مذكرات الرجل الذي فقد قلبه!
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
مدرين المكتومية
أسرار المشاهير ومغامراتهم الرومانسية وعلاقاتهم العاطفية تظل دائمًا محور اهتمام بعض الفئات في أي مجتمع من المجتمعات، ويزداد فضول الناس لمعرفة تفاصيل وخفايا هذه الشخصيات كلما كانت أكثر إثارة للجدل، وعادةً ما يُلاحق الصحفيون هؤلاء المشاهير، حتى إن هذا النوع من الصحفيين الذين يلاحقون النجوم ويسعون لفضح حياتهم الخاصة، يُطلق عليهم اسم "الباباراتزي"، وهم أولئك الفئة من الصحفيين والمصورين الذين يلاحقون النجوم، وقد كانوا سببًا في أزمات كبرى، ليس أقلها حادثة الأميرة ديانا التي قيل إنِّها توفيت نتيجة حادث سير عندما حاول قائد سيارتها الهروب من مصوري الباباراتزي، وليس آخرها فضح علاقة أغنى رجل في العالم إيلون ماسك مع نجمة هوليوود المُثيرة للجدل آمبر هيرد.
والحقيقة أن هذه الممثلة الأمريكية التي لا تحظى بشهرة واسعة كما هو الحال مع ممثلات أخريات أمثال جوليا روبرتس ولا أنجلينا جولي، لكنها اكتسبت شهرة كبيرة منتصف العام الماضي، بعدما صالت وجالت ضد طليقها النجم والمُنتج الأمريكي الشهير جوني ديب أو "كابتن جاك سبارو"- وهي الشخصية الشهيرة التي قدمها ديب في فيلم "قراصنة الكاريبي". فقد نقلت هيرد خلافها مع ديب إلى ساحات المحاكم بعد انفصالهما، وأطلقت العديد من المزاعم ضد نجم هوليوود الشهير، لكنها لم تنجح في الحصول على أي حكم لصالحها، وخسرت القضية.
لكن ليس هذا هو المهم، فالأكثر أهمية أن هيرد وأثناء زواجها من جوني ديب، كانت على علاقة مع رجل الأعمال الأشهر في العالم إيلون ماسك، مالك شركة سبيس إكس لصواريخ الفضاء وشركة تسلا رائدة السيارات الكهربائية وأخيرًا مالك منصة "إكس" أو تويتر سابقًا. علاقة ماسك مع هيرد لم تكن مجرد نزوة أو علاقة عابرة، بل يبدو أن هيرد كانت نقطة ضعفه الكبرى، فرغم أنَّ الأعراف والتقاليد في الولايات المتحدة تزدري أي علاقة عاطفية لامرأة متزوجة، إلا أن الحبيبين- هيرد وماسك- ظلّا يلتقيان حتى خلال فترة زواجها من جوني ديب، حسبما أفاد هو بنفسه أمام المحكمة! كما إن ماسك وهيرد انفصلا ثم عادا لبعضهما البعض، ثم انفصلا، وربما يعودان مرة أخرى، وهو الأمر الذي أكده ماسك في تغريدة مُلفتة عبر حسابه الشخصي على منصة "إكس" المملوكة له.
ماسك شخصية مُثيرة للجدل، ويملك ثروة هائلة لا ينافسه أحد في امتلاك مثلها، ويسعى دائمًا إلى خطف الأضواء، سواء من خلال توجيه استثماراته نحو مجالات مثيرة أو من خلال تصرفاته الشخصية. فمثلًا الرجل عندما اشترى موقع "تويتر" قبل أن يتحول إلى "إكس"، ذهب إلى مقر الشركة في أوَّل يوم بعد الاستحواذ عليها، حاملًا في يده "حوض غسيل" (مغسلة اليدين)، فيما أثار تكهنات عدة وقتها عن مغزى هذا الحوض، والذي يبدو أنَّه أراد أن يشير إلى ما سيقوم به من "غسيل" لشكل الشركة، وقد كان، فقد أحدث تغييرات كثيرة في الشركة، طالبت العاملين والمُستخدمين على حد سواء.
والسؤال المطروح الآن، ماذا سيكتب إيلون ماسك في مذكراته عن علاقته بآمبر هيرد، تلك المرأة التي أمسكت بقلبه ذات يوم، وربما ما تزال تحتفظ بمكانة كبيرة في داخله، وربما يُعيدان العلاقة مرة أخرى، والكثير من الاحتمالات المفتوحة التي لا نهاية لها، فشخصية ماسك يحلو لها دائمًا أن يكون محل اهتمام الجميع، لذلك قد لا يُمانع في العودة إلى هيرد كي يعود إلى أغلفة المجالات ويتصدر العناوين الرئيسية في المواقع الإخبارية، وخاصة مواقع النجوم.
