ملامح عصرنا الاقتصادي الجديد !!
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
كيف يستقيم ان نشكو من صعوبة العيش في زماننا، ونحن نرى اشكال الخيرات وأنواع المرفهات وأصناف النعم، كما نرى سهولة الاتصال والانتقال وانتشار المؤسسات التعليمية والتربوية وتعدد الخيارات امام الانسان في كل شأن من شؤون الحياة.
إن كل هذه الأشياء، لاينبغي ان تُرى من خلال منظور محدود ونظرية ضيقة أو من خلال رؤية بعض الناس وإنما من خلال معايير قيمية وضوابط توازنية وإذا استخدمنا معايير بهذه السمات، فإننا سنجد أن قسما كبيرا من سكان الأرض، لا يتمتعون بكثير من خيراته، العصر الحديث، ولكن تحترق قلوبهم بسبب الصور التي يرون فيها تنعم المترفين وتطلعات المتخمين، كما يرون بؤسهم الشديد من خلال مشاهدة الهوة التي تفصل بينهم وبين سكان العالم الصناعي.
في العالم، كما يفيد تقرير منظمة الفاو أكثر من مليار نسمة لا يحصلون على كفايتهم من الغذاء، وفي تقرير آخر فإن 63% من سكان آسيا و61% من سكان افريقيا و36% من سكان أمريكا اللاتينية و33% من سكان الشرق الاوسط، يواجهون حالة الجوع.
يقول الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه البديع «عصرنا ملامحه وأوضاعه»: إن المقارنات تأتي دائما بمفارقات. ففي الماضي، كانت هناك فوراق بين الناس في مستوى العيش، لكنها كانت فوارق محدودة. أما اليوم، فمأساة الفقراء والجياع والمحرومين أنهم في مواجهة الحياة المتفاقمة، أشبه بمن استعد بقوس وسهم لمواجهة خصم مسلح بالدبابات والصواريخ!!
إن الناس الذين يقارنون أنفسهم بمن هم أعلى منهم، هم على خطأ، إذ من الواجب في امور الدين أن ينظر المرء الى مَنْ هو دونه، حتى يستشعر نعمة الله تعالى عليه. وللأسف؛ فإن شح الموارد قد حمل كثيرا من الناس على الاختلاس وقبول الرشوة واقتراف الكذب والاحتيال وإراقة ماء الوجه وتحمل الجور والهوان، بل صار كثير من المسلمين يعيش حياة هي أقرب الى حياة النبات، هو يأكل ويشرب ما يتيسر له ويتنفس ويتكاثر ثم يموت!!
في أكثر بلدان العالم الاسلامي يحتاج الموظف متوسط الدخل الى ان يدخر كل مرتباته التي يتقاضاها خلال عشرين سنة، حتى يتمكن من امتلاك بيت يؤويه مع أسرته!! فكيف اذا علمنا أن مرتبه لا يكفيه للإنفاق على حياة شبه كريمة سوى نصف شهر، ويدِّبر نفقات باقيه عن طريق الاقتراض والاستدانة!!
وتظل مشكلة المشاكل بالنسبة لكثير من الشباب هي البطالة الضاربة أطنابها في معظم الدول الاسلامية، والآخذة في التفاقم، حيث الركود العام وصعوبة الحصول على عمل ذي أجر مناسب، حتى قال أحد الباحثين: إن هناك أجيالاً قد تولد وتعيش وتموت، دون ان تجد عملاً ملائماً!!
وإذا تأملنا مرة أخرى في المسافات الفاصلة بين الشعوب الاسلامية والصناعية، وجدنا أن تلك المسافات تزيد والهوة تتسع. فعلى حين ترتفع أسعار منتجاتهم بصورة مطردة، فإن أسعار صادراتنا تتدهور أو تتجمد وهذا يعني أنه يحب أن نصدِّر أكثر حتى نستطيع الحصول على عين القَدْر من الواردات.
إنه ليس ثمة مسوغ مقبول لانجراف المرء في التسابق على إرواء حاجات الجسد، ما دام يعتقد أن الآخرة هي دار العيش الحقيقي، وما دام يعتقد أن الله تعالى سائله عما استخلفه فيه من مال، وما دام يعتقد أن حماية البيئة والمحافظة على موارد الأرض من مسؤوليات المسلم.
ويبقى السؤال قائماً: هل نحن نعيش الآن عصر العيش الصعب؟!!
للتواصل : [email protected]
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: حرب ترامب التجارية مع الصين تغير المشهد الاقتصادي بالعالم
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرا للكاتبة "باتريشيا كوهين" سلّطت فيه الضوء على التداعيات العالمية المتسارعة لحرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية مع الصين.
