جريدة الوطن:
2025-10-16@04:15:52 GMT

تفكيك روسيا .. السعي وراء السراب

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

تفكيك روسيا .. السعي وراء السراب

من الصعب، بل من شِبْه المستحيل هزيمة دَولة كبرى تضمُّ بَيْنَ ثناياها ترسانة نوويَّة هي الأضخم في العالَم. فروسيا في المواجهة الأوكرانيَّة، وإن بَدَت الأمور وقَدْ طالت لَنْ تُهزمَ في نهاية المطاف، والخاسر الأكبر هو أوكرانيا والشَّعب الأوكراني ومعهما حتَّى أوروبا الغربيَّة التي يُراد لها أن تكُونَ المموِّل المالي للصراع.


ومنذ الاندلاع المكشوف للصراع الروسي مع أوكرانيا عام 2014، بدأت تتضح معالم الصورة وخباياها يومًا بعد يوم. فأوكرانيا الجمهوريَّة السَّابقة ضِمْن الاتِّحاد السوفييتي، بدأت تهيء ذاتها للاصطفاف مع محور «الناتو» وصولًا لسَعْيِها نَحْوَ الانضمام لعضويَّته بعد أن اعتقَدَ ساستها وصانعو قرارها بأنَّ روسيا الاتِّحاديَّة باتت ضعيفة بعد تفكُّك الاتِّحاد السوفييتي، وأنَّ المرحلة باتت أميركيَّة في ظلِّ طغيان الحضور الأميركي في الملفات الدوليَّة، وتُشكِّل حالة أُمميَّة جديدة عنوانها «القطب الأحادي». وهنا وقع ساسة أوكرانيا بالخطأ الكبير الذي تجنَّبته باقي دوَل الاتِّحاد السوفييتي السَّابق، وخصوصًا مِنْها كازاخستان حين بذلت الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة جهودًا كبيرة لضمِّها إلى ائتلافها الدولي المساند لها، وزرع قواعد ومطارات عسكريَّة فوق أراضيها.
وفات على العديد من السَّاسة الأوروبيِّين، أنَّ روسيا ليست مِثل دوَل أوروبا الاستعماريَّة كبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، وليس لدَيْها تاريخ استعماري بشكلٍ عامٍّ. وبالتَّالي كغيرها. وكانت روسيا ترى بداية التسعينيَّات من القرن الماضي، بأنَّ توسيع حلف «الناتو» لا يُمثِّل تهديدًا بالنسبة إليها. بل اعتقَدَت أنَّ واشنطن تسعى مع بعض الأوروبيِّين لصياغة هندسة أمنيَّة جديدة في أوروبا، وإعادة بناء الحلف على صورة منظَّمة للتعاون الأمني… وحتَّى الاقتصادي. لكنَّ الشكوك ساورتهم عِنْدما انسحب الأميركيون من عدَّة اتِّفاقات لنزع السِّلاح النووي، وباشروا نَشْر الصواريخ التي تَحمِل رؤوسًا نوويَّة في بُلدان أوروبا الشرقيَّة على تخوم جمهوريَّة روسيا الاتِّحاديَّة، وترافق الأمْرُ مع انكشاف أمْرِ وثيقةٍ معنونة بـ»تقرير وولفوفيتز».
موسكو استثمرت الواقع إيَّاه لخدمة أهداف استراتيجيَّة، في ظلِّ سَعْي الولايات المُتَّحدة لتوسيع حلف «الناتو» من بعض الدوَل والجمهوريَّات السوفييتيَّة السَّابقة ومِنْها أوكرانيا، لتطويقها وإضعاف دَوْرها الأُممي… بل وأكثر من ذلك تفكيكها كما جرى في يوغسلافيا السَّابقة التي باتت عدَّة جمهوريَّات قائمة على أساس إثني، وبعضها على أساس قومي (صربيا+ سلوفينيا+ كرواتيا+ البوسنة والهرسك+ الحجر الأسود). من هنا باتت موسكو على قناعة تامَّة بأنَّ حلف «الناتو» من وجهة نظرها يُشكِّل تهديدًا وجوديًّا لها ولوحدة الأرض الروسيَّة.
إنَّ تفكيك روسيا كما يُريد البعض من المُتضررين في العالَم من السَّعي لبناء قطبيَّة مُتعدِّدة، ليس سوى ركض وراء السراب. ليبقى الحلُّ السِّياسي هو الطريق الأمثل لإنهاء تلك المواجهة التي طالت، فروسيا ـ وكما تقول الوقائع ـ تتحمل وببساطة حرب استنزاف في مواجهة أوكرانيا، والعكس غير صحيح، وهي ليست بوارد الحسم بالقوَّة؛ لأنَّها ببساطة لا تريد ترك جرح نازف مع أوكرانيا. وتاليًا يبقى الحلُّ السِّياسي هو الطريق الذي لا بُدَّ مِنْه عَبْرَ الجلوس إلى طاولة التفاوض، وسيادة منطق التوصُّل إلى حلول مقبولة لدى الطرفَيْنِ قَدْ تكُونُ «حلول الوسط».

