الوطن المستباح.. أنينك أوجعني
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
بغداد اليوم - بغداد
بقلم المهندس: حيدر عبدالجبار البطاط
فقدت الحياة كل مقوماتها ولذيذ عيشها.. عندما ضاع الشرف وفقدت المبادئ وماتت الفضيلة!!؟
عندما أصبح القتل شجاعة والرشوة مباح والكذب طريقة للحياة والعمالة للأجنبي شطارة والسرقة رجولة!!
في زمن أصبح الكذب فيه هو اللغة الرسمية والخيانة واقعية!!؟
كيف لك أن تكون وطنياً في بلدٍ ممزق يعج باللصوص والمجرمين و الخونة؟؟!
فالوطنية الحقيقية لا تنمو لتثمر أمنا واستقرارا ورخاء إلا إذا تنفست نسائم الحرية وكانت عامرة بالأحرار والشرفاء في ظل الديمقراطية الحقيقية والحكم الرشيد!!
ان الطغاة لا يصنعون مواطنين ولا أناساً وطنيين بل يصنعون منافقين وكذابين و مُرائين!!
أصبح النفاق ديدن الكثيرين من الناس وأصبح الكذب والتمثيل والفبركة والتظاهر بالوطنية شعار المرحلة!!
ان الكثيرين من لاعقي أحذية الأنظمة السابقة ظلوا ملتزمين بممارسة النفاق للأنظمة اللاحقة رغم أن غالبية ابناء البلد في الداخل و الخارج حطموا جدار الصمت ودفعوا ثمناً غالياً
لقد نجح الفاسدون في قطع الالسن وتمزيق الشرايين وتحويل ارض الوطن إلى مزرعة لهم و لأتباعهم
نصبوا انفسهم أسيادا وجعلوا فقراء الوطن عبيدا لهم… باعوا الوطن بثمن بخس ووقفوا بكل وقاحة يتحدثون عن الوطنية وكأنهم أهل الدار بعد أن خربوها و عاثوا فيها الفساد وملئوها بما يملكون من قاذورات
ان الناس باتوا أسرى هزائمهم في حروبهم اليومية ضد همومهم الحياتية.
لقد فقد الشعب القدرة على أن يذهب بأحلامه أبعد من السلع التموينية والماء الشحيح رغم تلوثه أو البحث عن فرصة عمل كريمة
أنا اليوم لم أرى في الوطن إلا أبطالاً في قبور ولصوصاً في قصور وأغنياء على ذل الفقراء يغتنون وحكاماً على جثث الناس يرقصون ونواباً لا يتغيرون ووزراءَ في مواضيع الإنشاء يتنافسون
تم تدمير الشعب بالجهل والتخلف حتى يستمرون في مناصبهم وقاموا بتكييف العلوم وبلورتها بما يتناسب مع أيدولوجياتهم
شكلوا الشعب بقالب معين وقاموا بتدجينهُ وفق أيدلوجية معينة أوهموا الشعب بعدو أسطوري لا وجود له واستغلوا الدين لتثبيت حكمهم.. نشروا الرذيلة في المجتمع ودمروا العلم و التعليم و التربيه.. حرصوا على تفكيك المجتمع أسرياً وقبلياً
بت لا أعرف إلا وطن بلا كهرباء وبلا مياه وبلا كرامة!
الأخبار طقس لاهب والأعلام هرج ومرج.. فن بلا معنى و لا مغزى وفاسدين يكرمون وسراق اعلى المناصب يرتقون والشرفاء يحاربون والعلماء يهجرون وشجعان يُغتالون !!؟
عرفنا شهداء وشجون وأحزان..!
رأيت وهماً صدّقناه أسموه حرية.. رأيت شعارات جديدة وهتافات جديدة بألوان قاتمة وبهزائم متكررة
رأيت مدارس لا تدرّس وجامعات لا تجمع ومستشفيات بلا شفاء وأبناءَ وطن يَنهش بعضُهم بعضاً.. رأيت الإنسان يرخص ويعلو كل شيء عداه.. رأيت انسان يموت فيُنسى أسرع من الموت … ؟؟!
