الشارقة - الوكالات

أكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، أن الشارقة ترسخ مكانتها في كل مناسبة مركزاً ثقافياً عالمياً، وعنواناً موثوقاً لكل من يريد التعرف على الثقافة العربية بتاريخها الحافل ومساهماتها الإنسانية، وأشارت إلى أن الدور الذي تتبناه الشارقة من خلال فعالياتها ومبادراتها وفي مقدمتها معرض الشارقة الدولي للكتاب، يعزز الحوار بين الشعوب، ويزيد المشهد الثقافي العالمي تنوعاً وثراءً.

 

 

جاء ذلك بمناسبة إعلان "هيئة الشارقة للكتاب" عن اختيار كوريا الجنوبية ضيف شرف الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يقام في الفترة ما بين 1-12 نوفمبر المقبل في مركز إكسبو الشارقة، ويقدم فرصة للتواصل مع مجموعة من الكتّاب والمفكرين والشخصيات الثقافية من مختلف بلدان العالم.

 

ويأتي اختيار الشارقة لكوريا الجنوبية، احتفاءً بالإرث الثقافي الإنساني الكوري الذي يمتد لآلاف السنين قبل الميلاد، حيث تعد الثقافة الكورية واحدة من أقدم الثقافات المستمرة في العالم  وأكثرها ثراءً، كما تمثل نموذجاً ملهماً للنجاح في المزج المبدع والمستدام بين التراث القديم والثقافة الحديثة، وهو النموذج الذي يحظى باهتمام  كبير من المدن الثقافية العربية بشكل عام وإمارة الشارقة بشكل خاص والتي حلت ضيف شرف على معرض سيول الدولي للكتاب في دورته الـ 65 في الفترة من 14-18 يونيو الماضي 2023.

 

وعن مكانة المعرض الراهنة وما حققه خلال مسيرته من نجاحات، قالت الشيخة بدور القاسمي: "بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أصبح معرض الشارقة الدولي للكتاب واحداً من أهم المنجزات العربية خلال السنوات الخمسين الماضية، حيث شكل منصةً للناشرين وصناع الكتاب وأصحاب المكتبات للازدهار وبناء الشراكات وتوثيق العلاقة مع الجمهور، كما فتح للثقافة العربية نوافذ مستقبلية لتحديد مسارها والوصول إلى شرائح أوسع من المجتمع". 

 

بدوره قال سعادة أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب: "الاحتفاء بالتجربة الثقافية لكوريا الجنوبية يجسد رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. لقد أصبحت الإمارة برؤية سموه العنوان الأبرز للثقافة في المنطقة، الذي أكد أن المعرفة والكتاب أقوى أسس بناء العلاقات بين حضارات وبلدان العالم، وأكثرها استدامة، والفرصة التي تفتح مسارات متجددة لاستحداث شراكات ومجالات تعاون بين سوق إنتاج المعرفة الإماراتي والعربي وغيره من أسواق صناعة النشر، فأصبحت الإمارة برؤية سموه ورعايته المتواصلة بوابة التبادل الثقافي بين البلدان العربية والإفريقية ومختلف دول العالم ".

 

وأضاف: "في نوفمبر المقبل، ستحضر الثقافة الكورية الجنوبية بتاريخها الذي يمتد إلى آلاف السنين، بحكاياتها الشعبية وعاداتها الاجتماعية المميزة، بعلومها وابتكاراتها وتقدمها التقني لتلتقي بالثقافة الإماراتية العربية بقيمها الأصيلة وتاريخها العريق وتراثها الأصيل، وهذا يشكل فرصةً للتعرف بشكل مباشر على هذه الثقافة، ليس للجمهور فقط، بل والناشرين وأصحاب المكتبات ودور الكتب الذين يشكل المعرض منصةً لتوثيق علاقاتهم مع الأسواق المحلية والعالمية، وقد أثبتت تجربة الاحتفاء بضيوف شرف المعرض أنها بوابة واسعة لتعزيز وبناء روابط متجددة على كافة المستويات وشهدنا خلال السنوات الماضية ثمار هذه التجربة، بتأسيس معاهد، وتوقيع شراكات، وإطلاق مبادرات تجمع الإمارة ودولة الإمارات مع عدة بلدان أجنبية"

 

ويقدّم جناح كوريا الجنوبية في المعرض برنامجاً ثقافياً غنياً بالفعاليات والأنشطة التي تعكس جماليات وتنوع الثقافة الكورية، التي تحظى بشعبية كبيرة بين الشباب من جميع أنحاء العالم، من خلال جلسات حوارية وورش عمل وعروض فنية، تعرّف الزوار على تاريخ وحضارة وفنون كوريا الجنوبية، وتضيء على لغتها وثقافتها وأطباقها. كما يستضيف جناح كوريا عدداً من المؤلفين والشخصيات الثقافية الكورية، التي تشارك خبراتها وآراءها مع الجمهور.

