جيوبوليتيكا القرن الحادي والعشرين: تصورات حول الجيوبولتيكا المستقبلية (٥-٦)
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
الاربعة حلقات الماضية كانت للتمعن في عوامل تشكيل الجيوبوليتيكا في القرنين الماضيين ودور العلم في تجلياتها، واعتبارها "احد" المحددات في تشكلها. ورغم ان بداية القرن العشرين كان واقعاً تحت سيطرة ماقبل فيزياء الكم، فقد انجز علم غزير وجهد ضخم في التحقق والاثبات لاهم القضايا النظرية في فيزياء اينشتين و فيزياء الكم ووضع اسسها ومن ثم تحولها لتطبيقات واستعمالات.
سوف يلعب قرب انتهاء دور النفط الاحفوري من الفحم والبترول والغاز اهم ملامح تغيير موازيين القوى في العالم ويتوقع ان تحدث في غضون 10-15 عاماً القادمة. كما ستفقد محطات الانشطار النووي اهميتها ولن تلعب دورًا الا كسلاح نووي. واثبتت تجربة القرن العشرين انه فقد دوره حتى كسلاح ردع. تنشط المراكز العلمية في الولايات المتحدة والصين واوربا (خاصة المانيا وفرنسا) وربما الهند واليابان وغيرها في مجال الاندماج النووي. كما تنشط محاولات تحويل محرك الاحتراق الداخلي والمحركات من الوقود الاحفوري للكهرباء والهايدروجين الاخضر، لدرجة ان المانيا، اكبر وافخم صانع للسيارات من المرسيدس، الفولكس واجن، البي ام دبليو وغيرها تعتزم الاستغناء عن سيارات الوقود في خلال عقد واحد والتحول للسيارات الكهربائية. كل التطبيقات والاستعمالات تعتمد على انخفاض اسعار الاندماج النووي عن الوقود الاحفوري، حينها سوف يتم هجر الاحفوري لصالح الطاقات النظيفة.
بدأ الاهتمام ايضاً بموضوعات طاقة الرياح والامواج والطاقة الشمسية، وتطورت ابحاثها بناء على التطور العلمي من النسبية الى فيزياء الكم. وسوف تجيء لحظة ان تصبح ارخص وتنتشر. كما بدات الجهود في مكافحة التصحر وتحويل اراضي رملية صحراوية الى مناطق خضراء كما في الصين واستراليا وغيرها. ووضعت دول حوض الامازون استراتيجيات حماية الحوض من التخريب الراسمالي وتدمير رئة العالم. وتبنت الدول الافريقية -المشغولة بالانقلابات- مشروع السور الخضر الافريقي، لكن بدون ارادة التنفيذ.
القرن الحادي عشر في بداياته، والدول التي تعني باستراتيجياته الجديدة منخرطة في قضايا الطاقة الجديدة وفي تطوير الحواسيب التي ستغير وجه الارض. من سيستطيع ان يسبق في مايسمى سيادة الكمبيوتر (computer Supremacy) سوف يعيد ترتيب العالم وعلاقاته وسيطرته وسوف يغير من الجيوبوليتيكا الحالية. حاليا تسيطر الدول الكبرى عن طريق التدخلات الخشنة بالحروب والتجارة (العقوبات) والقواعد العسكرية ومراكز التجسس، واستعمال الافساد الشخصي والجنسي والمالي للابتزاز والسيطرة، كما رايناه في واقعنا المعاصر في العقود الماضية. او التدخلات الناعمة واغلبها عن طريق اختيار وصناعة القادة وفق مواصفات الدول المسيطرة، وتمرير السياسات الموائمة لهم واستعمال المنظمات المختلفة والمؤسسات الاقتصادية والمالية من صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ونادي باريس ومنظمة التجارة والملكية الفكرية وغيرها.
هيكلية الجيوبوليتيكا تتكون حاليا من ١٪ من اثرياء العالم والذين يديرون مجموعة السبعة الذين بدورهم يديرون مجموعة العشرين، والتي بدورها تدير العالم عن طريق مؤسسات المعونات والامم المتحدة وغيرها وتبلغ اكثر من عدة مئات منظمة كبيرة ممولة جيداً وهكذا، ثم مجلس الامن المكون من خمس دول كبرى تسيطر على حوالي المائتي دولة ، ويسمح لهم بنافذة الجمعية العمومية لنفث الغضب وتأوهات الظلم كل عام.
