الاربعة حلقات الماضية كانت للتمعن في عوامل تشكيل الجيوبوليتيكا في القرنين الماضيين ودور العلم في تجلياتها، واعتبارها "احد" المحددات في تشكلها. ورغم ان بداية القرن العشرين كان واقعاً تحت سيطرة ماقبل فيزياء الكم، فقد انجز علم غزير وجهد ضخم في التحقق والاثبات لاهم القضايا النظرية في فيزياء اينشتين و فيزياء الكم ووضع اسسها ومن ثم تحولها لتطبيقات واستعمالات.

لكنها في نفس الوقت تركت أسوأ اثارها من التلوث البئيي من مخلفات الوقود النفطي والبقايا النووية، ورفع درجة حرارة الكوكب بشكل متسارع وخطير واختلالات طبقة الاوزون والنفايا النووية والبلاستيكية والتاثيرات الضارة على البحار. باختصار تحويل الحياة الطبيعية التي دامت للبشرية الاف السنين مستخلفاً عليها لاعمار الارض، وفي قرن واحد، الى اداة تدمير وانهاء الحياة.

سوف يلعب قرب انتهاء دور النفط الاحفوري من الفحم والبترول والغاز اهم ملامح تغيير موازيين القوى في العالم ويتوقع ان تحدث في غضون 10-15 عاماً القادمة. كما ستفقد محطات الانشطار النووي اهميتها ولن تلعب دورًا الا كسلاح نووي. واثبتت تجربة القرن العشرين انه فقد دوره حتى كسلاح ردع. تنشط المراكز العلمية في الولايات المتحدة والصين واوربا (خاصة المانيا وفرنسا) وربما الهند واليابان وغيرها في مجال الاندماج النووي. كما تنشط محاولات تحويل محرك الاحتراق الداخلي والمحركات من الوقود الاحفوري للكهرباء والهايدروجين الاخضر، لدرجة ان المانيا، اكبر وافخم صانع للسيارات من المرسيدس، الفولكس واجن، البي ام دبليو وغيرها تعتزم الاستغناء عن سيارات الوقود في خلال عقد واحد والتحول للسيارات الكهربائية. كل التطبيقات والاستعمالات تعتمد على انخفاض اسعار الاندماج النووي عن الوقود الاحفوري، حينها سوف يتم هجر الاحفوري لصالح الطاقات النظيفة.

بدأ الاهتمام ايضاً بموضوعات طاقة الرياح والامواج والطاقة الشمسية، وتطورت ابحاثها بناء على التطور العلمي من النسبية الى فيزياء الكم. وسوف تجيء لحظة ان تصبح ارخص وتنتشر. كما بدات الجهود في مكافحة التصحر وتحويل اراضي رملية صحراوية الى مناطق خضراء كما في الصين واستراليا وغيرها. ووضعت دول حوض الامازون استراتيجيات حماية الحوض من التخريب الراسمالي وتدمير رئة العالم. وتبنت الدول الافريقية -المشغولة بالانقلابات- مشروع السور الخضر الافريقي، لكن بدون ارادة التنفيذ.

القرن الحادي عشر في بداياته، والدول التي تعني باستراتيجياته الجديدة منخرطة في قضايا الطاقة الجديدة وفي تطوير الحواسيب التي ستغير وجه الارض. من سيستطيع ان يسبق في مايسمى سيادة الكمبيوتر (computer Supremacy) سوف يعيد ترتيب العالم وعلاقاته وسيطرته وسوف يغير من الجيوبوليتيكا الحالية. حاليا تسيطر الدول الكبرى عن طريق التدخلات الخشنة بالحروب والتجارة (العقوبات) والقواعد العسكرية ومراكز التجسس، واستعمال الافساد الشخصي والجنسي والمالي للابتزاز والسيطرة، كما رايناه في واقعنا المعاصر في العقود الماضية. او التدخلات الناعمة واغلبها عن طريق اختيار وصناعة القادة وفق مواصفات الدول المسيطرة، وتمرير السياسات الموائمة لهم واستعمال المنظمات المختلفة والمؤسسات الاقتصادية والمالية من صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ونادي باريس ومنظمة التجارة والملكية الفكرية وغيرها.

