قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن ميلاد الرسول الكريم، هو بذرة الخير، التي عمت الأرض، وشعاع الضياء الذي بدد الظلمات، ونبراس الهداية الذي حمى من الغواية، موضحا أنه كلما أهل هلال ربيع الأنوار، جاءت ذكرى البشير النذير، ومعها ألوان من المشاعر والواجبات لا يحسن التعبير عنها إلا محب متبع.

وكيل الأزهر: ميلاد النبي كان بذرة الخير وشعاع الضياء ونبراس الهداية

وأكد وكيل الأزهر، خلال كلمته بـ احتفالية الأزهر بذكرى المولد النبوي، أن معنى الاحتفاء بمولد النبي، يوقظ في القلوب أهمية أن نوفي لنبينا - صلى الله عليه وسلم - بالعهد، الذي تركه فينا، وهو أن نكون من خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، لافتا إلى أن هذه الخيرية ليست كلاما يلقيه اللسان دون أن يكون له دليل يؤيده في الواقع، وإنما الخيرية لها أدلتها وبراهينها، وفي مقدمتها أن نحقق ما جاء به سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أخلاق وقيم تشتد حاجة البشرية إليها.

وكيل الأزهر: يجب على المسلمين أن يقتدوا برسولهم بأن نكون أوفياء مع الناس جميعا

ولفت وكيل الأزهر إلى أن العلماء، قد وضعوا حول هذا الإنسان المكرم - صلى الله عليه وسلم - كثيرا من كتب الشمائل والخصائص والسير والأخلاق، والتي منها خلق «الوفاء»، مؤكدا أن البشرية اليوم في حاجة ملحة لإحياء هذا الخلق من جديد، لما له من طبع يكسب الحياة جمالا، والنفوس بهجة، والقلوب ألفة.

وكيل الأزهر: الأخلاق في الإسلام لا تتلون والقيم لا تتجزأ

وأضاف الدكتور الضويني، أن الدين الإسلامي جاء مهذبا للفطر، مراعيا للمشاعر، وأن سيرة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت مثالا عمليا تطبيقيا على الوفاء في كل صوره ودوائره، حتى مع أعدائه المحاربين له، فكان وفيا لزوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله تعالى عنها، ولم ينس ما أعانته به في سبيل الدعوة إلى الله، حتى أنه كان يكرم صديقاتها بعد موتها.

وكيل الأزهروكيل الأزهر: المحافظة على الهوية فريضة دينية وضرورة مجتمعية

وأوضح وكيل الأزهر أن الرسول -صلى عليه وسلم- على الرغم من انشغاله بأعباء الرسالة، لم ينس أصحابه الذين أجابوا دعوته وآزروه ونصروه، فكان يدعو لهم، ويوصي بهم، ويقر بفضلهم ومنزلتهم، كما كان -صلى الله عليه وسلم- وفيا لوطنه الذي نشأ في أرجائه، وترعرع في أنحائه، وحين أخرج منه نظر إليه نظر متحسر عليه، مؤكدا أن حب الوطن فطرة إنسانية، لم تزل الشعوب على اختلاف أفكارها وعاداتها وعقائدها متفقة على هذه الفضيلة، متجاوبة المشاعر مع هذه الفطرة.

وكيل الأزهر: الدين الإسلامي جاء مهذبا للفطر، مراعيا للمشاعر

وشدد وكيل الأزهر، على أنه من الواجب على المسلمين أن يكونوا صورة مشرفة للإسلام، من خلال الاقتداء برسولهم -صلى الله عليه وسلم- بأن نكون أوفياء مع الناس جميعا، مؤكدا أنه لا فرق في الوفاء بين قريب أو بعيد، صديق أو عدو، مؤمن أو كافر، فالأخلاق في الإسلام لا تتلون، والقيم لا تتجزأ، وما أحوج الحياة المعاصرة وقد عانت الشقاء إلى هذه الأخلاق، وخاصة الوفاء، وما أحوج الأمة إلى أن تكون وفية لربها ولرسولها ولدينها، وما أحوجنا إلى أن نكون أوفياء لأخلاقنا، ولأوطاننا، ولعلمائنا، ولهويتنا.

الهوية فريضة دينية وضرورة مجتمعية

وفي نهاية كلمته، أكد وكيل الأزهر، على أن المحافظة على الهوية فريضة دينية وضرورة مجتمعية، موضحا أن السبيل إلى ذلك حسن التأسي والاقتداء بهدي النبي الكريم في كل مجالات الحياة، وهذا الاتباع وحده هو الكفيل بتفويت الفرص على أعداء الأمة، وهدم مخططاتهم، وهو الضامن بإذن الله لمستقبل أفضل، وعيش آمن مستقر.

