خطة ترامب لبناء مجمعات سكنية في غزة تثير مخاوف تقسيم القطاع
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
تشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا قالت فيه إن الولايات المتحدة تخطط لبناء مجمعات سكنية في المناطق التي تحتلها إسرائيل من غزة. والفكرة وراء هذه المجمعات هي توفير راحة لسكان غزة الذين عانوا خلال العامين الماضيين من الحرب، لكن السؤال المطروح إن كانت هذه المجمعات ستؤكد التقسيم الفعلي لغزة.
وقالت الصحيفة إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى إلى بناء عدد من المجمعات السكنية بسرعة لتوفير السكن للفلسطينيين في الأجزاء التي تسيطر عليها إسرائيل من قطاع غزة الذي مزقته الحرب، وهو جهد محفوف بالمخاطر والمزالق المحتملة، كما تقول الصحيفة، وستتركز هذه المجمعات، أو "المجتمعات الآمنة البديلة"، كما يسميها المسؤولون الأمريكيون، في النصف الشرقي من غزة، الذي تسيطر عليه إسرائيل حاليًا منذ سريان وقف إطلاق النار في تشرين الأول/ أكتوبر.
مبان مصممة لتكون مؤقتة
مع أن هذه المنطقة لم يبق فيها سوى عدد قليل من سكان غزة البالغ عددهم مليوني فلسطينيًا، ويزدحم معظمهم في الجزء الذي تسيطر عليه حماس من القطاع حيث لا تسمح الولايات المتحدة وإسرائيل بأي إعادة إعمار بعد، وتضيف الصحيفة أن المسؤولين الأمريكيين يعولون على تشجيع للانتقال إلى المجمعات الجديدة، وجذبهم إليها بإمكانية تحقق قدر من الأمن والابتعاد عن حكم حماس، وتوفر فرص العمل وإعادة بناء حياتهم.
وتقوم رؤية المسؤولين الأمريكيين على بناء سلسلة من المجمعات النموذجية القابلة للاستمرارية من معسكرات الخيام، إلا أن ما يفرقها هو أنها تتكون من مبان مصممة لتكون مؤقتة، ويمكن أن يوفر كل مجمع منها مسكنا لما يصل إلى 20,000 أو 25,000 شخصا إلى جانب العيادات الطبية والمدارس، وفقا لمسؤولين أمريكيين ودبلوماسيين أوروبيين.
ونقلت الصحيفة عن أرييه لايتستون، المسؤول الكبير في إدارة ترامب الذي يقود الجهود قوله، في مقابلة: "هناك مشكلة عملية: كيف يمكننا توفير مساكن آمنة للناس في أسرع وقت ممكن؟" و "هذه هي أسهل طريقة للقيام بذلك."، وأضافت الصحيفة أن الخطة يمكن أن توفر على المدى القصير، الإغاثة لآلاف الفلسطينيين الذين عانوا من عامين من الحرب، إلا أن الاقتراح أثار على المدى البعيد تساؤلات حول ما إذا كان سيرسخ تقسيمًا فعليا لغزة بين مناطق تسيطر عليها إسرائيل وحماس.
"لم يسأل أحد أهل غزة"
وقالت الصحيفة إنها بنت تقريرها على مقابلات مع 20 مسؤولًا من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل يعملون على خطط غزة ما بعد الحرب أو اطلعوا عليها، منهم دبلوماسيون وضباط عسكريون وعمال إغاثة، وقد نشرت مجلة "ذا أتلانتيك" سابقا بعض تفاصيل عن هذه المجمعات، وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن هناك العديد من التعقيدات.
