30 % من أوكرانيا ملوثة بالألغام.. كييف تعاني لتطهير أراضيها
تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT
سلط تقرير لموقع كييف إندبندنت، الضوء علي المعاناة التي تعيشها أوكرانيا مع الألغام الأرضية المنتشرة في أراضيها والتي بدأت القوات الروسية في زرعها فور بدء الحرب منذ ما يقرب من عام ونصف العام.
وأفاد التقرير أنه، في ديسمبر 2022، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن روسيا تستخدم 13 نموذجًا من الألغام المضادة للأفراد و13 نموذجًا من الألغام الأرضية المضادة للمركبات في غزوها لأوكرانيا، وأن ما يقرب من 30٪ من البلاد "ملوثة" بالألغام.
في حديثه إلى صحيفة كييف إندبندنت، أوضح مارك هيزناي، المدير المساعد لـ هيومن رايتس ووتش، استحالة معرفة الرقم الصحيح للألغام. ويوضح هيزناي قائلاً: "إننا نتعامل مع التقديرات التي يتم وضعها في حالة الطوارئ التي تستمر فيها الأعمال العدائية".
وقال: من الصعب إحصاء الألغام الأرضية من خلال عاصفة من الرصاص وشظايا القذائف. لكن من المعروف أن روسيا، في بداية الحرب، كان لديها مخزون من 26 مليون لغم - وهو الأكبر في العالم، وفقا لتقديرات مختلفة. ومع قدرة مركبة واحدة على زرع 15600 لغم في دفعة واحدة، فمن المستحيل تقييم النسبة المئوية من هذا العدد المدفون الآن في التربة الأوكرانية.
يتفق مع هذا الرأي جون كونليف، من المجموعة الاستشارية للألغام، وهي منظمة إنسانية دولية لا توفر التكنولوجيا الحديثة والتدريب في مجال إزالة الألغام للبلدان المنكوبة فحسب، بل تقدم أيضًا برامج تعليمية مكثفة لمواطنيها من خلال دورات تدريبية شخصية ومن خلال وسائل الإعلام الوطنية.
إن إزالة الألغام، وفقاً لكونليف وزميله جون براون، هي عملية بطيئة ومضنية للغاية. ونظرًا لأن المجموعة الاستشارية للألغام (MAG) هي منظمة إنسانية، فهي لا تعمل في مناطق قتال نشطة، لكن مزيلي الألغام العسكريين كانوا منذ فترة طويلة أهدافًا ذات أولوية للقوات التي تحمي حقول الألغام.
حتى الآن، وقعت 164 دولة على "معاهدة أوتاوا" لعام 1997، المعروفة باسم معاهدة حظر الألغام والتي تحظر استخدام وإنتاج وتخزين الألغام المضادة للأفراد، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تهديدها الدائم لـ " المدنيون العزل وخاصة الأطفال.
لكن روسيا ليست من الدول الموقعة على المعاهدة. وفي الوقت الذي قامت فيه الغالبية العظمى من البلدان بتفكيك وتدمير مخزوناتها من الألغام الأرضية، كان المجمع الصناعي العسكري الروسي يضخ الأموال في برامج البحث والتطوير لإنشاء ألغام أكثر فتكاً.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: كييف القوات الروسية أوكرانيا إزالة الألغام الألغام الأرضیة
إقرأ أيضاً:
ما رسائل ومآلات تصعيد روسيا حربها على أوكرانيا؟
بين رسائل القوة وضغوط الاستنزاف عادت روسيا إلى واجهة المواجهة عبر هجوم عسكري وُصف بأنه الأوسع والأعنف منذ بداية حربها على أوكرانيا، وهو تصعيد بدا في ظاهره ميدانيا، لكنه في العمق يعكس تموضعا سياسيا جديدا تسعى موسكو إلى فرضه في لحظة إقليمية ودولية معقدة.
فقد تعرضت العاصمة كييف ومقاطعات أوكرانية عدة لسلسلة ضربات بالصواريخ والمسيّرات خلفت قتلى وجرحى وخسائر في البنية التحتية.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها صدت هجمات أوكرانية استهدفت 13 مقاطعة داخل روسيا، مؤكدة أن منظوماتها الدفاعية أسقطت عشرات الطائرات المسيرة.
وبحسب الباحث في الشؤون الروسية محمود حمزة، فإن هذا التصعيد لا يمكن قراءته كرد فعل مؤقت فقط، بل يأتي في سياق دورة متكررة من الكر والفر، إذ تشهد الحرب مراحل من التراجع والهدوء يعقبها تصعيد واسع، ولا سيما بعدما وصلت الطائرات المسيرة الأوكرانية إلى عمق الأراضي الروسية، بما في ذلك مناطق حساسة مثل مقاطعة كورسك الحدودية.
وأوضح حمزة في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" أن إحدى هذه الضربات الأوكرانية تزامنت مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتلك المنطقة، وهو ما اعتبرته موسكو مسا مباشرا برمز سيادتها ودافعا إضافيا نحو تنفيذ هجوم واسع يحمل طابعا انتقاميا ورسالة قوة في آن معا.
إعلانلكن تلك العمليات لا تخرج -وفق المتحدث ذاته- عن السياق السياسي العام الذي يشهد فشلا في مسارات التفاوض، ويرى أن موسكو تحاول عبر التصعيد العسكري فرض شروطها كمدخل لتسوية شاملة، في ظل برود أميركي واضح تجاه جهود الوساطة، وتردد أوروبي في اعتماد مسار تفاوضي جاد.