هيكلية الجيوبوليتيكا تتكون حاليا من ١٪؜ من اثرياء العالم والذين يديرون مجموعة السبعة الذين بدورهم يديرون مجموعة العشرين، والتي بدورها تدير العالم عن طريق مؤسسات المعونات والامم المتحدة وغيرها وتبلغ اكثر من عدة مئات منظمة كبيرة ممولة جيداً وهكذا، ثم مجلس الامن المكون من خمس دول كبرى تسيطر على حوالي المائتي دولة ، ويسمح لهم بنافذة الجمعية العمومية لنفث الغضب وتأوهات الظلم كل عام.

وكما قال الكاتب الاقتصادي السياسي الامريكي جيريمي ريفكن متحدثاً عن الثورة الصناعية الثالثة ان كل حقبة صناعية استفادت من توفر وسيلة تواصل جديدة ومصدر طاقة جديد. وقد اكتشف العالم مصادر طاقة امنة واقتصادية وصديقة للبيئة ووسيلة تواصل جديدة وتطور الحاسوب الكمي. اعتبر ريفكن أن التوزيع الشامل للطاقة المتجددة، والسلطة الأفقية يشكلان الوسيلة الوحيدة للخروج من الأزمات الاقتصادية والبيئية والاحتباس الحراري وضمان مستقبل هانئ للأجيال المقبلة، وهي رسالة جيدة تصدق على شعارات الثورة السودانية في حشد الموارد المحلية وبناء سلطة الشعب الافقية.

المقالة الاخيرة سوف تتناول تاثير هذا التطور في رسم جيوبوليتيكا السودان.

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

سينر وألكاراز ورولان جاروس.. أخيراً قمة التنس بين مواليد القرن الـ21!

باريس(أ ف ب)

أخبار ذات صلة ديوكوفيتش يودع رولان جاروس للأبد! سينر يطيح ديوكوفيتش ويضرب موعداً مع ألكاراز في نهائي «رولان جاروس»

