نسخ بالذكاء الاصطناعي لـ17 مرشحا رئاسيا أمريكيا.. بينهم ترامب
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
أطلق مشروع أمريكي يسمى «تشات 2024»، منصة صور رمزية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تضم 17 مرشحًا رئاسيًا بارزًا، منهم الرئيس السابق دونالد ترامي، وبحسب صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، تم تدريب روبوتات الدردشة هذه على بيانات مكثفة من مصادر مثل ظهور الفيديو وكتابات المرشحين.
نسخ الذكاء الاصطناعي مقلدة ذات مصداقيةويمكن للمستخدمين التفاعل مع الروبوتات بشكل فردي، وطرح الأسئلة على جميع الروبوتات الـ 17 في وقت واحد، أو إعداد مناقشات فردية بينهم، وعلى الرغم من أن الصور الرمزية للذكاء الاصطناعي ليست الأفضل في مجالها، إلا أنها تمثل خطوة نحو نسخ الذكاء الاصطناعي المقلدة ذات المصداقية للقادة السياسيين.
ويعد المشروع من أفكار دارا لادجيفارديان، المؤسس المشارك لشركة «دلفي» الناشئة للذكاء الاصطناعي، ويعد المشروع بمثابة حملة علاقات عامة لشركة «دلفي» ولكنه يهدف أيضًا إلى تقديم قيمة جديدة، حيث يعتقد «لادجيفارديان» أن الصور الرمزية للذكاء الاصطناعي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في الحملات السياسية المستقبلية، والحكم، وتتبع الرأي العام، وكان المشروع مستوحى من تجربته في دعم محاولة والدته لعضوية الكونجرس وإدراكه أن معظم الناخبين تعلموا عن المرشحين من خلال مقتطفات تلفزيونية، وهو يعتقد أن برامج الدردشة الآلية يمكن أن توفر بديلاً أكثر جاذبية وتعمقًا.
وتهدف روبوتات الدردشة إلى تقليد أنماط المرشحين والرد على أسئلة المستخدمين، في التفاعلات التي اختبرتها الشركة، أظهروا تقليدًا لائقًا للمرشحين، مع بعض الاختلافات الملحوظة، وغالبًا ما تكرر روبوتات الدردشة نفس نقاط الحديث في المناقشات حتى يتدخل وسيط بشري بأسئلة جديدة، وذبك بحسب تقرير «بوليتيكو».
والصور الرمزية في «تشات 2024» هي حاليًا نص وصوت فقط، لكن الفريق يراقب تقدم الفيديو الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي لتحديد متى يمكن إضافة الصور الرمزية المرئية، ويسلط المشروع الضوء على الفجوة الضيقة بين روبوتات الذكاء الاصطناعي الكاريزمية والسياسيين البشريين، ويتوقع «لادجيفارديان» حدوث تحسينات كبيرة في المقلدين الاصطناعيين بحلول يوم الانتخابات عام 2024.
وبالإضافة إلى توفير طريقة جديدة للحملات لعرض مرشحيها، يعتزم «لاجيفارديان» الترويج للحملات على فكرة أنها تستطيع تحليل استفسارات الناخبين لفهم الرأي العام بشكل أفضل، ويوضح "تشات 2024" المستقبل المحتمل للنقاش والمشاركة السياسية، حيث يمكن أن تلعب الصور الرمزية للذكاء الاصطناعي دورًا جوهريًا.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ترامب الانتخابات الامريكية روبوتات الدردشة الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل يخفي الذكاء الاصطناعي عنصرية خلف خوارزمياته الذكية؟
مؤيد الزعبي
بما أننا مقبلون على مرحلة جديدة من استخدامات الذكاء الاصطناعي وجعله قادرًا على اتخاذ القرارات بدلًا عنَّا يبرز سؤال مهم؛ هل سيصبح الذكاء الاصطناعي بوابتنا نحو مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا؟ أم أنه سيعيد إنتاج تحيزاتنا البشرية في قالب رقمي أنيق؟ بل الأخطر من ذلك: هل سيغدو الذكاء الاصطناعي أداة عصرية تمارس من خلالها العنصرية بشكل غير مُعلن؟
قد تحب- عزيزي القارئ- تصديق أن هذه الأنظمة "ذكية" بما يكفي لتكون حيادية، لكن الحقيقة التي تكشفها الدراسات أكثر تعقيدًا؛ فالذكاء الاصطناعي في جوهره يتغذى على بياناتنا وتاريخنا، وعلى ما فينا من تحامل وتمييز وعنصرية، وبالتالي فإن السؤال الحقيقي لا يتعلق فقط بقدرة هذه الأنظمة على اتخاذ قرارات عادلة، بل بمدى قدرتنا نحن على برمجتها لتتجاوز عيوبنا وتاريخنا العنصري، ولهذا في هذا المقال نقترب من هذه المنطقة الرمادية، حيث تتقاطع الخوارزميات مع العدالة، وحيث قد تكون التقنية المنقذ أو المجرم المتخفي.