نمط ثابتمن جانبه، أشار أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي إلى أن موسكو باتت تمارس نمطا ثابتا عبر تصعيد عسكري عند كل منعطف تفاوضي.
واعتبر عبيدي أن الضربات الأخيرة استهدفت زرع الرعب داخل كييف، باعتبارها مركز القرار السياسي والعسكري، وهو ما يؤثر في تماسك الجبهة الداخلية الأوكرانية.
وأكد أن الهدف الروسي يتعدى الضغط العسكري، ليصل إلى محاولة إعادة تشكيل معادلة القوة النفسية والمعنوية عبر إضعاف الروح المعنوية للمدنيين والسياسيين على السواء، ودفعهم إلى القبول بصيغ تفاوضية جديدة.
ورغم هذا التصعيد فإن الرواية الغربية تروج أن موسكو في حالة تراجع، ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين غربيين أن روسيا تسيطر على أقل من 0.6% من الأراضي الإضافية منذ بدء الحرب، وتواجه نقصا حادا في الجنود والعتاد، وسط خسائر قدرتها كييف بما يفوق نصف مليون قتيل روسي.
وأقر حمزة بوجود آثار اقتصادية واجتماعية كبيرة تركتها الحرب على روسيا، مشيرا إلى ارتفاع الأسعار وشيوع أجواء التقشف، لكنه شدد على أن القيادة الروسية بكاريزميتها المعهودة لا تزال ترفض الاعتراف بالهزيمة، وتصر على استمرار القتال حتى تحقيق اتفاق دائم.
من ناحيته، استبعد عبيدي أن يكون هناك اختراق قريب في مسار التفاوض، مشيرا إلى أن المواقف لا تزال متباعدة، وأن الأوروبيين يعوّلون على استثارة موقف أميركي أكثر حزما، وربما على تغير محتمل في موقف الرئيس دونالد ترامب.
وفي هذا السياق، اعتبر أن الهجوم الأخير يسعى كذلك إلى إحراج إدارة ترامب عبر إثبات أن الرئيس الروسي لا يملك نية حقيقية للتفاوض، وأشار إلى أن تصريحات السيناتور الأميركي ليندسي غراهام بشأن ضرورة استغلال عائدات النفط لتسليح أوكرانيا تمثل تصاعدا في الخطاب الغربي الهادف لردع موسكو.
إعلانلكن حمزة رأى في التحركات الدبلوماسية الروسية -مثل تبادل الأسرى والتأكيد على إعداد وثيقة تفاوضية- مؤشرات على رغبة مضمرة بإنهاء الحرب، شرط توافر ضمانات كافية لموسكو بشأن أمنها وموقع أوكرانيا المستقبلي في علاقاتها مع الغرب وحلف شمال الأطلسي.
صفقة شاملةووسط غياب الثقة بين الطرفين، قال عبيدي إن الدعوات الأوروبية لوقف إطلاق نار مؤقت تمهد لمفاوضات تصطدم بإصرار بوتين على صفقة شاملة تسبق أي هدنة، وهو ما يجعل فرص التهدئة محدودة في ظل غياب وسيط موثوق لدى الطرفين.
ويبدو أن موسكو تراهن على الوقت رغم أنها لم تحقق تقدما نوعيا منذ أكثر من 3 سنوات، وفق عبيدي.
وأضاف عبيدي أن الثابت الوحيد في المشهد هو تصميم أوروبا على دعم كييف، في حين يبقى الموقف الأميركي -ولا سيما من جانب ترامب- هو المتغير الذي قد يقلب موازين الحرب أو يمددها.
أما حمزة فرأى أن الطابع "الصبور والمثابر" للشعب الروسي وقيادته يجعلهما أقل ميلا للتراجع، حتى مع تصاعد الخسائر.
واعتبر أن التغير الحقيقي لن يأتي إلا إذا نجحت أوروبا في دفع ترامب نحو موقف أكثر وضوحا، سواء بالضغط السياسي أو بتحريك الرأي العام الأميركي.
ورأى عبيدي أن التطورات الأخيرة كاستهداف منطقة كورسك أثناء وجود مروحية الرئيس بوتين تمثل تجاوزا رمزيا لخط أحمر، وقد تدفع موسكو نحو مزيد من التصعيد بدل التهدئة، محذرا من أن مثل هذه الضربات قد تفسَّر كرسائل استهداف مباشر للقيادة الروسية.
ومع اقتراب موعد حضور ترامب لقمة حلف الأطلسي في يونيو/حزيران المقبل، وتزامنه مع زيارة مرتقبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعتقد عبيدي أن الشهرين المقبلين قد يشهدان تغيرات في المعادلات السياسية والعسكرية، لكنها تظل رهينة بمدى انخراط واشنطن الجدي في ملف التسوية.
وفي ظل هذا المشهد المتداخل يبقى التصعيد الروسي الأخير علامة على أن الحرب تتجه نحو مزيد من التعقيد، في وقت تُجمع فيه معظم الأطراف على أن الحلول الجزئية لم تعد ممكنة، وأن أي تسوية محتملة لن تكون إلا وفق صيغة قاسية على أحد الطرفين، أو ربما عليهما معا.
إعلان