حاول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تهدئة التوترات مع المغرب بشأن تقديم المساعدات الإنسانية، بعد الزلزال المميت الذي تركز في أعالي جبال الأطلس. 

وواصلت فرق البحث والإنقاذ المدعومة من الجيش المغربي عملية بحث محمومة لتحديد مكان الجرحى ونقلهم جوا من القرى الجبلية النائية في جبال الأطلس حيث وقع الزلزال الذي بلغت قوته 6.

8 درجة يوم الجمعة الماضي. 

ولكن مع استمرار جهود الإنقاذ لليوم الخامس، تضاءلت فرص العثور على ناجين.

وقالت السلطات المغربية في وقت سابق إنها "استجابت بشكل إيجابي" لعروض المساعدة التي قدمتها فرق البحث والإنقاذ من بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، لكنها رفضت قبول المساعدة من دول أخرى بما في ذلك فرنسا، وفق تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية اليوم الخميس.

وفي مقطع فيديو موجه إلى الجمهور المغربي نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، قال ماكرون إن الأمر سيادي بالنسبة للمغرب سواء قبل المساعدة الفرنسية أم لا. 

وفي وقت سابق، في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، قال إن فرنسا فعلت "كل ما في وسعنا القيام به" وإن المساعدات سيتم نشرها في اللحظة التي يتم فيها طلبها.

وعبر المغرب عن غضبه من أي إشارة إلى افتقار الدولة إلى القدرة على الاستجابة للكارثة.

وقال ماكرون في مقطع الفيديو الذي نُشر بينما كانت المنظمات الفرنسية غير الحكومية تغادر إلى منطقة الزلزال جنوب مراكش ووسط صمت متواصل من الرباط: “كان هناك الكثير من الجدل غير المبرر في الأيام القليلة الماضية. هناك إمكانية لتقديم المساعدات الإنسانية بشكل مباشر. ومن الواضح أن الأمر متروك لجلالة الملك والحكومة المغربية، بطريقة تليق تماما بسيادتهما، لتنظيم المساعدة الدولية”.

وشدد ماكرون: "أتمنى أن تهدأ كل هذه الخلافات التي تقسم وتعقد الأمور خلال هذه اللحظة المأساوية بالفعل احتراما لجميع المعنيين."

وتصاعدت التوترات بين البلدين حتى قبل وقوع الزلزال. ولم يرسل المغرب سفيرا إلى فرنسا منذ أشهر، وألغى ماكرون عدة زيارات رسمية مقررة إلى الرباط. ولطالما ألقى الحكم الاستعماري الفرنسي على المغرب، الذي استمر من عام 1912 إلى عام 1956، بظلاله على العلاقات بين البلدين.

وقال مصدر مقرب من القصر الملكي المغربي إن من غير المرجح صدور رد فعل على رسالة ماكرون المصورة من القصر أو وزارة الخارجية.

وأضاف المصدر لصحيفة الجارديان: “في المغرب، لا نحكم عبر تويتر… هذا الفيديو يسخر من الحكم. ليس له الحق في مخاطبة الشعب المغربي مباشرة… إنه يحاول منع المزيد من الخلافات، لكن هذه خلافات خلقها وأججها بنفسه باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي”.

ولم تقتصر الخلافات حول المساعدات على العلاقات المغربية مع فرنسا فحسب. وفي وقت سابق، أعلنت الجزائر أنها ستفتح مجالها الجوي للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المغرب، وهو تحول عميق بعد أن قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع جارتها قبل عامين بسبب ما وصفته "بالأعمال العدائية" للمغرب.

وبعد أيام، عرض التلفزيون الرسمي الجزائري صورا لأوائل المستجيبين المصطفين على مدرج مطار عسكري بالقرب من بلدة بوفاريك، على استعداد للصعود إلى ثلاث طائرات قريبة تحمل مساعدات إلى المغرب.

صرح وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي لقناة العربية الفضائية السعودية أن الرباط ستقبل المساعدة الجزائرية، على الرغم من أن وسائل الإعلام المغربية زعمت في وقت لاحق أن تعليقاته قد أسيء تفسيرها ونفت أي إشارة إلى أن الرباط ستقبل المساعدة.

ثم أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا عبر وكالة الأنباء الرسمية، أضافت فيه أن “الحكومة الجزائرية أخذت علما بالرد الرسمي للمملكة المغربية، التي قالت إنها ليست في حاجة إلى المساعدة الإنسانية التي اقترحتها الجزائر”.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المغرب ماكرون زلزال الأطلس فی وقت

إقرأ أيضاً:

مسار النظام العالمي في خطاب ترامب: قيادة أم هيمنة؟

أحمد بن محمد العامري

في ظل التحولات العميقة التي يشهدها العالم خلال العقدين الأخيرين، عاد إلى الواجهة الحديث عن "النظام العالمي" وتوازناته الجديدة خاصة مع صعود قوى كبرى مثل الصين، وتنامي أدوار إقليمية فاعلة في الشرق الأوسط وأزمات ممتدة مثل الحرب في أوكرانيا والحرب الصهيوامريكية على إيران.
في هذا السياق برز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كصوت صريح، يتحدث بوضوح عن رغبته في إعادة رسم "مسار النظام العالمي". هذه العبارة التي يستخدمها ترامب، وإن بدت في ظاهرها سياسية أو استراتيجية، تحمل في طياتها دلالات أعمق، تتعلق برؤية أحادية للقيادة الدولية وربما تعكس رغبة في إعادة إنتاج الهيمنة الأمريكية مدعومة بشراكة إستراتيجية وثيقة مع إسرائيل.