وقد أثار المسؤولون المشاركون في جهود التخطيط أو المطلعون عليها عددًا من المخاوف، بما في ذلك ما إذا كان سيتمكن الفلسطينيون من مغادرة المجمعات وما إذا كان التدقيق الأمني الإسرائيلي قد يعني إدراج العديد من سكان غزة على القائمة السوداء ومنعهم من الانتقال إليها، ولم يسأل أحد أهل غزة إن كانوا راغبين فعلا في الانتقال إلى هذه المجمعات السكنية، وحتى لو تم بناء 10 مجمعات كهذه، فإنها فإنها لن تستوعب سوى جزء قليل من سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، ولم يتضح بعد كيف سيتم تمويل المشروع.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا الاقتراح هو نتاج لخطة السلام التي وضعتها إدارة ترامب، والتي تركت غزة مقسمة إلى "منطقة حمراء" تسيطر عليها حماس و"منطقة خضراء" تسيطر عليها إسرائيل، ولكنه يعكس أيضا وضعا لم يتم فيه تحقيق أي تقدم في التخلص من حماس ونزع سلاحها، وعلق لايتستون قائلًا، إن: "الولايات المتحدة تريد رؤية إعادة الإعمار في أجزاء غزة التي يعيش فيها معظم الناس حاليًا، ولكن فقط بعد إزاحة حماس عن السلطة هناك"، ويرى فلسطينيون إنه يجب السماح بإعادة الإعمار في كل مكان في غزة.
مجموعة من المخاطر والعيوب
وقال عايد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة: "إن سكان غزة ليسوا مجرد قطع أثاث يمكن نقلها من مكان إلى آخر"، ولديهم مشاعر وارتباط ويريدون أن يكونوا أقرب ما يمكن إلى منازلهم المدمرة، وبرر مسؤولان أمريكيان المشروع بأن أحد أهدافه الرئيسية هو إنعاش اقتصاد القطاع من خلال توفير فرص عمل، بما في ذلك للعمال الفلسطينيين الذين يقول المسؤولون إنهم سيبنون المجمعات الجديدة.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين هم من يشرفون على المشروع، بينما يقدم الإسرائيليون الدعم اللازم، مع أنهم يبدون أكثر تشككا في أن تكون هذه المجمعات خطوة نحو غزة آمنة ومزدهرة، وقد حذر دبلوماسيون أوروبيون ومسؤولون في الأمم المتحدة وعمال إغاثة مطلعون على المشروع من مجموعة من المخاطر والعيوب.
ولن يتم إنشاء المجمع الأول إلا بعد عدة شهور، وكان من المقرر أن يبدأ الجيش الإسرائيلي بإعداد الموقع الأول في رفح، قرب الحدود المصرية، وربما وصلت كلفة إنشاء المجمع الأول لعشرات الملايين من الدولارات، وذلك حسب أشخاص مشاركين في التخطيط، وربما احتاج تنظيف الأنقاض إلى أشهر، وبخاصة إن اكتشف فريق العمل وجود أنفاق أو قنابل غير منفجرة أو بقايا بشرية ويجب التخلص منها باحترام، وبعد التنظيف، فعملية بناء البيوت الجاهزة قد تحتاج ما بين 6- 9 أسابيع.
حاويات شحن للسكن
ومن الخيارات المقترحة نصب حاويات سكنية، وقد استخدمت وحدات سكنية جاهزة بحجم حاويات الشحن سابقا لإيواء اللاجئين في سوريا وضحايا الزلازل في تركيا والقوات الأمريكية في القواعد العسكرية في أنحاء الشرق الأوسط. ويقول المسؤولون إن المجمعات السكنية الجديدة مصممة لاستيعاب آلاف السكان، وستستمر في التوسع حتى يصل عدد سكان كل منها إلى عشرات الآلاف.
وعن فريق التنفيذ تقول الصحيفة إن المشروع لا يتناسب مع رؤية ترامب الناقدة لبناء الدول، لكن إدارته تقوم بمشروع في غزة، يشبه ما قامت به إدارات أمريكية سابقة في كل من أفغانستان والعراق، وعمل لايتستون، المسؤول في إدارة ترامب الذي يقود هذا الجهد، كواحد من كبار مساعدي السفير السابق ديفيد م. فريدمان، أول مبعوث للرئيس في ولايته الأولى في إسرائيل.
مهمة أبعد مدى من مجرد المجمعات
ويضم فريقه مجموعة غريبة من الدبلوماسيين الأمريكيين وكبار رجال الأعمال الإسرائيليين ومسؤولين من وزارة كفاءة الحكومة، وهي الجهود الشاملة لخفض التكاليف في واشنطن والتي أشرف عليها إيلون ماسك في وقت سابق من هذا العام، ويعمل الفريق من فندقين فاخرين على شاطئ البحر في تل أبيب، هما فندقًا كمبينسكي وهيلتون، حيث تتجاوز أسعار الغرف عادة 700 دولارًا لليلة الواحدة، حيث يتبادلون الأفكار ويرسمون مخططات لما ينبغي أن تبدو عليه المجمعات السكنية الجديدة في غزة.
