موسكو – كما كان متوقعا، رفضت موسكو الخطة الأوروبية لحل النزاع في أوكرانيا، واعتبرتها "غير بناءة ولا تلبي مطالبها الرئيسية". وصرحت وزارة الخارجية الروسية بأنها غير مقبولة لأنها "تتبنى نهجا انتهازيا لا يعالج الأسباب الجذرية للنزاع".

وقال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس فلاديمير بوتين، إن بلاده "على دراية بنسخة واحدة فقط من الخطة، وهي المتداولة في وسائل الإعلام، وتعتبرها غير بناءة على الإطلاق"، مضيفا أنها لا تنوي التخلي عن نهجها في التسوية، بما في ذلك الاعتراف بأراضٍ جديدة كجزء من روسيا ووضع أوكرانيا المحايد.

وقبل ذلك، ساد شبه إجماع بين المراقبين الروس بأن موسكو ستتجاهل أو ترفض على الأرجح هذه الخطة، بالإضافة إلى المبادرات الغربية الأخرى التي لا تعالج شروطها.

خطة مضادة

وتشمل شروط موسكو لمحادثات السلام:

اعتراف أوكرانيا بالواقع الإقليمي الراهن، والذي يشمل ضم شبه جزيرة القرم ودونيتسك ولوغانسك ومنطقتي خيرسون وزابوروجيا. رفض انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). نزع السلاح.

لكن الخطة الأوروبية لحل النزاع، والتي نشرتها صحيفة "التلغراف" الإنجليزية ووكالة رويترز، تُمثل بديلا لمبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تتألف من 28 نقطة، وتتضمن اختلافات جوهرية عن النسخة الأميركية، إذ تغفل عن مطالب الحد من حجم القوات الأوكرانية، والبند المتعلق بمنع كييف من الانضمام إلى الناتو وغيرها، مما يجعلها نقطة انطلاق غير مقبولة من موسكو.

ويعتقد خبراء روس أن المبادرة الأوروبية تهدف إلى تعطيل عملية التفاوض ولا تظهر الاستعداد للعمل على استئصال "الأسباب الجذرية" للصراع، وعليه لن يكون هناك سلام دائم ما لم تُؤخذ مصالح كلا الجانبين في الاعتبار، وهو أمر يبدو مستبعدا في ظل الظروف الراهنة، نظرا للتباين الجذري في مواقفهما.

أوجه الاختلاف

من جانبه، اعتبر المختص في الدراسات الدولية ديمتري زلاتوبولسكي أن خطة السلام الأوروبية التي كشفت عنها المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، تعكس إصرار هذه الترويكا على الانحياز لصالح كييف بأقل مراعاة لمصالح موسكو.

إعلان

وأضاف للجزيرة نت أنها ليست وثيقة مستقلة، بل تعديلا على الخطة الأميركية التي وفقا لقادة الاتحاد الأوروبي "أثارت صدمة"، واعتُبرت بمثابة "إنذار نهائي لكييف".

وأوضح أن التعديلات المقترحة في النسخة الأوروبية تتطلب التزامات من كييف أقل مما يقترحها ترامب وفيها نقاط غائبة عن النسخة الأميركية، أو على العكس، حُذفت بعض النقاط الواردة في مقترح ترامب.

وحسب زلاتوبولسكي، تكمن الاختلافات الرئيسية بين الخطتين في الموقف تجاه إمكانية انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وحصولها على ضمانات أمنية ملزمة قانونا من الغرب، على غرار المادة الخامسة في معاهدة الحلف، التي تعتبر العدوان على أي دولة عضو فيه هجوما عليه ككل.

علاوة على ذلك، حذفت النسخة الأوروبية البند الذي يُلغي هذه الضمانات في حال شنت كييف هجوما صاروخيا على موسكو أو سانت بطرسبرغ، واتخذت موقفا أقل حدة حيال تخفيض عدد القوات الأوكرانية مما هو مُتوخى في الخطة الأميركية، إلى 800 ألف بدلا من 600 ألف.

كما تم إلغاء الموعد النهائي الصارم بـ100 يوم لإجراء الانتخابات في أوكرانيا واستُبدل بعبارة "في أقرب وقت ممكن"، وتطالب النسخة الأوروبية موسكو بالتنازل رسميا عن أي مطالبات أخرى ضد كييف والاتحاد الأوروبي، و"هو أمر لا يمكن للكرملين القبول به".

عيوب

من جهته، قال المحلل السياسي أوليغ بوندارينكو إن الأوروبيين يتصرفون كما لو أن أوكرانيا لا تزال لديها فرصة للفوز في هذا الصراع، وأن روسيا لا يحق لها الخروج منتصرة منه، ويجب معاقبتها.

وأضاف للجزيرة نت أن هذا "التصلب سمة مميزة للفكر السياسي الأوروبي، ولهذا السبب كانت أوروبا ساحة حرب مستمرة عبر التاريخ".

وبرأيه، فإن وقف إطلاق النار الذي اقترحته الترويكا الأوروبية يسبب مشاكل للاتحاد الأوروبي أكثر مما قد يسببه السيناريو الأميركي، إذ يُفاقم "بلقَنة" أوكرانيا ويديم حالة عدم الاستقرار في المنطقة الواقعة على حدود الاتحاد.

