صحيفة التغيير السودانية:
2025-10-16@09:42:37 GMT

قميص عثمان

تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT

قميص عثمان

قميص عثمان

التقي البشير الماحي

الإنسان بفطرته يميل إلى العيش في جماعات، وفي سبيل ذلك هو مستعد دوماً لتقديم بعض التنازلات ضمانًا للعيش المشترك على هذا الكوكب. وهي حقيقة ندركها حتى من أبسط أنواع العلاقات الإنسانية، تلك التي يقدم فيها الزوج والزوجة تنازلات متبادلة لحفظ استقرار البيت واستمرار الحياة.

كثيراً ما نسمع ضجيجًا حول مفهوم السيادة الوطنية باعتبارها عنوان الاستقلال وراية الكرامة داخل حدود الدولة.

غير أن هذا المفهوم، في عالم اليوم، آخذ في الاضمحلال فكلما ارتقت الإنسانية أصبح التواصل أكثر سهولة ويسرًا بفعل وسائل التواصل ليصبح العالم أصغر من قرية، ما يحدث في أقصى الأرض يؤثر في الطرف الآخر من الكوكب. فإذا عطس السودان اليوم أصابت أوروبا نوبة زكام، وإذا حمد الله شمتته الجارة مصر.

في واقع اليوم، لا يمكن لدولة أن تعيش بمعزل عن غيرها. فأمن الولايات المتحدة على سبيل المثال يمر عبر ميناء بورتسودان، وإذا جاعت إثيوبيا فلن تنتظر إذنًا بالزراعة في سهول البطانة. العالم أصبح اليوم مترابطاً إلى حدٍّ يجعل الانعزال وهمًا، والسيادة المطلقة أمراً لا وجود له حتى في أمريكا.

من يشعل الحروب لا ينتظر أن تُقدَّم له وجبات الغذاء مجانًا من أجل أن يواصل معركته، فكلما جاع شعبه قال: “هل من مزيد؟”.

أما السياسي الحصيف، فهو من يدرك أن التنازل من أجل العيش المشترك ليس ضعفًا بل فن إدارة المصالح، وهو ما عبّر عنه العالم الحديث بمفهوم تقاطعات المصالح. إنها السياسة الواقعية التي جعلت دونالد ترامب رئيسًا لأقوى دولة في العالم بشعار: “أمريكا أولًا”، دون أن يعني ذلك الانعزال عن الآخرين.

لكن في بلادنا، تحولت السيادة الوطنية إلى شماعة يعلق عليها البعض فشله، واستُخدمت لخداع البسطاء وابتزاز العواطف.

قد تخدع بعض الناس كل الوقت، أو كل الناس بعض الوقت، لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت.

المضحك المبكي أن من يحدث الناس عن السيادة، هو ذاته الذي لا يتردد في الجلوس في فنادق ماليزيا بتمويل من منظمات فرنسية، أو في إرسال وفود مدفوعة النفقات إلى بريطانيا دون أن يشرح للناس: “هذا لكم… وهذا أُهدي لي”.

ومن يصرخ ضد عمالة المنظمات، هو ذاته الذي يتلقى دعمها في صمت ثم يخرج متباهيًا متكئأ على لافتة تشاتام هاوس

وفي نهاية المطاف، يظل السؤال قائماً، بصوت الفنان محمد النصري وهو يردد:

سؤال منو القيامة تقوم

هل حدث في تاريخ السودان القديم أو الحديث، أن نال أحدهم جنسية دولة أخرى، بينما يزين كتفه أعلى الرتب ويتقلد أكثر المناصب حساسية؟.

الوسومأمريكا إثيوبيا التقي البشير الماحي السودان السيادة الوطنية الكرامة الكوكب الولايات المتحدة اوروبا دونالد ترامب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا إثيوبيا السودان السيادة الوطنية الكرامة الكوكب الولايات المتحدة اوروبا دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

اليوم الدولي للمرأة الريفية: السودانيات… ذاكرة الأرض وبذرة البقاء

صفاء الزين

في الخامس عشر من أكتوبر من كل عام يتوقف العالم لتكريم المرأة الريفية — تلك التي تحفظ خيط الحياة بين الإنسان والأرض وتنسج من الصبر مستقبلًا يتحدى الزوال
لكن في السودان يحمل هذا اليوم وجعًا خاصًا وصدقًا لا يشبه سواه فالمرأة الريفية هنا لا تحتفل بنفسها بل تواصل السير وسط أنقاض الحرب تحمل في قلبها ضوءًا لا ينطفئ