اقرأ أيضاًوكيل الأزهر: مبادرة «أنا الراقي بأخلاقي» جاءت انطلاقا من إيمان الأزهر بأهمية الأخلاق في صيانة المجتمعات وحماية الأوطان

وكيل الأزهر يستقبل مفتي جمهورية مقدونيا الشمالية لبحث سبل التعاون المشترك

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر الشريف الدكتور محمد الضويني المولد النبوي ذكرى المولد النبوي وكيل الأزهر صلى الله علیه وسلم وکیل الأزهر أن نکون إلى أن

إقرأ أيضاً:

جوهرة الكون وسيدة الفطرة

 

 

الحمد لله العلي الأعلى، الذي قدَّر فهدى، فاصطفى من مخلوقاته وعباده من يشاء، واختصهم بالاجتباء وخصهم بالفضل العظيم والعطاء، فكذلك هو الاصطفاء.. إنها سنة الله التي بها قضى، ولعباده رحمة منه ارتضى، فلا تبديل لها ولا تحويل، وعلينا الطاعة والتسليم والولاء.
فكما فضَّل من ملائكته الروح، ومن الروح جبريل وميكال، وفضَّل سهيل والثريا من النجوم، وفضَّل جبلَ أُحُد على سائر الجبال، واختص مكة وجعلها أُمَّ القرى، والمدينة وجعلها أُمَّ المدائن، واختص الذهب والفضة على سائر المعادن، ومن الأحجار الدُّر والياقوت والمرجان، واصطفى من الحشرات النحلة فأخرج من بطونها ما فيه للناس شفاء وأطيب غذاء.
ولم يكن الإنسان بمنأى عن سُنَّةِ التفضيل والاصطفاء؛ فقد خَصَّ الإنسان بالإجلال والإكرام وأسجد له الملائكة الكرام، فاصطفى من بني آدم الرسلَ والأنبياء، وخاصته من عباده النجباء والأولياء، وأعلام الهدى.
ثم اصطفى من أنبيائه خيرَهم وأشرفَهم وأعظمَهم مقامًا عند الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، صلوات الله عليه وعلى آله الأتقياء.
وتوجّـهوا بمقام خاتم الأنبياء، ثم اصطفى له ابنَ عمه وأخاه عليًّا المرتضى وزيرًا ووارثًا للدين وسيد الأوصياء، ومن بعده ذريته من علي وفاطمة الزهراء، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا، وأورثهم القرآن ليكونوا قادة للأُمَّـة وأعلامًا للهدى.
وكذلك اصطفى للأمم سادةً أصفياء، فقال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «علي سيد العرب، وسلمان سيد الفرس، وصهيب سيد الروم، وبلال سيد الحبش».
وفي النساء اصطفى الله سبحانَه وتعالى نماذج للطُّهر والعفاف وزكاء النفس والنقاء والجهاد والإنفاق والبذل والعطاء والصبر على الابتلاء؛ فضرب الله مثلًا للأُم بأُمِّ موسى والسيدة مريم العذراء، وللزوجة بامرأة فرعون وخديجة الكبرى، والأخت بأخت موسى وزينب الحوراء، وللبنت بفاطمة البتول الزهراء بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون صاحبة المقام العظيم، وجوهرة الكون، وسيدة نساء العالمين في الدنيا والآخرة.
إنها بضعةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي جزء منه تتأثر بما يتأثر به، فتبكي إذَا بكى، وتفرح إذَا فرح، وتحزن إذَا حزن، وتتألم إذَا تألم، إذَا قام لله قامت، وَإذَا سجد سجدت، وَإذَا أنفق أنفقت، وَإذَا زكى زكت، وَإذَا مات ماتت.
فلما انتقل سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، ما كان لبضعته أن تحيا بدونه، فكانت أولَ مَن يلحقُ به من أهل بيته.
لم يسمِّها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بأُمِّ أبيها لأنها حلت محل أمه بحنانها وعطفها ومحبتها ورعايتها لأبيها فحسب، بل لأنها مثَّلت الفطرةَ الحقيقية التي فطر الله الإنسان عليها، لم تتأثر بمتغيرات الدنيا، ولم تدنس فطرتها بأهواء ورغبات الدنيا.
ظلت على فطرتها السليمة، لأنها منذ ولدت نشأت في حُضن أمها خديجة الكبرى، وحظيت برعاية وحنان وتربية والدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام ومنهج القرآن، فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولذلك فهي سيدة الفطرة.
وفي ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء واليوم العالمي للمرأة المسلمة، طوبى لمن أسلم وجهَه لله وآمن واتَّقى، وبآيات الله التي في كتابه تتلى سمع وأطاع، وبأمر الله امتثل، ولفضله شكر، ولآياته تذكر فاعتبر، فازداد إيمانًا وتسليمًا، وأطاع ربه ولأوليائه أطاع وامتثل.
فصلوات الله وسلامه عليها في الأولين وفي الآخرين، وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وعلى أبيها وأمها وبعلها وابنيها، وعلى بضعتها وفلذة كبدها زينب الحوراء.
السلام عليك يا مولاتي كوثر أهل المودة الأتقياء.
السلام عليك يا جوهرة الكون وسيدة الفطرة، يوم ولدت ويوم مماتك ويوم تبعثين حية في موكب العظماء.
فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم.
والحمد لله رب العالمين

مقالات مشابهة

  • هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
  • القيامة اقتربت.. أحمد كريمة: كثرة الخبث من علامات الساعة
  • عمليّة عسكريّة واسعة ضدّ لبنان... رجي: وصلتنا تحذيرات من جهات عربيّة ودوليّة
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من رحاب الجامع الأزهر الشريف
  • هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
  • حـفظ المـال
  • الأزهر: التصدق بالأغطية والملابس وإصلاح الأسقف في الشتاء تكافل حثنا عليه الشرع
  • الرسول وحب من طرف واحد بين صحابي وصحابية!!
  • جوهرة الكون وسيدة الفطرة
  • سنن النبى فى الشتاء أوصانا بفعلها.. يغفلها كثيرون