لقاء بوتين وأردوغان: نهاية سياسة المناورات؟
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
يبدو أن هناك مرحلة جديدة في السياسة الاقتصادية، وبالتالي في السياسة الخارجية قد بدأت في تركيا. في الوقت نفسه، أصبحت جملة المصالح المتضاربة التي تربط بين روسيا وتركيا أكثر تعقيدا.
بعد فوزه في الانتخابات، رفع رجب طيب أردوغان من الضريبة على البنزين ثلاث أضعاف، ورفع من ضريبة القيمة المضافة بنسبة 2%. نهاية هذا العام كذلك تنتهي فترة السماح لسداد الديون إلى روسيا مقابل الغاز.
كذلك فقد قفز التضخم في تركيا على الفور بعد الانتخابات بنسبة 9.1%، من 38.2% في يونيو إلى 47.3% في يوليو. وبحلول نهاية العام، يتوقع البنك المركزي التركي أن يعود التضخم إلى حوالي 60%. وأعتقد أن الوضع مع التضخم في العام المقبل سيزداد سوءا.
إقرأ المزيدفي الوقت نفسه، عكس البنك المركزي التركي سياسته من خلال رفع سعر الفائدة، الذي وصل الآن إلى 25%، ما يعيق بشكل كبير الوصول إلى القروض للاقتصاد. وإضافة إلى انخفاض النمو الاقتصادي، فقد نشهد في الأشهر المقبلة انفجار فقاعة العقارات التركية، يليها انهيار سوق الأسهم، ومزيدا من هبوط الليرة التركية.
ومع ذلك، فإن رفع سعر الفائدة في مكافحة التضخم ليس له معنى من دون وقف طباعة النقود غير المغطاة، وهو ما لا نراه حتى الآن، الأمر الذي يثير الشكوك حول محاولات البنك المركزي التركي التغلب على التضخم.
إن مصير السياسة الاقتصادية الجديدة يعتمد إلى حد كبير على قدرة تركيا على الحصول على الطاقة الروسية الرخيصة (أو المجانية)، والحبوب الروسية والأوكرانية الرخيصة. في الوقت نفسه، فقد تفاقم وضع الميزان التجاري الروسي لعام 2023 بشكل كبير، ما أدى إلى هبوط كبير للروبل. ارتفع ثمن فترة سماح جديدة لسداد ديون تركيا مقابل الغاز الروسي لكلا الطرفين بشكل كبير، فيما تضاءل احتمال منحها.
وقد ازداد الشح المالي في تركيا على نحو ملحوظ منذ الانتخابات، وتحتاج البلاد إلى المزيد والمزيد من الضخ المالي من الخارج، في حين تظل تركيا تعتمد بشكل كبير على السوق الأوروبية وعلى رأس المال الغربي. وتعكس القرارات الشخصية الأخيرة التي اتخذها رجب طيب أردوغان رغبته في تحسين العلاقات مع الغرب.
في الوقت نفسه، لا تزال احتمالات الصراع مع روسيا مرتفعة للغاية.
هناك صراع جديد يختمر في القوقاز. حيث شرع رئيس وزراء أرمينيا الموالي للغرب نيكول باشينيان علنا في تدمير التحالف الدفاعي مع روسيا، وهو ما يغذي شهية أذربيجان، التي قد تحاول، بدعم من تركيا، إنشاء ممر إلى جيب ناخيتشيفان التابع لها بالوسائل العسكرية، لتعزل في الوقت نفسه أرمينيا عن إيران.
ولهذا الغرض، يتطلب أن تكون أيدي إيران، وقبل كل شيء روسيا، مقيدة بشيء آخر في هذه اللحظة. إيران في طريقها لمواجهة حرب ناقلات، فضلا عن احتمالات عودة دونالد ترامب الموالي لإسرائيل إلى السلطة، نهاية عام 2024، والانتخابات الأمريكية بشكل عام، ما يزيد من قسوة الرد الأمريكي المحتمل، ويقلل من احتمالية تورط إيران في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا إلى صف الأخيرة. على أي حال، تتمتع تركيا بأوراق رابحة قوية بهذا الشأن.
