موقع 24:
2025-07-28@04:05:36 GMT

فشل إستراتيجية المغالبة في مقاربة الهجرة بالمتوسط

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

فشل إستراتيجية المغالبة في مقاربة الهجرة بالمتوسط

اتفاق الشراكة مع تونس يمكن تعميمه ليشمل دول شمال إفريقيا التي تعاني وبإمكانيات محدودة في الحرب على المهربين.

أظهر الأوروبيون في الأيام الأخيرة تلاحماً في وجه موجات الهجرة

من الواضح أن أوروبا ليست متحدة حول مقاربة الشراكة مع دول جنوب المتوسط

أظهر الأوروبيون في الأيام الأخيرة تلاحماً في وجه موجات الهجرة القادمة من جنوب المتوسط، وخاصة من تونس وليبيا.

. ويميل هذا التلاحم إلى اعتماد المقاربة الأمنية في التصدي للاجئين سواء بتحريك قوة فرونتكس أو الحديث عن العودة إلى تفعيل مهمة صوفيا.

ومن حق الأوروبيين أن يتحركوا بما أوتوا من قوة للدفاع عن أمنهم القومي وحماية إيطاليا التي تمثل جدار الصد الأول في مواجهة اللاجئين، ولديهم أسباب كثيرة تجعلهم يتحركون بهذا الحماس، منها أن اقتصاداتهم لم تعد قادرة على تحمل أعباء جديدة، وأن أنظمتهم المجتمعية القائمة على الرفاهية القصوى لخدمة المواطن الأوروبي، باتت عاجزة عن أداء دورها في ظل ارتفاع أعداد المهاجرين وتمتعهم بالخدمات.

تضاف إلى ذلك المخاوف الأمنية وصعود اليمين الشعبوي الذي يعتقد أن حل أزمة أوروبا يكمن في طرد المهاجرين ووضع إستراتيجية لوقف تدفق أعداد جديدة.

لكن هذه الحقوق لا يمكن أن تتحقق بالمقاربة الأمنية وبعقلية المغالبة، بأن تفرض على دولة مثل تونس أن تنهض بدور أقصى من الجهد لمواجهة تدفقات قادمة من الجنوب، يكفيها أن تتفرغ لمنع هجرة الآلاف من شبابها الذين يغامرون بـ "الحرقة" بكل الطرق.

والدولة، أيّ دولة، مهما كانت حريصة ومتيقظة مئة في المئة فلن تقدر على أن تمنع تسلل القوارب نحو المتوسط، وهذا ما يحصل مع إيطاليا التي اضطرت الآن للاستنجاد بالشركاء الأوروبيين من أجل وقف موجات اللاجئين التي تضاعفت مرات ومرات في الأسابيع الأخيرة، بسبب التطورات الحاصلة في دول الساحل والصحراء.

ما تلام عليه أوروبا أنها تنظر بعين واحدة، وتعتقد أن تونس لا تقوم بما يكفي من أجل وقف هذه التدفقات، في حين أن الأمر مرتبط بالإمكانيات والظروف التي تعيشها.

لا تمتلك تونس الإمكانيات اللوجستية الكافية لمواجهة مهربي البشر، ولا الإمكانيات البشرية، وليس في وسعها مضاعفة ميزانية مهمة التصدي للهجرة لأن لديها تحديات اقتصادية واجتماعية أخرى كبيرة، وهي تعمل على ملاءمة إمكانياتها مع وضعها الداخلي في ظل أزمة مالية واقتصادية حادة من تأثيرات الكوفيد وآثار الأزمة الغذائية العالمية، فضلاً عن سوء إدارة داخلية متراكمة منذ ما بعد ثورة 2011.

كان يفترض أن تبادر أوروبا إلى دعم تونس بالفعل وليس بالقول، وتنفيذ مخرجات اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وتونس في يوليو الماضي، والذي تعهد بموجبه الأوروبيون بدعم تونس بحوالي مليار دولار على أقساط بالتوازي مع درجة التزامها في الحرب على مهربي البشر.

لم يحصر الاتفاق تفاصيل الدعم في جانب الحرب على الهجرة السرية، بل طال تفاصيل اقتصادية واستثمارية أخرى ضمن رؤية تقوم على تقوية إمكانيات تونس الاقتصادية ودعم النظام حتى يكون قادراً على أداء مهامه على جبهة البحر.. وبشكل أوضح، فإن الأوروبيين باتوا على دراية كافية بأن تونس لن تنهض بدور حراسة البحر ما لم يتم دعمها على مواجهة أزماتها المختلفة.

