الحشود المليونية تجدد التأكيد على تأييد الشعب اليمني لقائد الثورة والاستعداد للجهاد المقدس وبذل الغالي والنفيس لتحرير فلسطين والقدس الشريف عملية طوفان الأقصى انتصار كبير أعادت للأمة عزتها وكسرت شوكة العدو الصهيوني المحتل العملية رسالة للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني سينتصر وسيستعيد كل الأراضي المحتلة والمقدسات الشعب اليمني يقف موقف الجهاد والحق إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة بالسلاح والمال والرجال

الثورة / سبأ
شهدت العاصمة صنعاء عصر أمس، مسيرة جماهيرية كبرى تعزيزا لصمود غزة وإسنادا للمقاومة الفلسطينية، واستجابة لدعوة حركة المقاومة الإسلامية حماس.


ورفعت الحشود في مسيرة جمعة طوفان الأقصى، الأعلام الفلسطينية واللافتات المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات الإسلامية وتحريرها من دنس الاحتلال الصهيوني.
ونددت الحشود، بصمت وتواطؤ المجتمع الدولي ومنظماته، إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم وحرب إبادة جماعية وتدمير ممنهج للأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس والمساجد والمخيمات وتهجير الفلسطينيين وقتل الأطفال والنساء.
وباركت عملية “طوفان الأقصى” التي ينفذها أبطال المقاومة الفلسطينية وما يسطرونه من ملاحم بطولية في مواجهة صلف وجرائم كيان العدو الصهيوني المدعوم من أمريكا وبريطانيا ودول الغرب.
وردد المحتشدون، الشعارات والعبارات المؤكدة على موقف اليمن قيادة وحكومة وشعبا الداعم للشعب الفلسطيني والمساند لمقاومته الباسلة والاستعداد لبذل الغالي والرخيص لتحرير فلسطين والقدس الشريف.
واستنكروا بأشد العبارات المواقف المخزية والمتخاذلة من الدول والأنظمة العميلة والمطبعة مع الكيان الصهيوني الغاصب.. معتبرين ذلك مشاركة في العدوان على الشعب الفلسطيني وخيانة للقضية المركزية للأمة.
ودعت الحشود، الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تتشدق بحقوق الإنسان إلى مراجعة مواقفها والاضطلاع بمسؤولياتها والعمل على إيقاف العدوان الصهيوني ورفع الحصار عن غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة لتفادي كارثة إنسانية وصحية وشيكة.
وجددت التأكيد على تأييد الشعب اليمني الكامل لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والاستعداد للجهاد المقدس ونصرة الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته الباسلة بالمال والسلاح والرجال حتى تحرير كامل الأراضي المحتلة والمقدسات من دنس الاحتلال الصهيوني.
وأكد المشاركون في المسيرة، أن عملية “طوفان الأقصى” انتصار كبير أعاد للأمة عزتها، وكسرت شوكة العدو الصهيوني وتمثل رسالة قوية للعالم أجمع بأن الشعب الفلسطيني سينتصر وسيستعيد كل الأراضي المحتلة والمقدسات.
واعتبروا طوفان الأقصى رسالة لكل العملاء والمطبعين أن فلسطين وقضيته العادلة ستظل حية في وجدان وقلوب أبناء الأمة الإسلامية حتى تحريرها من اليهود الغاصبين.. داعين شعوب الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى الاستمرار في تنظيم المسيرات الجماهيرية للتنديد بالعدوان الصهيوني، ودعم ومساندة المقاومة والشعب الفلسطيني، واستهجان المواقف الغربية الداعمة لهذا الكيان وما يرتكبه من جرائم وحرب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وفي المسيرة الجماهيرية الكبرى، أكدت كلمة العلماء التي القاها نائب وزير الإرشاد العلامة فؤاد ناجي، أن خروج الشعب اليمني اليوم هو لتجديد الموقف والمبدأ، وأنهم على العهد ماضون وإلى جانب القدس وفلسطين حتى النصر أو الشهادة.
وأشار العلامة ناجي، إلى أن الشعب اليمني خرج اليوم في هذه الحشود العظيمة ليعبر عن موقفه الثابت والراسخ من قضيته المركزية الأولى ليجسد الإيمان والحكمة وأنه شعب المدد والأنصار.
وقال ” نحن على يقين أن العدوان على اليمن هو بسبب هذا الموقف الذي لا يمكن أن يتزحزح لو استمر عدوانهم جيلا بعد جيل وإلى يوم القيامة، خرجنا اليوم ونحن منذ بداية مسيرتنا القرآنية بقيادة الشهيد القائد قد حددنا البوصلة ورفعنا أصابع الاتهام نحو أمريكا وإسرائيل ورسمنا المسار لدحر قوى الاستكبار”.