 

ويعد "معرض الشارقة الدولي للكتاب" أحد أبرز المحافل الثقافية في المنطقة والعالم، ويجذب كل عام آلاف المهتمين بالكتاب والثقافة، كما يسهل عملية بيع وشراء حقوق النشر بين الناشرين والمؤلفين، ويدعم صناعة الكتاب في المنطقة، ففي دورته السابقة 2022، جمع المعرض أكثر من 2213 ناشراً من 95 دولة، إلى جانب 150 كاتباً ومفكراً من 57 دولة، وقدم على مدار 12 يوماً 1500 فعالية ثقافية وفنية وترفيهية، وحقّق للعام الثاني على التوالي لقب "أكبر معرض كتاب في العالم" في بيع وشراء حقوق النشر.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

على عينك يا تاجر يفضح مافيا الثقافة العربية.. كيف تحوّل الإبداع إلى مقاولات؟

لم يعد الوسط الثقافي العربي مجرّد ساحة للإبداع وتنافس المواهب، بل صار- في جانب كبير منه- حلبة صراع خفي تتحكم فيها شبكات مصالح متشابكة، أشبه بمافيات منظمة، تتقاسم النفوذ والجوائز والمنابر والمهرجانات، هذه الحقيقة لم تعد مجرّد انطباع، بل تحولت إلى وقائع موثّقة وفضائح مكشوفة، كشف جانبًا كبيرًا منها كتاب «على عينك يا تاجر» للكاتب والشاعر عماد فؤاد، الذي قدّم واحدة من أشد الشهادات جرأة في نقد البنية الثقافية العربية، سواء داخل العالم العربي أو في المهجر.


الكتاب يفكك، بأسلوب ساخر وناقض، آليات صناعة «النجومية الأدبية» في عالم تحكمه الشللية والمحسوبية وتبادل المنافع، لا الموهبة أو الإنجاز الحقيقي.


وهذا التقرير يستند إلى أبرز ما كشفه الكتاب، محللًا الظاهرة وشارحًا خطورتها على المشهد الثقافي العربي.

«ماذا لو».. خيال يبدو مستحيلًا لكنه الواقع نفسه

يطرح عماد فؤاد  في كتابه مجموعة أسئلة تبدو ساخرة: ماذا لو تلقيت دعوة لمهرجان عالمي بالخطأ؟، ماذا لو فازت روايتك الرديئة بجائزة كبرى؟، ماذا لو تاجر الكاتب بقضية وطنه في السوق الأوروبية؟


هذه الأسئلة، كما يوضح الكاتب، ليست خيالًا، بل مشاهد تتكرر في الوسط الثقافي العربي بشكل يدعو إلى الذهول، فكم من كاتب لا يمتلك أي حضور أدبي حقيقي تلقّى دعوات مبهرة لمجرد تشابه الأسماء، وكم من رواية ضعيفة حصدت جوائز كبرى فقط لأن صاحبها داخل «الحلقة الصحيحة».


عماد فؤاد يسمي هذه الظواهر بـ «المعجزات المضحكة»، لأنها تفضح التصدع العميق في منظومة الثقافة العربية، وتحول الأخطاء والهفوات الإدارية إلى شهادات عبقرية مزيفة.

احتكار الفعاليات.. نفس الأسماء.. نفس الصور.. نفس المقاولين.

يكشف الكتاب، بوضوح لا لبس فيه، عن حالة احتكار رهيبة للمنصات الثقافية العربية، يقول فؤاد إنك لو نظرت إلى معارض الكتب والمهرجانات من المحيط إلى الخليج ستجد المشهد نفسه: نفس الوجوه، نفس الضيوف، نفس «النجوم»، نفس الصور والتجمعات، بعض الأسماء لا تغادر المنصات إلا إلى المقابر.


وكل عام يتحول إلى نسخة طبق الأصل من سابقه، كأننا أمام «نظام توريث ثقافي» لا يسمح بظهور جيل جديد، هذه الاحتكارات جعلت الكثير من المثقفين يتساءلون عن انعدام «كرات الخجل» في دماء هؤلاء، كما يصف الكاتب ساخرًا.

سوق الأدب العربي في الغرب.. تجارة لا علاقة لها بالإبداع

يقتحم كتاب «على عينك يا تاجر» المنطقة الأكثر حساسية: الوسط الثقافي العربي في أوروبا، وما يكشفه الكتاب هنا أخطر مما يجري داخل العالم العربي نفسه، ففي الغرب، تتحول الثقافة إلى سوق مربحة، ويظهر ما يسميهم الكاتب بـ «مقاولي الثقافة العربية في الخارج»، هؤلاء يتحركون كشبكة منظمة: يسيطرون على جوائز، يحتكرون المنح، يديرون منصات إلكترونية تنشر أعمالهم أولًا، يرشّحون بعضهم للمهرجانات العالمية، ويحصلون، كل عام تقريبًا، على الامتيازات نفسها، والأهم: أن عددًا غير قليل منهم يستثمر قضايا بلده السياسية، يرفعها كشعار حينًا، ويتاجر بها حينًا آخر، لأنها مفاتيح جاهزة للتعاطف الغربي.


عماد فؤاد يقول بوضوح: «يكفي أن يمتلك الكاتب قضيتين حتى يتنقل بينهما كلاعِب سيرك».

