الخليج الجديد:
2025-06-10@10:27:48 GMT

حقل الدرة: اتفاق السعودية وإيران قيد الاختبار

تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT

حقل الدرة: اتفاق السعودية وإيران قيد الاختبار

حقل الدرة: اتفاق السعودية وإيران قيد الاختبار

اجتياز الثنائي الإيراني – الخليجي لهذا الاختبار سيمنح صفقة السلام بين إيران والسعودية استحكاما وجذورًا أعمق مما هي عليه الآن.

يبدو اتفاق المصالحة وتحسن العلاقات بين إيران والسعودية قادرًا على جمع مختلف الأطراف نحو إجراء تفاوضي لحل القضية.

إن أي اتفاق جديد لترسيم الحدود سيكون نافذة يتم من خلالها خلق تفاهمات بين دول المنطقة لحماية الخليج من العودة إلى التوتر.

تبدو التصريحات الإيرانية حول حقل الدرة ناعمة ونسبت لشركات التنقيب، ما يعني أن إيران تريد أن توضح أن القضية لها أبعاد اقتصادية واستثمارية وليست سياسية.

الخلاف بين إيران من جهة والسعودية والكويت من جهة أخرى بشأن حقل الدرة ليس البؤرة الساخنة الوحيدة بين إيران ودول الخليج، فثمة الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات.

* * *

لاحت بوادر انتكاسة لاستئناف العلاقات الخليجية الإيرانية على خلفية عودة خلاف عمره أكثر من نصف قرن إلى الواجهة، وذلك في وقت ظنّ الكثيرون فيه أنّ السلام قد حلّ بين إيران ودول الخليج، وأنها مرحلة سيتجنب الطرفان فيها أيّ نوع من التوترات. لكن يبدو أن الاتفاق الصاخب الذي وقعته طهران والرياض في بكين دخل مرحلة تخلو من دهشة البدايات، وهذا ما يشق الطريق للخلافات القديمة كي تطفو إلى السطح.

في المياه الضحلة شمال الخليج العربي، ثمة حقل للغاز تسميه كل من الكويت والسعودية حقل الدرة بينما تطلق عليه إيران حقل آرَش. من المتوقع أن ينتج هذا الحقل مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا و84 ألف برميل يوميًا من المكثفات، وفقًا لبيان صادر عن مؤسسة البترول الكويتية. ويبلغ احتياطي الحقل الغازي المذكور 20 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي وأكثر من 300 مليون برميل نفطي.

اكتُشف حقل الدرة عام 1967 على يد شركة AOC اليابانية في وقت لم يكن هناك أي اهتمام نحو موارد الغاز، لم يكن الغاز يعد من الأصول الاستراتيجية المهمة التي تسعى الدول للحصول عليها وفق تقرير لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن. لم يُستثمر الحقل حتى اليوم، ليس لأسباب فنية بل لأسباب تعود إلى الخلاف حول ترسيم الحدود. وكلما تقدمت أي من الجهات بخطوة في مسار الاستثمار اعترضت الجهات الأخرى بطريقة أو أخرى، ما جعل الحقل بكرًا حتى الآن.

أجرت إيران والكويت على مدى أعوام مباحثات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين إلا أنها لم تسفر عن نتيجة. ويعود النزاع بين إيران والكويت الى ستينات القرن الماضي، إذ منحت الكويت وإيران امتيازات بحرية متداخلة بسبب الحدود البحرية غير المتفق عليها. في ذلك الوقت، منحت إيران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية – البريطانية للنفط (BP) في حين منحت الكويت الامتياز لشركة “رويال داتش شل”. وتداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من الحقل المليء بالاحتياطات من الغاز.

لاحقا، طوّرت الكويت والسعودية منطقة محايدة، تُعرف باسم المنطقة المحايدة المقسومة، وهي منطقة تغطي منطقة الحدود البرية والبحرية وتضم حقولا نفطية هامة، من أبرزها الخفجي والوفرة، وتم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتقسيم المنطقة المحايدة وتقسيم المنطقة المغمورة المحاذية لها بحيث تُطَوَّر جميع حقول الهيدروكربونات فيها بالاشتراك بين شركات النفط الوطنية في البلدين.