ولفت إلى أن خروج الشعب اليمني في هذه الساحة وفي مختلف المحافظات الحرة، رسالة للمجاهدين في فلسطين والشعب الفلسطيني، أنه معهم وإلى جانبهم حتى تحقيق النصر وتحرير الأراضي المحتلة والقدس الشريف من دنس الصهاينة.
وأكد نائب وزير الإرشاد، إن استراتيجية الجهاد التي دشنها المجاهدون في غزة، هي الحل الوحيد لإنهاء الاحتلال الصهيوني، والتحرر من الهيمنة الأمريكية والصهيونية.
وخاطب المجاهدين في غزة ” إن الله مولاكم ولا مولى للكافرين، وإن شعوب أمتنا العربية والإسلامية كلها إلى جانبكم، وما تطبيع الخونة من الحكام والزعماء إلا تعبير عن نفوسهم المريضة وقلوبهم الخائنة، أما الشعوب فهي معكم وتتطلع شوقا إلى الوقوف بجانبكم ومناصرتكم”.
وأكد إن “طوفان الأقصى” ليست معركة فلسطين ولا الفصائل الفلسطينية لوحدهم بل هي معركة كل الأمة ضد اليهود والصهاينة، والإسلام ضد الكفر، معركة الحق ضد الباطل، والحرية ضد الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
ودعا العلامة ناجي، شعوب الأمة الإسلامية للخروج والتبرؤ من الزعماء الخونة والعملاء، والوقوف إلى جانب فلسطين في وجه الصهاينة.. مؤكدا أن نصرة القضية الفلسطينية من أوجب الواجبات ولا يجوز خذلان أبناء الشعب الفلسطيني ولا التفريط بهم ولا التفرج عليهم ولا التقاعس عن نصرتهم.
وقال “نحن في عصر كشف الحقائق وسقوط الأقنعة، وقد سقطت أقنعة قيادات وقنوات وكتاب وثقافيين ونخب، واصبحوا اخوانا للصهاينة”.. لافتا إلى أن من يتعاطف مع اليهود أو يمرر جرائمهم أصبح صهيوني الهوى والهوية.
كما دعا علماء الأمة إلى إعلان الجهاد ضد الصهاينة، وفضح الزعماء الخونة والمنافقين، والخروج من دائرة الصمت، وأن يجاهدوا ولو بالكلمة وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
وأضاف ” نقول لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، هذا شعبك الذي راهنت عليه وهو عند رهانك، سر بنا على بركة الله فنحن جنودك ونحن أنصارك وسيفك البتار وصواريخك البالستية، صبر عند الحرب وصدق عند اللقاء، ونحن على شوق لمنازلة الصهاينة وعلى أتم الاستعداد لنتقاسم كما قلت الخبز مع إخواننا في فلسطين”.
وأوضح ناجي في كلمة العلماء، إن هذه الحشود تتطلع شوقا للجهاد لو كان لها حدود مع فلسطين المحتلة، ولما كان هناك شيء اسمه إسرائيل ولكان الصهاينة أثرا بعد عين.
وأكد تفويض قائد الثورة في كل ما يتخذه من قرار في مواجهة الصهاينة وبالمشاركة في طوفان الأقصى، وعلى أشد الجهوزية لخوض الملحمة التي سجلها القرآن عن أولي البأس الشديد.
بدروه أوضح ممثل حركة حماس في اليمن معاذ أبو شمالة، أن قوى الشر تتكاتف اليوم مع العدو الصهيوني ليصب جام غضبة على أهل فلسطين وغزة، وتعلن كثير من قوى العالم دعمها لهذا الكيان، وهي ترى المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد وقوف أبناء الشعب الفلسطيني وكل قوى الحية في مواجهة العدو الصهيوني، وإن عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من 7 أكتوبر من قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 15 عاما، كسرت أقوى وأكبر جيش في المنطقة والمدعوم من أكبر قوى العالم في العصر حديث.
وأشار أبو شمالة، إلى أن عملية “طوفان الأقصى” استطاعت مباغت العدو الصهيوني ومفاجأة أجهزة استخبارته لتدخل إلى أرض فلسطين المحتلة وتضع الجنود الصهاينة بين قتيل وجريح وأسير، في فعل عسكري مميزا سيؤرخ له في التاريخ العسكري الحديث.
وأكد أن هذه العملية تمكنت من قلب الموازين والمعادلات الصهيونية، وأثبتت فيها المقاومة أنها صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة.
وذكر ممثل حركة حماس، أن محاولات الصهاينة السابقة للسيطرة على الأقصى وتهجير أهل فلسطين من الضفة الغربية المحتلة فشلت، واليوم يسعى لتهجير أبناء غزة، لكن محاولاته ستبوء بالفشل ما دامت الأمة ترفع راية الجهاد والمقاومة.
كما أكد أن هذه العملية أثبتت أن الجيش الصهيوني هش وأن الكيان الصهيوني بعد هذه العملية يعيش في أزمة وجودية، بعد اقتحام مجموعة محدودة من المقاتلين الأشداء للعديد من مواقعه العسكرية.. مشيرا إلى أن عملية طوفان الأقصى أحيت في الشعب الفلسطيني والأمة روح الأمل والعزة والكرامة وهي مبشرة لمستقبل الحرية والنصر القريب بإذن الله.