ايها الوطن الحبيب.. لقد ذبحوك من الوريد إلى الوريد.. لقد جففوا ينابيعك بحقدهم وحرقوا حقولك بشرورهم.. مصّوا دمك وأكلوا لحمك وشحمك ولم يبقوا لك إلا الجلد والعظم ؟؟!
باسم الله قتلوك … باسم الحب خانوك … باعوا ترابك وهواءك وماءك وكبرياءك ومع ذلك يصفقون لك وينشدون عاش الوطن !!!؟
جيوبهم مع الوطن وسيوفهم عليه..
كيف لنا أن نعبر عن املنا في الغد المتمثل في الشباب الممتلئين حياة وغيرة ونشاط وشجاعة وعطاءا ونراهم اليوم يموتون بلا مقاتلة ولا مناضلة بسبب البطالة والمحسوبية وإغلاق كل الأبواب في وجوههم.. امتص منهم الحق في الحياة حتى تركهم جثثا حية وهم في ريعان الشباب والقوة والحيوية بعد أن تعذر عليهم العمل والزواج والحب وحرموا حتى من حقهم في الحلم بهذه الحقوق البسيطة !!؟
الكل سماسرة يبحثون عن مصالحهم وأخر ما يفكرون به وأخر ما يتذكرون هو أنت ايها الوطن المكسور.. كم من جراح أنت تحتمل وكم من آسى يبيت فيك ويعزف أنشودة الأمل الضائع ويصيح فيك دون انقطاع.. اختلطت كل الخيوط فلا أحد أصبح يعرف على وجه التحديد تعريفاً لهذا المآزق الذي انت فيه!!؟
أهو الكبت السياسي فقط أم الغضب المكتوم أم الفساد والبطالة أم افتراء المفتري أم الفقر والعذاب ام المرض أم هو الحرمان و القسوة والظلم أم هو كل هذه المتناقضات في خليط مبتكر عجيب يجسد ما آلت إليه الشخصية الوطنية من الكراهية المستترة و اليأس و الرضوخ والتمرد و الضعف والقوة؟!
ها أنا أنعي إليكم الوطن الذبيح
و أرجوكم أن تزرعوا درب المقبرة بالورد والياسمين فالوطن لم يعد له وجود بين الأحياء.. سامحونا إن صرخنا ورفضنا كل شيء وكسرنا كل قيد فحب الوطن لعنة تطاردنا.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
احذر عدوك مرة
ليس عدونا، وعدو الأمة هو العدو الذي نعرفه جميعًا، ولا يعني أن هذا العدو هو الخطر الوحيد الذي يتربص مع خصومه بالأمة وبالوطن، بل هناك أعداء أخطر من ذلك بكثير، ونقصد بهم أعداء الداخل، وهؤلاء المنافقون والمخادعون الذين يعيشون بيننا، وينعمون من خير الوطن، رغم أنهم يتبنون أفكارًا تكفيرية، ويقومون بالأعمال الإرهابية والتخريبية، وتبني أجندات ومخططات خارجية تستهدف النيل من أمن الوطن واستقراره، ومثل هؤلاء لا يتوقفون عن القيام بكل الأعمال الخبيثة والشريرة، ومنها خداع الأهل والسلطات، إثارة الشائعات الكاذبة والمغرضة، والتشكيك عبر وسائلهم الخبيثة في الداخل والخارج تجاه ما تقوم به الدولة بمؤسساتها من إنجازات على المستوى الداخلي والإقليمي، إن هؤلاء وللأسف يعيشون بيننا، لا يتوقفون عن إيذاء الوطن، يتمنون اللحظة الملائمة للانقضاض عليه، ولهذا تنطبق عليهم الحكمة المتوارثة التي تقول "احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة، فلربما كان الصديق أعلم بالمضرة". ما يدلل على أن هؤلاء العابثون بأمن الوطن هم أشد أعدائه وأعداء الأمة، فهم لا يبالون بتداعيات المخاطر التي تنجم عن أعمالهم، وتعرض الوطن للدمار والخراب، أو بتمكينهم الأعداء من تحقيق أهدافهم، ما يستوجب علينا جميعًا أن ننتبه لهم، وأن نتعلم من أخطاء الماضي، ونستفيد من تجارب الدول المحيطة بنا، وما وقع بها من خراب ودمار، وتخلف عن الركب، وعلينا جميعًا تقع المسئوليات الجسام، للحفاظ على الوطن، فعلى الشعب أولا أن يكون يقظًا تجاه هؤلاء، وألا يرحمهم، أو يتعاطف معهم، حتى لا يكون شريكًا في الخراب الذي من الممكن أن يحل بالوطن، وعليه جميعًا أن نسترجع وحدتنا وتماسكنا ووعينا كما كنا في فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وغيرها من فترات الوعي والإرادة، ومنها فترة الثلاثين من يونيو التي استرد منها الشعب والجيش من الخونة المنافقين عملاء الخارج.
