كيف تحمي صحتك النفسية في خضم متابعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مع استمرار تطور الوضع في إسرائيل وغزة، يتعرض العديد من الأشخاص البعيدين عن الصراع لعدد لا يحصى من المشاهد، والصور، والقصص عبر التقارير الإخبارية التلفزيونية، وبالطبع عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وهذا يؤثر سلبًا علينا جميعًا، بما في ذلك أطفالنا.
لذاك، أصدرت جمعية علم النفس الأمريكية بيانًا هذا الأسبوع تحذّر فيه من أن متابعة الأخبار العنيفة والمؤلمة قد يؤثر في حد ذاته سلبًا على صحتنا النفسية.
وجاء في البيان: "يخبرنا علم النفس أن مشاعر الخوف، والقلق، والإجهاد، الناتجة عن الصدمات لها آثار طويلة المدى على الصحة والرفاهية. وهذه التأثيرات يشعر بها الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين لديهم عائلات وأصدقاء في المنطقة، وكذلك أولئك الذين يشعرون بالقلق إزاء آثار الحرب في كل مكان".
إذا، كيف نبقى على اطلاع مع حماية صحتنا النفسية وصحة أطفالنا؟هذه قضية ظهرت مرارًا وتكرارًا في سياق قائمة طويلة من الأحداث مثل حوادث إطلاق النار، وأزمة تغير المناخ، والكوارث الطبيعية مثل الأعاصير، وحرائق الغابات، وجائحة "كوفيد-19".
وتواصل كبير المراسلين الطبيين لشبكة CNN، الدكتور سانجاي غوبتا، مع الدكتورة جيل سالتز، وهي أستاذة مشاركة في الطب النفسي لدى مستشفى "نيويورك-بريسبيتيريان" الجامعي وكلية طب "وايل كورنيل" للحصول على المشورة بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية.
وأوضحت سالتز أن الصور على وجه الخصوص تمثل مشكلة، إذ أنها تعطي الانطباع بأن الخطر قريب.
وقالت إن "الصور المرئية تميل إلى الثبات في ذهنك مثل الفيلم".
وتابعت: "هنا تكمن المشكلة التي يواجهها الناس الآن، يرون صور مروّعة تتجاوز التجربة الإنسانية المعتادة، فتسيطر على أذهانهم لدرجة أنهم لا يستطيعون التركيز في العمل، ولا حتى النوم في الليل".
وأضافت: "هذا يسبب إثارة عامة في الدماغ، ومن ثم في الجسم".
وشرحت سالتز أنه كاستجابة فسيولوجية لتلك الصور والقصص، يبدأ الجهاز العصبي الودي في العمل، ما يؤدي إلى حالة من التوتر والقلق.
وأكدّت أنه إذا بقيت قلقًا لفترة طويلة، فإنك تبدأ في الشعور بالحزن، ما قد يؤدي إلى حالة من الاكتئاب في نهاية المطاف.
ومن السهل جدًا أن تبقى قلقًا لفترة طويلة وسط مشهد التقنيات الحديثة التي تجعل هذه الصور المروعة متاحة باستمرار.
وتابعت: "أعتقد أنه أمر مضر حقًا، خاصة على الأطفال".
وأشارت سالتز إلى أن بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم لتطوير رد فعل إجهاد حاد أو حتى اضطراب ما بعد الصدمة مع التدفق المستمر للصور والقصص.
وأوضحت أن "الأشخاص على مقربة من الأحداث الفعلية، الذين لديهم عائلة أو أصدقاء هناك يتعرضون للإجهاد بطريقة مباشرة، خاصة إذا كان لديهم مشكلة سابقة تتعلق بالصحة النفسية، مثل اضطراب القلق أو اضطراب المزاج، وكذلك الأشخاص الذين عانوا من [أي نوع] من الصدمات في ماضيهم".
فيما يلي بعض النصائح للعناية بصحتك النفسية وصحة عائلتك: قنن تعرّض عائلتك للأخبارقالت سالتز: "يجب الحد من تناولك للأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي"، موضحة أنها تحث على عدم تصفح منصات التواصل الاجتماعي، حيث لا يوجد تحذير فيما يتعلق بالمحتوى الحساس.
