جيرارد : ممتن للجمهور السعودي والانفجار الكروي حديث العالم
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
نواف السالم
أعرب الإنجليزي ستيفن جيرارد، مدرب نادي الاتفاق ، عن سعادته بحفاوة الاستقبال التي حظى بها من طرف الجمهور السعودي في معرض الرياض الدولي للكتاب.
وقال جيرارد في الندوة الحوارية: “تلقيت ترحيباً كبيراً من الجمهور السعودي هذا جعلني مميزًا حقاً، وأنا ممتن ، بعد تجربتي بارتداء الزي السعودي قمت بتصميم زياً آخر لأنه أعجبني فهو مريح للغاية”.
وشدد مدرب الاتفاق على أن السعودية تقود انفجاراً رياضياً على صعيد كرة القدم، موضحاً: «أعتقد أنها لفتت العالم أجمع في كل مكان في الصحف والتلفاز والشوارع».
وأكد جيرارد: “السعودية لا تحظى بالاهتمام فقط من اللاعبين من أجل الرياضة بل من أجل الثقافة والسياسة وكل الجوانب والتطور سريع جداً هنا كما أنها بيئة مناسبة لتعلم مهارات جديدة” .
وتابع: “القراءة والتركيز تساعد كثير في تطور اللاعبين في كرة القدم وأخذ الجوانب السلبية بعين الاعتبار والاستفادة من الجوانب الجيدة”.
واختتم حديثه: “أتيت إلى السعودية لخوض تحد جديد، وأعجبتني الثقافة السعودية بكل مكان ليس فقط كرة القدم”.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: ستيفن جيرارد مدرب الاتفاق معرض الرياض للكتاب
إقرأ أيضاً:
الجمهور والفريضة الغائبة في الإعلام العربي
في مطلع الألفية الجديدة، كنت شاهدًا على تجربة تلفزيونية عربية. كانت إحدى القنوات التلفزيونية العربية تستعد لإطلاق برنامج ترفيهي ضخم، رُصدت له ميزانية كبيرة، واستقدمت له فرقة إنتاج كاملة من إحدى الدول المجاورة، وروّجت له على مدى أسابيع. عندما بُثت الحلقات الأولى من البرنامج، اصطدمت القناة بالحقيقة المُرّة: الجمهور لم يشاهد البرنامج.
لم يكن ذلك لأن الفكرة كانت ضعيفة، أو لأن التقديم سيئ، ولكن لأن القائمين عليه افترضوا، بكل ثقة، أنهم يعرفون الجمهور وما يريده. لم تُجرَ أي دراسة على احتياجات الجمهور المتوقع قبل إطلاق البرنامج، ولم تُختبر الفكرة على عيّنة صغيرة، ولم يكن لدى القناة أي نظام لقياس المشاهدة الفعلية.
بعد أسابيع قليلة توقف البرنامج في ظروف غامضة، واختفى أثره؛ ومع ذلك، بقي في ذاكرتي باعتباره درسًا عمليًا عن الثمن الباهظ الذي يمكن أن تدفعه وسيلة الإعلام عندما تعمل بالنوايا الحسنة، ولا تستند إلى بحوث علمية للجمهور.
الغريب في الأمر أن أحدًا لم يسأل عن أسباب فشل البرنامج، وأصبحت هذه القصة تتكرر يوميًا في كثير من وسائل الإعلام العربية التي ما زالت تعمل اعتمادًا على «الحدس التحريري»، وليس على المعرفة المبنية على الأرقام والبيانات.
في الوقت الذي تغيّر فيه العالم، وتغيّرت طرق استهلاك وسائل الإعلام، لا تزال مؤسسات إعلامية كثيرة تنظر إلى بحوث الجمهور كترف، وليس كأداة أساسية لفهم الجمهور وصناعة محتوى يناسبه، وتفتقر إلى أدوات قياس دقيقة لمعرفة الجمهور الذي تتوجه له: من هو؟ ماذا يشاهد؟ ما دوافعه وما احتياجاته وما الإشباعات التي يحققها من استخدام وسائل الإعلام؟ وكيف يتنقل بين الشاشات والمنصات الإعلامية التقليدية والرقمية؟ وكلها عوامل تؤثر في جودة الخدمات الإعلامية، وتحد من النجاح التجاري للمؤسسات الإعلامية العربية.
إن مراجعة بسيطة لما يحدث في العالم من حولنا تجعلنا ندرك لماذا تعاني وسائل الإعلام العربية في الوصول إلى الجمهور. صحيح أن هناك عوامل كثيرة تؤدى إلى هذه المعاناة وعلى رأسها بالطبع مستوى الحرية التي تتمتع به في مناقشة قضايا الشأن العام، والإمكانات المادية والبشرية، ولكن العامل الحاسم في تقديري والذي أركز عليه في هذا المقال هو أن هذه الوسائل لا تمتلك صورة واضحة عن مستخدميها. وفي الوقت الذي تبني المؤسسات الإعلامية في العالم استراتيجياتها التحريرية والمالية على أساس قياسات دقيقة للمشاهدة والاستماع والتفاعل، لا يزال معظم الإعلام العربي يتحرك دون هدف، معتمدًا على تقديرات وانطباعات غير علمية للقائمين عليه، رغم أن الجمهور لم يعد كتلة واحدة كما كان في العقود الماضية، وأصبح دائم التنقل السريع بين الشاشات والمنصات، ويستهلك المحتوى بطرق يصعب اللحاق بها دون أدوات قياس دقيقة ومتقدمة.
من المهم هنا أن نشير إلى التجارب العالمية في قياس جمهور وسائل الإعلام، حتى نكون قادرين على الاستفادة منها في تطوير قياسات عربية مماثلة تسهم في تطوير الإعلام وتجعله قادرا على المنافسة في الأسواق العالمية من جانب، ويعزّز قدرة الدول على فهم سوقها الإعلامي وصناعة محتوى ينافس عالميًا، من جانب آخر.
في هذا المجال لا يمكن الحديث عن قياس الجمهور دون الوقوف أمام تجربة شركة نيلسن، التي أسّسها رجل الأعمال الأمريكي آرثر تشارلز نيلسن عام 1923 في شيكاغو. بدأت الشركة بقياس اتجاهات المستهلكين نحو جودة السلع والخدمات، ثم انتقلت في منتصف الثلاثينيات إلى قياس جمهور الراديو، وفي عام 1950 أصبحت أول شركة في العالم تُطلق نظامًا لقياس نِسَب مشاهدة التلفزيون.
وتحولت لاحقًا لتصبح المرجع الدولي الأول في قياس الجمهور عبر التلفزيون والراديو والمنصات الرقمية حتى اليوم. ولعل أهم ما ميّز «نيلسن» أنها لم تتوقف عند حدود الطرق التقليدية التي كانت تناسب الراديو والتلفزيون والصحف الورقية، وطوّرت أدواتها مع كل تحول تكنولوجي شهدته صناعة الإعلام. فعندما ازدهرت الإذاعة، ابتكرت طرقاً لقياس الاستماع.
وعندما سيطر التلفزيون على الساحة الإعلامية، أسست أول أنظمة للعدّادات المنزلية التي تسجل المشاهدة، ومع دخول العصر الرقمي، انتقلت إلى طرق قياس حديثة تمزج بين العيّنات الميدانية وبيانات المشاهدة الرقمية.
من أهم أدوات نيلسن التي أصبحت مرجعًا عالميًا جهاز قياس المشاهدة داخل المنازل المعروف باسم «بيبول ميتر» والذي يوضع في المنازل لقياس المشاهدة لحظة بلحظة، مع تسجيل هوية من يشاهد داخل الأسرة.
تبعه بعد ذلك جهاز عداد المشاهدة المحمول وهو جهاز صغير يُحمل في الجيب ويقيس الاستماع في أي مكان من خلال التقاط إشارات صوتية مضمّنة في البث الإذاعي.
ومع توسّع البث التلفزيوني الرقمي، ابتكرت أدوات قياس أكثر دقة تعتمد على أجهزة الاستقبال الرقمي المنزلي، وهي أجهزة تقوم بتسجيل ملايين السجلات اليومية المرتبطة بسلوك المشاهدة في المنازل، وهو ما يوفر بيانات تفصيلية تساعد على فهم سلوك المشاهدين بشكل أوضح.
ومع انتشار التلفزيونات الذكية، بدأت «نيلسن» تعتمد على تقنية التعرف التلقائي على المحتوى لرصد ما يشاهده المستخدم بدقة أكبر. كل ذلك يحدث لحظة بلحظة، وبدقة زمنية تكاد تشبه النبض.
هذا التحول التقني يفسّر بوضوح كيف أصبحت «نيلسن» اليوم مرجعًا عالميًا لا يمكن لصناعة الإعلام والإعلان تجاهله؛ إذ تعتمد عليه القنوات والمعلِنون والشركات لفهم جمهورهم، واتخاذ قراراتهم، ووضع استراتيجياتهم.
وتعتمد دول أخرى مثل بريطانيا، وأستراليا، وكوريا الجنوبية، والهند أنظمة قياس مشابهة، تجعل أي مؤسسة إعلامية تستند إلى بيانات تحدد من تخاطبهم بدقة.
في العالم العربي، يبدو المشهد مختلفا، إذ ما تزال غالبية المؤسسات الإعلامية تفتقر إلى منظومة قياس متماسكة للاستماع والمشاهدة والاستخدام. وفي كثير من الدول، تغيب الآليات المعيارية الموحّدة لقياس المشاهدة والاستماع. وفي أماكن أخرى، تعتمد القياسات على دراسات استطلاعية صغيرة محدودة القيمة، أو على تقديرات عامة غير دقيقة، لا يمكن البناء عليها.
ومع التحول الرقمي وتوزع الجمهور على عشرات المنصات الإعلامية، أصبحت الفجوة بيننا وبين العالم في هذا المجال أكبر، وهي الفجوة التي تجعل المنتج الإعلامي لا يصل إلى الجمهور المستهدف، وتُؤدّي في النهاية إلى انصراف الجمهور عن متابعة وسائل الإعلام الوطنية بالإضافة إلى تحقيق مزيد من الخسائر الإعلانية، والقرارات الإعلامية غير المدعومة بالبيانات، وبالتالي، ضعف القدرة على المنافسة.
الشاهد في هذا الأمر أن المؤسسات الإعلامية العربية إذا أرادت اللحاق بالركب الإعلامي العالمي، ليس أمامها سوى أن تسارع إلى إنشاء منظومات قياس مستقلة ومحايدة تعتمد على مزيج من العينات الثابتة والطولية التي ُتتابِع السلوك الإعلامي للمستخدمين عبر الزمن، والبيانات الضخمة الواردة من أجهزة الاستقبال والتطبيقات والمنصات.
قد يتم ذلك في البداية من خلال الشراكة مع شركات عالمية متخصصة لوضع حجر الأساس لمنظومة قياس قادرة على متابعة ما يشاهده الناس لحظة بلحظة، وتطوير ثقافة مؤسسية تؤمن بأن القرارات الإعلامية يجب ألا تترك للانطباعات الشخصية وأن تعتمد على قياس استخدامات الجمهور للمنتج الإعلامي.
يجب أن ندرك أن المنافسة في السوق الإعلامي أصبحت عالمية، ولذلك فإن المحتوى الإعلامي الذي لا يعرف جمهوره لن يتمكن من البقاء، فالمعرفة الدقيقة بالجمهور أصبحت شرطا أساسيا للنجاح في عصر لا يعترف إلا بالأرقام.