«سخمت».. حكاية معبودة اسمها في الأساطير «أمنا الغولة»
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
«سخمت» هي إحدى المعبودات الشهيرات في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، ونسج حولها مجموعة من القصص تدور حول دورها وأهميتها في الحياة والديانة المصرية القديمة.
وتعني «سخمت» في اللغة المصرية القديمة، الملتهبة أو الساخنة، والقوية ولديها صولجان يسمى السخم أي صولجان القوية، فهي كانت القوية أو الملتهبة أو الساخنة وأيضا الملتهمة.
يقول الطيب غريب، مدير معابد الكرنك شمال الأقصر، إن المعبودة «سخمت» سميت بالملتهمة لأنها كان لها دور في أسطورة هلاك البشرية، وهذه كانت إحدى الأساطير الهامة جدا في تاريخ الحضارة المصرية التي تتحدث عن المعبود رع، بما أنها كانت ابنة المعبود رع وعين المعبود رع الذي أرسلها للقضاء على أعدائه بما أنها كانت تأخذ شكل أنثى الأسد وقضت على هؤلاء الأعداء من البشر، ولكن استمرت في القضاء حتى على الأبرياء فيما بعد، لدرجة أن المعبود رع أراد أن تتوقف عن هذا فنفذ حيلة معينة ليمنعها من الاستمرار في القضاء على كل البشر.
وأضاف «غريب» لـ«لوطن»، أن شكل المعبودة «سخمت» يتمثل في أنثى كاملة ترتدي رداءً وفوق رأسها قرص الشمس وحية الكبرى، وتمسك بيدها اليمنى صولجان الواص أو عمود البردي، وتمسك بيدها اليسرى علامة العنخ، وهذا هو الشكل الشهير لها، ولها مجموعة من التماثيل الواقفة والجالسة على كرسي العرش، وأغلب التماثيل كانت من حجر الجيرانيت الأسود أو الجرانوديوريت، وأكثر تماثيل جرى صنعها لهذه المعبودة في تاريخ الحضارة المصرية على الإطلاق، كانت في عهد الملك أمنحتب الثالث والد الملك اخناتون عام 1390 قبل الميلاد.
قال مدير معابد الكرنك: «نرى ذلك في جنوب معابد الكرنك في معبد المعبودة موت وكذلك في المعبد الجنائزي في البر الغربي، إذ تجري بعثة أوروبية مصرية مشتركة الكشف عن مئات التماثيل للمعبودة سخمت التي كانت تمثل الثالوث المقدس لمدينة منف كان زوجها يمثل المعبود بتاح، والزوجة سخمت وابنهما المعبود نفرتم، وهو على شكل زهرة اللوتس، والمعبود بتاح كان من المعبودات القديمة والهامة جدا في تاريخ الحضارة المصرية، وكان أحد المعبودات الخالقة للكون أجمع».
حماية موكب المعبود رعوتابع: «المعبودة سخمت معبودة قديمة جدا، ورد اسمها في نصوص الأهرام منذ عصر الأسرة الخامسة، وهذا على أقل تقدير إن لم يكن قبل ذلك وكان دورها الأساسي حماية موكب المعبود رع أثناء عبوره السموات العلا، إذ تكون في مقدمة الموكب لحماية والدها رع وحماية ابنه على الأرض وهو الملك».
ولفت إلى أن سبب شيوع عبادة المعبودة سخمت، هو ارتباطها مع المعبودة موت زوجة المعبود آمون وهو أشهر المعبودات في تاريخ الحضارة المصرية، والمعبود آمون ظل يُعبد منفردا أكثر من ألفي عام، هو والثالوث الخاص به آمون وموت وخونسو، وموت كانت تتشكل في شكل سخمت أيضا، لذا عُبدت داخل معابد الكرنك ولهم معبد كبير جدا في الناحية الشمالية، يمثل فيه المعبود بتاح والمعبودة سخمت وابنهما نفرتم، وإن كان تمثال نفرتم فقد تماما وفيه بقايا المعبود بتاح الزوج وهو التمثال الكامل ويكاد يكون النادر للمعبودة سخمت والذي يمثلها كإلهة ومعبودة واقفة تمسك بعلامة العنخ.
هل المعبودة «سخمت» هي «أُمّنا الغولة»؟وأشار مدير معابد الكرنك، إلى أن المعبودة سخمت ارتبطت بالأدب الشعبي، إذ يُعتقد أن الأسطورة الشعبية الشهيرة «أمنا الغولة»، جاءت من شكل المعبودة سخمت المخيف المتمثل في شكل أنثى، واللون الأسود ووجودها في الظلام فكانت تبعث الخوف والرعب في قلوب الناس، ولذلك ارتبطت فكرة أمنا الغولة في الأدب الشعبي بسخمت، فهى ما زالت تعيش حتى وقت قريب في الأساطير الشعبية، وحتى البوابة الموجودة بجوار معبدها كان اسمها بوابة العبد، وذلك مرتبط بشكل سخمت في الأدب الشعبي التي تأتي بإخافة الأطفال.
وذكر أن مجموعة من السائحين، بدأوا في ممارسة طقوس غريبة أثناء زيارة سخمت، منتصف تسعينيات القرن الماضي، لكن وزارة الآثار تنبهت لذلك وأصدرت منشورا تمنع فيه ممارسة أي طقوس أو شعائر دينية أو إشعال نيران داخل المناطق الأثرية، ووضعت حراسة على هذه الأماكن، مثل مقصوة سخمت، تفتح فقط للزيارة العادية دون ممارسة أي طقوس لذا جرى تشديد الحراسة.
