قدرات بحرية متطورة.. العرض العسكري يكشف اقتدار اليمن في حماية البحار والمياه الوطنية
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
ترسانة ضخمة من الأسلحة الهجومية البحرية وصواريخ استراتيجية تكشف لأول مرة صواريخ أرض بحر الاستراتيجية قادرة على ضرب الاهداف الثابتة والمتحركة في البحر الأحمر وخليج عدن من أي نقطة في البر قدس كروز بحري صاروخ ردع جديد كشفت عنه القوات المسلحة في العرض العسكري
الثورة /
في بداية سبتمبر من العام الماضي ٢٠٢٢، وخلال عرض «وعد الآخرة» في الحديدة، والذي تضمّن استعراضات برية وجوية وبحرية، كشف رئيس السياسي الأعلى، المشير الركن مهدي المشاط، أن «في مقدور القوات المسلحة اليمنية الآن ضرب أي نقطة في البحر من أي مكان في اليمن، وليس من السواحل فقط».
وفي بداية أغسطس الماضي، أكد الرئيس المشاط بأن القول يتبعه فعل، وأن الحديث عن جهوزية لا يأتي من فراغ وإنما يستند إلى جهود وعمل دؤوبة لامتلاك أدوات الردع لحماية الأرض والجو والبحر فكشف عن معركة بحرية أحبطت عملية نهب الغاز اليمني.
وقال خلال الأسبوع الماضي: كنا في حرب مستعرة مع سفينتين قادمتين إلى ميناء عدن لنهب الغاز اليمني وقد تراجعتا 4 مرات آخرها بالأمس.
أبلغنا الشركات المالكة لسفينتي «سينمار جين» و«بوليفار» أننا سنضربهما إذا دخلتا لنهب الغاز من ميناء عدن وجاهزون لفعل ذلك.
قبلها بأيام، توعد الرىيس المشاط، “باستهداف القواعد العسكرية التابعة لقوى التحالف السعودي الإماراتي في الجزر اليمنية”.
حينها وقف مع رئيس أركان القوات البحرية والدفاع الساحلي العميد منصور أحمد السعادي “على مستوى التسليح النوعي الذي باتت تمتلكه القوات البحرية بما يمكنها من مواجهة العدو بكل جدارة واقتدار ويضعها بمستوى التحديات”.
صواريخ البحر
وفي العرض العسكري المهيب الذي احتضنه ميدان السبعين بمناسبة العيد التاسع لثورة الـ٢١ من سبتمبر، ظهرت خلاصة الاستمرار في العمل من قبل التصنيع الحربي لتعزيز القوة الرادعة البحرية لكل اللصوص والمخترقين المياه الإقليمية اليمنية دون إذن.
كشفت القوات المسلحة في الغرض ولأول مرة ضمن منظومات صواريخ أرض بحر عن:
* صاروخ البحر الأحمر:
وهو صاروخ باليستي أرض بحر , مطور من صاروخ سعير , متوسط المدى , يعمل بنظامين حراري وراداري
• يمتاز بسرعته الكبيرة
وسيعزز الصاروخ حسب ناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع منظومتنا الدفاعية في السواحل وفي مياهنا الإقليمية وسيردع المعتدين على بلادنا.
جاءت تسمية الصاروخ بالبحر الأحمر لتؤكد مستوى ارتباط اليمن بالبحر الأحمر فاليمنيون ظلوا الحراس التاريخيين لباب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر .
* صاروخ محيط الباليستي
وتكشف عنه القوات المسلحة لأول مرة، وهو صاروخ أرض بحر , مطور من قاهر 2ام ومخصص للأهداف البحرية
• متوسط المدى ويعمل بالوقود الصلب والسائل ويعمل في مختلف الظروف الجوية
• ومنظومة (محيط) وكذلك و(البحر الأحمر ) الصاروخيتين تؤكدان مستوى ما وصلت إليه القوات المسلحة من تطور وهي الدفاع عن البلد وسيادته براً وبحراً وجواً.