وتابع أن الدول الأوروبية، وليست الولايات المتحدة، هي المستفيد الرئيسي من اتفاقية السلام بين موسكو وكييف، وأن محاولات "تخفيف" المقترحات الأميركية لا تفيدها.

ولا يستبعد بوندارينكو أن هذه الترويكا قد اقترحت عمدا نقاطا لن تقبلها روسيا، مما سيؤدي إلى تأجيل عملية السلام إلى أجل غير مسمى.

وأشار إلى أن المبادرة الأوروبية ألغت معظم بنود خطة ترامب واستبدلتها بنصوص غامضة وغير فعالة، بالإضافة إلى مقترحات لتجميد الصراع دون مراعاة المصالح الروسية ودون ضمانات بعدم استئنافه لاحقا.

ومن بين أبرز عيوب الخطة الأوروبية، وفقا له، غياب أية مبادرات أو مقترحات لإنهاء التمييز الديني والعرقي في أوكرانيا، بما في ذلك رفع القيود المفروضة على استخدام اللغة الروسية واستئناف أنشطة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، واستعادة حرية الإعلام.

ويخلص إلى أن استخدام آليات المراقبة من خلال "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" هو حل غير منطقي، بعد أن فقدت المنظمة مصداقيتها خلال المرحلة الأولى من الصراع بسبب التقاعس التام لبعثتها الخاصة للمراقبة، وقيامها بنقل معلومات حساسة إلى الجانب الأوكراني، و"هو ما يُعد في الواقع تجسسا لصالح كييف".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الخطة الأوروبیة

إقرأ أيضاً:

المستشار السابق للرئيس الروسي: موسكو تسعى لحل الأسباب الجذرية للصراع مع كييف

قال سيرجي ماركوف المستشار السابق للرئيس الروسي، إنّ روسيا تدعم مسار المفاوضات، إلا أنّ الموقف الذي عبّر عنه ريابكوف يشير بوضوح إلى أنّ موسكو لا ترى أي هدف أو سبب للدخول في أي صفقة جديدة دون معالجة جذور الأزمة.

وأضاف في مداخلة مع الإعلامي خالد عاشور، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ تجاهل السبب الرئيسي للصراع سيؤدي إلى تكرار أخطاء اتفاق السلام السابق، لافتًا إلى أن النظام الأوكراني غير القانوني ومحاولاته السابقة تظل جزءًا أساسيًا من المشكلة، إلى جانب عوامل الحرب المستمرة.

ترامب: ويتكوف يلتقي بوتين الأسبوع المقبل في موسكو لبحث خطة وقف الحربالكرملين يؤكد ترتيب زيارة للمبعوث الأمريكي إلى موسكو الأسبوع المقبلواشنطن تقترب من إنهاء الحرب.. اتفاق سلام روسي أوكراني على وشك الاكتمال وسط تحفظات موسكو وترقب زيارة زيلينسكي

وأوضح ماركوف، في تعقيبه على سؤال حول القضايا الجوهرية التي يرفض الجانب الروسي التنازل عنها، أن ريابكوف يشدد على ضرورة إيقاف أي إمكانية للنظام الأوكراني لبدء أو تنفيذ اعتداءات إضافية.

وواصل، أن مسألة قدرات الجيش الأوكراني تُعد محورًا رئيسيًا في النقاش، سواء ما يتعلق بتعداد العتاد العسكري أو طبيعة التسليح المتاح له خلال المرحلة الحالية.

وشدّد ماركوف على ضرورة ضمان عدم امتلاك الجيش الأوكراني لأي قدرة تمكنه من خوض معارك في دونيتسك ولوغانسك أو في أي مناطق أخرى، معتبرًا أن ذلك يمثل شرطًا أساسيًا لتحقيق أي تسوية واقعية.

وأشار إلى أنّ المشروع المضاد لروسيا المدفوع من بعض الدول الغربية لا يمكن اعتباره قانونًا أو حقيقة راسخة، مذكرًا  بأن 70% من سكان أوكرانيا يتحدثون اللغة الروسية، وهو ما يعكس عدم منطقية هذا المشروع.

https://www.youtube.com/shorts/l_jPE2goTqc

طباعة شارك روسيا مسار المفاوضات موسكو

مقالات مشابهة

  • بـ 140 مليار يورو .. أوكرانيا تطالب الاتحاد الأوروبي باستخدام الأصول الروسية لدعم قروض كييف
  • مهمة الملياردير ستيف ويتكوف في موسكو لفرض إنهاء حرب أوكرانيا
  • وزراء خارجية أوروبا يبحثون الخطة الأمريكية للسلام في أوكرانيا
  • سيرجي ماركوف: موسكو تسعى لحل الأسباب الجذرية للصراع مع كييف
  • المستشار السابق للرئيس الروسي: موسكو تسعى لحل الأسباب الجذرية للصراع مع كييف
  • أبوظبى تفتح نافذة جديدة للسلام.. بينما تتساقط الصواريخ على كييف
  • "فاينانشال تايمز": كييف وافقت على الحد من عدد القوات الأوكرانية إلى 800 ألف جندي
  • روسيا تنتقد شروط الاتحاد الأوروبي للسلام في أوكرانيا وتتهمه بـ”ازدواجية المعايير”
  • روسيا تعلق بعد إجراء تعديلات على خطة ترامب الأصلية للسلام في أوكرانيا