تعود القضية الرئيسية لهذا النزاع إلى ترسيم حدود المياه بين إيران والكويت، يقول الجانب الخليجي إن الحدود البحرية لم تكن موضحة كما هي عليه الآن، وتستشهد الكويت بنتائج الأبحاث السيزمية التي أجرتها شركة "شل" التي ترسم وفقها حدودًا تضع الحقل بأكمله في الأراضي المحايدة للكويت والسعودية.

قبالة ذلك، تقول الأوساط الإيرانية إن الحدود البحرية لإيران تم ترسيمها دوليا في السنوات التي سبقت ثورة 1979 واستنادا إلى القوانين الدولية التي تقبلها طهران حتى اليوم. وبهذا الترسيم، يقع حوالي 40٪ من حقل الدرة (آرش) داخل حدود إيران.

بدون الخوض في تفاصيل الأخبار، يكمن الخلاف في ملكية الحقل وحق التنقيب عنه. إذن، يأتي الخلاف حول هذا الحقل بسبب إصرار إيران على أن ترسيم الحدود يكون على أساس الجسم القاري، وعليه، يكون 40% من هذا الحقل في مياه إيران الإقليمية، فيما تصر الكويت على أن يكون الترسيم طبقًا للحدود البرية ما يعني أن إيران خارج الحقل بشكل كامل.

في السياق، يذكر أن الحدود التي رسمها السياسي البريطاني بيرسي كوكس في عام 1922 عبر معاهدة العقير التي اعتمدتها الدول الثلاث، لم تكن واضحة فيما يتعلق بالكنوز التي تمتلئ في باطنها، وهذا ما حدث في المنطقة المقسومة بين السعودية والكويت التي تحظى بحقليّ نفط بإمكانهما إنتاج 500 ألف برميل يوميًا، إضافة إلى حقل الدرة الذي ينتظر أن ينتج منه الغاز خلال الفترة المقبلة.

تشترك إيران مع دول جوارها وأهمها الدول الخليجية والعراق في 28 حقلًا نفطيًا وغازيًا تضم 20% من احتياطيات النفط و30% من احتياطيات الغاز الطبيعي لإيران، أشهرها الحقل الذي يعرف في إيران باسم "فارس الجنوبي" وفي ‎قطر باسم حقل الشمال، وذلك وفق بيانات شركة هارت إنرجي (Hart Energy). كما تشترك إيران والسعودية في حقلي "لولو" (أو "إسفنديار" وفق التسمية الإيرانية) و"المرجان" (أو "فُروزان" وفق التسمية الإيرانية).

ورغم ذلك، فإن كمية الغاز التي تمتلكها إيران في الحقول المشتركة مع جيرانها غير واضحة نظرا للاحتياطيات غير المستغلة والنزاعات الحدودية المستمرة، بحسب معهد الشرق الأوسط (MEI) في واشنطن.

بالعودة إلى حقل الدرة، تبدو احتياطات الغاز في الحقل مهمة للكويت التي تسعى لزيادة قدراتها الإنتاجية منه وتقليل فاتورة الاستيراد. ويوضح معهد الشرق الأوسط أن الكويت ستحتاج إلى 4.0 مليار قدم مكعب يوميًا بحلول عام 2030 لتلبية الاحتياجات المحلية. وتشير إيكونوميست إلى أن الكويت ترغب “في الاستفادة من الوضع الجيوسياسي المعتدل بشكل متزايد في الخليج لتعزيز تطوير حقول الغاز البحرية”.

بالنسبة لإيران، يعزز إبرام اتفاق في هذا الشأن من قدرة إيران على إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال، كما أن تسوية الملف تنسجم مع مساعي السعودية لزيادة إنتاجها من الغاز 60 في المئة وفق "رؤية 2030".

بعد قطع العلاقات بين إيران والسعودية مطلع عام 2016، أعادت الكويت سفيرها من طهران وقلصت العلاقات إلى مستوى القائم بالأعمال. لكن بعد سبع سنوات من تراجع العلاقات أي بعد المصالحة الإيرانية – السعودية مباشرة، أرسلت الكويت سفيرها إلى طهران مرة أخرى بينما واصل السفير الإيراني في الكويت نشاطه خلال هذه الفترة.

يبدو اتفاق المصالحة وتحسن العلاقات بين إيران والسعودية قادرًا على أن يجمع مختلف الأطراف إلى إجراء تفاوضي لحل القضية، خصوصا وأن التصريحات الإيرانية تبدو ناعمة ونسبت لشركات التنقيب، ما يعني أن إيران تريد أن توضح أن القضية لها أبعاد اقتصادية واستثمارية وليست سياسية.