* • ويمر كذلك من أمام المنصة نماذج من الصواريخ البحرية وهي روبيج ومندب 1 و 2 و فالق 1 و عاصف.
يؤكد العميد يحيى سريع أنه وكما تعمل القوات المسلحة على حماية اليمن البري تضطلع بمسؤولياتها وواجباتها تجاه اليمن البحري فهذه الصواريخ تستطيع بعون الله إصابة الأهداف المعادية بحراً بدقة عالية.
ويضيف العميد سريع أن القوات المسلحة التي فرضت وتفرض وستفرض معادلات على صعيد المعركة البرية لقادرة بعون الله تعالى على فرض معادلات قادمة على صعيد الدفاع عن اليمن من كل التهديدات المعادية في البحر ضمن دفاعنا المشروع عن بلدنا وشعبنا.
زوارق البحر
كشف العرض العسكري المهيب أيضا عن مجموعة كبيرة من الزوارق البحرية ذات القدرة الدفاعية والهجومية.
يقول العميد يحيى سريع: لأننا دولة بحرية كان لابد من الاهتمام بالقوات البحرية وهو ما وجهت به قيادتنا المؤمنة المجاهدة منذ اللحظات الأولى لهذا العدوان
ويضيف: إن مشاركة القوات البحرية في هذا الاستعراض يؤكد ما وصلت إليه من تقدم على صعيد البناء وامتلاك القدرة التسليحية للوصول إلى مراحل متقدمة تكون فيه هذه القوات قادرة وبنسبة كبيرة على تنفيذ مهامها العملياتية.
واشتمل العرض على نماذج من أبرز الأسلحة التابعة للقوات البحرية منها الزوارق القتالية والمسيرة.
• من الزوارق القتالية زورق عاصف 1 ويحمل معدل 23 فردي
• وعاصف 2 يحمل قاعدة صواريخ ومعدل 12,5
• زورق ملاح يحمل معدل 14,5 فردي
• أما الزوارق المسيرة فهي طوفان 1 و 1 و 3 وعاصف 3.
زورق عاصف ١
– زورق قتالي محلي الصنع .
– يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة.
– له القدرة على حمل أسلحة متوسطة وخفيفة كـ (رشاش عيار ١٤،٥ وكاتيوشا ١٠٧) و ٤ أفراد مع عتادهم.
– له مهام قتالية متعددة منها الإغارة على الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة.
زورق عاصف ٣
– زورق قتالي محلي الصنع.
– يعتبر من أسرع الزوارق وله قدرة فائقة على المناورة.
– له القدرة على حمل أسلحة متوسطة ودفاع جوى كـ(مدفع وعيار ٢٣) و ٦ أفراد مع عتادهم.
– له مهام قتالية متعددة منها اعتراض الأهداف البحرية المتحركة واقتحام السفن .
زورق ملاح
– زورق قتالي محلي الصنع .
– يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة.
– له القدرة على حمل أسلحة متوسطة كـ(رشاش عيار ١٢،٧ وعيار ١٤،٥ وأربيجي) و ٦ أفراد مع عتادهم .
– له مهام قتالية متعددة منها الإغارة على الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة.
زورق عاصف ٢
– زورق الحرب الإلكترونية محلي الصنع.
– له مهام استطلاعيه واستخباراتية متعددة ويحمل بعض أجهزة الحرب الإلكترونية والرصد والاستطلاع والتشويش على رادارات واتصالات العدو .