إقرأ المزيدتهتم تركيا أيضا بالحفاظ على وصول أوكرانيا إلى البحر، والقضاء على بريدنيستروفيه الموالية لروسيا. وفي حالة عدم تجديد صفقة الحبوب، فقد تقرر تركيا استخدام أسطولها لتأمين ممر بحري إلى أوكرانيا. ولما كانت روسيا، في الآونة الأخيرة، قد قامت بتدمير البنى التحتية للموانئ المتبقية في أوكرانيا، بينما لم يعد هناك معنى اقتصادي كبير في ممر النقل، فإن إنشاء ممر بحري من شأنه أن يسبب ضررا كبيرا لسمعة روسيا، ويخلق احتمالا لنشوب صراع آخر بالوكالة، ما سيفتح الباب أمام مزيد من الصعوبات لروسيا في سياق الوضع العام. وتلك قطعة أخرى على رقعة الشطرنج على أقل تقدير.
قام فلاديمير زيلينسكي بتعيين رستم عمروف من تتار القرم المعروف بعلاقاته مع تركيا وزيرا للدفاع، ما يشير إلى جهود تبذل لإشراك تركيا بشكل أكبر في الحرب إلى صف أوكرانيا.
إن تركيا مهتمة بنجاح أوكرانيا في ساحة المعركة، بل إنها مهتمة أكثر برفع رهانات الغرب في الحرب ضد روسيا، وربما تكون موسكو على استعداد لدفع المزيد للحفاظ على نافذة التجارة التركية وحيادها.
في الوقت نفسه، فإن كلا من روسيا وتركيا مهتمتان للغاية بتوسيع التعاون.
كذلك ينتهي عقد شركة "غازبروم" الروسية لنقل الغاز عبر أوكرانيا نهاية عام 2024، وقد ذكرت أوكرانيا بالفعل أنها لا تنوي تجديده. ربما سيتم إنهاؤه حتى قبل ذلك، وتظل تركيا هي الطريق الوحيد لتصدير الغاز الروسي عن طريق الأنابيب من الجزء الأوروبي من روسيا، ويعد إنشاء مركز غاز محتمل في تركيا مفيدا للغاية لكلا البلدين.
كما يمكن لمحطة الطاقة النووية التي تبنيها روسيا في تركيا أن تقلل بشكل كبير من احتياج تركيا لواردات الطاقة، ما يحسن الميزان التجاري للبلاد.
من ناحية أخرى، ارتفعت حصة روسيا في الصادرات التركية من 1.9% عام 2022 إلى 5% عام 2023، فيما تكسب تركيا مليارات الدولارات من خلال إعادة بيع البضائع الغربية إلى روسيا.
في الوقت نفسه، ومع بدء الانتخابات الأمريكية، تقترب إدارة بايدن من ضرورة إما تأمين نصر سريع في أوكرانيا أو تجميد للصراع. في الحالة الأولى، سيزداد ضغط واشنطن على تركيا بشكل كبير، وفي الحالة الثانية، لن تكون هناك حاجة لأردوغان بما يكفي لدفع فواتيره.
ومع كل ما يمتلكه الرئيس التركي من ميل وقدرة على ممارسة الألعاب المعقدة، إلا أن الوضع يتطلب نتائج مالية أكبر من سياسته الخارجية، ما يدفعه دفعا نحو رفع رهاناته، ويحد من مساحة المناورة المتاحة لديه.
إقرأ المزيدبالتزامن، يدفع الوضع على الجبهة القيادة الروسية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وفعالية، ما يقلل من احتمالية التوصل إلى تسوية مع تركيا بشأن صفقة الحبوب، في الوقت الذي لا يسمح الوضع الاقتصادي في روسيا بمزيد من الكرم المفرط.
ومع كل الاهتمام بالتعاون بين البلدين، يلتقي الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بمطالب أكبر تجاه بعضهما البعض عن ذي قبل. ومن الممكن أن تكون نتيجة الاجتماع خطوات أكثر جذرية مما سبق، إما نحو تعاون أكبر، أو مواجهة أكبر.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا ألكسندر نازاروف أخبار إيران أخبار تركيا أزمة الغذاء العالمية ألكسندر نازاروف الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكرملين النفط والغاز برنامج الغذاء العالمي حلف الناتو رجب طيب أردوغان روساتوم شركة غازبروم عقوبات اقتصادية عقوبات ضد روسيا فلاديمير بوتين مؤشرات اقتصادية ناقلات النفط وزارة الدفاع الروسية بشکل کبیر فی ترکیا روسیا فی
إقرأ أيضاً:
ترامب يهاجم بوتين بعد هجوم روسي ضخم في أوكرانيا
مايو 26, 2025آخر تحديث: مايو 26, 2025
المستقلة/- هدد دونالد ترامب روسيا بمزيد من العقوبات بعد أكبر هجوم لها بطائرات مسيرة على أوكرانيا منذ بداية الحرب، وسلسلة من الضربات القاتلة في جميع أنحاء البلاد.