في كل ريف سوداني من القرى المتناثرة في الشرق إلى الوديان الهادئة في كردفان ومن الأراضي المغبرة بالنزوح في الغرب إلى الحقول الممتدة عبر الشمال وصولًا إلى ريفيات النيل الأزرق تقف النساء الريفيات كخط الدفاع الأخير عن الحياة
الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 لم تترك ريفًا إلا وأثرت فيه مباشرة أو غير مباشرة مما جعل كل الريفات متضررة بدرجة أو أخرى
في كل منطقة وصلتها الحرب يحملن الماء من آبار جفت أو بُعدت يزرعن في تربة تحولت إلى رماد ويطعمن أطفالاً لا يعرفون سوى رائحة الدخان وصوت الانتظار
ولأن الحرب تمسّ الريف أولًا تشير تقارير الأمم المتحدة لعام 2024 إلى أن أكثر من 17.7 مليون شخص أي أكثر من ثلث سكان السودان يعانون من الجوع الحاد ومعظمهم في المناطق الريفية حيث يصل 4.9 ملايين إلى حافة المجاعة وهو ما يعكس التأثير الشديد على حياة هؤلاء النساء
لا يعدهن الصباح بالسلام لكنهن ينهضن لأن الثبات بالنسبة لهن ليس خيارًا بل هوية

المرأة الريفية السودانية ليست مجرد فلاحة أو أم بل هي ذاكرة الأرض
في صمتها حكمة الأجيال وفي خطواتها المتعبة قصص حقول ثبتت أمام الجفاف والقصف
الحرب سرقت منها الأسواق التي كانت تبيع فيها محصولها وشتتت عائلاتها وأدت إلى انخفاض الدخل الريفي بنسبة تصل إلى 19% في بعض المناطق حسب استطلاع IFPRI لعام 2023 لكنها لم تستطع أن تسلبها إيمانها بأن الأرض ستنبت من جديد
هي التي تحفظ أناشيد الريف القديمة وتنسج من خيوط الريح أملًا جديدًا كأنها تعيد رسم خريطة الوطن بيديها

اليوم الدولي للمرأة الريفية ليس مجرد مناسبة بل لحظة للاعتراف بعمق حضور هذه المرأة
في ريف السودان هي النهر الذي يجري في قلب الجفاف والنبتة التي تتشبث بشقوق الصخور
من بين أنقاض القرى التي اجتاحتها الحرب ومخيمات النزوح التي تملؤها الحياة رغم الألم تولد كل يوم امرأة ريفية جديدة تحمل الوطن في كفيها العاريتين وتزرع بذرة حياة في تربة اليأس

ولكن المرأة الريفية لا تقاوم فقط بل تُعيد البناء
عندما تنتهي الحرب ستكون هي من تعيد إحياء الحقول من تنقل إلى أبنائها تراث الأرض ومن تقود المجتمع نحو الشفاء
هي التي ستزرع أول شتلة في أرض محروقة وستعلم الأجيال القادمة أن الوطن ليس مجرد تراب بل إرادة لا تنكسر

في هذا اليوم بينما يكرم العالم المرأة الريفية نحن في السودان نكرم أصل الوجود
المرأة التي جعلت من الأرض وطنًا ومن الصبر قصيدة ومن الحياة فعل إصرار لا ينتهي

الوسومصفاء الزين

مقالات مشابهة

  • اليوم الدولي للمرأة الريفية: السودانيات… ذاكرة الأرض وبذرة البقاء
  • “الكوكب واي”.. عالم خفي يختبئ في النظام الشمسي!
  • رئيس مجلس السيادة يعود إلى البلاد بعد زيارة رسمية إلى القاهرة
  • السيسي يستقبل رئيس مجلس السيادة السوداني
  • تغير المناخ وبصمته الخفية على ظاهرة الهجرة في العالم
  • فرصة ثانية لـ«الكوكب» من شرم الشيخ
  • شبكة أطباء السودان: 233 كادر طبي ضحايا للحرب عقب مقتل الطبيب صديق عثمان
  • رئيس مجلس السيادة يصدر قراراً بإعفاء محافظ بنك السودان وتعيين السيدة آمنة التوم خلفا له
  • نائب الشيوخ: دعم الطاقة المتجددة يعزز السيادة الوطنية ويؤسس لمستقبل اقتصادي مستدام