*معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

*مايكل نايتس هو "زميل برنشتاين" في معهد واشنطن وأحد مؤسسي منصة "الأضواء الكاشفة للميليشيات" التابعة للمعهد

*فرزين نديمي هو زميل أقدم في المعهد، ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية لمنطقة "الخليج العربي"

من الضروري إنهاء الحرب في اليمن وتسهيل المسارات الدبلوماسية الأمريكية السعودية الأخرى، إلا أن شيئاً من ذلك لن يتحقق إذا تمّ التغاضي عن الخطوات الكبيرة التي اتخذها الحوثيون في مجال العسكرة.

أدّى الهجوم الذي شنّه الحوثيون بطائرة مسيّرة في 25 سبتمبر على الجانب السعودي من الحدود مع اليمن إلى مقتل جنديّين بحرينيّين يعملان هناك تحت راية التحالف الذي تقوده السعودية، كما توفي جندي ثالث بعد يومين متأثراً بجراحه. وبالإضافة إلى إثارة غضب البحرين، فقد انتهك هذا الهجوم أيضاً قرار وقف إطلاق النار المُطَبّق إلى حدّ ما منذ أغسطس 2022 على الرغم من الهجمات الدورية التي يشنّها الحوثيون على الأرض وبالطائرات بدون طيّار.

والجدير بالذكر أن الحادث جاء بعد أيام فقط من الاستعراض العسكري الواسع النطاق الذي أقامه الحوثيون المدعومون من إيران في صنعاء احتفالاً بالذكرى التاسعة لانقلابهم عام 2014 ضد الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. وتضمّن استعراض القوة الذي أُجري في 21 سبتمبر أول عرض طيران لطائرة مقاتلة تم ترميمها، بالإضافة إلى صواريخ باليستية جديدة إيرانية التصميم تم تصنيعها على الرغم من حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، ويُزعم أنها قادرة على الوصول إلى إسرائيل.

وتعدّ هذه التطورات بمثابة تحذير من أن الحوثيين يبنون قوّتهم لتكثيف هجماتهم واختبار العزيمة اليمنيّة والخليجية في الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة وأوروبا والسعودية والإمارات العربية المتحدة على البقيّة الباقية من الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة لتحقيق السلام بشروط يمليها الحوثيون. ولذلك من الضروري إيجاد توازن بين الرغبة الدولية في تحقيق السلام بأي ثمن -رغم أنه يمكن تفهمها- والرغبة في ردع العدوان الحوثي المستقبلي، واحتوائه إذا لزم الأمر.

الإنجازات العسكرية والفنية للحوثيين

على الرغم من المظهر البرّاق اللافت للنظر للطائرة المقاتلة من طراز "إف-5" التي تعود إلى حقبة سبعينيات القرن الماضي وهي تحلق فوق صنعاء، إلا أن العنوان الحقيقي للعرض العسكري الذي أقيم الأسبوع الماضي كان الإشارة الضمنية إلى الزيادة في نطاق صواريخ الحوثيين ودقتها. وتشير جميع الأدلة الظاهرة إلى تزايد الانخراط الإيراني نحو الهدف النهائي المتمثل في جعل قدرات الجماعة على قدم المساواة على الأقل مع قدرات "حزب الله" اللبناني بدلاً من أن تبقى وكيلاً من الدرجة الدنيا (على الرغم من أن "حزب الله" اللبناني يميل إلى أن يكون أكثر حذراً بشأن عرض بعض قدراته، على الأرجح بسبب الخوف من عمليات الاعتراض الإسرائيلية).

تلقين جيل جديد من المقاتلين

سعى العرض أيضاً إلى إبهار الخصوم باستعراض القوة البشرية. وزعمت وكالة الأنباء اليمنية ("سبأ") الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أن "حوالي 35 ألف جندي من مختلف التشكيلات العسكرية شاركوا في العرض العسكري من الكليات الحربية والبحرية والطيران والقوات الجوية والبرية والبحرية والدفاع الجوي والساحلي والقوات الخاصة والشرطة العسكرية وكتائب «الفتح»" (وهي هيئة حديثة العهد لا تاريخ لها قبل الحوثيين). وبالفعل يقوم الحوثيون بعسكرة السكان على نطاق لم يسبق له مثيل حتى الآن في اليمن، وهو ما لا يوحي بأنهم مستعدون لقبول السلام.