المهرجانات العالمية.. بوابات مغلقة لا يدخلها إلا «أصحاب المفتاح»

يفضح الكتاب آليات عمل المهرجانات الأدبية الكبرى: لجنة ثابتة لا تتغير، عضو من كل بلد يرشّح أبناء بلده حصريًا، أسماء معينة تشارك كل عام دون انقطاع، تبادل دعوات ومصالح بين أعضاء الشبكات العربية في الخارج.


فلا يشارك شاعر فلسطيني في مهرجان «سيت» الفرنسي إلا بترشيح عضو اللجنة الفلسطيني، ولا يذهب شاعر مغربي إلى مهرجان عالمي إلا بترشيح عضو اللجنة المغربي، والأمر نفسه يتكرر في هولندا وألمانيا وإسبانيا.


هذا الاحتكار الدولي- كما يكشف الكتاب- أنتج «شِلَلًا» ممتدة عبر القارات، تتشارك الجوائز والمنصات، وتغلق الباب أمام أي صوت مستقل.

اللجان المانحة.. حيث يجلس المرشح في مقعد المحكم

من أخطر الحقائق التي يكشفها كتاب عماد فؤاد، وجود أسماء بعينها تتنقل بين ثلاث مواقع في آن واحد: عضو لجنة التحكيم، مرشح للجائزة، فائز بالجائزة، هذه الدائرة المغلقة تقضي نهائيًا على مبادئ العدالة والمنهجية، فالمعيار ليس القيمة الفنية، بل الانتماء إلى الشبكة.

ويورد الكتاب مثالًا صادمًا: كاتب عربي حصل على جائزة مالية كبيرة عن رواية إلى درجة أن مترجمًا- بعد قراءة 15 صفحة فقط- أعلن رغبته في «لكمه إن رآه يومًا»، لكن الجائزة منحت صاحب الرواية ثقة مزيفة جعلته يطمح بعدها إلى «نوبل».

السوشيال ميديا.. مصنع نجومية بلا موهبة

يرصد الكتاب ظاهرة أخرى، النجومية الزائفة التي تصنعها السوشيال ميديا، يكتب البعض النص نفسه كل يوم، بنفس المفردات، ويحصد مئات الإعجابات من جمهور لا يقرأ، ثم يتحول هذا التفاعل السطحي إلى دليل على «العبقرية»، وهكذا تصبح السوشيال ميديا جزءًا من اقتصاد الوهم الثقافي.

الشللية.. دولة داخل الدولة

ينتهي عماد فؤاد في كتابه إلى أن ما نشاهده اليوم ليس تكرارًا عشوائيًا للأخطاء، بل نظام كامل: شلل أدبية، تحالفات منظمة، تبادل مصالح، إقصاء ممنهج، تلميع متواصل لأسماء بلا رصيد، وخنق أي موهبة جديدة لمجرد أنها بلا ظهر.


ويؤكد أن «هدية تُهدى لتُسترد»، و«دعوة تُقدّم مقابل دعوة لاحقة» هو قانون غير مكتوب، لكنه ساري وفاعل بقوة.

ثقافة على حافة الانهيار

ما يقدمه كتاب «على عينك يا تاجر» ليس مجرد سرد أو فضفضة، بل كشف حقيقي لبنية ثقافية عربية تنهار تحت وطأة الفساد الأخلاقي والمجاملات والشللية والاحتكار، فالظاهرة لم تعد مجرد «سوء إدارة»، بل منظومة كاملة تحوّلت فيها الثقافة إلى سلعة، والشعر إلى تذكرة سفر، والقضية إلى رأس مال.


إن مستقبل الثقافة العربية لن يستقيم ما لم يتم الاعتراف بهذه التشوهات، ومواجهتها، وتفكيك احتكاراتها، وإعادة الاعتبار للموهبة الحقيقية التي تقف خارج الصفوف.. لأنها لم تتقن لعبة المقاولات.

طباعة شارك الوسط الثقافي العربي مصالح متشابكة على عينك يا تاجر البنية الثقافية العربية النجومية الأدبية» عماد فؤاد

مقالات مشابهة

  • جواهر القاسمي تشهد حفل «من هنا البداية»
  • الثقافة: كشف أثري يعيد فتح ملف عبادة الشمس ويؤكد القيمة العالمية لجبانة منف
  • "نداء أهل القبلة: دعوة مشتركة لوحدة المسلمين".. في ندوةٍ لحكماء المسلمين بمعرض العراق الدولي للكتاب
  • سلطان بن أحمد القاسمي يترأّس اجتماع مجلس القضاء
  • «أسبوع الشارقة للبطولات العالمية 2025» ينطلق 19 ديسمبر
  • هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025
  • تحت شعار “جدة تقرأ”.. هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025
  • على عينك يا تاجر يفضح مافيا الثقافة العربية.. كيف تحوّل الإبداع إلى مقاولات؟
  • سلطان بن أحمد القاسمي يزور فعاليات «قمة بريدج 2025»
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد توقيع شراكة بين «شمس» و«الشارقة الإسلامي»