رسم خريطة العمليات… الطريق إلى التخلص من الاختناقات التنظيمية
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
رسم #خريطة_العمليات… الطريق إلى التخلص من #الاختناقات_التنظيمية
الأستاذ الدكتور #أمجد_الفاهوم
كل مؤسسة تحمل في داخلها طاقة إنتاجية أكبر مما تُظهره نتائجها. غير أن جزءًا كبيرًا من هذه الطاقة يضيع بين الخطوات غير الضرورية، والقرارات المكررة، والمسارات الملتبسة التي تجعل العمل يدور في دائرة مغلقة. وهنا تظهر أهمية “خريطة العمليات” كأداة إدارية لا تُرسم بالحبر، بل تُكتب بالعقل، لأنها تكشف كيف تسير المؤسسة من الداخل، وأين تتوقف دون أن تدري.
في بيئة الأعمال الأردنية، ما زالت كثير من المؤسسات تعمل بأسلوب “الورق والإجراء”، أي أن كل خطوة جديدة تعني مزيدًا من التواقيع والمراسلات، فيزداد الوقت وتقل الكفاءة. لكن المؤسسات التي قررت أن ترى نفسها بعيون التحليل، بدأت ترسم خرائطها التشغيلية خطوة بخطوة. فمثلاً، في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات جرى مؤخرًا تبسيط إجراءات الترخيص ومتابعة الشكاوى عبر إعادة تصميم سلسلة العمليات لتقليل الخطوات اليدوية، فاختصر الزمن من أسابيع إلى أيام. هذا التحول لم يأتِ بقرارٍ تنظيمي فقط، بل برؤيةٍ تحليلية أعادت النظر في “كيف” تعمل المؤسسة قبل “ماذا” تعمل.
خريطة العمليات ليست اضافة إدارية، بل أداة لإنقاذ المؤسسات من التعقيد. فهي تسمح للقائد بأن يرى سير العمل كما لو كان من الأعلى، فيتعرف على عنق الزجاجة، والمناطق التي تتكرر فيها الأخطاء أو تتباطأ فيها الإجراءات. في الشركات الأردنية الكبرى كـ البنك العربي وشركة الكهرباء الوطنية، ساعدت هذه الخرائط في تحديد نقاط الازدواج بين الإدارات، وتوضيح المسؤوليات، وتقليل الأخطاء الناتجة عن سوء التنسيق. ومع التحول الرقمي في المؤسسات، أصبحت هذه الخرائط هي العمود الفقري لأي نظام حوكمة فعال.
مقالات ذات صلة أميركا أولًا… لا الديمقراطية 2025/12/07العالم اليوم يعتمد على هذه المنهجية كأساس للتحسين المستمر. فشركة Toyota بنت مجدها الصناعي على فلسفة Visual Management — أي أن كل عملية مرئية ومفهومة للجميع — بحيث يعرف العامل قبل المدير أين يقف الخلل. وشركة Amazon تستخدم خرائط العمليات لتتبع دورة الطلب من لحظة النقر حتى التسليم، وتبني قراراتها على البيانات الناتجة عنها، لا على الحدس أو الانطباع. هذا النوع من التفكير يجعل المؤسسة ككائنٍ حي يرى تدفق الدم في شرايينه، فيعرف أين الاختناق قبل أن يصل القلب.
ونحن يمكننا تطبيق الفكرة حتى في المؤسسات العامة والجامعات والمستشفيات. فحين تُرسم خريطة لمسار معاملةٍ إدارية أو إجراءٍ طبي أو خدمةٍ أكاديمية، يمكن بسهولة تحديد النقاط التي تهدر الوقت أو تُضعف التجربة. والأهم من ذلك، أن الفريق يصبح شريكًا في الحل لأنه يرى الصورة كاملة، لا جزءًا منها.
القائد الذكي لا ينتظر الأزمات ليكتشف الخلل، بل يصمّم بيئةً تمنع تراكمها. ورسم خريطة العمليات هو أول خطوة نحو هذا الوعي المؤسسي. فهي لا تُلغي الاجتهاد الفردي، لكنها تُحوّله إلى نظام متكاملٍ يقيس الأداء ويمنع التكرار.
وحين تدرك المؤسسة أن كل دقيقة ضائعة في مسارٍ إداري هي خسارة من رصيد كفاءتها، تبدأ في تحويل البيروقراطية إلى انسيابية، والعشوائية إلى نظام، والتكرار إلى تطوير. فالمؤسسات التي ترسم طريقها بعقل التحليل لا بخطوات العادة، هي التي تصل أبعد، وتبقى أطول، لأنها ببساطة عرفت أين تُضيّع وقتها… وأين تُصنع قيمتها.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: خريطة العمليات
إقرأ أيضاً:
الجيش يُدار على واتساب.. تقارير إسرائيلية تكشف أن تفاصيل العمليات باتت مفضوحة في مجموعات الدردشة
يقول الدكتور ناثانيل بالمر، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، إن " تحقيقات أحداث 7 أكتوبر كشفت أن حماس خططت لكل شيء بناءً على معلومات سرقتها من الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي".