هيئة التعبئة العامة

حشد هذا الفرع الجديد في وزارة الدفاع ما يُقدر بنحو 130 ألف مجند من الشرائح الأكثر فقراً في المجتمع، والذين يفضلون حتى تقاضي الحد الأدنى من الراتب الذي يبلغ حوالي 30 دولاراً شهرياً على العيش في فقر مدقع.

مسؤول الإعداد للجهاد الحوثي (المعروف أيضاً بـ"مسؤول اللجنة المركزية للتجنيد والتعبئة")

يعمل صاحب هذا المنصب تحت الغطاء الرسمي لـ"هيئة التعبئة العامة"، ويشغله رئيس "الهيئة" عبد الرحيم الحمران. وبتوجيه منه، يقوم العديد من مشرفي المحافظات الحوثية، و"مديري شؤون الأحياء"، و"شيوخ الأحياء" بتمشيط المنازل بحثاً عن ذكور بلغوا سن التجنيد ومواصلة تحديث نظام الموارد البشرية العسكرية.

كتائب الشؤون اللوجستية والدعم لقوات التعبئة الشعبية ("الباسيج") التابعة للحوثيين

وهي قوة تعبئة احتياطية موازية يديرها مسؤول الإعداد للجهاد وهي شبيهة بقوات "الباسيج" الإيرانية. ويتولى تطوير هذه الكتائب قاسم الحمران (المعروف أيضاً باسم أبو كوثر)، الذي كان يشرف سابقاً على وزارة الشباب والرياضة.

الجنود الأطفال

وفقاً لما أشار المحلل غريغوري جونسن مؤخراً، "إن الحوثيين هم - إلى حد بعيد - أكبر الجهات التي لديها جنود أطفال في اليمن". ونقلاً عن فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالشأن اليمني، كتب أنه حتى أثناء وقف إطلاق النار، يستمر الحوثيون في "التلقين العقائدي والتجنيد، وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال"، باستخدام وسائل مثل المعسكرات الصيفية، والأناشيد الإذاعية الشعبية، والكتب الدراسية، والملصقات العامة التي تمجّد "الشهداء" من الأطفال.

بعبارة أخرى، يستخدم الحوثيون أساليب "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" و"حزب الله" في عسكرة مجتمعهم وإنشاء البنية التحتية للتعبئة الدائمة. وبذلك، أصبح الجيش الحوثي، أكثر من أي وقت مضى، قوة تخضع لغسل دماغ عقائدي، إذ إن "دائرة الإرشاد الروحي" التابعة له تعمل منذ ما يقرب من عشر سنوات، وكان جنودها الأصغر سناً مجرد أطفال صغار عندما استولى الحوثيون على صنعاء في عام 2014. ومن المرجح أن الكثيرين لا يتذكرون حقبة ما قبل الدعاية الحوثية التي ما زالت حتى يومنا هذا تحمل عنوان "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام". وتجدر الإشارة إلى أن هذا الشعار كان مطبوعاً على جانب الطائرة اليمنية القديمة الأمريكية الصنع التي طيّرها الحوثيون فوق عرضهم العسكري، وهي واحدة من منظومات الأسلحة الكثيرة التي تحمل هذه العبارات.

التداعيات على السياسة الأمريكية

يُعدّ إنهاء حرب اليمن أمراً مهماً لواضعي السياسات الأمريكيين، ليس لوقف النزاع المدمر فحسب بل للتخلص من تعقيدات ثنائية كبيرة أيضاً، في الوقت الذي تناقش فيه واشنطن والرياض الشروط المحتملة لإبرام اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي وتعميق الالتزامات الدفاعية بين الولايات المتحدة والسعودية. وإذا تم التوصل إلى اتفاق أمني ثنائي أكثر شمولاً وإلزاماً، يجب على الولايات المتحدة والسعودية أن تكونا مستعدتين لوضع استراتيجية واسعة النطاق للردع والحد من التهديدات التي يمكن أن تمنع الحوثيين من التوسع بصورة أكثر في قدراتهم الصاروخية والطائرات بدون طيار وأسلحتهم المضادة للسفن والأسلحة الحربية البرية.