من جانبها، أكدت سمر ناجي، مرشدة سياحية بالأقصر، أن هناك فئة معينة من السائحين كانوا يسمون بالعبّادة أو المتأملين، يذهبون لمقصورة سخمت في معبد الكرنك يمارسون طقوسا غير مفهومة، ويرددون كلمات غير مفهومة ويطوفون حولها ويبكون ويرتدون ملابس معينة إما سوداء تماما أو بيضاء تماما، ويخلعون أحذيتهم، لاعتقادهم أنها تمدهم بالقوة والطاقة من الأرض التي يمشون عليها، وأحيانا كانوا يجلبون معهم زيوتا معينة يسكبونها على أجسادهم، لكن الآن مُنعت تلك الطقوس تماما وأغلقت الغرفة بباب حديدي عليه حراسة دائمة لمنع ممارسة تلك الطقوس هناك.
مقصورة سخمت بمعبد هابووأوضحت «ناجي» أنه من المعروف أن هناك أجانب خارج مصر، يهتمون بعبادة سخمت وتقديم قرابين لها، كما يوجد لسخمت مقصورة أخرى بمعبد «هابو» يأتي إليها السائحون وكانوا يمارسون نفس الطقوس، وجرى اختيار سخمت لأنها تتشبه بأنثى الأسد، وكانوا يستمدون منها القوة والطاقة، ومن اعتقادهم أنها تسحب منهم الطاقة السلبية وتمدهم بالطاقة الإيجابية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأقصر معبد الكرنك معابد الکرنک
إقرأ أيضاً:
الحوار والتواصل: الموسيقى تربط العالم... احتفالية مصرية صينية بمتحف الحضارة
تحت عنوان "الحوار والتواصل: الموسيقى تربط العالم"، احتفل المتحف القومي للحضارة المصرية باليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات وذلك بالتعاون مع السفارة الصينية بالقاهرة.
شمل الاحتفال تنظيم فعالية ثقافية وفنية، ألقى خلال الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، كلمة ترحيبية بالحضور معربًا عن اعتزازه بالنجاحات المتواصلة التي تحققها فعاليات المتحف، مؤكدًا على أن هذه الفعاليات تسهم بشكل كبير في دعم التبادل الثقافي وتعزيز الحوار بين الشعوب،وأهمية الفنون والموسيقى كجسور للتواصل والتفاهم بينها، مشيرًا إلى أن المتحف أصبح منصة دولية للتلاقي الثقافي من خلال التعاون مع السفارات والهيئات الدبلوماسية في تنظيم عروض وفعاليات تعرف الزائرين بعراقة الحضارة المصرية وبثقافات العالم المختلفة.
كما تم عرض كلمة مصورة للسيد وانغ يي عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية، أكد خلالها على أن حضارات العالم تُكمّل بعضها البعض وتُلهم بعضها البعض، وأصبح التفاعل بين هذه الحضارات ذو أهميةٍ حيوية، وقد حان الوقت لتعزيز الحوار فيما بينها حيث أن الحوار بين الحضارات هو رباط سلام، ومحرك للتنمية، وجسر للصداقة.
ومن جانبه أعرب السفير لياو ليتشيان، سفير جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة، عن تقديره العميق للجهود المبذولة في تنظيم هذه الفعالية، مشيدًا بالشراكة والتعاون المثمر بين السفارة والمتحف، ومؤكدًا على أهمية هذه الفعاليات في تعريف الشعب المصري بالفن والثقافة الصينية، وتعزيز التقارب الثقافي بين البلدين.
وتضمن برنامج الفعالية أيضًا مجموعة من العروض الفنية والموسيقية المبهرة المستوحاة من التراث المصري والصيني، حيث قدم عدد من كبار العازفين الصينيين عروضًا تقليدية على الآلات الوترية الصينية، بالإضافة إلى عرض راقص صيني لفرقة الأحافير الحية يجمع بين الطابع التراثي والروح المعاصرة.
كما شاركت فرقة النيل للموسيقى والغناء الشعبي التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، بباقة متنوعة من الأغاني الفلكلورية المصرية المصاحبة للآلات الشعبية مثل المزمار والطبلة والصاجات والأرغول.
وقد حضر الفعالية عددًا من الشخصيات العامة والفنانين وعشاق الفن والتراث، من بينهم الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق، والدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، والسفير لياو ليتشيان، سفير جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة، والسيد زانج يي، مدير المركز الثقافي الصيني والمستشار الثقافي والسياحي للسفارة الصينية بالقاهرة، بالإضافة إلى عدد من سفراء الدول الأجنبية بالقاهرة، الذين أعربوا عن إعجابهم بمستوى التنظيم والمحتوى الفني الراقي للفعالية.
ومن الجدير بالذكر ان الاحتفال باليوم الدولي الأول للحوار بين الحضارات والذي يوافق 10 يونيو من كل عام، تم تحديده خلال اجتماع الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو 2024، بهدف تعزيز الاحترام المتبادل والحوار بين الثقافات والتضامن العالمي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على قيمة التنوع في بناء عالم أكثر تناغمًا.