زورق طوفان١
– زورق هجومي مسير محلي الصنع
– يحمل راس حربي ١٥٠كجم
– يتميز بصغر حجمه وسرعته العالية وقدرته الفائقة على عن أجهزة العدو
– تصل سرعته الى٣٥ميل بحري في الساعة
– يستخدم لاستهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة من الأسلحة الدفاعية عن السواحل والجزر اليمنية
زورق طوفان٢
– زورق هجومي مسير محلي الصنع
– يحمل راس حربي ٤٠٠ كجم
– يتميز بسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة والتخفي عن أجهزة العدو
– تصل سرعته إلى ٤١ ميل بحري في الساعة
– يستخدم لاستهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة ومداه أكبر
زورق طوفان٣
– زورق هجومي مسير محلي الصنع
– يحمل راس حربي ٥٠٠ كجم
– يتميز بانسيابيه وسرعته العالية وقدرته الفائقة على المناورة والتخفي عن أجهزة العدو
– تصل سرعته إلى ٥٢ ميل بحري في الساعة- يستخدم لاستهداف الأهداف البحرية الثابتة والمتحركة البعيدة وفي جميع الظروف البحرية.
يقول ناطق القوات المسلحة: نعم كانت إمكانياتنا متواضعة إذا قورنت بقوات العدو لكن القوات البحرية اليوم أصبحت تمتلك من الأسلحة ما يجعلها تفشل مخططات العدوان إذا أقدم على أي حماقة.
الألغام البحرية
كلفته باهظة الثمن
بداية أغسطس الماضي توعد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي خلال اجتماع موسع لقيادة القوات البحرية في صنعاء، دول التحالف المتواجدة عبر فصائلها في المياه الإقليمية اليمنية قائلا: إن “التواجد غير المشروع للاحتلال في المياه الإقليمية اليمنية ستكون كلفته باهظة الثمن”، معتبرا أن أي اتفاق يوقع مع أي دولة أو نظام بشأن أي تسهيلات عسكرية أو أمنية، تمس السيادة الوطنية، تعتبر اتفاقيات مشبوهة ولا تساوي الحبر الذي كتبت به”.
وأكد اللواء العاطفي، امتلاك “القدرة الكاملة لتأمين وحماية واستقرار المسارات الملاحية الدولية على كل امتداد المياه اليمنية الإقليمية السيادية”، مشددا على معادلة مقابلة “التحدي بالتحدي، والتصعيد بالتصعيد، والقصف بالقصف، والاحتلال بالمقاومة، والمناورات بالتطبيق العملي، والسلام بالسلام”.
وبارك وزير الدفاع حينها، لقيادة القوات البحرية “نجاح التجارب الأخيرة التي أجريت على عدد من الصواريخ البحرية والزوارق الحربية الحديثة والمتطورة”، في إشارة إلى دخول أسلحة بحرية جديدة خط المعركة وتم استخدامها في تجارب غير معلنة.
وكان وزير الدفاع، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أكد من قبل أن الأمن البحري للمياه الإقليمية اليمنية ستكون له الأولوية في المرحلة المقبلة.
وقال: «مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية هي أرض يمنية سيادتنا عليها كاملة»، وأوضح الوزير العاطفي أن «القوات المسلحة اتخذت كافة الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطور يمثل تهديداً أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية»، كما أكد أن القوات المسلحة وقياداتها وأبطالها ومنتسبيها معنية باتباع أساليب التأديب لمن ينهب أو يعبث بحقوق الشعب اليمني الصامد، وهناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب.
لردع الأطماع
ويأتي الإعداد القوة البحرية في ظل ارتهان مرتزقة العدوان وتفريطهم بالسيادة الوطنية وتعرض الثروة السيادية من النفط والغاز والأسماك للنهب غير المسبوق، وإلى جانب هذا النهب المنظم برزت مساعي الاحتلال في التوسيع والسيطرة على اهم المناطق الاستراتيجية من الموانئ والجزر مثل سقطرى وميون.
وكان لزاماً على القوات المسلحة اليمنية أن تقوم بواجبها في حماية المياه الإقليمية والثروة السيادية من النفط والغاز والثروة السمكية من المخاطر المحدقة بها من تحالف المعتدين وأعوانهم من مرتزقة الداخل والخارج، وان تعد العدة من السلاح الرادع لكل هذه الأطماع.