وتوصي سالتز باقتصار مصادر الأخبار على مصدر أو اثنين من وسائل الإعلام الموثوقة، إضافة إلى تحديد الوقت الذي تقضيه في متابعة الأخبار لما يصل إلى 30 دقيقة يوميًا، وألا تكون هذه المدة المحددة قريبة من موعد النوم، إذ يمكن أن تؤثر على جودة النوم، ما يؤدي إلى حالة من القلق في اليوم التالي.
قم بشرح ما يحدث لطفلكأكدت سالتز أنه من المهم أيضًا أن تشرح لأطفالك ما يحدث بطريقة مناسبة لأعمارهم.
وقالت: "تحدث إلى أطفالك، وأجب على أسئلتهم، لأن تركهم لمخيلتهم قد يكون أسوأ وأكثر رعبا"، مضيفة: "ليس عليك أن تشرح بدقة، ولكن يجب أن تكون صادقًا إلى حد معقول معهم".
وأوضحت سالتز أنه من المهم أن يبدأ والدي الأطفال مثل تلك المحادثات حتى يصبحوا "المصدر الموثوق به من قبل أبنائهم".
وأكدت سالتز أنه من الضروري مساعدة أطفالك على تعلم كيفية التعرف إلى المصادر الموثوقة، لافتة إلى أنه "يجب مساعدة الأطفال على فهم أن مجرد قول شخص ما لأمر ما لا يعني أنه صحيح"، مشيرة إلى أن هذا الاقتراح ينطبق على الأخبار، والنصائح الطبية، وغيرها من المعلومات.
تفقّد مشاعرك ومشاعر أطفالكنصحت سالتز بتفقد الأعراض التي قد تكون لدينا حتى نتمكن من معالجتها.
وأشارت إلى أن جميع التشخيصات النفسية هي في الواقع امتداد لمشاعر طبيعية محتملة ارتفعت إلى مستوى التسبب في الخلل الوظيفي.
وقالت: "الجميع يشعر بالقلق في بعض الأحيان"، وأوضحت أنه "عندما تكون الأمور صعبة ومرهقة، كما هو الحال الآن، فإنهم يصبحون أكثر قلقا، وهذا أمر طبيعي".
وتابعت: "عندما تشعر بالقلق الشديد لدرجة أنك غير قادر على التركيز.. فإن أدائك في العمل يتأثر، ولا يمكنك النوم ليلاً، وستتأثر شهيتك".
وأضافت" عندما يؤثر مستوى القلق على أدائك في واحد أو أكثر من المجالات المهمة في حياتك – العمل، الدراسة، العلاقات – فإن ذلك يعني ارتفاع القلق إلى مستوى يحتاج الاهتمام، أو حتى إلى علاج"
ولفتت سالتز إلى أن الأعراض قد تكون مختلفة عند الأطفال، قائلة: "عند الأطفال، قد تبدو اضطرابات القلق والمزاج مختلفة تمامًا. يمكن أن يعاني الأطفال من الاكتئاب، ولا يبدو عليهم الاكتئاب طوال الوقت، قد يعانون من نوبات البكاء، والانزعاج، أو الانفعال الشديد، والتعبير عن الحزن، ولكن بعد ذلك قد يكون لديهم أوقات أخرى يشعرون بها في السعادة، ولهذا السبب غالبًا ما يتم تجاهل الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين".
وأشارت سالتز إلى أن الأطفال هم أكثر عرضة لـ "تجسيد" ضائقتهم النفسية. وعلى سبيل المثال، قد يظهر القلق على شكل ألم في المعدة أو صداع.
قم بإعداد وسائل للتغلب على التوترعندما يشعل التوتر والخوف اللوزة الدماغية لدينا، وهي الجزء من الدماغ الذي يتحكم في استجابتنا العاطفية، فإننا لسنا في حالة "العقل الحكيم".
وشرحت سالتز أنه يمكننا أن نتمتع بالحكمة "من خلال القيام أنشطة فسيولوجية لتهدئة نظامنا العصبي. مثل إضافة خمس دقائق من التنفس العميق والسريع في الصباح والمساء، أو استرخاء العضلات التدريجي".
وهناك نشاط آخر ثبت أنه يقلل من التوتر وهو المشي، ويفضل أن يكون ذلك في الطبيعة.
