يبدو واضحاً أنّ الإيرانيين إنتقلوا إلى مرحلة المواجهة الفعلية ضدّ إسرائيل بعدما صعّدت الأخيرة هجماتها ضدّ غزة لاسيما بعد المجزرة التي ارتكبها جيش العدو ضدّ مستشفى الأهلي المعمداني، يوم الثلاثاء الماضي.

 الطامة الكبرى تكمنُ في الدعم المطلق الذي تلقته إسرائيل من الرئيس الأميركي جو بايدن الذي زارها، أمس الأربعاء، حيثُ اتهم صراحة الفصائل الفلسطينية بإرتكاب جريمة مستشفى غزة.

الأمرُ هذا شكّل تحدياً أميركياً كبيراً للأصوات العربية المناهضة لجرائم إسرائيل، فيما كان واضحاً إصرار بايدن على إستكمال دعم إسرائيل والذهاب أبعد نحو رفع شعار إنهاء حركة "حماس".

أمام هذه المعطيات، يمكن القول إنّ المعادلات في المنطقة باتت تتغير، فالصراعُ بات يحتدمُ أكثر وما يبدو هو أنّ الصدام الأميركي – الإيراني بات يتجلى مباشرة على أرض غزة بعدما كان منتظراً حدوثه على أرض لبنان خلال الفترة السابقة. ما يُثير الريبة أكثر هو آفاق المواجهة التي ستندلع بين طهران وواشنطن، فيما تدور التساؤلات عمّا إذا كانت رقعة الإشتباك ستتوسع لتشمل مُختلف الجبهات وأبرزها من لبنان.

كيف ستتحرّك إيران؟

تتحدثُ مصادر معنية بالشؤون العسكريّة عن تصعيدٍ إيراني مُحتمل يتمثلُ بزيادة عدد الجبهات التي ستُرهق إسرائيل من دون الذهاب إلى مواجهةٍ مفتوحة بشكلٍ فوري. الأمرُ هذا قد يحصلُ من داخل فلسطين المحتلة، كما أنّ هناك جبهاتٍ عديدة يمكن أن تُترجم السخط الإيراني على الدعم الأميركي من جهة، وعلى العدوان الإسرائيلي المتمادي في غزّة من جهة أخرى. لهذا السبب وغيره، من الممكن أن تشهدَ المواجهة تكريساً لإستهدافاتٍ جديدة تساهم في شلّ إسرائيل حيوياً، وقد يتطور الأمرُ إلى قصف المرافق الأساسية التي تعتبرها إسرائيل من الخطوط الحمراء بالنسبة لها. الأمرُ هذا يُعدُّ مفصلياً بالنسبة لطهران. كذلك، من الممكن أن يتخذ التصعيد منحى آخر خارج إطار فلسطين المحتلة وبعيداً عن لبنان حتى، فالمصالح الأميركية في الخليج قد تكونُ مهدّدة حتى أنّ السفارات الإسرائيلية والأميركية قد تكونُ تحت مرمى الإستهداف إن اتخذت إيرانُ القرار بالمواجهة بالتنسيق مع وكلائها وحلفائها في أكثر من نقطة.  

"جبهة جديدة غير محسوبة"

وفي ظلّ المشهديّة "المُبهمة" عسكرياً وميدانياً، يمكن أن تأتي كل التحركات غير المباشرة ضد إسرائيل وأميركا في أكثر من منطقة بالتوازي مع فتح جبهةٍ جديدة غير مفتوحة قد تكون من الجولان السوري. فمثلما تفاجأت تل أبيب بهجوم "حماس" وإقتحام المستوطنات، من الممكن أن يكون الجولان الجبهة الخفية التي قد تُشكل المفاجأة العسكريّة، وقد تكون الضربات التي قد تأتي لاحقاً مُوجعة جداً. هنا، يمكن البحث عن دورٍ لـ"حزب الله" في هذا الإطار، وقد يكون التنسيق الإيراني – السوري الذي حصل مؤخراً بشكل مباشر عقب زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق الأسبوع الماضي قبل زيارته بيروت، مُقدّمة لفتح تلك الجبهة التي قد تغير الكثير من المعادلات.

وفي حال حصل "سيناريو" الجبهة الجديدة، عندها يمكن القول إنّ إسرائيل باتت تواجهُ ثقلاً كبيراً ومأزقاً يتمثل بتشتيتٍ لقوتها العسكرية على أكثر من صعيد. الخطوة هذه أساسية بالنسبة لـ"محور المقاومة" وإيران، وبالتالي قد يساهم هذا الأمر في تخفيف الضغط عن غزة.