إن أي اتفاق جديد لترسيم الحدود سيكون نافذة يتم من خلالها الولوج إلى خلق تفاهمات بين دول المنطقة لحماية الخليج من العودة إلى التوتر. إذ أن الخلاف بين إيران من جهة والسعودية والكويت من جهة أخرى بشأن حقل الدرة في الخليج ليس البؤرة الساخنة الوحيدة بين إيران ودول الخليج، هناك أيضًا الجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران والإمارات وملفات أخرى.

ختامًا، اجتياز الثنائي الإيراني – الخليجي لهذا الاختبار سيمنح صفقة السلام بين إيران والسعودية استحكاما وجذورًا أعمق مما هي عليه الآن.

*غزل أريحي كاتبة وباحثة إيرانية

المصدر | البيت الخليجي للدراسات والنشر

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران الخليج السعودية الكويت الإمارات حقل الدرة ترسيم الحدود الجزر الثلاث بین إیران والسعودیة الحدود البحریة حقل الدرة من الغاز یومی ا من جهة

إقرأ أيضاً:

خمس علامات تشير إلى أن إسرائيل وإيران تتجهان نحو حرب مفتوحة

أكد تقرير لمجلة "نيوزوييك" أن التهديدات من إيران و"إسرائيل" تتزايد  مما يدفعهما نحو صراع عسكري مباشر في منطقة مضطربة أصلاً وممزقة بالحرب، إلى جانب التدريبات العسكرية الإسرائيلية، وتعثر المحادثات الدبلوماسية، والمناوشات بالوكالة.

وقال التقرير إن "من شأن حرب شاملة محتملة بين إيران وإسرائيل أن تزيد من زعزعة استقرار الشرق الأوسط المضطرب أصلًا، مع تداعيات خطيرة على الأمن العالمي، وقد أدت التطورات الصاروخية الإيرانية وموقفها الثابت من التخصيب النووي، إلى جانب الخطوط الحمراء الصارمة التي وضعتها الولايات المتحدة، والمحاولات الدبلوماسية المستمرة، وإن كانت بطيئة، بين واشنطن وطهران ، إلى تفاقم التوترات".


وأوضحت أن هذا الصراع  قد يؤدي إلى تعطيل إمدادات النفط العالمية، وإشراك القوى الدولية، وتعميق عدم الاستقرار الإقليمي"، وهناك مؤشرات خمسة حاسمة تشير إلى مدى هشاشة الوضع.

شحنات وقود الصواريخ الإيرانية
أفادت التقارير أن إيران طلبت آلاف الأطنان من بيركلورات الأمونيوم من الصين، وهي مكون أساسي لإنتاج الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب، بهدف تعزيز قدراتها العسكرية.

 ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، من المتوقع تسليم هذه المواد، التي يمكن استخدامها لتصنيع ما يصل إلى 800 صاروخ، في الأشهر المقبلة، وقد يُوزع بعضها على الجهات الموالية لإيران، بما في ذلك الحوثيون في اليمن. 

ويبدو أن هذه المشتريات جزء من استراتيجية إيران لتعزيز تحالفاتها الإقليمية وترسانتها الصاروخية، في ظل رفضها تقييد تطويرها الصاروخي في المحادثات النووية.

"إسرائيل" مستعدة للضرب
تستعد "إسرائيل" بنشاط لضربة محتملة على المنشآت النووية الإيرانية، تبقى رهنًا بنتائج المفاوضات الأمريكية الإيرانية الجارية. وقد أجرى جيش الدفاع الإسرائيلي تدريبات عسكرية مكثفة تُحاكي هجومًا يستمر عدة أيام ضد أهداف إيرانية، مما يُؤكد جدية هذه الاستعدادات.

 وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأعلن أن أي اتفاق يجب أن يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم. وبينما حذّر ترامب نتنياهو مؤخرًا من أن توجيه ضربة سيكون "غير مناسب" في ظل استمرار الجهود الدبلوماسية - قائلاً إن الجانبين "قريبان جدًا من التوصل إلى حل" - إلا أنه ترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية دعم التحرك إذا انهارت المحادثات.