بعد يومين على وداع الصربي نوفاك ديوكوفيتش بطولة رولان جاروس الفرنسية في كرة المضرب، ربما للمرة الأخيرة، يلتقي خليفته على رأس التصنيف العالمي الإيطالي يانيك سينر مع وصيفه الإسباني كارلوس ألكاراز الأحد، للمرة الأولى في نهائي بطولة كبرى.تذكر المباراة النهائية، بمواجهات الأربعة الكبار، ديوكوفيتش والمعتزلين الثلاثة السويسري روجيه فيدرر والإسباني رافايل نادال والبريطاني أندي موراي، في ملبورن وباريس ولندن ونيويورك. قال سينر بعد الفوز على ديوكوفيتش (38 عاماً) الجمعة، في نصف النهائي: «سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن نتمكن من مقارنة أنفسنا» بالرباعي الذي أحرز 69 لقباً كبيراً. تابع بحذر: «أعتقد أن كل رياضة بحاجة لمبارزات»، معتبراً أن تنافسه مع ألكاراز «قد يصبح» الموقعة المنتظرة من عشاق الكرة الصفراء عالمياً. وبالنسبة لديويكوفيتش، حامل لقب 24 بطولة كبرى «من الصعب في هذه المرحلة» مقارنة الحقبات. تابع المصنف أول عالمياً سابقاً أن سينر وألكاراز «يتعين عليهما أن يتواجها لعشرة أعوام على الأقل». أضاف: «لكن من دون شك يقدمان الكثير للتنس، رياضتنا بحاجة لتنافسهما». أضاف الجوكر: «أنا واثق من رؤيتهما يرفعان الألقاب الكبرى غالباً». منذ أستراليا 2024، هيمن سينر وألكاراز على ألقاب الجراند سلام، مع تفوق الأول على الأرضيات الصلبة والثاني على التراب والعشب. في أول نهائي كبير بين لاعبين من مواليد القرن الحادي والعشرين، يتواجه الإيطالي البالغ 23 عاماً مع ألكاراز (22) للمرة الثانية عشرة. يتفوق ألكاراز بسبعة انتصارات مقابل 4 لسينر، كما تفوق في مباراتين نهائيتين من أصل ثلاثة بينهما. قال سينر بعد نصف النهائي: «ستكون لحظة هامة لي ضد كارلوس، وبالنسبة له أيضاً». تابع: «التوتر سيكون مختلفاً في النهائي، لأننا لاعبان شابان، مختلفان لكن موهوبين». ويحظى كارلوس بالأفضلية على الأرض الترابية، بعد إحرازه رولان جاروس 2024، متفوقاً على سينر في نصف النهائي. فاز ألكاراز أخيراً على الإيطالي أمام جماهيره في نهائي دورة روما للماسترز على التراب. لكن في 2022، فاز سينر على ابن مورسيا في نهائي دورة أوماج الكرواتية (250) على التراب. في رولان جاروس الحالية، كان مشوار سينر، أول إيطالي يبلغ النهائي منذ 1976، أكثر صلابة من الإسباني. لم يخسر حامل لقب ثلاث بطولات كبرى (أستراليا 2024 و2025، وفلاشينج ميدوز 2024) أية مجموعة، فيما احتاج ألكاراز لأربع مجموعات في أربع مباريات من أصل ست. خسر مجموعات أمام لاعبين أقل تصنيفاً منه، على غرار المجري فابيان ماروجان (56) في الدور الثاني، أو البوسني دامير دجومهور (69) في الثالث. هدأ ألكاراز الضجيج بعد فوزه على الإيطالي لورنتسو موزيتي، المصنف سابعاً، في نصف النهائي: «لست منشغلاً كثيراً بخسارة بعض المجموعات في بطولة جراند سلام». وفي مباريات من خمس مجموعات ممكنة «أعرف أن لدي الوقت وأني قوي ذهنياً للتعافي»، بحسب المتوج بأربعة ألقاب كبير في فلاشينج ميدوز 2022، ويمبلدون 2023 و2024 ورولان جاروس 2024. لكن «يانيك هو أفضل لاعب تنس حالياً. لقد دمر في طريقه كل خصومه وصولاً إلى نصف النهائي»، وذلك بحسب ألكاراز قبل أن يتغلب سينر على ديوكوفيتش بثلاث مجموعات لكن صعبة. ختم الإسباني: «سيكون يوم أحد جميلاً لجماهير التنس».

مقالات مشابهة

  • جامعة البترا تهنئ جلالة الملك بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين للجلوس الملكي
  • هيئة تنشيط السياحة تهنئ جلالة الملك بمناسبة عيد الجلوس الملكي السادس والعشرين
  • “البوتاس العربية” تهنىء بذكرى الجلوس الملكي السادس والعشرين
  • عمان الأهلية تهنىء بعيد الجلوس الملكي السادس والعشرين
  • دراسة: إزالة قرون وحيد القرن أهون الشرّين لحمايته
  • أكثر من 147 ألف خدمة صحية لضيوف الرحمن حتى الحادي عشر من ذي الحجة
  • زيزو: إمام عاشور صفقة القرن الحقيقية.. وأنا أرد في الملعب
  • سينر وألكاراز ورولان جاروس.. أخيراً قمة التنس بين مواليد القرن الـ21!
  • اليوم الحادي عشر من ذي الحجة.. لماذا نهى الرسول عن صيام يوم القر؟
  • مشاهد نادرة لعيد الأضحى بالقدس من القرن الـ 19