هاني العسال: نستلهم روح نصر 6 أكتوبر في استكمال مسيرة التنمية والبناء
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
أكد المهندس هاني العسال، عضو مجلس الشيوخ، أن نصر 6 أكتوبر سيظل أعظم انتصارات الأمة العربية الذي سطر فيه رجال مصر البواسل قوة وبراعة أدهشت الجميع ليتحدى المستحيل ويكسر أسطورة «الجيش الذي لا يقهر»، مشددا على أن جوهر حرب أكتوبر المجيدة هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر، ومن الانكسار والمرارة والألم إلى الكبرياء والعزة والفخر، لا سيما أن بناء الأمم لا يكون بالشعارات والأماني وإنما بالرؤية المتكاملة بعيدة المدى والتخطيط العلمي، وهو ما تسير عليه مصر اليوم من نهج في معركة البناء والتنمية بعدما أخرج الشعب المصري وجيشه البلاد من نفق مظلم كادت تضيع فيه.
وأوضح أن الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر تأتي لتؤكد أهمية استلهام روح النصر والإصرار على التغيير، والاصطفاف الوطني في استكمال مسيرة النهوض والتنمية والبناء ومواجهة التحديات الراهنة، حتى لا تقف عائقا أمام الوصول لمستقبل يليق بمصر وشعبها، مؤكدا أهمية الندوة التثقيفية في تغذية جيل الحاضر والمتسقبل بتلك الثوابت الوطنية المهمة من أجل مواصلة العمـل الدؤوب بعزيمـة وإرادة صـلبة لتحويل الرؤية والأمل إلى واقع جديد، إذ أنها من خلال فقراتها وحلقاتها النقاشية مع شخصيات عاصروا تلك الفترة قرار العبور العظيم رغم شبح الهزيمة، الذي كان يطارد الجميع إلى أن كسر الجيش حاجز الخوف وحقق معجزة متكاملة الأركان.
تلاحم الجيش والشعب والثقة المتبادلة بينهموأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن هذا النصر الجليل سيظل نموذجًا للعلاقة بين الشعب وجيشه التي تجسدت بها أروع أمثلة التلاحم والثقة المتبادلة، لنستكمل معا اليوم مسيرة تغيير الواقع بشكل حقيقي ومستدام للعبور إلى الجمهورية الجديدة التي نتطلع إليها، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص خلال السنوات التسع الماضية، على تدشين ملحمة التعمير البناء في كل ربوع المحروسة وإحياء مكانة أرض الفيروز على خريطة التنمية الاقتصادية، باعتبارها أمانة غالية في أعناق الجميع وقدمنا من أجلها تضحيات جليلة وبات علينا واجب تعميرها وتنميتها وشرعت فيه الدولة بحجم أعمال لم تشهده من قبل فتم إنفاق مئات المليارات من الجنيهات.
وشدد أن كل ذلك يعد تأكيد بأن لمصر رجالا في كل عصر يعرفون قدرها العظيم وقادرون دائمًا على صون الوطن ورفعته، وأن مصر ستظل تتذكر بكل الخير بطولات أبنائها ولا تنسى تضحياتهم، موجها تحية احترام وتقدير لشعب مصر العظيم وقواته المسلحة الوفية لدورها الوطني المقدر في الحرب والسلم واستعدادها لجميع التحديات التي تواجه الوطن، والتهنئة للرئيس السيسي والقوات المسلحة في حلول الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مجلس الشيوخ ذكرى أكتوبر البرلمان نواب
إقرأ أيضاً:
من همس متقطع إلى صوت يصل إلى الجميع.. رحلة شفاء من التأتأة بالكتابة
بيروت- لم تكن التأتأة بالنسبة للبنانية كارين الحر، ابنة بلدة حومين الفوقا في جنوب لبنان، مجرد اضطراب لغوي عابر، بل تجربة عميقة شكّلت طفولتها ورافقت محاولاتها الأولى لفهم العالم والتواصل معه. فمنذ سنواتها المبكرة، كانت الكلمات تتجمع عند طرف شفتيها قبل أن تتشابك، معلقة بين رغبتها في التعبير وخوفها من ردود الفعل من حولها.
وفي كل مرة حاولت فيها المشاركة في أحاديث الصف، كانت النظرات الفاحصة والنصائح الجاهزة من نوع "احكي على مهلك.. خدي نفس" تزيد الفجوة بين صوتها وما تريد قوله. ومع مرور الوقت، لم يعد تعثر الكلام مجرد صعوبة لغوية، بل عبئا اجتماعيا يربط بين الطريقة التي يخرج بها الصوت وبين الشخصية والثقة والقدرة.
كبرت كارين وهي تتساءل بصمت: لماذا يُعامل التلعثم كعيب؟ ولماذا تتحول الهفوة الصوتية إلى معيار للحكم على الإنسان؟ لم تكن تبحث فقط عن طريقة تتجاوز بها التأتأة، بل عن مساحة ترى فيها نفسها كاملة، حتى لو خرج صوتها متقطعا.
ومع تقدمها في العمر، تغيّر منظورها. فتحولت التأتأة من مصدر قلق إلى رحلة اكتشاف ذاتي، أدركت خلالها أن صوتها، بكل ارتباكاته، يحمل شجاعة خاصة لا يشعر بها إلا من عاش التجربة فعلا.