أعلنت القوات الجوية الأوكرانية يوم الاثنين أن روسيا أطلقت 355 طائرة مسيرة وتسعة صواريخ كروز على أوكرانيا خلال الليل – وهو “عدد قياسي من الطائرات المسيرة منذ بدء الغزو الشامل”.
وأضافت أنها أسقطت مئات الطائرات المسيرة، لكنها حذرت من أن البلاد بحاجة إلى “المزيد من أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ الاعتراضية”، مضيفةً: “إن تعزيز حماية سمائنا أمر بالغ الأهمية”.
بدا الرئيس الأمريكي مذهولاً من سلوك الرئيس الروسي بعد أن أسفرت هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ في كييف ومدن أوكرانية أخرى عن مقتل 12 شخصًا وإصابة العشرات.
وشهدت العاصمة مزيدًا من الضربات بطائرات مسيرة مساء الأحد، وفقًا لرئيس الإدارة العسكرية للمدينة.
في حديثه للصحفيين في مطار نيوجيرسي قبل رحلة العودة إلى واشنطن العاصمة، قال ترامب: “لست راضيًا عن بوتين. لا أعرف ما الذي يُسببه”.
وأضاف: “إنه يقتل الكثير من الناس. لست راضيًا عن ذلك”.
وأضاف ترامب – الذي قال إنه “لطالما انسجم” مع بوتين – أنه سينظر في فرض المزيد من العقوبات على موسكو.
وقال: “إنه يُطلق الصواريخ على المدن ويقتل الناس، وهذا لا يُعجبني إطلاقًا”.
وفي وقت لاحق، كتب الرئيس الأمريكي على منصته “تروث سوشيال” أنه “لطالما كانت لديه علاقة جيدة جدًا مع فلاديمير بوتين، لكن حدث له شيء ما. لقد فقد أعصابه تمامًا!”.
وأضاف: “إنه يقتل الكثير من الناس دون داعٍ… لطالما قلت إنه يُريد أوكرانيا بأكملها، وليس جزءًا منها فقط، وربما يكون هذا صحيحًا، ولكن إذا فعل ذلك، فسيؤدي ذلك إلى سقوط روسيا!”.
انتقد ترامب أيضًا فولوديمير زيلينسكي، قائلاً إن الرئيس الأوكراني “لا يُقدم أي خدمة لبلاده بكلامه هذا. كل ما يتفوه به يُسبب مشاكل، لا يُعجبني ذلك، ومن الأفضل أن يتوقف”.
وقالت أوكرانيا إن وابل الغارات الجوية الذي استمر ليلة الأحد كان أكبر هجوم جوي في الحرب حتى الآن، حيث أطلقت القوات الروسية 367 طائرة مُسيّرة وصاروخًا.
جاء ذلك على الرغم من حديث ترامب المُتكرر عن فرص التوصل إلى اتفاق سلام. حتى أنه تحدث مع بوتين هاتفيًا لمدة ساعتين الأسبوع الماضي.
صرح زيلينسكي بأن أوكرانيا مستعدة لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، وألمح إلى أن روسيا غير جادة في توقيعه.
وفي بيان صدر عقب الهجمات الأخيرة على بلاده، حثّ الولايات المتحدة وقادة دول أخرى على زيادة الضغط على بوتين، قائلاً إن الصمت “يشجعه فقط”.
وفي وقت لاحق، طالب مبعوث ترامب إلى أوكرانيا، كيث كيلوج، بوقف إطلاق النار، واصفاً الهجمات الروسية بأنها “مخزية”.
وكان من بين القتلى ثلاثة أطفال في الهجمات، التي هزت انفجارات مدن كييف وأوديسا وميكولايف.
قبل الهجوم، قالت روسيا إنها واجهت هجوماً بطائرة مسيرة أوكرانية يوم الأحد. وأضافت أنه تم اعتراض وتدمير حوالي 100 طائرة بالقرب من موسكو وفي المناطق الوسطى والجنوبية.
وتصاعد العنف على الرغم من إتمام روسيا وأوكرانيا تبادل 1000 سجين لكل منهما خلال الأيام الثلاثة الماضية.