الميليشيات المرتبطة بإيران
تتصاعد التوترات بين "إسرائيل" وإيران من خلال القوات بالوكالة في المنطقة، شنت تل أبيب يوم الأربعاء غارات جوية نادرة في سوريا - وهي الأولى لها منذ ما يقرب من شهر - بعد إطلاق مقذوفين من الأراضي السورية.

ألقت "إسرائيل" باللوم على الرئيس السوري أحمد الشرع، بينما نفت دمشق العدوان وأبلغت عن خسائر فادحة. 

ووفقًا لتقرير صادر عن "رويترز " أشار مسؤول سوري إلى أن الجهات المدعومة من إيران في منطقة القنيطرة بالبلاد هي من يمكن أن يثير الانتقام لزعزعة استقرار المنطقة.


 وفي الوقت نفسه تقريبًا، أطلق الحوثيون في اليمن صاروخًا باليستيًا على يافا دعماً للفلسطينيين. يشير هذا التنسيق المتزايد بين الميليشيات المرتبطة بإيران إلى توسع خطير للصراع خارج المحور الأساسي بين إيران و"إسرائيل".

الصراعات السياسية لنتنياهو
في ظل التحديات السياسية التي يواجهها نتنياهو في الداخل، قد تكون إيران نقطة التقاء لتعزيز مكانته السياسية. وقد صاغ نتنياهو التهديد الإيراني كتحدٍّ وجودي يتطلب قيادة قوية. ويساعده هذا التركيز على الأمن القومي على توحيد أنصاره وسط انقسامات داخلية عميقة. 

علاوة على ذلك، أعلن نتنياهو أن إيران حاليًا "متراجعة خطوات عديدة" وفي أضعف حالاتها، مما يجعل الآن هو الوقت الأمثل لإسرائيل لتوجيه ضربة قبل أن تتعافى طهران.

عزلة "إسرائيل"
لقد تركت حرب غزة "إسرائيلَ" معزولةً على الساحة العالمية بشكل متزايد، مما أضعف مكانتها الإقليمية وشجع إيران، وتراجعت الدول العربية التي كانت على علاقة سابقة بـ"إسرائيل"، فقد استدعت الأردن سفيرها، وقطعت تركيا علاقاتها الدبلوماسية، وانهارت محادثات التطبيع مع السعودية. 


في الوقت نفسه، عززت إيران علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا والصين، وفرضت نفسها كقوة إقليمية موازنة لـ"إسرائيل"، ومع تراجع التعاطف العالمي مع تل أبيب وإحباط حلفائها الغربيين، تشعر إيران بحرية أكبر في تأكيد نفوذها ومقاومة الضغوط بشأن برنامجها النووي.

ماذا سيحدث بعد ذلك
وأكد تقرير المجلة أنه "من المرجح أن تشهد الأسابيع المقبلة تقلبات متزايدة، بينما تدرس إسرائيل خطوتها التالية في ظل تزايد الاحتكاك مع إيران. ومع بدء الاستعدادات العسكرية والتصريحات العلنية التي تشير إلى الاستعداد، يبدو القادة الإسرائيليون أكثر استعدادًا للتحرك بشكل أحادي إذا رأوا أن التقدم النووي الإيراني قد تجاوز الخط الأحمر. من جانبهم، يواصل المسؤولون الإيرانيون تأكيد حقهم في تخصيب اليورانيوم، محذرين من الرد في حال تعرضهم لهجوم".

مقالات مشابهة

  • التربية تدعو معلمين لحضور الاختبار التنافسي الالكتروني
  • ما هو النموذج الليبي الذي تريد إسرائيل تطبيقه مع إيران؟
  • ترامب: إيران تُلحّ على السماح لها بتخصيب اليورانيوم
  • ماذا نعرف عن الجولة الجديدة من المفاوضات النووية التي تأتي مع تحذير إيران لإسرائيل؟
  • كتائب الإخوان الإلكترونية تشن حملة تشويه وإساءة لـ والد الشهيد محمد الدرة
  • إيران تعتزم تقديم مقترح اتفاق متوازنمع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي قريبا
  • إيران تحذّر من تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • للطلاب والموظفين.. تعرف إلى عقوبات الإخلال بنظام الاختبارات في الإمارات
  • من تحت القصف إلى قلب الحقل.. هكذا أنقذت نساء الجنوب الأرض من الموت
  • خمس علامات تشير إلى أن إسرائيل وإيران تتجهان نحو حرب مفتوحة