أما المسئولية الكبرى فتقع على سلطاتنا الأمنية، وعلى جيشنا وأجهزة مخابراتنا التي يشهد لها بالكفاءة، عليهم أن يكونوا دومًا يقظين، وأن تعمل أجهزتنا الرقابية والمخابراتية بكامل جاهزيتها في الخارج قبل الداخل، فما يحدث الآن من مخططات خارجية بالتزامن مع تداعيات حرب العدو الصهيوني على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة، وفي لبنان وسوريا وغيرها، خير شاهد على ما يحاك لنا، فبسبب انشغالنا بتلك الأحداث والملفات الخارجية جعلتنا نركز أكثر على تلك الأزمات وعلى حماية حدودنا، وهو الأمر الذي جعل أعداء الأمة يتحركون من تحت الركاب من جديد، فالحرائق التي انتشرت فجأة في القاهرة والمدن المصرية، انتشار الشائعات المغرضة، إيقاع الفتنة بين المؤسسات والقطاعات المصرية، ومنها الأندية المصرية، ناهيك عن تغلغل هؤلاء الخونة وانتشارهم مرة أخرى في بعض المساجد والزوايا، مستهدفين ومستقطبين الشباب والبسطاء، ونشاطهم، وفي الأحزاب والتكتلات السياسية داخل مصر، ونشاط بعض من تلك العناصر الخبيثة في خارج مصر من خلال التقرب للسفارات، والقنصليات المصرية وخداع الدولة، وبخاصة في البلدان الغربية كفرنسا وألمانيا، والأخطر من ذلك هو عودة الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها حركة حسم التكفيرية، ما يدل على انتعاش هذا الفكر الشيطاني، واستهداف الوطن من جديد، ما يستوجب أن تضرب أجهزتنا الأمنية هؤلاء الخونة بيد من نار، وأن توازن سلطاتنا الأمنية بين عملها في الداخل، وبين مشاكلنا الإقليمية، ليتبقى فقط هاجس واحد يشكل خطرًا علينا، ويعد بمثابة قنبلة موقوتة، ألا وهو العدد الكبير من اللاجئين من السوريين والسودانيين، وغيرهم من الذين لا تعرف انتماءاتهم، وأيديولوجياتهم، والذين يشكلون عبئًا كبيرًا على الأمن والاقتصاد المصري، ومزاحمتهم للمصريين في حياتهم اليومية، دون وجود سقف زمني لرحيل هؤلاء إلى أوطانهم بعد استقرار بعضها.
ومع كل ذلك، لا يجب أن تغفل القيادة السياسية عن الاهتمام بالمواطن المصري، وحماية حقوقه، وتوفير الرعاية والحياة الكريمة التي يستحقها الكادحون من أبناء الشعب، ودعم شبابنا، والقيام بكل عمل يستهدف مصلحة المواطن أولاً، والقيام بكل ما من شأنه أن يعيد الانتماء بقوة للوطن من جديد.