في كتابها الأول "ت ت تَأتأة"، لا تقدّم كارين الحر حكاية عن اضطراب لغوي فحسب، بل مسارا شخصيا طويلا نحو التصالح مع الذات. أرادت منذ اللحظة الأولى أن يكون الكتاب صادقا إلى حد يعرّي التجربة دون تزيين، وأن يسمح للقارئ بالاقتراب من عالمها الداخلي كما هو، لا كما يُفترض أن يكون.
كتبت بلغتها التي تشبهها، وتركت الأفكار تتدفق على الورق من دون رقابة. تقول في حديثها للجزيرة نت: "كنت أكتب وأترك الأشياء تخرج وحدها، كأن الورق كان ينتظر هذه المشاعر التي حملتها سنوات". وبذلك تحوّل النص إلى مساحة تحرّر، أسقطت عليها ما ظل عالقا بين الصوت والقلب لوقت طويل.
إعلاناختارت كارين عنوان الكتاب بعناية. تكرار حرف التاء لم يكن زخرفة لغوية، بل إعلان مواجهة. فما كانت تخجل منه يوما جعلته في الواجهة، كأنها تقول للقارئ: "هذا صوتي الحقيقي، بهذه التأتأة أوجد وأحكي". لقد أرادت استعادة ملكية صوتها، ووضعه في مكانه الطبيعي: جزءًا من هويتها لا يمكن فصله عنها.
وراء هذه الرحلة، كانت هناك عائلة احتضنتها دون شروط. وتؤكد كارين أن ثبات والدتها وأختها منحها القدرة على الوقوف في وجه العالم، وأن إيمانهما المتواصل بصوتها كان حجر الأساس في بنائها الداخلي. هذا الدعم ذكّرها دائما بأن المشكلة لم تكن يوما في صوتها، بل في الطريقة التي يتلقى بها المجتمع اختلافه.
وتعود بذاكرتها إلى سنوات المدرسة الأولى، حين كانت تحاول نطق كلمة بسيطة، فتتقدمها ضحكات أو نظرات شفقة. تقول: "الضحك كان يؤلمني، لكن كلمة يا حرام كانت أشد وجعا". وتضيف: "مع الوقت صار الخوف من ردّة فعل الناس أصعب من التأتأة نفسها".
ورغم أن التأتأة انتزعت من كارين الكثير في طفولتها وشبابها -من جرأتها ومن اندفاعها الفطري نحو الكلام- فإنها منحتها في المقابل حساسية عالية تجاه الآخرين وقدرة استثنائية على الإصغاء. وتوضح قائلة: "أحب التواصل والكلام، لكن الخوف كبلني لفترة طويلة. لاحقا أدركت أن المشكلة لم تكن في الصوت بل في الخوف نفسه. ومع ذلك، التأتأة منحتني القدرة على أن أسمع بصدق".
ولا تخفي كارين أن المجتمع لا يزال يخلط بين التأتأة والمرض، فحين يتحدث شخص يتأتئ أمام الآخرين، يسارع البعض إلى تقديم نصائح عفوية تثقل عليه أكثر مما تساعده. وتقول: "نحن نعرف كيف نتعامل مع التأتأة، لسنا بحاجة لمن يعلّمنا كيف نتكلم. هذه العبارات تضع الشخص تحت ضغط كبير". لكنها ترى في الوقت ذاته أن الوعي يتحسن تدريجيا، وأن السخرية يجب أن تتوقف تماما. وبالنسبة إليها، يأتي كتابها خطوة في مسار أطول لنشر الوعي، لا خاتمته.
وعندما جاء يوم توقيع الكتاب، شعرت كارين للمرة الأولى بأن صوتها يُستقبل كما هو، بلا تصحيح ولا مقاطعة. وتقول: "كان أجمل يوم في حياتي. أحبّ الناس من حولي، وشعرت بفخر وراحة، وخوف جميل، ذلك الخوف الذي يرافق كل بداية حقيقية".
بالنسبة إلى كارين، كانت الكتابة مسارا شِفائيا كاملا. جلست أمام الورق لتُفرغ ما ظل محبوسا لسنوات: الخوف، الوجع، وانكسارات الصوت. ومع الوقت تحولت الكتابة من فعل تعبيري إلى ملجأ يومي، طقس يعيد ترتيب الداخل ويهبه قدرا من الطمأنينة. تقول: "حين أكتب، أتنفّس. وأترك خوفي على الورق".
واليوم، بعد صدور كتابها، تمضي كارين في العمل على مشاريع جديدة تُعنى بالتوعية حول التأتأة، ساعية إلى خلق مساحة أوسع تتقبل اختلافات الصوت واللغة وطريقة التعبير، وتتيح لمن يعيش التجربة أن يشعر بأنه مسموع بلا أحكام.
وفي ختام حديثها، توجّه رسالة إلى كل من يمر بالطريق نفسه: "أصواتكم جميلة، وطريقتكم ليست خطأ. على المجتمع أن يسمعكم كما أنتم، لا كما يريدكم أن تكونوا. وإذا لم يسمعكم جيدا. فالمشكلة ليست فيكم".
إعلان