وفيما يخص حرية الملاحة الدولية في مضيق باب المندب فإن موقف الجمهورية اليمنية محدد وواضح وهو تشجيع الملاحة الدولية عبر المضيق شريطة عدم الإضرار بسيادة أو وحدة أو أمن أو استقلال الجمهورية.
يقول اللواء الركن محمد علي القادري قائد لواء الدفاع الساحلي مدير الكلية البحرية أن المياه الإقليمية اليمنية أصبحت اليوم تحت السيطرة وحماية القوات البحرية الوطنية التي شهدت النهوض والبناء النوعي خلال السنوات الثمان الماضية من عمر ثورتنا الفتية 21 سبتمبر.
ويضيف اللواء القادري أن العالم أصبح يدرك اليوم قدراتنا البحرية ومقدرتنا على حماية مياهنا بكل قوة واقتدار.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العمليات اليمنية لإسناد غزة (2-2) فعالية التكتيك، ودروس الإنجاز
استراتيجية اليمن البحرية – من الدفاع إلى الهجومأعلنت صنعاء بوضوح دعمها العسكري للمقاومة الفلسطينية من خلال منع السفن المرتبطة بالكيان من عبور البحر الأحمر، وهو ما أدى فعليًا إلى إغلاق ميناء أم الرشراس الإسرائيلي، وحرمان العدو الصهيوني من أحد منافذه البحرية الحيوية. هذه الخطوة لم تكن فقط رمزية، بل أحدثت آثارًا اقتصادية مباشرة على التجارة الإسرائيلية، وأسهمت في تحويل البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مفتوحة.
لم تكن تلك العمليات ضربات استعراضية، بل سلسلة هجمات دقيقة باستخدام صواريخ مضادة للسفن، وطائرات مسيّرة، وحتى قوارب انتحارية، في تكرار لتكتيكات الحروب غير المتماثلة التي أظهرت فعاليتها في المواجهة مع أساطيل بحرية مدججة.
عندما قررت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وبعض الدول الأوروبية تشكيل تحالف بحري لمواجهة تهديدات اليمن، كانت تتوقع صراعًا خاطفًا ينتهي بإخماد "التمرد اليمني". غير أن ما حدث كان العكس تمامًا: دخلت واشنطن وحلفاؤها في أطول مواجهة بحرية غير تقليدية منذ الحرب العالمية الثانية تقريبًا، دامت أكثر من عام ونصف.
أطلقت القوات اليمنية سلسلة من العمليات النوعية ضد القطع البحرية الأمريكية، بل وتجرأت على مهاجمة حاملات طائرات أمريكية في البحر الأحمر، وهو ما لم يحدث منذ عقود. أظهر ذلك تحول اليمن إلى فاعل قادر على كسر هيبة القوة البحرية الأمريكية في واحدة من أهم نقاط التجارة العالمية.
وبينما حاولت الدول الأوروبية الظهور بمظهر الحليف القوي، فإن غالبية السفن الحربية الأوروبية انسحبت من البحر الأحمر خلال الأشهر الأولى من المواجهة، بعد أن تبين ضعف قدراتها الدفاعية في مواجهة الهجمات اليمنية. هذا الانسحاب لم يكن تكتيكيًا، بل كاشفًا لمدى هشاشة الجيوش الغربية أمام حرب غير تقليدية تدار من ساحل فقير، لكنه مليء بالإرادة والابتكار العسكري.
المعركة كشفت أن التفوق التكنولوجي لا يضمن النصر في الحروب الحديثة، خاصة حين تواجه قوى تمتلك الإرادة والتكتيك المناسب. تعرض السفن الغربية لهجمات متكررة دون ردع حاسم أبرز ضعف أنظمة الدفاع البحري الغربية أمام صواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة فعالة.