الخلاصة التي وصلت إليها من متابعتي لعلاقة أغنى رجل في العالم مع هذه الممثلة الأمريكية، أن الرجل عندما يفقد عقله قد يُقدِم على أي تصرف، قد نراه نحن تصرفًا متهورًا، لكنه يشعر بسعادة في داخله لأنه يُعبِّر عن مشاعره، حتى وإن أراد في جانب منها لفت الانتباه، لكن المؤكد أنَّ مثل هذه العلاقات تنطوي على جانب من المشاعر الصادقة وإن لم تكن صادقة بالكامل!!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الرجل الأبيض وترويض الفهود..قصة فشل أوروبي وأمل عربي
نعيش عالمًا يطبعه صراع الهُويّات، أو حسب جملة مأثورة للصحفي الأميركي فريد زكريا، "إنها الهويات يا مُغفّل"، تحويرًا لجملة شهيرة وردت في مجلة ذي إيكونوميست سنة 1992، "إنه الاقتصاد يا مُغفل" في خضم الانتخابات الرئاسيّة حينها.
قضايا الهوية هي قضايا عابرة للمجتمعات قلّما تسلم منها دولة، وإن اختلفت أشكالها وطبيعتها، تتأثر بالسياق التاريخي والجغرافي والثقافي.
تعرف قضايا الهوية زخمًا مردّه حسب عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورين، إلى الانتقال الذي طبع العالم، من نموذج صناعي يقوم على التنميط وصراع الطبقات، إلى مجتمعات ما بعد صناعية، يطبعها التنوع مما لا يتيح تجاوز الهويات.
بدت مطالب الهويات بشكل حادّ عقب سقوط جدار برلين، إذ حلت الهوية كعنصر تحليل محل الطبقة، وأضحى العامل الثقافي عنصر تفسير محلّ العامل الاقتصادي، وعرف العالم فورة مطالب هوياتية، في أوروبا الوسطى، والقوقاز، والبلقان، وانتقل تأثيرها إلى دول أفريقيا وحتى العالم العربي، وهو ما أفرز اهتزازات كبرى لم تخلُ من احتدام وصِدام، كما في يوغسلافيا السابقة، أو في رواندا، والتقتيل الذي عرفه هذا البلد ما بين الهوتو والتوتسي.
يستند خطاب الهوية، إلى عناصر موضوعية، إما إثنية، أو لغوية، أو عَقَدية. قد تكون جماعة ما عرضة للاضطهاد، أو محاولات تذويب، أو احتقار، أو تكون لغة ما مهمشة، أو غير معترف بها، أو عرضة للاندثار، أو عقيدة تتعرض للزراية، ولا يتاح لمعتنقيها مزاولة طقوسهم، وما يرتبط بذلك من ثقافة في الأفراح، والأتراح على السواء.
إعلانيقوم خطاب الهُوية على قيم واعتبارات أخلاقية، منها العدالة، والحقّ في التنوّع، وحقوق الإنسان، والاعتراف، والكرامة، والتوزيع العادل للرموز.
يظلُّ الخطاب الهوياتي بناءً بالأساس، يقوم على العناصر الموضوعية المُومأ إليها، من لسان، أو إثنية، أو عقيدة، يوظفها مثقفون، في ظل احتقان يمسّ عنصر هويتهم، إما احتقارًا لها، أو تهميشًا، أو محاولة تنميط، من خلال ردّ الاعتبار لعنصر الهوية المضطهَدة، وتفكيك الخطاب الذي ينالها بالقدح، أو الشيطنة.
ولكن خطاب الهُوية يجنح، ويقع فريسة انزلاقين: الأول التمجيد الذاتي المفرط، أو الهيام في الأنا الجمعي، والثاني، وهو نتاج للأول، شطينة الآخر. كل خطاب هوياتي يستعدي آخر، وهو ما يسمى بالعدو الحميم، أي العنصر القريب. وهنا مكمن الخطورة.
ومن دون شك، أن الاستعداء أو الشيطنة هو ما ألهم الكاتب أمين معلوف بكتابة كتابه ذائع الصيت عن "الهويات المتناحرة"، لأن الهويات تناحرت وتنابزت في الفترة التي كتب فيها كتابه، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، في كل ما كان في يوغسلافيا، وما طبعها من حروب أهلية وصور مروّعة للتّطهير العرقي، أو في رواندا، في الاقتتال ما بين الهوتو والتوتسي، وقبل هذا وذاك، في لبنان والحرب الأهلية التي مزّقت البلد منذ أن اندلعت سنة 1975.