وذكر أبو شمالة، أن قطع الماء والكهرباء والدواء عن غزة لن يفت في عضد الشعب الفلسطيني، وهي جريمة حرب جديدة يرتكبها العدو الصهيوني بحق الإنسانية.. متسائلا ” أين أنتم يا من تدعون الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان”.
وأوضح أن الشعب اليمني بهذا الخروج المشرف اليوم وقبل ذلك، يؤكد تضامنه مع أهل غزة، والإعلان عن غضبه ودعمه للمجاهدين في غزة، وأنه مستعد لتقديم الغالي والنفيس للمشاركة في العمل المقاوم.
وقال ” أخص بالذكر السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي أعلن الاستعداد للدخول معركة فلسطين جنبا الى جنب مع المجاهدين في فلسطين، إذا استوجب الأمر”.
وألقيت خلال المسيرة قصيدتان للشاعرين عبدالسلام المتميز وبديع الزمان السلطان، أكدتا أن فلسطين وقضيتها العادلة وعاصمتها القدس الشريف حية وحاضرة في وجدان الشعب اليمني، والاستعداد لخوض معركة الجهاد المقدس ضد العدو الصهيوني مهما تخاذل العملاء والمطبعين.
وأعلن بيان صادر عن المسيرة، تأييد ومباركة العملية الجهادية البطولية “طوفان الأقصى” التي حقق الله تعالى بها على أيدي المجاهدين الانتصارات العظيمة للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية ضد الكيان الصهيوني المجرم.
وأوضح أنه في ظل العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني والدعم الأمريكي والغربي لهذا الكيان، وفي ظل التواطؤ المخزي من قبل بعض الدول العربية المطبعة، فإن الشعب اليمني يحتشد بالملايين في مختلف الميادين والساحات ليعلن للعالم أجمع أنه ومن المنطلق الإيماني والأخلاقي والإنساني يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحركات الجهاد والمقاومة.
وأكد البيان، أن الشعب اليمني يقف موقف الجهاد والحق إلى جانب الشعب الفلسطيني وحركات الجهاد والمقاومة بالسلاح والرجال والإمكانيات في مواجهة العدو الصهيوني، وأنه حاضرا للمشاركة الفعلية وإرسال مئات الآلاف من المجاهدين في سبيل الله للدفاع عن فلسطين والشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.
كما أعلن بيان المسيرة، التأييد لكافة الخيارات التي ستتخذها قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في إطار التنسيق مع محور الجهاد والمقاومة.
ولفت إلى أن أمريكا هي الداعم الأساسي والراعي الرسمي للكيان الصهيوني وكذا بريطانيا وبقية دول الغرب الكافر كلها داعمة ومساندة ومتورطة في الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني منذ تأسيسه ككيان لقيط وكغدة سرطانية في جسد الأمة وإلى اليوم.
وأكد البيان أنه لولا هذا الدعم والمساندة التي يتلقاها هذا الكيان الغاصب من تلك الدول لما بقي لحظة واحدة في جسد الأمة ولما تجرأ اليوم على ارتكاب جرائمه ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن مظلومية الشعب الفلسطيني كشفت حقيقة الشعارات التي تتشدق بها أمريكا ودول الغرب والتي تضلل بها على الشعوب كشعارات حقوق الإنسان والمرأة والأطفال وحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في الحياة والحرية والاستقلال وغيرها.. مشيرا إلى أن كل تلك الشعارات الزائفة سقطت وانكشف للعالم أجمع أن هذه الدول المستكبرة هي من تدعم وتساند الكيان الصهيوني في كل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
وأدان بيان المسيرة المواقف المخزية والمشينة للدول العربية المطبعة وفي مقدمتها الإماراتي والسعودي والبحريني وغيرها، والتي طمعت وشجعت العدو الصهيوني في عدوانه على الشعب الفلسطيني.. معتبرا مواقفها المخزية مشاركة فعلية في الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني.
واستنكر ما تقوم به الأنظمة المطبعة العميلة من إساءات إعلامية وتخذيل وسعي لتفكيك الموقف العربي عن تبني مواقف جادة ضد العدو الصهيوني.
كما أكد البيان أن الخيار الوحيد والصحيح للأمة لمواجهة العدو الإسرائيلي ومن يقف وراءه وفي المقدمة أمريكا هو الجهاد في سبيل الله.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: بحق الشعب الفلسطینی الجهاد والمقاومة بدر الدین الحوثی الکیان الصهیونی الأراضی المحتلة العدو الصهیونی طوفان الأقصى الشعب الیمنی للعالم أجمع هذا الکیان فی مواجهة أن الشعب إلى جانب إلى أن

إقرأ أيضاً:

طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية

لم تكن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مجرد مناوشة عسكرية عابرة، بل كانت بمثابة ضربة قاصمة، وزلزال جيوسياسي اهتزت على إثره أركان المنطقة والعالم، معيدا تشكيل موازين القوى والاستراتيجيات الدولية. في هذا المقال، نستعرض عشرة محاور رئيسة توضح كيف أدت هذه العملية إلى تحولات عميقة ومستمرة، كشفت النقاب عن وجه جديد للعالم العربي بتحولاته الجيوسياسية، وأنظمته الهشة المتفككة.

1- سقوط "صفقة القرن" وإحياء القضية الفلسطينية

كان "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما سُمِّي بـ"صفقة القرن" التي كانت تهدف إلى تهميش القضية الفلسطينية. لقد كشفت عملية طوفان الأقصى أكذوبة الوطن الصهيوني الآمن، ونجحت في تحطيم أسطورة "الجيش الذي لا يُقهَر"، وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية، وكأنها نفضت عنها غبار سنوات من التهميش. تصاعد الضغط الشعبي العربي بشكل غير مسبوق، مما قيَّد بشكل كبير أي خطوات نحو التطبيع الحكومي مع الكيان الصهيوني، وظهر ذلك جليا في مواقف دول مثل تونس والأردن والمغرب والسودان.. إلخ. كما انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب.

انهارت محاولات "شرعنة" الاحتلال الصهيوني، مع تزايد الإدانات الدولية لجرائم الحرب الصهيونية، وتقديمها للمحاكم الدولية. هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار أخلاقي أعاد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح، نحو قضية ما زالت حية في وجدان الشعوب
2- الإطاحة بنظام الأسد ورجوع السنة لحكم سوريا بعد أكثر من 100 عام من حكم الأقليات

لقد كانت "طوفان الأقصى" بمثابة المسمار الأخير في نعش ما كان يُسمى بـ"محور المقاومة" الإيراني. بينما انشغلت طهران و"حزب الله" بالجبهة الفلسطينية الملتهبة، تضاءل دعمهما لنظام بشار الأسد في سوريا. تزامنت هذه الانشغالات مع تصعيد ضربات الكيان الصهيوني الموجعة ضد مواقع "الحرس الثوري" الإيراني، والتي استنزفت قدراته العسكرية والبشرية بشكل كبير. في هذا الفراغ المروع، شنت فصائل المعارضة السنية السورية، وفي مقدمتها "هيئة تحرير الشام"، هجوما منسقا بدعم تركي مكثف وتأييد شعبي واسع، مما أدى إلى سقوط دمشق وحلب. تلا ذلك انسحاب روسي جزئي، حيث قلصت موسكو وجودها العسكري في سوريا لتركيز جهودها على حرب أوكرانيا، مما فتح الباب أمام تشكيل حكومة سورية جديدة ذات أغلبية سنية، مُغَيِّرا جذريا في التركيبة السياسية للبلاد. هذا التحول، الذي كان في مخيلة الكثيرين ضربا من ضروب المستحيل، بعد أن ظلت سوريا في يد الأقليات منذ سقوط الخلافة العثمانية، بات اليوم حقيقة دامغة، تعكس فشل مشروع الاستبداد والمحاور الخارجية في الحفاظ على أنظمة فقدت شرعيتها.

3- احتضار المشروع الإيراني في الشام والعراق

كانت العملية بمثابة ضربة قاسية للمشروع الإيراني في المنطقة. ففقدان إيران لسيطرتها على الجسر البري عبر سوريا، الذي كانت تستخدمه لنقل الأسلحة والدعم اللوجستي إلى "حزب الله"، قيَّد بشكل كبير قدرتها على التأثير في الشام. كما أدت الاغتيالات المتتالية لقادة عسكريين بارزين في "الحرس الثوري" وحزب الله، بمن فيهم قاسم سليماني سابقا وحسن نصر الله وقيادات الصف الأول في حزب الله في ضربات الكيان الصهيوني الأخيرة، إلى إضعاف بنيتها القيادية في الشام. أما في العراق، فقد تراجعت حدة أنشطة المليشيات الموالية لإيران مثل "الحشد الشعبي"، التي باتت تتخوف من التورط في صراعات إقليمية أوسع. فقدت طهران جزءا كبيرا من قوتها الإقليمية، مما قلل من رغبة الدول في التعاون معها بعد انكشاف هشاشة مشروعها القائم على المليشيات. لقد تبين أن وهْم القوة المبنية على المليشيات يمكن أن يتبخر سريعا أمام ضربات استراتيجية تغير المشهد.

4- إعادة تشكيل الاستراتيجيات العسكرية العالمية

لقد أثبت "طوفان الأقصى" أن التفوق التكنولوجي العسكري وحده لم يعد كافيا لضمان النصر. فقد نجحت التكتيكات غير التقليدية، مثل استخدام الصواريخ البدائية والطائرات المسيرة، في اختراق أنظمة دفاعية متطورة مثل "القبة الحديدية" للكيان الصهيوني. هذا الإنجاز فرض إعادة تقييم شاملة للاستراتيجيات العسكرية في جميع أنحاء العالم. دفعت هذه الدروس دولا مثل الولايات المتحدة وروسيا إلى توجيه استثمارات ضخمة في تعزيز أنظمتها الدفاعية ضد التهديدات غير المتماثلة، والتفكير في تطوير تكتيكات جديدة للتعامل مع هذا النوع من الحروب. لقد أثبتت المعارك الحديثة أن العقول المبدعة التي تملك الإرادة يمكنها أن تتفوق على أعتى الترسانات العسكرية، وهذا ما يجب أن تعيه الجيوش حول العالم.