أمضى الاتحاد الأوروبي الأشهر الأخيرة في الانتظار.. لم يبادر بتنفيذ الخطوات الأولى للدعم، وظل يراقب جهود تونس في مواجهة الهجرة، ويرسل بعض مسؤوليه بالانتقادات من دون أن يتدخلوا لضخ الأموال العاجلة التي تمكّن في الحد الأدنى من زيادة قدرات حرس السواحل على التصدي للهجرة.

وفي موقف متعال، ويعكس التناقض الأوروبي، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية آنا بيسونيرو خلال مؤتمر صحفي، الإثنين، في بروكسل إن "تونس لم تحصل حتى الآن على يورو واحد" من الاتحاد الأوروبي في إطار المذكرة، مشيرة إلى أن عملية الدفع "تستغرق بعض الوقت"، كما نوهت بأن الاتفاقية "لا تقتصر على الهجرة".

وهذا الكلام يعني نقل الاتفاق إلى مجالات أخرى تأويلية من بينها "مراقبة" حقوق الإنسان، كما جرى قبل أيام من خلال زيارة وفد من البرلمان الأوروبي كان يعتزم القيام بها إلى تونس، مع معرفة مسبقة بأن خلفية الزيارة أساسها الصدام مع الرئيس التونسي قيس سعيد في ظل موقفه المتشدد بشأن السيادة الوطنية، ورفض فكرة المراقبة مطلقا بما في ذلك خلال الانتخابات.

ليس الأوروبيون في وضع يسمح لهم بلعب دور الأستاذ، الذي لا يأتيه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه. الوضع تغير وأوروبا في حاجة إلى شركاء للحد من موجات الهجرة، وهي في حاجة أيضاً إلى مقاربة أوسع لإخراج هذه القضية من بعدها الأمني الظرفي إلى معالجة أشمل تساعد فيها الدول التي تنطلق منها موجات الهجرة من جنوب الصحراء وشمال إفريقيا.. شراكة على أسس صلبة تخدم مقاربة الأمن القومي على المدى البعيد.

ونأمل أن يكون قرار الاتحاد الأوروبي تخصيص 127 مليون يورو مساعدات لتونس الجمعة يعبّر عن جدية في تنفيذ اتفاق الشراكة الأخير ليكون نموذجاً يمكن توسيعه ليشمل بقية دول شمال إفريقيا التي تعاني كل على حدة وبإمكانيات محدودة في الحرب على المهربين، وخاصة في مهمة إيواء وإعاشة عشرات الآلاف من الهاربين من حروب جنوب الصحراء وأزماته.

ومن الواضح أن أوروبا ليست متحدة حول مقاربة الشراكة مع دول جنوب المتوسط للتخفيف من تدفقات الهجرة، وأن إيطاليا هي التي تتحمس لهذا المسار بسبب الضغوط المباشرة التي تعيشها، وإلا لتمّ التسريع بتنفيذ الاتفاق مع تونس وفتح قنوات تواصل مع بقية الشركاء في شمال إفريقيا.

والحقيقة فما تقوله رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بشأن الاتفاق مع تونس هو خطاب واقعي، فهي تريد شراكة براغماتية بين دول الجنوب ودول الشمال، الكل يستفيد منها، واحد بالدعم المالي والاستثماري، والثاني بالمزايا الأمنية.. ليس مهماً موقع ميلوني في اليمين أو الوسط، المهم نتائج المقاربة وواقعيتها.

وقالت ميلوني إن الاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتونس، في يوليو الماضي، "لا يزال هو الحل الأكثر منطقية" للأزمة، مضيفة "نحتاج إلى إتمام هذا النموذج والحصول على الموارد الضرورية، وبعد ذلك يمكن أيضاً استخدام المخطط ذاته مع الدول الأخرى في شمال إفريقيا".

وليست أوروبا وحدها التي عليها أن تنهض بدور فعال وتنفق الأموال الكثيرة لمقاربة تعقيدات ملف الهجرة، فدول جنوب المتوسط عليها أن تنظر إلى الموضوع من منظار أمنها القومي، وأن تقوّي التنسيق مع الأوروبيين لمواجهة التدفقات التي سيكون لها تأثير سلبي على المدى البعيد على دول مثل تونس وليبيا والجزائر.

لن تجد هذه الدول في المستقبل أيّ فرص لهجرة شبابها نحو أوروبا بما في ذلك الذين يغادرون بطرق قانونية وفي مهمات مطلوبة بكثرة حالياً.. بعد سنوات سيجدون أن طاقة الاستيعاب في أوروبا باتت أكثر من المطلوب، وأن أبواب "الحرقة" موصدة تماماً، وهو ما يعني أزمات إضافية وتعقيدات جديدة في الداخل.