لم يعد ممكنًا، في ظلّ السياق الذي أفرزته مرحلة ما بعد سقوط جدار برلين، تجاهل المطالب الهوياتية، ولكن في الوقت ذاته، كان يتوجب حسن تدبيرها، أو ما يسمّيه أمين معلوف بترويض الفهود.
ساد في الغرب اتجاهان، اتجاه أول غلب أوروبا، ويستوحي سابقة كندا فيما يسمى التعددية الثقافية، وعرف تطبيقاته في كل من ألمانيا، وهولندا، وإنجلترا، وحتى فرنسا، والاتجاه الثاني، ذلك الذي ساد الولايات المتحدة، ويُعرف بالتوليفة الهوياتية؛ أي الإقرار بنوع من الانفصالية (كذا) التقدمية؛ أي خصوصية بعض الأقليات، والجماعات الإثنية، وبالأخص بالنسبة للسود.
إعلانفشل النموذجان، لأن التعددية الثقافية في أوروبا أفضت إلى تمايزات مجتمعية أو ما يسمى أرخبيلًا مجتمعيًا، في نوع من أبارتيد فعلي، يسمى مجازًا بالأبارتيد الرخو، أما نموذج التوليفة الهوياتية فقد تعارض مع مقتضيات المواطنة، وأفرز، كرد فعل، الدفاع عن الهوية البيضاء، أو ما يسمى بالامتياز الأبيض، مما يغذي الاتجاهات اليمينية المتطرفة.
لذلك أصبحت الهويات وخطابها، يتهددان في الغرب القاسم المشترك، أو المواطنة. يتجلى ذلك في علاقات توتر في بعض مكوناته، ما بين الأصليين والوافدين.
لم يكن العالم العربي، بمنأى عن الطلب الهوياتي، وانصاعت كثير من الدول، تحت مطالب داخلية محلية، وضغط خارجي، إلى الاعتراف بحقوق الأقليات العرقية والعقدية، أو في الاعتناء بلغات مهمشة. ضمّنت بعضها في نصوصها الأساسية، وفي اتخاذ إجراءات عملية لرفع الحيف عن وحدات إثنية، أو عقدية، أو لغات، في نوع من التمييز الإيجابي، أو المحاصصة.
ولكن هذه الاعترافات لم تسلم من زيغ، من خلال انكفاء الوحدات الثقافية، وهلهلة السبيكة المجتمعية، وإضعاف الدولة، وفي حالات معينة، حمل السلاح، واتخاذها ذرائع للتدخل الأجنبي.
لا يمكن أن يجادَل في شرعية الهويات، ولكن يتوجب ألا تتعارض مع مقتضيات أساسية، أولها شخصية بلد ما، أي البنية العميقة التي هي نتاج لتفاعل الجغرافيا والتاريخ، والتي تثبت رغم التغييرات الثقافية والديمغرافية.
ولا يجوز أن تتعارض الهويات مع مفهوم الأمة، التي تنصرف إلى أزمّة ثلاثة: ذاكرة جمعية، وحاضر ينبني على التضامن، ومستقبل ينصرف إلى المصير المشترك، وألا تجافي الهويات المواطنة، إذ لا ينبغي للهويات أن تقوم بديلًا للمواطنة، والحال أن الهويات تفضي إلى طائفية تتعارض مع المواطنة، في الغرب، وغيره.
بيدَ أن هذه المبادئ، على أهميتها ينبغي أن تستند إلى أدوات، وإلّا تُضحي مجرد شعارات، ومنها العدالة الاجتماعية؛ لأن خطاب الهوية يستمد مشروعيته من التباينات الاجتماعية والحيف الذي يمَس مجموعة ما، وأن تقوم أدوات تنشئة فعّالة، وعلى رأسها المدرسة التي ينبغي أن تكون بوتقة الانتماء، ورافعة اجتماعية، وأن تنهض وسائط مجتمعية، من أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني، تتجاوز الانتماءات الهوياتية وتستوعبها، وأن تقوم رموز تاريخية وسياسية وفكرية ورياضية تكون محط إجماع، وتصلح أن تكون عناصر تمثُّل، فضلًا عما يسميه البعض بالتوزيع العادل للرموز.
إعلانليست الهويات قارّة، ولذلك تستلزم حوارًا دائمًا، يضطلع به من يسميهم ت. إس إليوت بالحكماء، وإلا تحولت قضايا الهوية إلى عمليات جراحية يجريها غير الأطباء، ما من شأنه أن يُعرض الجسم للأذى، والحال أن الثورة الرقمية لم تسعف في حوار هادئ ورصين وهادف لقضايا معقدة بطبيعتها، وتختلط فيها الجوانب الذاتية مع الموضوعية، ويمكن بإساءة التعاطي معها، أن تكون مصدر توتر وصِدام، أو تؤجّجهما.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline