واشنطن- لم يكن مفاجئا إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اتخاذ أكثر من 100 إجراء بهدف خفض عدد حالات الانتحار داخل الجيش، حيث يرى المراقبون والمتابعون لهذه الظاهرة أنها في تصاعد خلال العقود الأخيرة.

ووقّع وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن على التوصيات، التي جاءت كنتيجة لعملية تدقيق واسعة، شملت 11 منشأة عسكرية، ومقابلات مع أكثر من 2700 موظف عسكري ومدني.

وتنقسم التوصيات إلى 5 فئات كبرى: جودة حياة الجنود، وخدمات الصحة النفسية، ومعالجة وصمة العار المحيطة بطلبات المساعدة، ومراجعة التدريب على الوقاية من الانتحار، والسلامة المتعلقة بجانب بالأسلحة.

البنتاغون تبنّي مؤخرا "قانون براندون" الذي يتيح للعسكريين الحصول على خدمات الصحة العقلية بشكل سري (رويترز) المنتحرون أكثر من قتلى الحروب

وتظهر دراسة لمبادرة "تكلفة الحرب" بجامعة برينستون، تخطي أعداد المنتحرين في الجيش الأميركي 4 أضعاف أعداد قتلاه في كل الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وهي غزو أفغانستان والعراق، والحرب على الإرهاب.

وبلغ عدد المنتحرين أكثر من 31 ألف عسكري، في حين قتل ما يقرب من 7100 عسكري، ويخلص التقرير إلى أن معدلات الانتحار المرتفعة هذه ناجمة عن عوامل متعددة، بما في ذلك المخاطر الكامنة في القتال في أي حرب مثل التعرض الشديد للصدمات، والإجهاد، والثقافة العسكرية والتدريب، واستمرار الحصول على الأسلحة، وصعوبة إعادة الاندماج في الحياة المدنية.

ليست الجهود الأولى

يشكك الكثير من الخبراء في جهود البنتاغون لمواجهة ارتفاع نسب الانتحار، بينما هدفت وزارة الدفاع في السنوات الأخيرة إلى تحسين خدمة رعاية الصحة العقلية للعسكريين، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال، وهو ما أسهم في احتجاج أعضاء الكونغرس، من بينهم 82 عضوا من العسكريين السابقين.

وزادت حالات الانتحار في الجيش في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 مقارنة بالوقت نفسه من العام الماضي، وكشف مكتب منع الانتحار الدفاعي في تقريره انتحار 94 عسكريا من يناير/كانون الثاني حتى مارس/آذار، وهو ما يعني ارتفاع بنسبة 25% مقارنة بـ 75 منتحرا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022.

ودفعت هذه الإحصائيات البنتاغون مؤخرا لتبني "قانون براندون"، الذي يتيح للعسكريين الحصول على خدمات الصحة العقلية بشكل سري وفي أي وقت يحتاجون إليه، وسمي القانون على اسم ضابط البحرية براندون كاسيرتا، الذي توفي منتحرا في عام 2018.

صعوبات قانونية

يرى عدد من الخبراء أن سهولة الوصول إلى الأسلحة تُسهل من مهمة العسكريين الراغبين في الانتحار، في المقابل يقول البنتاغون إنه لن يتخذ أي إجراءات للحد من وصول أفراد الخدمة إلى الأسلحة والذخيرة كجزء من جهوده لمنع الانتحار، حتى بعدما اقترحت لجنة استشارية عيّنها وزير الدفاع لويد أوستن قيودًا على الأسلحة النارية للحد من الوفيات.

ووقّع أوستن مذكرة تقول إن الوزارة لن تفرض حدا أدنى للسن يبلغ 25 عاما لشراء الأسلحة والذخيرة، أو فترة انتظار لمدة 7 أيام للأسلحة التي تباع في المتاجر العسكرية، وكلاهما أوصت به اللجنة الاستشارية في فبراير/شباط الماضي، كما رفض البنتاغون حظر الأسلحة الخاص بالقواعد، أو المطالبة بإخطار القادة عند شراء الجنود لأسلحة خاصة.

وكان قرار رفض هذه التوصيات قد جاء تتويجا لجهد جديد من قبل البنتاغون، للحد أخيرا من العدد الكبير من حالات الانتحار، بعد سنوات من السياسات التي فشلت إلى حد كبير في الحد من المشكلة، وكانت اللجنة الاستشارية السابقة قد حددت سهولة الوصول إلى الأسلحة النارية، التي تباع في القواعد العسكرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، باعتبارها خطرا كبيرا.

وعن توصية اقتناء الأسلحة النارية، قالت المديرة التنفيذية لمكتب مرونة القوة في البنتاغون إليزابيث فوستر، "قررنا أن هناك بعض العوائق القانونية الكبيرة أمام تنفيذ هذه التوصية في هذا الوقت".

ويتمتع العسكريون، مثل جميع الأميركيين، بحقوق التعديل الثاني في الدستور، والتي تمنح الحق للأفراد في امتلاك الأسلحة النارية، ومن المرجح أن يذهبوا خارج القاعدة لشرائها إذا فرض الجيش أي قيود على القاعدة لشرائها أو امتلاكها، ومن المرجح أيضا أن يواجه الكونغرس تحديا قويا لأي تحركات من جانب البنتاغون لتقييد الوصول.

وباعت المتاجر الملحقة بالقواعد العسكرية أكثر من 113 ألف سلاح ناري في عام 2021، وفقا للأرقام المقدمة إلى موقع عسكري متخصص، ونشرت كجزء من تحقيق في حالات الانتحار بين العسكريين، لدى قواعد القوات البرية والجوية 81 متجرا لبيع الأسلحة النارية، ولدى سلاح مشاة البحرية 11 متجرا.

ويقول خبير إجراءات السلامة في جامعة ولاية أوهايو وعضو لجنة المراجعة المستقلة لمنع الانتحار والاستجابة له، الدكتور كريغ بريان، إن الشيء الوحيد الذي اتفق عليه جميع الباحثين هو "أن اتخاذ خطوات لإبطاء الوصول المريح إلى الأساليب المميتة للغاية مثل الأسلحة النارية هو الإستراتيجية الوحيدة الأكثر فعالية لإنقاذ الأرواح".

تحذيرات الكونغرس

وحذّرت دراسة نشرتها خدمة أبحاث الكونغرس في 19 سبتمبر/أيلول الجاري، باعتبارها الجهة البحثية التي تمد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بدراسات موثقة حول مختلف القضايا، من مخاطر ارتفاع نسب الانتحار بين العسكريين الأميركيين، وتأثيرها على الروح المعنوية للقوات الأميركية.

ورأت الدراسة، التي اطلعت عليها الجزيرة نت، أنه "إضافة للتأثير السلبي لانتحار الجندي على رفاهية عائلته وأصدقائه، يؤثر ذلك بصورة كبيرة على معنويات واستعداد وحدته"، وطالبت الدراسة بتنسيق الجهود بين قيادات الوحدات العسكرية، والمهنيين الطبيين والمستشارين وغيرهم، لمواجهة هذه الظاهرة، ووثقت الدراسة توجه معدلات الانتحار إلى الارتفاع منذ عام 2013.

كما ألقت الدراسة ذاتها باللوم على بعض جوانب الثقافة العسكرية التي تقدر الصلابة والمرونة، وهو ما قد يثبط سلوك طلب المساعدة. وأظهرت الدراسات أن الكثير من العسكريين يرون أن السعي للحصول على رعاية الصحة العقلية مرتبط بوصمة عار، ويعبرون عن مخاوفهم من تأثير طلب الرعاية على فرصهم الوظيفية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأسلحة الناریة حالات الانتحار الصحة العقلیة أکثر من

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يعلن مقتل اثنين من جنوده على يد المقاومة في قطاع غزة (شاهد)

أعلن جيش الاحتلال، مقتل اثنين من جنوده، بنيران المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، في المعارك الضارية التي تتصدى فيها للتوغلات شمال وجنوب القطاع.

وقال جيش الاحتلال إن أحد القتيلين يدعى إدار جابرييل يحمل رتبة رقيب أول، وهو مقاتل في كتيبة الدوريات التابعة للواء بيسلاح، وقتل بنيران المقاومة في معركة شمال قطاع غزة.

ولواء بيسلماخ، أو ما يعرف باللواء 828، هو أحد الألوية المسؤولية عن تدريب قادة فرق المشاة ورقباء الفصائل، وهو من الألوية التي تكبدت خسائر على صعيد مقاتليها على يد المقاومة الفلسطينية في غزة.

أما القتيل الثاني، فيدعى يوناتان إلياس، وهو رقيب، ويخدم في لواء جفعاتي للمشاة، وقتل على يد المقاومة، في معارك برفح جنوب قطاع غزة.



ويتواجد لواء جفعاتي وهو أحد ألوية نخبة المشاة، بجيش الاحتلال، في رفح، منذ اليوم الأول للهجوم، وتلقى اللواء ضربات كبيرة، منذ اليوم الأول للعدوان على القطاع، وكبدته المقاومة خسائر كبيرة على صعيد أفراده وآلياته.

يشار إلى أن حصيلة قتلى جيش الاحتلال، من الضباط والجنود، منذ عملية طوفان الأقصى، بلغت 644 قتيلا، في حين بلغت حصيلة القتلى، منذ بدء العدوان البري على القطاع، 293 قتيلا، وهذه الأرقام التي أقر بها الاحتلال، في حين يتهم بإخفاء الخسائر الحقيقية التي يتكبدها على يد المقاومة، في المعارك الضارية بقطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر لسفير جنوب إفريقيا: ما صنعتموه أكثر الأسلحة إيلامًا للكيان الصهيوني
  • ضبط عدد من الأسلحة النارية والذخائر دون ترخيص في منزل عنصر إجرامي بالقاهرة
  • أمن القاهرة يعثر على أسلحة متنوعة في منزل أحد العناصر الإجرامية
  • البنتاغون يعلن مناقصة لشراء كتب حول الاستراتيجية العسكرية لروسيا والصين
  • البنتاغون يعلن عن مناقصة لشراء كتب حول الإستراتيجية العسكرية الروسية
  • ملائكة الرحمة من الحماية المدنية يساعدون مسنًا في الصعود إلى منزله
  • الاحتلال يعلن مقتل اثنين من جنوده على يد المقاومة في قطاع غزة (شاهد)
  • البنتاغون: بايدن سمح لكييف باستخدام الأسلحة الأمريكية ضد أراضي روسيا خلال السجال المدفعي المتبادل
  • "نيويورك تايمز": البنتاغون سيحدد أهدافا في روسيا يمكن لكييف قصفها بأسلحة أمريكية
  • البنتاغون يؤكد أن واشنطن سمحت لكييف باستخدام الأسلحة الأمريكية ضد الأراضي الروسية