وأضافت أن "هناك العديد من الأنشطة التي يمكن أن تقلل من القلق الفسيولوجي، حتى تتمكن من اتخاذ خيارات أفضل لصحة نفسية أفضل لك ولعائلتك".
عش الجانب الإيجابي في الحياةنصحت سالتز بخوض الأنشطة التي تجعلك تشعر بالتحسن.
وقالت: "قد يكون ذلك من خلال مشاهدة محتوى إيجابي لمواجهة بعض السلبيات، أو القيام بأنشطة تشعرك أنها تساعد الموقف بطريقة ما".
ثق بأنك لست وحدكقالت سالتز: "اعلم أن لديك الكثير من الصحبة.. تواصل مع العائلة، أو الأصدقاء، أو المجتمع الذي يشاركك التفكير ذاته، أو إذا كنت تشعر أنك بحاجة إلى مساعدة إضافية، فتواصل مع مختصي الصحة النفسية".
وتابعت: "أعتقد أن الجميع يشعر بالتوتر الشديد في الوقت الحالي، حاول الابتعاد عن الأشخاص الذين يرون الجانب الأكثر سوادًا من الوضع، إذ من المحتمل أن يؤدي تضمينهم في هذه المحادثات إلى إثارة مشاعرك".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: انفوجرافيك صحة نفسية غزة قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
3 طرق تجعل الامتنان ركيزة لصحتك المالية في 2026
مع اقتراب موسم العطلات ونهاية العام، يميل كثير من الناس إلى تقييم أولوياتها غالبا من منظور اجتماعي أو عائلي، لكن بحسب مقال حديث في مجلة فوربس، ليس الامتنان مجرد شعور لطيف، بل قد يكون ركيزة حقيقية لصحة مالية أفضل.
الامتنان، كما يشير المقال، لا يحسّن المزاج فقط، بل:
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 27 قواعد ذهبية للتعامل مع البنوك بذكاءlist 2 of 2مستقبل بلا نقود.. ماذا تعرف عن المدفوعات بدون تلامس؟end of list يعيد تشكيل سلوكنا المالي ويُعزز الادخار يقلل من الإنفاق المرتجل يجعلنا أكثر وضوحا في ما نريد فعلياهذه الفكرة تجد صدى في أبحاث علم النفس والاقتصاد السلوكي. فقد أظهرت مراجعة شاملة أن ممارسات الامتنان مرتبطة بارتفاع الرفاه النفسي، وانخفاض القلق والاكتئاب، وتحسّن في اتخاذ قرارات عقلانية.
بالتالي، من المنطقي أن نعطي الامتنان مكانة كأداة ليس فقط للراحة النفسية، بل للحكمة المالية.
التقرير التالي يستعرض 3 آليات علمية من شأنها أن تُحوّل الامتنان إلى عماد تخطيط مالي سليم لعام 2026.
الامتنان يعزز ضبط الذات ويُؤجّل الإشباع الفوريأحد أبرز التحديات التي تهدد الميزانيات الشخصية هو ما يُعرف بـ "الإشباع الفوري" — رغبة في شراء شيء الآن بدل الانتظار للتخطيط أو الادخار. ومعروف أن الاستسلام المستمر للإشباع الفوري يستهلك المدخرات ويدفع نحو ديون بفوائد عالية.
وتشير مقالة في موقع كيتس إلى أن الشعور بالامتنان يساعد على تهدئة الإغراءات الفورية، ويُنمّي قدرة الإنسان على الانتظار مقابل مكافأة أكبر لاحقا.
كما أوضح تحليل علمي أن التعبير عن الامتنان -سواء عبر الكتابة أو التأمل الذهني- يعزز الدفقات العصبية المرتبطة بالثواب والمكافأة في مناطق الدماغ المسؤولة عن الرضا.
لذلك، عندما تدرب نفسك على الامتنان:
تصبح أقل عرضة للإنفاق العشوائي أكثر قدرة على وضع ميزانية واضحة وأكثر التزاما بخطط التوفيرهذه التحولات الذهنية تسهم في بناء مستقبل مالي أكثر استقرارا من خلال السيطرة على النفقات وتحويل التفكير من "أريد الآن" إلى "سأخطط وأدّخر".