لنقرّب الفكرة بمثال واقعي: تخيّل شركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لفرز السير الذاتية واختيار المتقدمين للوظائف. إذا كانت خوارزميات هذا النظام مبنية على بيانات تحمل انحيازًا ضد جنس أو لون أو جنسية معينة، فقد يستبعد المرشحين تلقائيًا بناءً على تلك التحيزات. وهذا ليس ضربًا من الخيال؛ فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جامعة واشنطن (أكتوبر 2024) أن نماذج لغوية كبيرة أظهرت تفضيلًا واضحًا لأسماء تدلّ على أصحاب البشرة البيضاء بنسبة 85%، مقابل 11% فقط لأسماء مرتبطة بالنساء، و0% لأسماء تعود لأشخاص من ذوي البشرة السوداء، تُظهر هذه الأرقام المقلقة كيف أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتي تستخدمها نحو 99% من شركات "فورتشن 500"، يمكن أن تؤثر سلبًا على فرص ملايين الأشخاص الباحثين عن عمل، لا لسبب سوى أنهم وُلدوا بهوية مختلفة، أي أن تحيّز هذه الأنظمة يمكن أن يمس ملايين الباحثين عن العمل.
الأمر يزداد خطورة عند الحديث عن أنظمة التعرف على الوجوه، والتي تُستخدم حاليًا في تعقب المجرمين ومراقبة الأفراد. دراسات عديدة أثبتت أن هذه الأنظمة تخطئ بنسبة تصل إلى 34% عند التعامل مع النساء ذوات البشرة الداكنة، كما تُسجَّل أخطاء في التعرف على الوجوه الآسيوية، ما قد يؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو مراقبة غير مبررة لأشخاص أبرياء، فقط لأن الخوارزمية لم تتعلم بشكل عادل، وتخيل الآن كيف سيكون الأمر عندما يدخل الذكاء الاصطناعي- بكل تحيزاته- إلى قاعات المحاكم، أو إلى أنظمة القضاء الإلكترونية، ليصدر أحكامًا أو يوصي بعقوبات مشددة، وحينها بدلًا من أن نصل لقضاء عادل سنصل لعدالة مغلفة بواجهة من الحياد الزائف.
ولننتقل إلى السيناريو الأكثر رعبًا: الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري. ما الذي قد يحدث إذا تم برمجة أنظمة قتالية لتحديد "العدو" بناءً على لون بشرة أو جنسية؟ من يتحمل المسؤولية حين ترتكب هذه الأنظمة مجازر على أساس تحيز مبرمج مسبقًا؟ تصبح هذه الأنظمة أداة للقتل بعنصرية عقل إلكتروني، ومن هنا ستتفاقم العنصرية، وستصبح هذه الأنظمة بلا شك أداة لقتل كل ما تراه عدوًا لها ليأتي اليوم الذي تجدنا فيه نحن البشر ألذ أعدائها.
في قطاع الرعاية الصحية أيضًا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عنصريًا خصوصًا لو تم برمجتها لتتحكم بمستحقي الدعم الصحي أو حتى استخدامها في أنظمة حجز مواعيد العمليات، فلو وجد أي عنصرية بهذه الأنظمة؛ فبالطبع ستعطي الأولوية لأصحاب بشرة معينة أو جنسية معينة مما سيحرم الكثيرين من الوصول للعلاج في الوقت المناسب.
حتى نكون منصفين هنا نحتاج إلى تمييز دقيق بين نوعين من عنصرية الذكاء الاصطناعي: العنصرية المقصودة: الناتجة عن برمجة متعمدة تخدم مصالح أو توجهات محددة، والعنصرية غير المقصودة: الناتجة عن تغذية الأنظمة ببيانات غير عادلة أو تمثل واقعًا عنصريًا، فتُصبح الخوارزميات انعكاسًا له.
وأيضًا هناك مشكلة مهمة يجب معالجتها فلو عدنا لموضوع الرعاية الصحية؛ فلو قمنا بإدخال بيانات المرضى على هذه الأنظمة وكان حجم البيانات لفئة معينة أكثر من فئة أخرى فربما يعالج الذكاء الاصطناعي هذا الأمر على أن فئة معينة لا تحتاج للعلاج أو تحتاج لرعاية صحية أقل من غيرها وبالتالي يستثنيها من علاجات معينة أو مطاعيم معينة مستقبلًا، ولهذا يجب أن نعمل على تنقيح بيناتنا من العنصرية قدر الإمكان لتجنب تفاقم الأزمة مستقبلا.
يجب ألا نعتقد أبدًا بأن الذكاء الاصطناعي سيكون منصفًا لمجرد أنه آلة لا تفاضل شيء على شيء، فهذا سيمكن الصورة النمطية الموجودة حاليًا في مجتمعاتنا، فالذكاء الاصطناعي تقنية مازالت عمياء وليست واعية بما يكفي لتميز أية التمييز وتحذفه من برمجياتها، إنما تأخذ الأنماط الموجودة وتبني عليها، وسنحتاج وقت أطول لمعالجة هذه الفجوة كلما مضى الوقت.
إذا سألتني عزيزي القارئ ما هي الحلول الممكنة نحو ذكاء اصطناعي عادل وشامل، فالحلول كثيرة أهمها أن نوجد أدوات ذكاء اصطناعي قادرة على إيجاد العنصرية وتبدأ بمعالجتها واستثنائها في خوارزمياتها، وهذه مسؤولية الشركات الكبرى التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي، وثانيًا يجب أن نطور أنظمة ذكاء اصطناعي مبنية على العنصرية فهذه الأنظمة ستطور من نفسها وستكون عدوة للبشرية في قادم الأيام، أيضًا يجب أن يكون هناك تنويع في البيانات فكلما انعكس التنوع في البيانات والتصميم، كلما انخفضت احتمالية انتشار النتائج العنصرية وحققنا الإنصاف المطلوب.
في النهاية يجب القول إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه قد يكون كذلك إذا تركناه يتغذّى على أسوأ ما فينا وأقصد هنا العنصرية.
رابط مختصر