيله، ولأنه كان وسيظل الأستاذ الذي طالما نهلت ونهل من علمه أساتذتي، فإن حروف اللغة أعجزتني، وبانت عن سطوري، فكيف يكون رثاء ناقد بحجم عالِم، وأستاذ بقدر إنسان.. ترى كيف لي أن أكتب اليوم خبر رحيلك يا عالمي ومعلمي، ومصدر فخري..
فإليك، بل إلى روحك التي ستبقى ظلا يغمرنا، ويرعانا، إلى أستاذي الجليل الدكتور محمد عبدالمطلب، أستاذ النقد بكلية الآداب جامعة عين شمس، موئل دراستي.
يتفرد د.محمد عبدالمطلب بحبه الجم لطائر الشعر، إلى ذلك الحد الذي جعله يفرد معظم كتبه لنقده، وهو بذلك يعد الناقد الوحيد تقريبا الذى تخصص فى نقد الشعر عبر كل أجياله من خلال 33 كتابا.
له آراؤه الخاصة التي قد يراها البعض لا تتسق مع المعتاد، إلا أنه لم يكن يأبه التعبير عنها ببساطة العالم ببواطن الشعر، السالك لدروبه، رفيق شعرائه على اختلاف أجيالهم ومشاربهم، يؤمن بالشعر العمودي ولا ينكر الحديث منه، بل يعترف بشرعية وجوده ويقف عليه بالدراسة والتحليل..
فمنهجه هو ربط القديم بالجديد، متبنيا مبدأ من لا قديم له لا جديد له. هكذا يعترف في أحد حواراته أن ذوقه الشخصى مع «إمرؤ القيس والمتنبى وأبى تمام وشوقى وحافظ» ولكنه يستوعب كل التجارب ويرحب بها، ويرى أن نزار قبانى ظاهرة شعرية وكذلك محمود درويش.. فكان كتابه عن قصيدة النثر «النص المشكل»، والذي قصد فيه دراسة هذه الظاهرة منذ البداية، وهل لها مرجعية تراثية أم لا، وأطلق عليها نصا مشكلا، لكونها تجمع بين الشعر والنثر. فربط القديم بالجديد، وكان مذهبه كما قال ابن قتيبه «لا جديد لمن لا قديم له».
صدم البعض من كونه يعتبر «حجازى» أشعر من «صلاح عبدالصبور»، إلا أن تفسير رأيه هذا يؤكد أنه يعد كليهما صنوين عظيمين، فقد رأى أن حجازى صاحب الصيغة الشعرية، وصلاح عبدالصبور صاحب الفكرة الشعرية.... ترى وهل يمكن أن تنفصل الفكرة عن الصورة التي هي وسيلتها الأهم للظهور؟
ومحمد عبدالمطلب، هو ذلك النوع المنصف من النقاد، الذي لا يميل كل الميل، لمدرسة شعرية بعينها فلا يرى سواها، ولا يهجو مدرسة أخرى فلا يرى لها سبيلا، بل كان منهجه النقدى يرتكز على عدم إصدار أحكام القيمة التى تضع الناقد موضع القاضى ورجل الشرطة الذى يحاسب الناس على البراءة أو الاتهام... هكذا يقول في حوار سابق له "ومهمتى أن أساعد القارئ على إصدار هذا الحكم، فأنا أشير للساعة وأقول إنها مكونة من كذا قطعة، وتعمل بإتقان شديد، فتقول أنت: «الله، إنها جميلة»، فأنت الذى أعجبت وقلت «الله» وليس أنا، ومهمتى كناقد أن أتيح للمتلقى إصدار أحكام القيمة ولست أنا حتى لا أصادر حق القارىء، فإذا قلت عن فلان إنه شاعر جيد، وأنت تحترمنى كناقد قديم وكبير فستأخذ كلامى مسلما به، وأنا لا أريد ذلك".
شمل الأجيال الشعرية كلها، قديمها وحديثها بالنقد، فلم يتوقف عند جماعة أو زمن معين دون الآخر، بل تبدأ كتاباته منذ زمن «إمرؤ القيس» حتى يومنا هذا.
وكانت للصحافة النصيب الكبير من مقالاته النقدية، فكتب في الأهرام وغيرها، إلا أنه توقف في سنواته الأخيرة، لظروف صحية، حالت دون قدرته على ملاحقة الصحافة اليومية.
وهو رغم حبه للشعر، إلا أنه لم يمتلك الموهبة الشعرية "حسب تصريح سابق له"، هو ما دفعه للتعمق في دراسة الشعر وإصدار كتاب متعددة في هذا المجال، عن أهمية البلاغة واللغويات في النقد الأدبي.
بروفايل
هو محمد عبد المطلب مصطفى، أستاذ النقد والبلاغة بكلية الآداب - جامعة عين شمس، وُلد في مدينة المنصورة عام 1937م، له أكثر من ثلاثة وثلاثين مؤلفًا فى النقد والبلاغة، حصل على كثير من الجوائز المصريّة والعربية والفرنسيّة، منها جائزة الملك فيصل في اللغة العربية والأدب تقديراً لإنجازاته في مجال التحليل التطبيقي للنصوص الشعرية، كما حصل
على جائزة الدولة التقديرية عام 2018، وقبلها جوائز «البابطين واتحاد الكتاب وجامعة عين شمس».