عندما يستعمل ترامب عبارة "مسار النظام العالمي"، لا يتحدث عن نظام تشاركي تعددي تقوده التفاهمات الدولية، بل عن تصور أحادي يعيد تمركز الولايات المتحدة في قلب النظام الدولي كقوة لا تقبل المزاحمة، ولا تسمح بظهور منافسين مؤثرين.
 إن هذا التصور يقوم على منطق النفوذ لا الشراكة، وعلى فرض المعايير الأمريكية في السياسة والاقتصاد والثقافة، لا تبادلها أو التفاوض بشأنها. الدول، وفق هذا التصور، إما أن تكون "مع أمريكا بالكامل"، أو توضع في خانة الدول "التي يجب مواجهتها" عبر أدوات الضغط والعقوبات والعزل.

الأمر اللافت في خطاب ترامب حول "مسار النظام العالمي" هو تماهيه شبه الكامل مع الأجندة الإسرائيلية خصوصًا في الملفات المتعلقة بالشرق الأوسط.
لقد أعاد ترامب صياغة العلاقة مع إسرائيل ليس فقط كحليف إستراتيجي بل كامتداد طبيعي للسياسات الأمريكية، حتى بدا أن مصالح الطرفين تندمج في مشروع واحد.
تجلى ذلك في سلسلة من الخطوات المثيرة للجدل، أبرزها: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، دعم ضم الجولان، إلغاء الدعم الأمريكي لوكالة الأونروا، وتقديم "صفقة القرن" التي حاولت تصفية القضية الفلسطينية على المستوى السياسي والاقتصادي وحرب غزة وقصف إيران.

كل هذه السياسات لم تكن عشوائية أو ظرفية، بل تعكس جزءًا من تصور أوسع يرى أن "المسار الصحيح" للعالم يجب أن يتبنى الرؤية الأمريكية–الإسرائيلية، سواء من حيث التحالفات أو إعادة تعريف العدو والصديق.
الدول التي لا تدخل هذا المسار - سواء الصين، روسيا، إيران، أو حتى بعض الدول الأوروبية التي تحاول الحفاظ على استقلالية نسبية توضع تحت ضغط سياسي واقتصادي مباشر، وتُحمّل مسؤولية "تقويض النظام العالمي".

من هذا المنظور، فإن عبارة "مسار النظام العالمي" في خطاب ترامب لا تُفهم إلا كدعوة مبطنة إلى الامتثال والخضوع. ليست دعوة للحوار الدولي، بل إنذار بأن من لا يسير وفق الرؤية الأمريكية–الإسرائيلية الجديدة سيُستبعد، أو يُعاقب، أو يُواجه. هو منطق يقوم على فكرة التفوق والوصاية، لا على مبدأ الشراكة والمساواة بين الدول.

لكن ما يغفله هذا الخطاب هو أن العالم لم يعد ذلك الذي خرج من الحرب الباردة في التسعينيات. تعدد الأقطاب أصبح أمرًا واقعًا وصعود قوى اقتصادية وعسكرية جديدة مثل الصين وروسيا يعيد تشكيل توازنات القوة. كما أن الشعوب، وخصوصًا في العالم العربي والإفريقي، لم تعد تقبل بالتبعية المطلقة، بل باتت تطالب بالاستقلال في القرار والتنمية وفقًا لأولوياتها، لا وفقًا لما يُرسم لها من الخارج.

في ختام القول، فإن "مسار النظام العالمي" كما يراه ترامب ليس إلا محاولة لإعادة تمركز القوة الأمريكية وفرض الرؤية الإسرائيلية كشريك أساسي في صياغة مستقبل العالم، خصوصًا في في منطقتنا العربية وجوارها الجغرافي.
لكن هذه الرؤية رغم قوتها الإعلامية والسياسية، تصطدم بواقع دولي يتغير بسرعة وبتنامي رفض شعبي ونخبوي عالمي لأي مشروع هيمنة جديد، مهما حاول أن يرتدي ثوب "القيادة". فالمستقبل لن يُبنى على الإملاء، بل على الشراكة والاحترام المتبادل، وإلا فإن النظام العالمي سيعاد تشكيله رغمًا عن إرادة من يريد احتكاره.

ahmedalameri@live.com

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية تكشف عن العقوبات التي لن يرفعها ترامب عن سوريا
  • ماكرون يصف الرسوم الجمركية بأنها نوع من الابتزاز
  • بأي ميزان تُقاس المبادئ؟
  • المغرب يسرع إنجاز ملاعب القرب لتقريب الكان والمونديال من الأحياء الشعبية
  • خطاب منتظر للدالاي لاما قد يثير غضب الصين
  • ماكرون يؤكد على احترام وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات مع إيران
  • ميريام فارس تكشف سبب إغلاق خاصية التعليقات على انستجرام
  • مسار النظام العالمي في خطاب ترامب: قيادة أم هيمنة؟
  • صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل مثيرة حول الهجوم الإسرائيلي على إيران من مدة التخطيط والعوامل المساعدة
  • الصحة: «اضطراب ما بعد الصمة» قابل للعلاج