ولم يكن حال القوات البحرية الأمريكية بأحسن من حال البحرية الأوروبية التي انخرطت في البحر الأحمر، مبتعدة مسافة عن البحرية الأمريكية وتحالف الازدهار، واختارت لنفسها أن تبقى في خطوة للخلف، تحت مسمى تحالف أسبيدس، لكن المعركة البحرية كشفت هشاشة تلك القوة أيضا، حيث انسحبت السفن الأوروبية واحدة تلو الأخرى، تحت ضغط النيران التي وصفها قائد الفرقاطة الفرنسية بأنها غير مسبوقة.
وقد تعرضت عدة سفن حربية أوروبية لهجمات مباشرة، ما كشف عن نقاط ضعف في القدرات الدفاعية لتلك السفن:
الفرقاطة الفرنسية "أكيتان": تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ، ما أدى إلى انسحابها من المنطقة بعد تقييم التهديدات الأمنية، فأعلنت انسحابها بعد 71 يوما فقط، لأسباب تتعلق بنفاد الأسلحة والذخائر، وفقا لقائدها جيروم هنري، الذي أكد بدوره في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن البحرية الفرنسية لم تتعامل مع هذا المستوى من التسلح والعنف، مؤكدا أن التهديد الذي واجهوه في البحر الأحمر، أكبر بكثير.
الفرقاطة الدنماركية "إيفر هويتفيلد -وقد جاء انسحابها بعد فضيحة عملياتية خطيرة- فشلت في التصدي لهجوم بطائرات مسيرة يمنية، وتقول التقارير حينها، إن الأنظمة الدفاعية للسفينة تعطلت وانفجرت قذائفها الدفاعية مباشرة بعد إطلاقها؛ الأمر الذي شكِّل خطرًا على طاقهما، ودفع وزير الدفاع الدنماركي إلى إقالة رئيس الأركان في البلاد؛ لأَنَّه لم يبلِّغْ بهذا التعطل.
السفينة البريطانية HMS Diamond، وهي مدمرة من طراز Type 45، عملت الى جانب البحرية الأمريكية خلال الفترة من ديسمبر 2023 حتى يوليو 2024، في إطار عملية "حارس الازدهار"، لكنها غادرت إلى جبل طارق لإجراء الصيانة، وإعادة التسليح، قبل أن تغادر نهائيا في يوليو 2024، تحت ضغط ماتسميه التقارير الغربية: "التحديات اللوجستية التي تواجه البحرية الغربية في مثل هذه البيئات عالية التهديد"، وهو تعبير واضح عن عدم قدرة هذه السفينة على مواجهة النيران اليمنية.
الفرقاطة الألمانية "هيسن": كانت ثاني سفينة تغادر البحر الأحمر، بعد تعرضها لهجمات مماثلة، ما أظهر تحديات كبيرة في مواجهة التهديدات غير التقليدية.
وفي تعليقه عقب مغادرة السفينة الحربية البريطانية ريتشموند، ومن ثم السفينة الحربية الدنماركية إيفر هويتفيلدت، قال عضو المجلس السياسي الاعلى محمد علي الحوثي: “بعد انسحاب مدمرة (البيض) البريطانية ريتشموند من الأحمر تنسحب فرقاطة (الزبدة) الدنماركية إيفر هويتفيلدت أيضًا، لتبقى قصص البحر الأحمر شاهدةً على طغيان دول الاستكبار ضد غزة، ولتسطّر لقواتنا المسلحة اليمنية مواقف النصرة والمساندة في وجدان الأحرار بإذن الله بأحرف الإنجازات المشرقة”.
في تحول غير متوقع، أعلنت الولايات المتحدة وقف إطلاق النار مع اليمن في 2025، بعد أن فشلت كل محاولاتها في تحقيق الردع عسكريًا، ووسط تزايد الضغوط الداخلية لإنهاء الاستنزاف في البحر الأحمر، وإبعاد الولايات المتحدة عن التورط في حرب طويلة، هذا الإعلان لم يكن مجرد نهاية لمرحلة صراع، بل اعتراف ضمني بمكانة اليمن الجديدة بكونها قوة إقليمية بحرية فاعلة، قادرة على فرض شروطها في ملفات الأمن الإقليمي، وإعادة تعريف النفوذ في القرن الإفريقي وممرات الطاقة العالمية.
