خبير قانوني للجزيرة نت: هكذا تخرق إسرائيل القانون الدولي بانتهاكاتها في الأقصى
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
القدس المحتلة – منذ انطلاق موسم الأعياد اليهودية الأطول منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، والذي يستمر حتى نهاية الأسبوع السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كثفت جماعات الهيكل المتطرفة اقتحاماتها وانتهاكاتها للمسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة.
لم تكن هذه الانتهاكات داخل ثاني أقدس مكان للمسلمين لتصل إلى هذا السقف لولا الدعم الحكومي الإسرائيلي لمنظميها على مدى سنوات طويلة، وفق مراقبين.
وسبق تلك الانتهاكات عدم تطبيق إسرائيل القرارات الدولية المتعلقة بمدينة القدس، سواء كانت صادرة من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو منظماتها المختلفة، وعدم حماية المصالح الدينية فيها، فظلت تلك القرارات حبرا على ورق.
فأي خرق ترتكبه إسرائيل للقانون الدولي بفتح المسجد الأقصى على مصرعيه للمستوطنين وإبعاد مصلين مسلمين عنه؟ وأي أهمية للوصاية الهاشمية على المسجد والمقدسات الدينية في المدينة؟ وماذا عن وضع القدس بوصفها مدينة في القانون الدولي؟
للإجابة على هذه التساؤلات، تحدثت الجزيرة نت إلى أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس منير نسيبة، الذي بيّن أن القانون الدولي لا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس بشطريها الشرقي والغربي.
وأشار منير نسيبة إلى أن هذا الرأي ثابت بعدد من قرارات الأمم المتحدة، والتي لا تتحدث فقط عن شرقي المدينة الذي احتُل عام 1967، بل عن غربيها المحتل عام 1948.
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 قرار تقسيم فلسطين رقم 181، وبه دخلت القدس إلى أروقة الأمم المتحدة حيث تم التنصيص على تدويل القدس وسيلةً لحماية جميع المصالح الدينية بالمدينة المقدسة.
القدس أرض محتلةالقرار 181 -وفقا لنسيبة- يؤكد أن القانون الدولي يقر بأن مدينة القدس هي "أرض محتلة" ولها وضعها الخاص، موضحا أنه مع كل محاولة إسرائيلية جديدة لبسط السيطرة على القدس، كان المجتمع الدولي يصدر قرارا يرفض الاعتراف بتلك السيطرة.
ومن بين القرارات الهامة المتعلقة بالقدس قرار مجلس الأمن رقم 478 بتاريخ 20 أغسطس/آب 1980، والذي لم يعترف بالقانون الأساسي الإسرائيلي، الذي أعلنت إسرائيل من خلاله أن القدس الموحدة بشرقيها وغربيها عاصمة لها، ودان محاولة ضمها.
"هذا كله يقول إن المجتمع الدولي حتى اليوم لا يعترف بأن القدس عاصمة لإسرائيل بشطريها، ويمكن استنتاج نقطتين من كافة القرارات الدولية المتعلقة بالمدينة، الأولى: الوجود الإسرائيلي في كل القدس هو احتلال، والثانية: شرقي القدس جزء من دولة فلسطين"، وفق نسيبة.
لفهم موقف المجتمع الدولي من انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى، كان لا بد من التعريج على رؤيته القانونية للمدينة المقدسة.
وتطرق نسيبة إلى الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى، قائلا إنها عنصر مهم جدا، فبموجبها تعدّ المملكة الأردنية الجهة الوحيدة المخولة بإدارة المسجد وإعماره وترميمه، وبالسماح بدخوله أو المنع من ذلك، وبكيفية تصرف الأشخاص داخله.
ويفيد الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بأن المملكة الأردنية الهاشمية "تمارس مسؤوليتها تجاه المقدسات في القدس انطلاقا من الوصاية الهاشمية التاريخية عليها".
وأضافت "ظلّت القدس على رأس أولويات الشريف الحسين بن علي (1853-1931)، وتكرّست الرعاية الهاشمية للمقدسات فيها حين انعقدت له البيعة والوصاية من أهل فلسطين عام 1924، فكان أولَ المتبرعين لإعادة إعمار المسجد الأقصى، إذ بادر مع ابنه الأمير عبد الله (1882-1951) إلى تقديم مبلغ يعادل حوالي 50 ألف ليرة ذهبية لإعمار المقدّسات الطاهرة، وهو ما سُمي حينها بالإعمار الهاشمي الأول".
الوضع القائم
سبق الوصاية الهاشمية ما يعرف بقانون الـ"ستاتيكو" (الوضع الراهن) الذي يصنف، وفقا لنسيبة، بأنه قانون دولي سُنّ خلال حكم الدولة العثمانية، ويتعلق بالأماكن المقدسة التي يجب "أن تبقى على حالها دون أي مساس أو خرق".
هذا القانون من شأنه أن يحفظ حقوق الأديان والطوائف والمعالم التاريخية والدينية، وصون هوية الأماكن والمقدسات وتبعيتها الإدارية، بالإضافة إلى الأدوار والصلاحيات الدينية والتاريخية للجميع.
ويشبه نسيبة الـ"ستاتيكو" بصورة فوتوغرافية التُقطت ثم طُبعت لمكان ما في حقبة ما، وكل محاولة للمسّ بها تعدّ خرقا وليس تغييرا.
وشدد على أهمية إطلاق مصطلح "خرق" لا "تغيير" على الوضع الراهن فيما يتعلق بالانتهاكات الاحتلالية في المسجد الأقصى.
ويفيد مصطلح "الوضع الراهن" للأقصى بأن المسجد بساحاته ومصلياته ومدارسه ومعالمه المسقوفة وغير المسقوفة هو ملك خالص للمسلمين، ولهم إدارته في كل ما يتعلق بالسياحة والزيارة لهذا المقدس الذي يتربع على مساحة 144 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع).
وبالتالي، فإن القانون الدولي ينظر للانتهاكات الإسرائيلية في الأقصى من منظور الإدانة والخرق للوضع الراهن فيه، وفقا للخبير في القانون الدولي.
قال مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس إن المسجد الأقصى في "خطر كبير" في ظل الانتهاكات الإسرائيلية، داعيا الدول العربية والإسلامية إلى "وقف حالة التواطؤ والتهاون" بحق القدس.https://t.co/pOyhDVnCRK
— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) October 3, 2023
وفي تعقيبه على ما جاء في البيان الأخير لمجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، والذي استنكر فيه "خذلان" منظمة اليونيسكو مدينة القدس وعدم قيامها بواجباتها القانونية، قال نسيبة إنه "من الجيد أن اليونسكو لم تصدر قرارات تناقض قراراتها السابقة المتعلقة في القدس، وهذا يعني أن موقفها القانوني لا يزال يراوح مكانه".
لكنه أشار إلى أن الدول الإسلامية تشكل قوة كبيرة في هذه المنظمة الدولية، وأنه في حال مورس ضغط بتحرك من الأوقاف والأردن ومختلف الدول، بالإضافة لدول عدم الانحياز، فيمكن تحريك هذا الملف داخل المنظمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القانون الدولی المسجد الأقصى مدینة القدس فی القدس
إقرأ أيضاً:
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى ويؤدون طقوسًا استفزازية
أقدم مستوطنون يهود، اليوم الأحد، على اقتحام المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وأفادت مصادر محلية، بأن مستعمرين اقتحموا على شكل مجموعات ساحة البراق الملاصقة للمسجد الأقصى، وبابي القطانين وحطة في البلدة القديمة من القدس المحتلة، بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال، ونظموا جولات استفزازية، وقاموا بتأدية طقوس تلمودية، وحملوا القرابين النباتية.
من جهة أخرى، قال وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي يسرائل كاتس، إنه أصدر أوامره للجيش بالاستعداد لتنفيذ مهمة نزع سلاح حركة "حماس" وتحييدها، وتدمير الأنفاق بقطاع غزة بعد استعادة المختطفين الإسرائيليين.
قال وزير الدفاع الإسرائيلي "إن التحدي الأكبر لنا بعد إعادة المختطفين سيكون تدمير جميع أنفاق حماس في غزة بشكل مباشر"، مشيرا إلى أن تدمير تلك الأنفاق "هو معنى تنفيذ المبدأ المتفق عليه بشأن نزع سلاحها وتجريدها من قدراتها".
واعتبر الوزير في منشور له على منصة "إكس" أن تنفيذ تلك الأهداف سيكون من خلال "الآلية الدولية التي ستُنشأ بقيادة وإشراف الولايات المتحدة".
هتافات ضد نتنياهو خلال كلمة المبعوث الأمريكي في تل أبيبشهد ميدان الأسرى الإسرائيليين وسط تل أبيب، اليوم السبت، هتافات غاضبة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أثناء إلقاء المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كلمة أمام الحشود، وفقًا لتقارير إخبارية.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن المشهد أثار استياء نتنياهو، إذ ترددت هتافات استهجان من المستوطنين فور ذكر المبعوث الأمريكي اسمه خلال كلمته.
وقال ويتكوف في خطابه: "نحتفل الليلة بلحظة ظنها كثيرون مستحيلة.. نحتفل بسلام ولد من رحم الشجاعة، وليس من رحم السياسة، الرئيس ترامب أثبت أن السلام في الشرق الأوسط ليس مستحيلًا"، مضيفًا شكره لقادة مصر وتركيا وقطر على جهودهم في الوصول إلى هذه المرحلة من اتفاق السلام.
مظاهرات حاشدة في لندن ومدن أوروبية للمطالبة بمحاسبة إسرائيلتظاهر الآلاف في العاصمة البريطانية لندن دعمًا لفلسطين، مطالبين بـوقف التعاون مع إسرائيل ومحاسبة قادتها، وفقًا لتقارير إخبارية.
وشهدت عدة مدن أوروبية أخرى مظاهرات مماثلة، عبّر المشاركون فيها عن تأييدهم لاتفاق وقف الحرب ودعوتهم إلى تسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدين على ضرورة إنهاء معاناة المدنيين وإحلال السلام العادل.
من جهة أخرى، كشف عاهد فائق بسيسو، وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني، عن الحجم الكارثي للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في قطاع غزة جراء الحرب، مؤكدًا أن الحكومة تجري حصرًا شاملًا للخسائر بالتعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية العاملة على الأرض.
وأوضح بسيسو، خلال مداخلة مع الإعلامية أمل الحناوي في برنامج «عن قرب» على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن عملية الحصر تشمل جميع القطاعات الحيوية، من الإسكان والطرق والمباني العامة إلى الاقتصاد وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء.
وأشار الوزير الفلسطيني إلى أن تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي قبل ثلاثة أشهر كانت تشير إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 53 مليار دولار، إلا أن التقديرات الجديدة ارتفعت إلى أكثر من 70 مليار دولار نتيجة الدمار الإضافي الذي خلّفه العدوان الأخير.
وأكد بسيسو أن قطاع الإسكان تكبّد خسائر غير مسبوقة، إذ دُمرت نحو 300 ألف وحدة سكنية بالكامل من أصل 500 ألف وحدة، فيما تعرّضت 100 ألف وحدة أخرى لأضرار جزئية، واصفًا المشهد بأنه غير مسبوق في تاريخ القطاع.