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

روته: اجتماع ترامب وزيلينسكي المرتقب خطوة مهمة لإنهاء الحرب في أوكرانيا

  رحب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته بالاجتماع المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض نهاية الأسبوع الجاري، واصفًا إياه بـ"الخطوة المشجعة نحو إنهاء الحرب".
وقال روته - ردا على أسئلة الصحفيين عقب انتهاء اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل - إن التواصل المباشر بين الرئيسين يعزز فرص بدء مفاوضات سلام "ذات مغزى" يمكن أن تقود إلى إنهاء دائم للحرب، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا يناقشون حاليًا تقديم ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق سلام مستقبلي.
وأكد أن الحلف "أقوى بعشرات المرات" من روسيا من حيث القدرات الاقتصادية والعسكرية، مشيرًا إلى أن الناتج الاقتصادي الجماعي لدول الناتو يبلغ 50 تريليون دولار مقابل تريليوني دولار فقط لروسيا.
وأضاف أن الحلف يراقب التطورات في الأجواء والبحار عن كثب، مؤكداً أن أي خرق يشكّل تهديدًا مباشرًا سيتم التعامل معه "بشكل فوري وحاسم".
وأشاد الأمين العام للناتو، بمساهمة أستراليا في مهمة مراقبة جوية ضمن عملية "الحارس الشرقي" “Eastern Sentry” التى أطلقها الحلف الشهر الماضي لتعزيز الدفاع على جبهته الشرقية، مؤكدًا أهمية التعاون المتزايد بين الحلف وشركائه في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وأوضح أن الحلف يعمل بشكل وثيق مع "المجموعة الرباعية" المعروفة باسم IP4، التي تضم أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، مشيرًا إلى أن التحديات في أوروبا وآسيا "باتت مترابطة".
وأضاف أن التعاون يشمل التدريب والاستخبارات والتسليح، قائلاً: "نحن لا نوسّع المادة الخامسة إلى المحيط الهادئ، لكننا نبني شراكة استراتيجية عملية لمواجهة تهديدات مشتركة ".
مهر/ م ع ى - ك ف 

طباعة شارك شمال الأطلسي الناتو الرئيس الأمريكي فولوديمير زيلينسكي

مقالات مشابهة

  • الناتو: دعم أوكرانيا مستمر وتعزيز القدرات الدفاعية للحلف أولوية قصوى
  • روته: اجتماع ترامب وزيلينسكي المرتقب خطوة مهمة لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • أميركا تحذر روسيا بدفع الثمن إذا لم تنه حربها على أوكرانيا
  • الناتو يتوقع إعلان دول جديدة لدعم أوكرانيا عسكرياً
  • ضغط أميركي جديد على الناتو لتوسيع تسليح أوكرانيا
  • روسيا تمهد لنشر مليوني جندي احتياط في أوكرانيا
  • المصانع الصينية.. كيف تقف وراء تفوق روسيا في حرب أوكرانيا؟
  • سيناريوهات الحرب بين روسيا وأوروبا
  • أمين عام الناتو يشكر سلوفينيا على دعم أوكرانيا ويؤكد استمرار الحلف فى تعزيز جهوده الدفاعية
  • أمين عام الناتو: ما تحقق في غزة يجب أن يمتد إلى أوكرانيا