الحملة الأمنية واسعة النطاق التي قامت بها تونس قبل أيام في محافظة صفاقس، لم تكن فقط رسالة طمأنة لأوروبا بأن تونس ملتزمة بما عليها في اتفاق الشراكة، ولكن أيضاً تأميناً من تونس لاستقرار إحدى أكبر محافظاتها أهمية جغرافياً واقتصادياً.

إن أسلوب المغالبة في إدارة أزمة الهجرة لن يفيد أوروبا ولا جيرانها العرب من جنوب المتوسط، لأنه سيسمح بالمزيد من التدفقات ويضاعف تأثيراتها السلبية، لكن الشراكة المتكافئة القائمة على التفاهم والتعاون السريعين هي الأقدر على تحقيق الهدف بأقل الخسائر.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الاتحاد الأوروبی اتفاق الشراکة شمال إفریقیا جنوب المتوسط الحرب على

إقرأ أيضاً:

18 سدًا أهليًا تعكس الشراكة في استدامة الموارد المائية بالظاهرة

العُمانية: شرع عدد من الأهالي بمختلف ولايات محافظة الظاهرة في إقامة عدد من سدود التغذية الجوفية، بالتنسيق مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، في إطار مشروع الشراكة المجتمعية، الذي يهدف إلى تعزيز المخزون الجوفي وضمان استدامة الموارد المائية للأجيال القادمة، في خطوة تعكس الوعي المجتمعي المتنامي بأهمية إدارة الموارد المائية.

وتُواصل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه جهودها الهادفة إلى تعزيز الأمن المائي في محافظة الظاهرة، حيث بلغ عدد السدود الأهلية المنفذة بنظام الشراكة المجتمعية حتى اليوم 18 سدًّا، تم إنشاؤها بتمويل مشترك بين الأهالي والوزارة، في خطوة تُجسد تكامل الجهود بين المجتمع والحكومة في إدارة الموارد المائية.

وأوضح المهندس مبارك بن سالم الجابري، مدير دائرة موارد المياه بالمديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة، أن العمل جارٍ حاليًّا على تنفيذ 7 سدود جديدة للتغذية الجوفية ضمن الشراكة المجتمعية، موزعة على ولايات المحافظة: 3 سدود في ولاية عبري، و3 في ولاية ينقل، وسد واحد في ولاية ضنك، حيث تسهم الوزارة بنسبة 20 بالمائة من تكلفة المشروعات، بينما يتحمل الأهالي النسبة المتبقية. وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن السدود تُعد عنصرًا أساسيًّا في تحسين وفرة المياه من خلال تعزيز الآبار والأفلاج، مما يُعزز زيادة إنتاجية الزراعة وتوفير المياه بشكل مستدام لتلبية احتياجات المجتمع.

وأضاف أنه تم خلال هذا العام الانتهاء من أعمال صيانة 8 سدود قائمة في المحافظة، لضمان استمرار كفاءتها واستيعابها لمياه الأمطار الموسمية.

وأكد المهندس مبارك بن سالم الجابري على أن محافظة الظاهرة تحتضن اليوم 36 سدًّا للتغذية الجوفية والحماية من الفيضانات، تتوزع بين 18 سدًّا حكوميًّا و18 سدًّا أهليًّا (الشراكة المجتمعية)، مشيرًا إلى أن هذه السدود تمثل ركيزة أساسية في دعم الأمن المائي والبنية الأساسية للموارد المائية، وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في مختلف ولايات المحافظة.

مقالات مشابهة

  • الاتفاق الأوروبي الأمريكي يعفي منتجات إستراتيجية من الرسوم
  • دبلوماسية التجارة لا المعونة.. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا
  • حركة الشباب تسيطر على بلدة إستراتيجية وسط الصومال
  • تجديد اتفاقية الشراكة بين أيلة والاتحاد الأردني للجولف
  • دعوة لمقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي
  • 18 سدًا أهليًا تعكس الشراكة في استدامة الموارد المائية بالظاهرة
  • ترامب يحذر من «زوال أوروبا» بسبب الهجرة ويؤكد: لدينا فرصة لاتفاق تجاري ضخم
  • ورقة بحثية لـ"مركز الدراسات" تحلل التداعيات الإجتماعية لحرب الإبادة وتطرح رؤية للتعافي
  • ترامب المولود لأب ألماني وأم اسكتلندية يقول إن الهجرة تقتل أوروبا ويجب وقف هذا الغزو الرهيب
  • ترامب: الهجرة تقتل أوروبا.. أوقفوا هذا الغزو الرهيب