وكما قال الكاتب الاقتصادي السياسي الامريكي جيريمي ريفكن متحدثاً عن الثورة الصناعية الثالثة ان كل حقبة صناعية استفادت من توفر وسيلة تواصل جديدة ومصدر طاقة جديد. وقد اكتشف العالم مصادر طاقة امنة واقتصادية وصديقة للبيئة ووسيلة تواصل جديدة وتطور الحاسوب الكمي. اعتبر ريفكن أن التوزيع الشامل للطاقة المتجددة، والسلطة الأفقية يشكلان الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمات الاقتصادية والبيئية والاحتباس الحراري وضمان مستقبل هانئ للأجيال المقبلة، وهي رسالة جيدة تصدق على شعارات الثورة السودانية في حشد الموارد المحلية وبناء سلطة الشعب الافقية.
المقالة الاخيرة سوف تتناول تاثير هذا التطور في رسم جيوبوليتيكا السودان.
Dr. Amr M A Mahgoub
[email protected]
whatsapp: +249911777842
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
انهيار أحد أبواب المسجد العمري الكبير في مدينة غزة بفعل الأمطار
أفاد مراسل RT، مساء الجمعة، بأن أحد أبواب المسجد العمري الكبير في مدينة غزة انهار تحت وابل الأمطار.
وفي صباح الثامن من ديسمبر 2024 قصفت القوات الإسرائيلية المسجد العمري، وهو ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجد الأقصى في القدس، ومسجد أحمد باشا الجزار في عكا، ويعد أحد أقدم أماكن العبادة في العالم.
ويعتبر المسجد العمري الكبير أقدم مسجد في غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة قرب سوق شعبية، وتبلغ مساحته الإجمالية نحو 1600 متر مربع، منها 410 أمتار مربعة للمصلى الداخلي، و1190 مترا مربعا لفنائه الواسع الذي كان يحتضن آلاف المصلين.
ويستند المسجد على 38 عمودا من الرخام المتين، تعكس هندسته الطراز القديم، ما جعله تحفة معمارية تتوارثها الأجيال.
أطلق عليه المسجد العمري تكريما لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب صاحب الفتوحات، كما يطلق عليه أيضا اسم الكبير لأنه أكبر جامع في غزة.
يعود تاريخ موقع المسجد إلى ما قبل الميلاد، إذ كان معبدا قديما قبل أن يحوله البيزنطيون إلى كنيسة في القرن الخامس الميلادي.
وبعد الفتح الإسلامي في القرن السابع، أعاد المسلمون بناءه مسجدا، قبل أن يتعرض لانهيار مئذنته بفعل زلزال العام 1033 ميلادي.
وفي العام 1149 حول الصليبيون المسجد إلى كاتدرائية مكرسة ليوحنا المعمدان، لكن الأيوبيين استعادوه بعد معركة حطين عام 1187، وأعادوا بناءه.
ثم قام المماليك بترميمه في القرن الثالث عشر، قبل أن يتعرض للتدمير على يد المغول عام 1260، لكنه ما لبث أن استعيد على يد المسلمين وأعيد بناؤه.
وتعرض المسجد للتدمير مرة أخرى بسبب زلزال ضرب المنطقة في أواخر القرن الثالث عشر.
وفي القرن الخامس عشر، رممه العثمانيون بعد الزلازل، ثم تضرر مجددا بالقصف البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى.
وفي العام 1925 أعاد المجلس الإسلامي الأعلى ترميمه ليعود معلما مركزيا في حياة الغزيين حتى دمرته الغارات الإسرائيلية الأخيرة.
هذا، وارتفعت حصيلة الوفيات نتيجة البرد الشديد وانهيار المباني بسبب المنخفض الجوي والأمطار الغزيرة التي هطلت على قطاع غزة إلى 13 قتيلا بينهم أطفال.
وقالت مصادر إن نحو 13 منزلا انهارت على آخرها في حي الكرامة وحي الشيخ رضوان بمدينة غزة، ولا تزال طواقم الدفاع المدني تتعامل مع مئات النداءات والاستغاثات.
وذكرت أن أكثر من 27000 خيمة من خيام النازحين غمرتها المياه أو جرفتها السيول أو اقتلعتها الرياح الشديدة.
وأدى المنخفض الجوي إلى غرق مخيمات كاملة في منطقة المواصي بخان يونس، وتضرر مناطق واسعة في "البصة والبركة" بدير البلح، و"السوق المركزية" في النصيرات، فضلا عن منطقتي "اليرموك والميناء" في مدينة غزة.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" حذرت الخميس من أن الأمطار الغزيرة وبلل الخيام يفاقمان الظروف الصحية والمعيشية المتدهورة في القطاع المكتظ، مؤكدة أن برودة الطقس وسوء الصرف الصحي وانعدام النظافة ترفع مخاطر انتشار الأمراض، داعية إلى تسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.