5- حل حزب العمال الكردستاني (PKK) واستقرار حكم العدالة والتنمية في تركيا

بعد طوفان الأقصى، استغلت تركيا ببراعة تهاوي أحجار الدومينو نتيجة حالة الفوضى الإقليمية والضعف الإيراني والسوري؛ لتكثيف حملاتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني (PKK). كانت عمليات مثل "نبع السلام" التي نفذتها أنقرة سابقا، أدت إلى تفكيك البنية العسكرية للحزب بشكل كبير، لكن مع تراجع الدعم الإيراني والسوري بعد سقوط الأسد، بدأ تحالف "قسد" (قوات سوريا الديمقراطية) بالتفكك. هذا التطور تزامن مع تقليص الدعم الأمريكي للأكراد، مما تركهم في موقف ضعيف وأدى إلى حل الحزب فعليا. إنها قصة جديدة من قصص التخلي عن حلفاء الأمس، حين تتغير حسابات القوى وتتبدل الأولويات، تاركة وراءها فراغاتٍ يُعاد ملؤها بخرائط سياسية جديدة.

6- ظهور القوى الإقليمية الصاعدة

شهدت المنطقة صعود قوى إقليمية جديدة تستغل الفراغ الذي أحدثه التغيير. عززت تركيا نفوذها بشكل كبير في سوريا عبر تحالفات استراتيجية مع الفصائل السنية. في المقابل، برز دور كل من قطر ومصر كوسيط إقليمي رئيسي، حيث تصدرت الدوحة والقاهرة جهود الوساطة في الصراع الفلسطيني الصهيوني بعد تدهور العلاقات الخليجية-الصهيونية، مما منحهما وزنا سياسيا متزايدا، ساعد في ذلك دعم التحالف الأمريكي في المنطقة للنظام المصري؛ بعد أن كان على شفا الانهيار نتيجة الأزمات الاقتصادية التي تسبَّب فيها. المشهد الإقليمي يتغير، وتظهر وجوه جديدة على الساحة، بعضها يصعد ليملأ الفراغ، وبعضها الآخر يحاول أن يجد موطئ قدم في هذه الفوضى الخلّاقة.

7- إعادة تشكيل التحالفات الدولية

حدثت تحولات جذرية في التحالفات الدولية في المنطقة. بعد انهيار ما كان يُعرف بـ "محور الاعتدال العربي" (الذي كان يضم دولا عربية متحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية ومتصالحة مع الكيان الصهيوني)، ترك ذلك فراغا استغلته الصين ببراعة. فقد عززت بكين تواجدها المتنامي من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة مثل مبادرة "الحزام والطريق"، مما يشي بتحولات في موازين القوى العالمية. إن العالم يتغير، والقوى الكبرى تعيد ترتيب أوراقها، بينما تتفكك تحالفات الأمس لتفسح المجال لتحالفات جديدة، بعضها غير متوقع.

8- اضطرابات اقتصادية عالمية وتحولات في الطاقة

كانت تداعيات "طوفان الأقصى" الاقتصادية واسعة النطاق. أدت هجمات الحوثيين المتكررة على الملاحة في البحر الأحمر إلى اضطرابات حادة في سلاسل التوريد العالمية، وارتفعت تكاليف البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر بأكثر من 30 في المئة، مما أثر على التجارة الدولية. كما دفعت هذه الاضطرابات -بالإضافة لأسباب أخرى- الاتحاد الأوروبي إلى تسريع تحوله نحو مصادر الطاقة المتجددة، لتقليل اعتماده على النفط والغاز، الذي أصبح أكثر عرضة للتقلبات الجيوسياسية. إن التكاليف الاقتصادية للصراعات لم تعد تقتصر على ساحات المعارك، بل تمتد لتضرب شرايين الاقتصاد العالمي، دافعة الدول الكبرى إلى إعادة التفكير في مصادر طاقتها وأمنها الاقتصادي.