وعمل لايتستون أيضا بمنصب الرئيس التنفيذي لشركة معهد السلام التابع لاتفاقيات إبراهيم، الذي أسسه جاريد كوشنر، صهر الرئيس. وهو مسؤول أمام كوشنر، وفقا لمسؤولين، على الرغم من أنه على اتصال وثيق أيضا بوزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جيه دي فانس، ولدى فريق لايتستون مهمة أوسع وأبعد مدى من مجرد المجمعات السكنية. وقد طرحت المجموعة أفكارا تتراوح بين عملة رقمية جديدة لغزة وكيفية إعادة إعمار القطاع بطريقة تضمن تجنب ازدحام حركة مرور، وفقا لمسؤولين.
وتقول الصحيفة إن مشروع المجمعات السكنية ليس جديدًا وقد تباطأ لعدد من المعوقات أولاها الأمن، حيث يسعى المخططون إلى ضمان شعور سكان المجمعات بالأمان، بما في ذلك من الجنود الإسرائيليين، ولم يُحددوا بعدُ خطةً واضحةً لكيفية أو موعد إعادة تمركز قوات الجيش الإسرائيلي حتى لا تشعر المجمعات السكنية الجديدة بالحصار، كما ويؤيد بعض المسؤولين فكرة حراسة الفلسطينيين للمجمعات السكنية. ويريد آخرون أن تدار المجمعات السكنية الجديدة من قِبل قوات من القوة الدولية لتحقيق الاستقرار التي حددتها خطة ترامب للسلام، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم تجميع هذه القوة ومتى سيتم ذلك.
سماح بالدخول فقط وليس الخروج
وهناك مشكلة أخرى تتعلق بحرية التنقل، حيث جادل بعض المسؤولين الإسرائيليين بأنه، لأسباب أمنية، ينبغي أن يسمح للفلسطينيين فقط بالدخول إلى المجمعات السكنية الجديدة وليس مغادرتها. وأعرب العديد من المسؤولين الأوروبيين عن مخاوفهم بشأن القيود المحتملة على الحركة، ويصر المؤيدون على أن هذا سيكون ترتيبا قصير الأمد إلى حين نزع سلاح حماس وخضوع غزة لحكومة موحدة. قال أحد المشاركين في التخطيط أيضًا إن الفلسطينيين المقيمين في المجمعات السكنية الجديدة سيتمتعون بحرية أكبر في مغادرة غزة، لتلقي العلاج الطبي مثلا، مقارنةً بسكان المناطق الخاضعة لسيطرة حماس.
مخاوف الإدراج بالقائمة السوداء
المشكلة الثالثة هي كيفية التحقق من هوية السكان المحتملين. ومن المتوقع أن يفحص مسؤولو الأمن الإسرائيليون خلفيات الفلسطينيين في غزة الذين يتقدمون بطلبات للعيش في المجمعات السكنية الجديدة. ويقول المسؤولون إنه لم يتم تحديد أسباب الرفض بعد. ويخشى دبلوماسيون أوروبيون من أن تؤدي هذه المعايير إلى إدراج العديد من موظفي القطاع العام، مثل ضباط الشرطة والعاملين في مجال الصحة، في القائمة السوداء، نظرا لحكم حماس لغزة لمدة 18 عاما، بالإضافة إلى أقارب مقاتلي حماس.
المشكلة الأخرى تتعلق بحقوق الملكية، حيث يقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يعالجون العقبة القانونية المتمثلة في كيفية تعويض مالكي العقارات الفلسطينيين الذين تستخدم أراضيهم للمجمعات السكنية الجديدة كما ويستكشفون سبل دفع ثمن الأرض التي ستبنى عليها المجمعات السكنية دون التورط في مفاوضات مع آلاف من مالكي الأراضي. ومع ذلك، بدأ المسؤولون بالفعل في محاولة الحصول على سجل الأراضي من رفح، وفقا لأحد المشاركين.