حذرت صحيفة "جيروزاليم بوست" في مقال نشرته من أن الاعتماد الواسع على تطبيق واتساب داخل الجيش الإسرائيلي يشكل تهديداً خطيراً لسرية العمليات العسكرية، وقد يستغله "أعداء الدولة" لجمع معلومات استخباراتية حساسة.
وقالت الصحيفة في مستهلّ تقريرها إنه "في عام 2025، لم تعد هناك حاجة لأنظمة تجسس متطورة لجمع المعلومات الاستخباراتية، بل يكفي الانضمام إلى المجموعة المناسبة على واتساب"، مشيرةً إلى أن التطبيق أصبح وسيلة التواصل الأساسية ليس فقط للمدنيين بل أيضاً للجيش.
وأوضحت "جيروزاليم بوست" أن تأثير ذلك أصبح جلياً بعد عامين من الحرب في غزة، حيث بات يُنشر على واتساب تفاصيل العمليات مثل جداول الخدمة، بما فيها التالي:
- عمليات التجنيد وإدارة الأفراد.
- جداول العمليات والمسارات.
- توثيق مصور مباشر من الميدان.
- مواعيد عمليات الوحدات والفرق.
- تواريخ التجنيد، والإفراج، وتبادل القوات.
- نشرات الانتشار والجداول التفصيلية.
- جداول وأماكن تواجد كبار الضباط.
- ترتيبات العمل والأوامر ومواقع القواعد، التي يتم مشاركتها حتى عبر تطبيق الملاحة "Waze".
وأكدت الصحيفة أن المجموعات التي يتلقى الجيش فيها إحاطات تضم أفراداً لم يعودوا على صلة مباشرة بالمهام العسكرية، مثل جنود الاحتياط الذين أنهوا خدمتهم ولكنهم ظلوا أعضاءً في المجموعات، مما يعني أنهم كمدنيين يواصلون تلقي معلومات سرية يومياً.
Related قصف ونزوح قسري في مخيم البريج بعد تهديدات الجيش الاسرائيلي بالاخلاء تمهيدًا لعملية عسكريةغارة إسرائيلية جنوبي لبنان توقع 13 قتيلا والجيش الاسرائيلي يُعلن استهداف مجمع تدريبات لحماس"الكارثة" تتكشف.. أكوام من الجثث ودمار هائل بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من تل الهوى والصناعة في غزةونقلت "جيروزاليم بوست" عن الدكتور ناثانيل بالمر، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، قوله: "كشفت تحقيقات أحداث 7 أكتوبر أن حماس خططت لكل شيء بناءً على معلومات سرقتها من الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأضاف بالمر: "الجيش يُدار على واتساب. يستخدم التطبيق على نطاق واسع لأنه الوسيلة الأسرع لنقل المعلومات. لا أصدق الادعاء بأن المعلومات السرية لا تمر عبر هذه المجموعات. وللتأكد من ذلك، يجب مراقبة جميع مجموعات واتساب ذات الصلة، وهو أمر غير ممكن تقنياً أو من حيث الموارد البشرية المتاحة".
قصور في معرفة تصنيف المعلومةواعتبر بالمر أن معظم المستخدمين لا يدركون القيود المفروضة، موضحاً أنه بينما يعرف العاملون في المقرات المركزية ما هو سري وما هو غير سري، فإن الأفراد في الميدان لا يميزون بينهما.
من جهتها، نقلت الصحيفة عن إينات ميرون، خبيرة المخاطر السيبرانية ومستشارة الشركات، قولها إن الحل يكمن في وضع قوائم جديدة تحدد ما هو مسموح بمشاركته خارجياً وما هو محظور. وأضافت: "من الناحية التكنولوجية، لا يمكن مراقبة كل حوار، ولكن يمكن رسم خريطة للمواضيع المهمة ومراقبتها، أو حظر محتوى محدد باستخدام أنظمة تعتمد على الكلمات المفتاحية".
وبحسب ميرون، فإن "المخترق الماهر يعرف كيف يستخلص المعلومات من التفاصيل البسيطة. لا يمكن منع كل ما هو علني، ولكن يمكن تأخيره أو تعقيده. هناك تقنيات وطرق متاحة، ويجب علينا تحديد أيها نطبق. نحن أبطال العالم في عدم تطبيق السياسات واللوائح. بدلاً من الخطاب الشعبوي حول عدم التعامل مع الطائرات الصينية أو نظام أندرويد، يجب تحديث الإجراءات القديمة التي تعود إلى عام 2000".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة