يأبى فكري والناطق باسمه، قَلمي، بأن يَتَأخر أكثر في خط هذه الأحرف والكلمات لرسم صورة تلك المؤسسات التي لم تكن سوى مركز (ولاية بدبد) سنة 1991م لتصبح اليوم 33 مركزًا في كافة مناطق عُمان الغرَّاء.
(الوفاء) ما أجملها من كلمة تَلمَعُ بمشاعر الصدقِ والحُبِ والانتماء فنحن أوفياء لدِيننا، للوطن، للسُّلطان ولأزواجنا وللأبناء، أوفياء لمن أحببنا من أهل الخير والعطاء، لمن رعانا بشوشًا ومبتسمَا.


بُنيت هذه المراكز بنظام (التأهيل القائم على المجتمع المحلي Community Based Rehabilitation) فكرة ومناشدة دولية أيامها، الهدفُ منها نشر التكافل بين مختلف فئات المجتمع لمساعدة بعضها البعض ومواجهة ما يستجد من ظواهر اجتماعية تحت مظلة التطوع، فكنت ترى أيامها (هبةً) غير عادية من العُمانيين للمساهمة والإنجاز، رجال الأعمال بالمال والإنشاء للمقرات والتأثيث والتجهيز، بناة الجهة للجُهد التأهيلي والتربوي فرسموا جازاهم الله ألف خير خلية نحلٍ تحت مظلة وتوجُّهات المختصين من وزارة التنمية الاجتماعية.
كلّ هذا الوفاء كان لذلك الطفل أو الشاب من ذوي الإعاقة، عبر شعار: (بُنَي لست وحدكَ فنحنُ هنا، عليك العزمُ وعلينا العطاء، قدرَ الله ما شاء فعل، لكنك لن تكونَ مَحرُومًا أو مُهَمشًا ونحنُ في رخاءٍ، ستكون مستقلًّا وفاعِلًا يومًا ما).
(حُدِّدَ الهدفُ) الاستقلالية في أعلى درجاتها لكلِّ شخصٍ ذي إعاقة «وبدأ العملُ بكلِّ وفاءٍ فتكونت لُحمَة فريدة من نوعها بين مراكز الوفاء وأصحاب القضية من منظوريها وأولياء أمورهم فأصبح الطفل لا يَتَقَبَّلُ بسهولة عدم ذهابه إلى (مدرسته) ولا يتوقفُ أولياء الأمور عن التردُّدِ الدائم ِعلى المركز للمتابعةِ والاستفسارِ ومُقاربةِ ما يستجدُّ من علوم الإعاقة والتأهيل.
صار الوفاء ثُنائِي القُطبِ، مجتمعًا مَحَلِّيًّا معترفًا بالجميل وداعَمًا للتوَسُّعِ والانتشار الجغرافي للمراكز، وكوادر تسعى لتطوير الذَّات وتحسين جودة خدماتها، ووزارة ترفد بالكوادر المتخصصة والبرامج الحديثة والدَّورات التدريبية، بل وببرامج أكاديمية لرفع كفاءة العاملين بالمراكز من المتطوعات مثل دبلوم التربية الخاصة بجامعة السُّلطان قابوس، وبكالوريوس العلاج الطبيعي بمعهد العلوم الصحية بمسقط.
وما لن أنساه ما عِشتُ، صورة (الوفاء) في ذلك الاجتماع سنة 2007م مع إحدى الجمعيات الخيرية التابعة لأحد رجال الأعمال العُمانيين لاستحداث أول فريق من الأخصائيين غير العُمانيين يُوكلُ لهم مهام تطوير البرامج التأهيلية بالمراكز ومساندة جهود الوزارة لتحسين جودة الخدمات والإنماء الوظيفي، لا تزال ابتسامته ومتابعته للعرض المرئي بكلِّ اهتمام ثم سرعة موافقته على الفكرة وحدة نبرات تعليماته للمسؤولين في فريقه الخيري بسرعة الإنجاز وإحاطته علمًا بما يَستجدُّ.
قمَّة الوفاء لمراكز الوفاء الاجتماعي عرفتُها سنة 2011م، عبر الأوامر السَّامية للمغفور له بإذن الله السُّلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله وطيَّب ثراه ـ اعترف فيه بجميل متطوعات مراكز الوفاء الاجتماعي وأمَر يومها بنقلهن من وضع (التطوع) إلى وضع (الوظيفة)، تحسَّن وضعهن المالي وازددن عزمًا وعطاء.
ما يُبشرُ اليوم بالخير، أنَّ الوفاء السَّامي لم ينقطع، بل يزداد صلابة في عهد مولانا جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله وسدَّد خطاه ـ بما يُوليهِ من اهتمامٍ شخصي لقطاع الإعاقة إجمالًا ومراكز الوفاء خاصة ورؤيته الثاقبة وعزمه على أن تظل تلك المراكز وفيَّة لدَوْرها الرائد، بل ولترقى إلى أعلى التصنيفات الدولية في المجال. جفَّ حِبرُ الجزء الأول من مقالنا هذا لنستوفيَ بعون الله، في الجزء القادم، تحليل كيفية استدامة العطا لمراكز الوفاء.

زوهير بن الحبيب بن عياد بن يحيى
خبير شؤون الإعاقة
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان.. وتكرم المبادرات الرائدة في خدمة ذوي الإعاقة

تغطية: نورة العبرية / تصوير: صالح الشرجي

احتفت سلطنة عمان ممثلة في اللجنة العمانية لحقوق الإنسان اليوم باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام تحت رعاية صاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد آل سعيد أمين عام في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بحضور أكثر من 55 جهة من المؤسسات الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص.

وقد جاء الاحتفال هذا العام تحت عنوان "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. جهود وطنية، وإنجازات مستدامة"، ويهدف إلى ضرورة التمكين الفعلي للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل استدامة المنجزات، وتحويل الالتزامات الحقوقية إلى سياسات وبرامج وفرص ملموسة تسهم في تحسين جودة حياتهم وتعزز استقلاليتهم ومشاركتهم الكاملة في المجتمع.

وتم الإعلان عن أبرز المبادرات الرائدة في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى سلطنة عُمان، والنماذج الملهمة من الجهود الوطنية التي ترجمت مبادئ حقوق الإنسان إلى واقع عملي ملموس، بما يؤكد أن الاستثمار في قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة هو استثمار في المجتمع كله، وأن الشراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني هي الطريق الأوسع نحو إنجازات مستدامة، وهي شركة تنمية نفط عُمان، والشركة العُمانية القطرية للاتصالات (أوريدو عُمان)، ومعهد التواصل للتدريب، والكلية العلمية للتصميم، وأوج لحلول الأعمال، ودعمتها لتحقيق هذا الإنجاز العديد من المؤسسات من بينها: بنك التنمية، وموريا للتطوير العقاري، ومجموعة الفطيم، والصناعات الوطنية للمنظفات الصناعية، وشركة فولتامب، وشركة أبراج للطاقة.

من جهته قال الأستاذ الدكتور راشد بن حمد البلوشي رئيس اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان في كلمة له "لقد شهد العام الجاري مواصلة اللجنة رصد وتلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان من مختلف فئات المجتمع، والمساعدة في تسويتها وحلها بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات والمؤسسات المعنية، كما قامت اللجنة بتقديم الرأي القانوني والحقوقي لأصحاب البلاغات التي لا تقع تحت اختصاصها، ووجهتهم نحو الجهات المعنية لمتابعتها".

وأشار إلى أنه في الإطار الميداني، نفذت اللجنة زيارات متواصلة لمختلف الولايات للحالات التي تم رصدها أو الإبلاغ عنها، كما شملت الزيارات السجن المركزي ومراكز التوقيف للوقوف على حالة النزلاء والموقوفين. وامتدت هذه الزيارات لتشمل أماكن العمل ومقرات العمال، إلى جانب زيارات ميدانية أخرى تم تنفيذها بناء على البلاغات التي تقدم بها الأفراد، تأكيدا على أن الرصد الفاعل لا يكتمل إلا بالحضور المباشر والتواصل الإنساني والاستجابة العملية.