الامتنان ليس رفاهية نفسية فقط، بل وسيلة عملية لتحسين مستوى السيطرة على أموالك ومزاجك ومستقبلك المالي
الامتنان يقلل من التوتر الماليويعتبر التوتر المالي أحد أكبر أعداء التخطيط طويل الأجل من حيث:
إعلان القلق على الديون الخوف من المستقبل الضغط الدائم.لكن أبحاث متعددة -نفسية وطبية- تربط الامتنان بتراجع مستويات القلق والاكتئاب، وتحسين نوعية النوم، وحتى خفض علامات التوتر الجسدي مثل ضغط الدم.
في حين وجدت دراسة بريطانية حديثة أن من لديهم مستوى عالٍ من الامتنان يعانون من ضغط مالي أقل مقارنة بغيرهم، مع تحسّن في الصحة النفسية، رغم أن الامتنان لم يضمن تحسين عادات الإدارة المالية بشكل مباشر لدى الجميع.
لكن الأهم هو أن الامتنان يساعد على تقليل القلق المرتبط بالمال، ما يمنحك شعورا بالتحكّم والقدرة على اتخاذ قرارات مالية هادئة بعيدا عن الذعر أو الإغراء.
من الناحية العصبية، يعيد الامتنان تنظيم المسارات الدماغية المرتبطة بالرفاهية، ويخفض إنتاج هرمونات التوتر، ما يساعد على ضبط الانفعالات وتحسين التركيز، وهي عوامل جوهرية عند التفكير في استثمارات أو ادخار بعيد المدى.
وبالتالي، الامتنان ليس رفاهية نفسية فقط، بل وسيلة عملية لتحسين مستوى السيطرة على أموالك ومزاجك ومستقبلك المالي.
الامتنان يعزز القناعة والاكتفاءوفي عالم مليء بالإعلانات والعروض والتسويق المكثّف، كثير منا يقع في فخ "المقارنة الاجتماعية"، أي الشراء ليس بناء على حاجة حقيقية، بل على رغبة في مسايرة من حولنا. لكن الامتنان يعيد التوازن، حيث من خلال الشعور بالرضا بما لديك، تقل الحاجة إلى الاستعراض والإنفاق على الكماليات.
وتؤكد مقالات عن الصحة العقلية أن الامتنان يُنمّي مشاعر القناعة والرضا، ويخفّض الميل إلى شراء أشياء إضافية لتحقيق شعور مؤقت بالسعادة.
كما أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان بانتظام يظهرون ميلا أكبر للسلوك التشاركي والعطاء بدلا من التكديس المادّي، ما يُوضح أن الامتنان ليس فقط حماية ذاتية بل أيضا بناء علاقات اقتصادية واجتماعية أقوى.
وهذا ينعكس مباشرة على المال، حيث ضعف الضغط لشراء ما لا تحتاجه = خفض النفقات = ادخار أو استثمار مبكر = استقرار مالي.
وهكذا، يحقق الامتنان هدفا مزدوجا: سلامة نفسية واقتصادية.
الأشخاص الذين يمارسون الامتنان بانتظام يظهرون ميلا أكبر للسلوك التشاركي والعطاء بدلا من التكديس المادّي
خلاصة إستراتيجية للعام الجديدوأوضحت الأدلة العلمية أن الامتنان ليس رفاهية مؤقتة، بل أداة فعّالة لإدارة المال بحكمة. وعندما ندمج بين تأخير الإشباع الفوري، وتقليل التوتر المالي، وتنمية القناعة الداخلية، نخلق أساسا متينا لميزانية قوية ومستقبل مالي مستدام.
وقبل أن تفكر في الاستثمار أو شراء شيء كـ"مكافأة لنهاية العام"، حاول أن تقف، تتأمل ما لديك فعليا، وتعيد تقييم أولوياتك:
هل هذا الشراء يعكس قناعة؟ أم هو اندفاع مؤقت؟ هل هذا القرار يخدم رفاهيتك طويلة الأمد؟
ومع بداية 2026، دع الامتنان يكون رفيق طريقك نحو قرار مالي أكثر وعيا، ادخار أذكى، واستقرار حقيقي.