ليسانس دار العلوم 1964 جامعة القاهرة، ماجستير في النقد والبلاغة . كلية دار العلوم . 1973، دكتوراه في النقد والبلاغة . آداب عين شمس 1978
التدرج الوظيفي : مدرس بقسم اللغة العربية وآدابها . آداب عين شمس 1979، أستاذ مساعد 1986
أستاذ النقد والبلاغة 1990، رئيس قسم اللغة العربية 2000.
الأعمال المنشورة
اتجاهات النقد والبلاغة في القرنين السابع والثامن الهجريين، دراسات في النقد القديم، جدلية الإفراد والتركيب في النقد العربي القديم، أسلوبية البلاغة، البلاغة والأسلوبية، قراءة ثانية في شعر امرئ القيس.
العلامة والعلامية، قضايا الحداثة عند عبد القاهر الجرجاني، عز الدين إسماعيل ناقدا، بناء الأسلوب في شعر الحداثة، تقابلات الحداثة في شعر السبعينيات، قراءات أسلوبية في الشعر الحديث، مناورات الشعرية . هكذا تكلم النص، البلاغة العربية . قراءة أخرى، النص المشكل، بلاغة السرد، كتاب الشعر، ذاكرة النقد الأدبي، الشاعر والتجربة، بلاغة السرد النسوي، شوقي وحافظ في مرآة النقد، جمع وتدقيق ديوان شوقي (الشوقيات)، سلطة الشعر، شعراء السبعينيات وفوضاهم الخلاقة، الأعلام الذهبية، القراءة الثقافية، اللغة والهوية، قراءات في اللغة والأدب والثقافة.
الجوائز
جائزة البحوث الممتازة . جامعة عين شمس 1986
جائزة مؤسسة البابطين في النقد الأدبي 1991، جائزة مؤسسة يماني في نقد الشعر 1994، وسام فارس من الحكومة الفرنسية 1997، الجائزة التقديرية في الفنون والآداب، جامعة عين شمس 2006، جائزة رجاء النقاش (اتحاد الكتاب) 2009.
رحم الله أستاذنا محمد عبد المطلب، فهو القائل: إن الشعر سيظل موجودا ما بقي الإنسان.. ونحن هنا نقول إن إبداعه النقدي سيظل موجودا ما بقيت ضمائرنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أستاذ النقد الأعمال المنشورة جامعة عين شمس بروفايل نقد الشعر جامعة عین شمس فی النقد محمد عبد إلا أن
إقرأ أيضاً:
تكريم الفائزين في جائزة جامعة صعدة للإبداع والبحث العلمي
الثورة نت /..
كرمت جامعة صعدة اليوم الفائزين بجائزتها للإبداع والبحث العلمي في دورتها الثانية للعام 1447هـ – 2025م، تزامنا مع الفعاليات الختامية للذكرى السنوية للشهيد.
وخلال فعالية التكريم أشاد أمين عام المجلس المحلي بالمحافظة محمد العماد، بجهود الجامعة وخطواتها الناجحة في البحث العلمي، وصمودها في استمرار العملية التعليمية رغم الاستهداف الممنهج لبنيتها التحتية من قبل العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.
وبارك إنشاء الجائزة التي تشجع على البحث العلمي وتطويره، داعيا إلى تشجيع البحث العلمي في مختلف المؤسسات والوزارات، مهنئاً الفائزين في مختلف فروع الجائزة.
فيما أفادت كلمة الجامعة التي ألقاها المشرف على أعمال اللجنة العلمية الدكتور محمد الدريب، بأن الجائزة هدفت إلى تشجيع منتسبي الجامعة والطلاب والطالبات والباحثين والمبدعين من أبناء المجتمع على التميز في مختلف فروع الجائزة، بغرض الارتقاء بالأداء الأكاديمي وضمان جودة مخرجات التعليم والتشجيع على التميز والإبداع.
وأوضح أن عدد الفائزين 17 مشاركاً ومشاركة في خمسة مجالات هي: البحث العلمي، الأبحاث ومشاريع التخرج، تحقيق المخطوطات، القرآن الكريم، نظم الشعر.
واستعرض الجهود التي بذلت من قبل الجامعة والمحكمين، وصولا إلى الفعالية التكريمية للفائزين بجوائز الإبداع والتميز.
وذكر الدريب، أن أهمية الجائزة تكمن في قيمتها المعنوية والتشجيعية لكل المبدعين والمتميزين والمبرزين في مختلف فروعها، للفت الأنظار لكل من يستحقون الدعم والمساندة، إضافة إلى القيمة العلمية والمعرفية لكل ما يتوصل إليه المبدعون والباحثون من نتائج وإبداعات تفيد المجتمع.
وتطرقت كلمة الفائزين بالجوائز التي القاها الدكتور علي قراضة، إلى أهمية الجائزة في التشجيع على البحث العلمي.
تخللت الفعالية التي حضرها وكلاء المحافظة محمد كعيبة، ومحمد البعداني ومعمر الذاري، وعضو مجلس الشورى هادي الحمزي، ونائبا رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور حسن معوض، والدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور غالب مطر، وأمين عام الجامعة علوي كباس وعمداء الكليات وعدد من الأكاديميين والباحثين والكادر الإداري وأمين عام ملتقى الطالب الجامعي والطلاب، قصيدة شعرية معبرة، وتكريم الفائزين ولجان التحكيم.