المفاوضات غير المباشرة التي سبقت وقف النار شهدت - بحسب تقارير متقاطعة - مطالب يمنية تضمنت تخفيف الحصار على اليمن، وضمانات لحرية الملاحة اليمنية، ورفع اسم أنصار الله من قوائم الإرهاب. هذا ما جعل من إعلان الهدنة انتصارًا دبلوماسيًا يعادل الانتصار العسكري.
وبعد ايام من إعلان ترامب وقف النار، وقف نائبه "جي دي فانس" أمام حفل تخرج دفعة بحرية، وأعلن صراحة عن انتهاء عصر الهيمنة الأمريكية، على خلفية المعركة البحرية مع القوات المسحلة اليمنية.
في تعليقها على ذلك قالت صحيفة ذا هيل الأمريكية إن وقف النار بين اليمن والولايات المتحدة يُنظر إليه على نطاق أوسع، ليس سلامًا بقدر ما هو إرهاق في البحرية الأمريكية، وأن أكثر من مليار دولار غرقت في الرمال دون أي مكسب استراتيجي ملموس، مضيفة أن ترامب، المُروّج الدائم لشعار "أمريكا أولاً"، قد أدرك أن عوائد الاستثمار العسكري في اليمن معدومة. وأكدت أن الحملة الأمريكية لم تفشل في تحييد "الحوثيين" فحسب، بل ربما عززت مكانتهم إقليميًا ورمزيًا.
استطاعت اليمن، رغم الحصار والحرب العدوانية، منذ العام 2015، أن تطور قدرات بحرية نوعية قائمة على الاستشعار الإلكتروني، الحرب السيبرانية، والضربات الدقيقة الموجهة. هذه القدرات حولت اليمن من "دولة منهكة" إلى "قوة مؤثرة" في أمن الممرات المائية الدولية.
اليمن التي كانت محاصرة قبل عقد، أصبحت الآن طرفًا يُحسب له ألف حساب في البحر الأحمر، وورقة أساسية في معادلات الأمن البحري العالمي. ومن خلال دعمها لغزة عبر الضغط العسكري البحري، لم تحقق فقط نصرة رمزية، بل غيّرت شكل الجغرافيا السياسية للمنطقة.
نجاح اليمن في فرض تحديات حقيقية على القوى البحرية الغربية أدى إلى تعزيز مكانتها الإقليمية حيث أصبحت اليمن لاعبًا مؤثرًا في أمن الملاحة الدولية. وساهمت في رسم التحالفات وتشكيلها في المنطقة، حيث أضعف الإسهام اليمني الفاعل في إسناد غزة من قدرات الولايات المتحدة في بناء تحالف يضم دولا في المنطقة، كالسعودية والإمارت ومصر، التي رفضت الانخراط في تحالف الازدهار، كما أن الدول الأوروبية هي الأخرى اختارت لنفسها أن تتموضع بعيدا عن التحالف العدواني الأمريكي البريطاني، وذهبت لتشكيل تحالف خاص، مفضلة عدم الانخراط بشكل أكثر عدائية، وبمجرد أن كانت سفنها تشتبك مع القوات اليمنية، كانت تشعر بالخطر، وتفضل سحب تلك السفن، حتى أصبح البحر الأحمر خاليا من أي تواجد عسكري أوروبي.
وبالمحصلة فإن العمليات التي بدأت كتضامن مع فلسطين، أسفرت مرة بعد أخرى، عن اعتراف عالمي بمكانة اليمن كقوة بحرية ناشئة. لم تعد صنعاء في الهامش، بل على طاولة التفاوض، بشروطها.