وبالإضافة إلى ضمان التوصل إلى اتفاق سلام عادل في اليمن، فإن هذا يعني أيضاً اتخاذ خطوات ملموسة لفرض حظر الأسلحة الصادر عن الأمم المتحدة ومنع التحولات المزعزعة للاستقرار في ميزان القوى العسكري والتي قد تعيد إشعال الحرب. وتشمل هذه الخطوات:

تعزيز عمليات الاعتراض البحري

بما أنّ الحوثيين يدّعون امتلاك صاروخ باليستي متوسط المدى قادر على الوصول إلى إسرائيل، يجب على السلطات أن تراعي احتمال استمرار نقل أنظمة التوجيه والمحركات وخزانات الوقود السائل الكبيرة إليهم على الرغم من الحظر. ومع ذلك، فإن أي تقدير لقدرة الحوثيين الصاروخية واستدامتها سيعتمد على النسبة المئوية لهذه الأسلحة التي يتم إنتاجها في اليمن.

فرض عقوبات على قادة الحوثيين لارتكابهم مجموعة كبيرة من الانتهاكات، بدءاً من نشر الصواريخ والطائرات بدون طيار وإلى جهود "الإعداد للجهاد" وتجنيد الجنود الأطفال.

السعي إلى فرض حظر من جانب الأمم المتحدة على الشحن الجوي المباشر ورحلات الركاب المباشرة بين اليمن ولبنان وإيران وسوريا والعراق.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: الأمم المتحدة على الرغم من فی الیمن حزب الله

إقرأ أيضاً:

مجلة أمريكية: ما الوسيلة الأقل تكلفة لواشنطن لتأمين البحر الأحمر والقضاء على تهديدات الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)

قالت مجلة أمريكية إن دعم وتدريب قوات خفر السواحل اليمنية تعد الوسيلة الأقل تكلفة لواشنطن لتقويض تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر.

 

وذكرت مجلة "ناشيونال انترست" في تحليل للباحثيَن "بريدجيت تومي"، "إريك نافارو" ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن مؤتمر "شراكة الأمن البحري اليمني" (YMSP) التي عقد في الرياض، في 16 سبتمبر الماضي بمشاركة 40 دولة خطوة مهمة في بناء قدرات اليمنيين لاستعادة بلادهم من جماعة الحوثي التي انقلبت على الدولة قبل 11 عاما.

 

وقال التحليل "إذا كانت الولايات المتحدة جادةً في تأمين البحر الأحمر، فعليها دعم هذه المبادرة بالكامل ومساعدتها على تحقيق كامل إمكاناتها".

 

وأكد أن يمنًا قادرًا على هزيمة الحوثيين والعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها لإحباط الطموحات الإيرانية هو هدفٌ جديرٌ بالسعي لتحقيقه.

 

واضاف "لن تُمكّن الولايات المتحدة اليمن من العمل نحو مستقبلٍ خالٍ من تهديد الحوثيين فحسب، بل ستعزز أيضًا أهداف أمنها القومي في الشرق الأوسط".

 

واعتبرت تشكيل التحالف الدولي لردع الحوثيين التي دعا لها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد اليمني -في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي لمواجهة الحوثيين، ومؤتمر شراكة الأمن البحري متعدد الأطراف لمكافحة تهريب الأسلحة من قِبل الحوثيين، نقطة انطلاق ممتازة لمثل هذا الجهد، وينبغي على الولايات المتحدة دعمها.

 

ووفق التحليل فإن المملكة المتحدة سبق أن بذلت جهودًا كبيرة لدعم خفر السواحل اليمني، كما ساهمت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والأمم المتحدة ودول أخرى في الماضي.

 

وقال "على الرغم من هذا الدعم، يُصرّ اللواء خالد القملي، رئيس هيئة خفر السواحل اليمنية، على أن القوة لا تزال تفتقر إلى الموارد اللازمة لتلبية متطلبات مهمتها. ينبغي أن تُبنى هذه المبادرة الجديدة على الجهود السابقة لتطوير جهود مكافحة التهريب والقرصنة المحلية في اليمن".