حماس تعيد تنظيم صفوفها
وتظل مخاوف التقسيم الفعلي قائمة، فرغم ما يقوم به المسؤولون الأمريكيون من عمل إلا أن المسؤولين الأوربيين قلقون من عدم اهتمام المخططين بالمنطقة التي تسيطر عليها حماس وتعيش فيها غالبية السكان، ويقولون بأنه مع كل يوم يمر بينما تركز جهود التخطيط التي تقودها الولايات المتحدة على المنطقة الخضراء، تعيد حماس تنظيم صفوفها وتوطيد سلطتها.
كما أعرب بعض المسؤولين عن قلقهم من أن تبدو المجمعات السكنية أشبه بمخيمات لاجئين أو حتى معسكرات اعتقال منها أحياءه عادية يرغب الناس بالعيش فيها. أظهر مخطط أولي ناقشه دبلوماسيون في مركز عمليات الجيش الأمريكي أربع مجموعات من المنازل، إلى جانب مدرسة ومستشفى ومركز توظيف، محاطة بطرق دورية وأسوار وكاميرات مراقبة ومواقع عسكرية. الشيء الوحيد الذي يخفف من حدة طابعها القاسي هو حلقة داخلية من الأشجار. وما لا يعرفه أحد من المعنيين، هو ما إذا كان سكان غزة سيتقبلون المجمعات السكنية الجديدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية خطة ترامب خطة ترامب دمار غزة مجمعات رفح سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجمعات السکنیة الجدیدة الولایات المتحدة هذه المجمعات تسیطر علیها الصحیفة إن ما إذا کان العدید من سکان غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
هوية منفذ إطلاق النار في واشنطن تثير عاصفة سياسية.. وترامب يتحرك فورا
كشفت التحقيقات أن رحمان الله لخانوال، المشتبه بإطلاق النار الذي أصاب جنديين من الحرس الوطني الأمريكي بجروح خطيرة قرب البيت الأبيض، هو شاب أفغاني يبلغ من العمر 29 عامًا وصل إلى الولايات المتحدة عام 2021 بعد سقوط كابل بيد طالبان. ووفق شهادة أحد أقاربه، فقد خدم لخانوال لمدة عقد كامل في الجيش الأفغاني إلى جانب القوات الأمريكية وضد طالبان، وكان متمركزًا في قاعدة قندهار.
إثر الحادث، أصدر الرئيس دونالد ترامب بيانًا وصف فيه أفغانستان بـ"الجحيم"، ودعا إلى "إعادة فحص ملفات كل من دخل من أفغانستان خلال عهد بايدن"، قبل أن تعلن هيئة الهجرة وقف طلبات الهجرة من أفغانستان بشكل فوري ومفتوح لحين استكمال مراجعة أمنية مشددة.
القريب الذي تحدّث لشبكة NBC قال إنه "مصدوم" من تورط لخانوال في الهجوم، مشيرًا إلى أنه أب لخمسة أطفال، وأنهما كانا معًا هدفًا لطالبان خلال خدمتهما العسكرية. وأضاف باكيًا: "لا أصدق أنه فعل هذا… أحتاج أن أفهم ما الذي جرى".
الهجوم وقع قرب محطة مترو على مسافة قصيرة من البيت الأبيض، حيث تعرض الجنديان لإطلاق نار من مسافة قريبة. وفيما تحدث حاكم ولاية فرجينيا الغربية عن وفاتهما، تراجعت المعلومات لاحقًا وسط تقارير متضاربة، بينما أكد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن إصابتهما خطيرة.
وصف ترامب الهجوم بأنه "عمل شرير وكراهية وإرهاب، وجريمة بحق الأمة والبشرية"، مضيفًا أن الحادث يُسلّط الضوء على "أكبر تهديد للأمن القومي". وطالب باتخاذ إجراءات فورية لترحيل أي أجنبي "لا يضيف قيمة للبلاد" على حد تعبيره.
كما استدعت السلطات فريقًا من الـFBI، وتوقف نشاط الطيران في مطار رونالد ريغان لمدة ساعة بسبب تحليق طائرات استجابـة للحادث، قبل أن تُستأنف العمليات لاحقًا. ولم يكن ترامب موجودًا في واشنطن وقت الحادث، بل كان في ملعب الغولف في فلوريدا، حيث كتب لاحقًا على "تروث سوشيال" أن "المجرم سيواجه ثمنًا باهظًا"، داعيًا بالسلامة للجنديين.