سوء إدارة ملف فك إزدحامات بغداد.. زاد “الطين بلة”
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
الأحد, 24 سبتمبر 2023 5:39 م
المركز الخبري الوطني/ تقرير
لا يخفى على الجميع منظر الازدحامات المُلل في العاصمة بغداد، المشهد الذي تعّود عليه جميع البغداديين وحتى غير البغداديين، حركة تشل السير خصوصا أثناء ساعات النهار، مما يثير تذمرا واسعا.
وقد ظلت مشكلة الزحامات المروري مستعصية على مدى السنوات الماضية، بعدما عجزت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 والى حدّ الآن من حلّها، لتتفاقم مع زيادة أعداد السيارات.
وفي تصريح سابق لمدير المرور العام اللواء طارق إسماعيل، حيث توقع أن تصل أعداد السيارات في بغداد نحو 5 ملايين مركبة نهاية 2023، وأكد أن طرق العاصمة لا تستوعب سوى 250 ألف عجلة كحد أعلى.
15 مليون سيارة عام 2035 في العراق
وتقول وزارة التخطيط ان العدد الإجمالي لسيارات القطاع الخاص بلغ 7 ملايين و460 ألف سيارة لغاية نهاية عام 2021 في جميع أنحاء البلاد، بما فيها إقليم كردستان.
شاهد إزدحامات بغداد اليوم:
IMG_2690
حيث توقعت الوزارة في ذلك الوقت وصول العدد الكلي للسيارات في العراق الى 15 مليون سيارة خلال عام 2035، كاشفة عن عدد من الاقتراحات التي تدرس حاليا لمواجهة الاختناقات المرورية.
في حين تقدر القدرة الاستيعابية لشوارع العاصمة بغداد بـ200 الف سيارة فقط للشوارع المنشأة منذ 30 عامًا، فيما تبلغ عدد العجلات التي تتجول في العاصمة قرابة 3 ملايين عجلة.
وكانت حكومة السوداني قد قدّمت نفسها في أول يوم من استلامها السلطة بأنها ستقدم الخدمات التي ستكون واقعية مجردة من التصريحات الإعلامية العقيمة، حيث أعلنت عن حزمة مشاريع لفك الاختناقات المرورية في بغداد وتطوير البنية التحتية الخاصة بالطرق والكباري، الا أن سوء الإدارة والتخبط الواضح في اتخاذ القرارات الخدمية زاد (الطين بلة).
وعلى الرغم من ذلك ظلت أزمة حلّ الازدحامات أملاً كبيراً ينتظره أهلُ العاصمةِ العراقية من أجل التخلصِ من مشكلةٍ يقولون إنها تسرقُ من أيامهم الكثير داخل مركباتٍ في الشوارع.
المصدر: المركز الخبري الوطني
إقرأ أيضاً:
رسم خريطة العمليات… الطريق إلى التخلص من الاختناقات التنظيمية
رسم #خريطة_العمليات… الطريق إلى التخلص من #الاختناقات_التنظيمية
الأستاذ الدكتور #أمجد_الفاهوم
كل مؤسسة تحمل في داخلها طاقة إنتاجية أكبر مما تُظهره نتائجها. غير أن جزءًا كبيرًا من هذه الطاقة يضيع بين الخطوات غير الضرورية، والقرارات المكررة، والمسارات الملتبسة التي تجعل العمل يدور في دائرة مغلقة. وهنا تظهر أهمية “خريطة العمليات” كأداة إدارية لا تُرسم بالحبر، بل تُكتب بالعقل، لأنها تكشف كيف تسير المؤسسة من الداخل، وأين تتوقف دون أن تدري.
في بيئة الأعمال الأردنية، ما زالت كثير من المؤسسات تعمل بأسلوب “الورق والإجراء”، أي أن كل خطوة جديدة تعني مزيدًا من التواقيع والمراسلات، فيزداد الوقت وتقل الكفاءة. لكن المؤسسات التي قررت أن ترى نفسها بعيون التحليل، بدأت ترسم خرائطها التشغيلية خطوة بخطوة. فمثلاً، في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات جرى مؤخرًا تبسيط إجراءات الترخيص ومتابعة الشكاوى عبر إعادة تصميم سلسلة العمليات لتقليل الخطوات اليدوية، فاختصر الزمن من أسابيع إلى أيام. هذا التحول لم يأتِ بقرارٍ تنظيمي فقط، بل برؤيةٍ تحليلية أعادت النظر في “كيف” تعمل المؤسسة قبل “ماذا” تعمل.
خريطة العمليات ليست اضافة إدارية، بل أداة لإنقاذ المؤسسات من التعقيد. فهي تسمح للقائد بأن يرى سير العمل كما لو كان من الأعلى، فيتعرف على عنق الزجاجة، والمناطق التي تتكرر فيها الأخطاء أو تتباطأ فيها الإجراءات. في الشركات الأردنية الكبرى كـ البنك العربي وشركة الكهرباء الوطنية، ساعدت هذه الخرائط في تحديد نقاط الازدواج بين الإدارات، وتوضيح المسؤوليات، وتقليل الأخطاء الناتجة عن سوء التنسيق. ومع التحول الرقمي في المؤسسات، أصبحت هذه الخرائط هي العمود الفقري لأي نظام حوكمة فعال.
مقالات ذات صلة أميركا أولًا… لا الديمقراطية 2025/12/07العالم اليوم يعتمد على هذه المنهجية كأساس للتحسين المستمر. فشركة Toyota بنت مجدها الصناعي على فلسفة Visual Management — أي أن كل عملية مرئية ومفهومة للجميع — بحيث يعرف العامل قبل المدير أين يقف الخلل. وشركة Amazon تستخدم خرائط العمليات لتتبع دورة الطلب من لحظة النقر حتى التسليم، وتبني قراراتها على البيانات الناتجة عنها، لا على الحدس أو الانطباع. هذا النوع من التفكير يجعل المؤسسة ككائنٍ حي يرى تدفق الدم في شرايينه، فيعرف أين الاختناق قبل أن يصل القلب.
ونحن يمكننا تطبيق الفكرة حتى في المؤسسات العامة والجامعات والمستشفيات. فحين تُرسم خريطة لمسار معاملةٍ إدارية أو إجراءٍ طبي أو خدمةٍ أكاديمية، يمكن بسهولة تحديد النقاط التي تهدر الوقت أو تُضعف التجربة. والأهم من ذلك، أن الفريق يصبح شريكًا في الحل لأنه يرى الصورة كاملة، لا جزءًا منها.
القائد الذكي لا ينتظر الأزمات ليكتشف الخلل، بل يصمّم بيئةً تمنع تراكمها. ورسم خريطة العمليات هو أول خطوة نحو هذا الوعي المؤسسي. فهي لا تُلغي الاجتهاد الفردي، لكنها تُحوّله إلى نظام متكاملٍ يقيس الأداء ويمنع التكرار.
وحين تدرك المؤسسة أن كل دقيقة ضائعة في مسارٍ إداري هي خسارة من رصيد كفاءتها، تبدأ في تحويل البيروقراطية إلى انسيابية، والعشوائية إلى نظام، والتكرار إلى تطوير. فالمؤسسات التي ترسم طريقها بعقل التحليل لا بخطوات العادة، هي التي تصل أبعد، وتبقى أطول، لأنها ببساطة عرفت أين تُضيّع وقتها… وأين تُصنع قيمتها.