 

ولسد هذا النقص، يضيف التحليل "ينبغي على الولايات المتحدة زيادة دعمها المالي والمادي والعسكري لبرنامج خفر السواحل اليمني (YMSP) بقيادة بريطانيا والسعودية. والجانب المالي واضح ومباشر. مقابل مبلغ زهيد نسبيًا، مقارنةً بالميزانية العسكرية الأمريكية السنوية، تستطيع واشنطن تعزيز القدرات اليمنية بشكل كبير.

 

وطبقا للتحليل فإن إمدادات الأسلحة أو أجهزة الاستشعار الأكثر تطورًا يمكن أن تحقق نفس الأثر، مما يوسع نطاق خفر السواحل، ويعزز التوافق التشغيلي مع قوات التحالف، ويزيد من فتك القوات الحوثية.

 

عسكريًا، افاد التحليل أن واشنطن يمكنها تقديم سلسلة من اتفاقيات التعاون الأمني ​​الميداني التي ترفع مستوى تدريب القوات اليمنية. ويرى أن الأكثر تأثيرًا هو أن الولايات المتحدة يمكنها زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي المحتمل لخفر السواحل، مما يحسن قدرته على تحديد الأهداف وإجراء عمليات مستمرة.

 

"تتوافق هذه المشاركة في برنامج YMSP بشكل مباشر مع هدف إدارة ترامب المتمثل في تعظيم عائد استثماراتها في السياسة الخارجية من خلال جهود منخفضة التكلفة، حيث تلعب القوات المحلية دورًا قياديًا ويتم تخفيف المخاطر المباشرة على أفراد الخدمة الأمريكية. في الوقت نفسه، يضيف هذا البرنامج القوات المحلية إلى الجهود الغربية المستمرة لضمان حرية الملاحة في ممر مائي حيوي للاقتصاد العالمي" وفق التحليل.

 

وخلص تحليل المجلة الأمريكية إلى القول "كما ينبغي أن تُشكّل هذه المبادرة الوسيلة الرئيسية للدعم العالمي لقوات خفر السواحل اليمنية، بما يضمن توزيع جميع الأموال والموارد بما يتوافق مع الأولويات المُحددة. علاوة على ذلك، ينبغي على الدول المانحة مُواصلة الإشراف على الإنفاق. فهذا لا يُؤمّن التدفق المالي ويمنع الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام فحسب، بل يُعزز أيضًا شرعية الجهود المبذولة بشكل عام. يُمكن أن يكون لهذا آثار هائلة على مكانة الحكومة اليمنية على الساحة العالمية، ويُمكن أن يُؤدي إلى استمرار وزيادة الاستثمارات في مُستقبلها".

 


مقالات مشابهة

  • ألمانيا: اليمن بحاجة لحكومة قوية وموحدة وعلى الحوثيين مراجعة أنفسهم
  • المانيا: اليمن بحاجة إلى حكومة موحدة والمجتمع الدولي ينتظر شريكاً قويا وعلى الحوثيين تحديد موقعهم من السلام ولا حلّ في اليمن دون السعودية
  • شبكة حقوقية: الحوثيون يرتكبون أكثر من 5 آلاف انتهاك ضد القطاع الصحي في اليمن
  • 6 دول عربية كثفت التعاون العسكري سريا مع إسرائيل خلال الحرب على غزة
  • أغلبها بمناطق الحوثيين.. تسجيل أكثر من 13 ألف حالة انتحار في اليمن خلال سنوات الحرب
  • د. هبة عيد تكتب: المزحة التي خرجت عن السيطرة.. عندما يتحول الذكاء الاصطناعي إلى فوضى رقمية
  • تحليل أمريكي: المقاومة الوطنية أثبتت كفاءة عالية في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية
  • مجلة أمريكية: ما الوسيلة الأقل تكلفة لواشنطن لتأمين البحر الأحمر والقضاء على تهديدات الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • بالعقل لا بالقلب.. يسري جبر: هكذا يتحول القلق على الرزق إلى يقين وراحة
  • صنعاء تبارك انتصار غزة وتؤكد: اليمن سيبقى في طليعة الداعمين للمقاومة