وأشارت الكاتبة إلى أن الرسوم الجمركية المتبادلة، والقيود على الصادرات بين الولايات المتحدة والصين، والضغوط على الدول لاختيار جانب، تُغرق الاقتصاد العالمي في حالة من الاضطراب وعدم اليقين المتزايد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة روسية: هل تفقد فرنسا مزيدا من مصادر الثروة بأفريقيا بعد ثورة مدغشقر؟list 2 of 2صحف عالمية: ترامب يروج للتطبيع ويهمل مسار الدولة الفلسطينيةend of listوأفادت بأن إحدى أبرز الجهات المعنية بتحليل المؤشرات الاقتصادية العالمية أصدرت تقريرها الأخير الثلاثاء، موضحة أن سلسلة من التطورات بدأت فعلا في تغيير المشهد الاقتصادي، حتى قبل صدور التقرير.
فقد دخلت، حيّز التنفيذ رسوم جمركية أميركية جديدة على واردات الأخشاب والأثاث وخزائن المطابخ، وهي إجراءات، وفقا لكوهين، من المتوقع أن ترفع تكلفة بناء المنازل، مضيفة أن تطبيق المرحلة الأولى من رسوم دخول الموانئ المرتفعة التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والصين على سفن بعضهما البعض قد بدأ فعلا.
سلسلة من التداعيات
وقالت الكاتبة إن هذه الخطوة تمثل مجرد حلقة في سلسلة من التداعيات التي أطلقها تعهّد ترامب بتحطيم النظام الاقتصادي العالمي القائم، مشيرة إلى أن المزيد من الإجراءات التصعيدية في الطريق.
وتلفت كوهين الانتباه إلى أن بكين قررت الأسبوع الماضي تشديد القيود على صادراتها من المعادن النادرة، وهي مواد أساسية في تصنيع أشباه الموصلات والهواتف المحمولة وتوربينات الرياح ومعظم الأجهزة الحديثة.
ومن المقرر أيضا أن تَدخل قيود جديدة على معدات إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية حيّز التنفيذ الشهر المقبل، بحسب التقرير.
علاقة شديدة التقلبونقلت كوهين تصريحا لريتشارد بورتس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، الذي قال إن "العلاقة بين الولايات المتحدة والصين شديدة التقلب، فلا أحد يعرف ما يمكن توقعه من يوم إلى آخر، وهذا أمر معتاد في ظل الإدارة الحالية".
إعلانويورد التقرير أن التوتر المتصاعد بين القوتين الاقتصاديتين العالميتين يجرّ معظم دول العالم، إلى دائرة النزاع. فقيود الصين على المعادن والمغناطيسات، على سبيل المثال، تؤثر على شركات السيارات الأوروبية التي تعتمد على تلك المواد وتنقلها عبر الحدود داخل أوروبا. كما أن الرسوم المفروضة على السفن المصنّعة في الصين تشمل حتى الشركات غير الصينية التي ترسو في الموانئ الأميركية.
ويلاحظ تقرير نيويورك تايمز أن بكين وواشنطن تمارسان أيضا ضغوطا متزايدة على دول العالم لحملها على اتخاذ مواقف منحازة، مشيرا إلى أن المكسيك، التي تُعد من أكبر مستوردي السيارات الصينية عالميا، اقترحت حكومتها الشهر الماضي فرض رسوم جمركية بنسبة 50 بالمئة على تلك المركبات، وذلك بعد حملة ضغط مكثفة من إدارة ترامب.
وفي الوقت نفسه، يضيف التقرير، اقتربت الهند من الصين منذ أن فرض البيت الأبيض -غاضبا من استمرار نيودلهي في شراء النفط الروسي- رسوما جمركية تصل إلى 50 بالمئة على السلع الهندية.
وفي أغسطس/آب، زار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الصين للمرة الأولى منذ 7 سنوات لحضور مؤتمر أمني واقتصادي، في عرض علني من قبل زعيم الهند أن بلاده لديها الكثير من الحلفاء إذا استمرت إدارة ترامب في استهدافها بالعقوبات.
تسارع وتباطؤ وارتدادات
وقالت الكاتبة إن التحولات في سياسات التجارة العالمية منذ تولّي ترامب منصبه اتسمت بالتسارع والتباطؤ في آنٍ واحد، مما أدى إلى ارتدادات واسعة وغير متوقعة على مستوى العالم.
وينتشر الصدام التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم في جميع أنحاء العالم، حيث تواجه السفن المصنوعة في الصين رسوما جمركية أميركية عند رسوها في الموانئ الأميركية، وفقا لكوهين.
وأوضحت الكاتبة أن النزعة الحمائية آخذة في الانتشار في العالم، إذ اتخذت كل من كندا والبرازيل والمكسيك خطوات لحماية صناعاتها المحلية في مجال الصلب.
ورغم التقلبات المتكررة في السياسات التجارية، أكدت البروفيسورة لوكريتسيا رايخلين من كلية لندن للأعمال لنيويورك تايمز أن الاقتصاد العالمي سيظل مترابطا بدرجة عالية، حتى مع تحول مركز الثقل نحو آسيا وابتعاده عن الغرب.