وعرج في كلمته على مشاركات اللجنة على الصعيد الدولي مؤكدا أن اللجنة شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات الخارجية التي نظمتها مؤسسات وهيئات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، كما تابعت ما أصدرته الجهات الدولية الحكومية وغير الحكومية من تقارير حول أوضاع حقوق الإنسان في سلطنة عُمان، وتلقت الاستبانات الخاصة بالمقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، وقامت بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية للتحقق منها ومن ثم الرد عليها، ضمن إطار مؤسسي يعكس احترام سلطنة عُمان لآليات العمل الدولي ذات الصلة بحقوق الإنسان، موضحا أنه في مجال التوعية والتثقيف، عززت اللجنة برامجها التوعوية هذا العام؛ حيث نظمت عددا من الندوات والمؤتمرات والملتقيات والمحاضرات التوعوية والتثقيفية ضمن مجموعة من المبادرات والبرامج لمختلف شرائح المجتمع.

وأشار البلوشي إلى أن اهتمام اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هو نهج عملي متواصل، فقد قامت اللجنة خلال العام الجاري بزيارات ميدانية لعدد من المؤسسات والجهات المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وعززت تعاونها مع الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارة العمل، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة الصحة، كما استضافت عددا من المتخصصين للتباحث حول الموضوعات المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ونظمت برنامجا تدريبيا في لغة الإشارة بالتعاون مع وزارة العمل شاركت فيه العديد من الجهات والمؤسسات في مقر اللجنة، تأكيدا على أهمية تيسير التواصل وضمان الوصول الشامل.

وتخلل الحفل مشاهدة فيلم "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. جهود وطنية وإنجازات مستدامة"، وهو عمل توثيقي يسلط الضوء على مسيرة وطنية متنامية في دعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سلطنة عُمان، ليبرز كيف تتحول المبادئ إلى ممارسات تضمن الكرامة وتكافؤ الفرص، انسجاما مع مبادئ حقوق الإنسان وقيم المجتمع العُماني الراسخة في التضامن والإنصاف.

كما تم عرض موشن جرافيك بعنوان "جهود اللجنة العُمانية في متابعة وحل قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة"، استعرض من خلاله مسار التعامل مع القضايا ذات الصلة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب أبرز الإحصائيات، ودعم الحلول التي تكفل حماية الحقوق وتعزز بيئة أكثر إنصافا للجميع، إضافة إلى عرض موسيقي مميز يقدمه طلاب من ذوي الإعاقة السمعية من مدرسة الأمل للصم، يجسد قدرة الإرادة على تحويل التحديات إلى إبداع، ويؤكد أن الفن لغة جامعة تتجاوز الحواس لتصل إلى القلب مباشرة.

كما تم الاحتفاء بتخريج الدفعة الأولى من المدربين المعتمدين دوليا في حقوق الإنسان من كادر اللجنة الوظيفي، في مسار يهدف إلى تعزيز القدرات الوطنية وفق منهجية علمية وتطبيقية.

مقالات مشابهة

  • "التضامن" تشارك في ورشة عمل"تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر"
  • المنصورة تشارك بالمعرض الدولي IRC EXPO بمشروع مبتكر لتمكين ذوي الإعاقة الحركية
  • فعاليات متنوعة في مهرجان ذوي الإعاقة بمحافظة ظفار
  • جامعة المنصورة تشارك في معرض دولي بمشروع مبتكر لتمكين ذوي الإعاقة الحركية
  • التضامن الاجتماعي تشارك في ورشة عمل تحت عنوان "تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر.. من الالتزامات العالمية إلى العمل الوطني"
  • التضامن: إصدار أكثر من 1.3 مليون بطاقة خدمات متكاملة عبر 225 مكتب تأهيل
  • قادرون باختلاف: إعداد برامج تدريبية لتأهيل ذوي الإعاقة في سوق العمل
  • 2283 مركبة.. حملة ميدانية لضبط مخالفات مواقف الأشخاص ذوي الإعاقة
  • فعاليات رياضية وترفيهية متنوعة لذوي الإعاقة بشمال الباطنة
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان.. وتكرم المبادرات الرائدة في خدمة ذوي الإعاقة