9- تصاعد النضالات الشعبية وحقوق الإنسان
أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار
لقد أعادت "طوفان الأقصى" حقوق الإنسان والقانون الدولي إلى واجهة النقاش العالمي. تزايدت الإدانات الدولية للكيان الصهيوني، وصدرت تقارير من منظمات حقوقية عالمية تتهمه بارتكاب "جرائم حرب". كما شهدت حركة المقاطعة العالمية (BDS) زخما غير مسبوق، وأثرت اقتصاديا على العديد من الشركات التي تتعاون مع الكيان الصهيوني، وأثرت أيضا على الصورة العالمية للكيان خاصة في الداخل الأمريكي وأوروبا، مما يظهر قوة الرأي العام العالمي في التأثير على السياسات. إن صوت الشعوب، حين يرتفع موحدا، يصبح قوة لا يستهان بها، قادرة على تغيير المعادلات وقلب الطاولات على رؤوس من ظنوا أنهم فوق القانون.

10- تحوُّلات تكنولوجية واستخباراتية

كشفت "طوفان الأقصى" عن ثغرات أمنية واستخباراتية هائلة في الكيان الصهيوني، وفشل أجهزة مثل "الشاباك" و"الموساد" في توقع الهجوم أثار تساؤلات جدية حول قدراتها. في المقابل، برز دور الحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية، مما يؤكد أن ساحة المعركة لم تعد تقتصر على الأرض والجو، بل امتدت إلى الفضاء السيبراني. لقد تبين أن التكنولوجيا الحديثة، بقدر ما هي قوة، يمكن أن تكون نقطة ضعف قاتلة لمن يعتمد عليها دون فهم حقيقي لأبعاد التهديدات الجديدة.

خلاصة: "طوفان الأقصى" كنموذج لصراعات القرن الحادي والعشرين

لقد شكَّل "طوفان الأقصى" نقطة تحول جيوسياسية شاملة، حيث أعاد تعريف مفاهيم الردع والتكتيكات العسكرية. أثرت العملية على الاقتصاد العالمي من خلال اضطرابات في الطاقة والتجارة، وفككت تحالفات قديمة وبنت أخرى جديدة على المستوى السياسي. كما برز الدور المتزايد للرأي العام في صنع القرار، وشهدت التحولات التكنولوجية والاستخباراتية تغيرات عميقة. لقد أثبتت هذه العملية أن الصراعات الحديثة لم تعد تُحسم بالجيوش التقليدية وحدها، بل عبر تفاعل معقد بين العسكر والسياسة والاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا. هذا الواقع الجديد يفرض على الدول تبني استراتيجيات مرنة ومتعددة الأوجه، تستجيب لهذا المشهد الجيوسياسي المتغير باستمرار. فهل وعينا الدرس؟ وهل أدركنا أن ما بعد "طوفان الأقصى" ليس كما قبله؟

مقالات مشابهة

  • “الحكومي بغزة”يدين قصف العدو الصهيوني لمستشفى شهداء الأقصى
  • قبائل صعدة وتهامة تجدد العهد مع فلسطين وتطالب بتصعيد العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني
  • “الأحرار الفلسطينية” : استهداف العدو الصهيوني لمستشفيات غزة جريمة حرب ممنهجة
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين من حجاج دولة فلسطين: الاستضافة أعظم الأعمال وأجلها التي تقدمها المملكة للشعب الفلسطيني
  • تصاعد ملحوظ في عمليات المقاومة الفلسطينية ضد جحافل الاحتلال الصهيوني في غزة
  • مناورة وتطبيق قتالي في المحابشة بحجة لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • «رئيس الوزراء الفلسطيني» يجدد دعوته إلى لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين
  • شيخ الأزهر: الشعب الفلسطيني يتعرض لإبادة جماعية والكيان أثبت أنه ضد الإنسانية
  • طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية
  • وقفة لكوادر مستشفى صعدة للأمومة والطفولة تضامنا مع الشعب الفلسطيني