ماذا عن "حزب الله"؟

حالياً، فإنّ "حزب الله" ما زال يتعاطى مع التطورات ضمن قواعد الإشتباك المرسومة منذ العام 2006، لكنّ ما يتبين هو أنّ الحزب بات يُكثف إستهدافاته للمواقع الإسرائيلية في أكثر من منطقة خارج حدود مزارع شبعا المحتلة التي يرى الحزب أن لديه الحق في التحرّك ضمنها. فعلى سبيل المثال، إستهدف الحزب، أمس الأربعاء، موقعاً إسرائيلياً في رأس الناقورة كما استهدف موقعاً آخر في مستعمرة المطلة. ما يتبين من ذلك هو أنّ العمل على توسيع بنك الأهداف مستمرٌ ومتواصل وبات يخرجُ من إطار الإستهداف المحدود أو الردّ على الرد.
وعليه، يمكن القول إنّ الحزب بات في موقع المبادرة والهجوم بعدما كان يتخذُ وضعية الدفاع والرد على أي إعتداء إسرائيلي.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ما يجري يُمهد لتوسع الجبهة أكثر؟ وهل اتخذ القرار بإشتعال كافة الحدود؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله قد تکون أکثر من

إقرأ أيضاً:

درَّب القسام وهندس الطوفان.. من هو أبو عمر السوري الذي اغتالته إسرائيل بغزة؟

غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس السبت، اغتيال حكم العيسى المكنّى "أبو عمر السوري" بغارة إسرائيلية استهدفته في مدينة غزة. واتهمته بقيادة منظومة التدريب والتطوير في الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ينحدر العيسى الذي ولد في الكويت عام 1967 من قرية رامين قضاء طولكرم شمالي الضفة الغربية، واستكمل دراسته الجامعية في مدينة بوبال بولاية ماديا برادش في الهند، ومن هناك انطلقت رحلته الجهادية، بدءا بالتدريب العسكري في خوزستان في إيران، مرورا بالشيشان وسوريا ولبنان إلى أن وصل إلى قطاع غزة عقب الانسحاب الإسرائيلي من المستوطنات التي كانت جاثمة هناك عام 2005.

بدأ العيسى مشواره مع كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في غزة بمواقع التدريب، وكان له باع طويل في تأسيس الأكاديمية العسكرية، لذا عرف بين المقاتلين باسم (أبو المواقع).

بصمة القائد

ورغم بصماته الواضحة في العمل العسكري وتنقله بين مواقع قيادية عديدة، حتى صار عضوا في المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام، فإن العيسى لم يكن له أي ظهور إعلامي، وفضّل العمل بأسماء مستعارة وكُنى كثيرة دون الإفصاح عن هويته، ومنها أبو محمود، وأبو عماد، وأبو عمر.

ووفق مصادر في القسام، فمنذ دخوله قطاع غزة قبل نحو 20 عاما، جاء معه عِلم غزير، وفكر عسكري عميق، فكان محط اهتمام من القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف وأعضاء المجلس العسكري الذين قرروا استثمار تجربته في تعميم التخصصات في مفاصل العمل العسكري.

وساعد في إحداث نقلة نوعية وإضافة كبيرة في تطور العمل العسكري مع العقول المتوفرة بالقطاع، وذلك على مستوى التخطيط والتدريب والتطوير وتأسيس الأكاديمية العسكرية.

كلفت قيادة أركان كتائب القسام العيسى بملفات مركزية عديدة أهمها:

قائد دائرة الإعداد والتدريب المركزية على مستوى قطاع غزة. مؤسس وقائد سلاح الدفاع الجوي بالقطاع. ثم قائد ومرجعية للتخصصات العسكرية المركزية (الأسلحة). عضو اللجنة المركزية للخطة الدفاعية والمواجهة. إعلان

وبعد الحرب الإسرائيلية (المسماة إسرائيليا الجرف الصامد وفلسطينيا العصف المأكول) على قطاع غزة صيف عام 2014، كُلِّف "أبو عمر السوري" برُكني الاستخبارات والعمليات، ومن ثم عُين قائدا لركن التدريب في كتائب القسام، وعضوا أساسيًا في المجلس العسكري العام لهيئة الأركان.

ويعود للعيسى المبادرة باعتماد آلية صنع القرار العسكري وفق منهجية مهنية قيادية متطورة، ورفع مستوى الجاهزية دفاعيا وهجوميا بشكل كبير جدا، حيث شارك بإعداد الخطة الدفاعية المركزية والهجومية في كل الحروب التي سبقت معركة "سيف القدس" عام 2021، وأشرف بنفسه على تدريب وصقل مهارات وشخصيات قيادة التدريب وفرق التدريب المناطقية، وأسهم فنيًا في تطوير أسلحة المدفعية والهندسة والدفاع الجوي والدروع والقنص وغيرها.

حكم العيسى تولى تدريب كتائب القسام وإنشاء مراكز لذلك على أعلى المستويات (الإعلام العسكري لكتائب القسام) هندسة الطوفان

عُرف أبو عمر السوري بتواضعه وعيشه بغرف بسيطة نظرا لحساسية الأوضاع الأمنية، وكان قليل الظهور العام، وكرَّس وقته وجهده لتدريب المقاتلين في غزة وتجهيز خطط العمليات، وإعداد الخطة الدفاعية، وحرصه على تفوق الصناعات العسكرية، وصولا إلى هندسة معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ورفض العيسى مغادرة غزة منذ دخولها، وعُرف عنه مقولته الشهيرة "لا خروج من غزة بعد الدخول إليها مع زوجتي وأطفالي صغارًا إلا إلى الضفة المحتلة محرِّرًا أو للفردوس الأعلى محلّقًا" كما روى مقربون منه.

وبقي أبو عمر السوري طوال الحملة العسكرية الإسرائيلية البرية على غزة يواجه الاحتلال ويعد الخطط الميدانية للإيقاع بجنوده، وعاش مع عائلته الحصار الشديد والجوع القاتل في شمال القطاع، حتى نال الشهادة عن عمر (58 عاما) برفقة زوجته وحفيدته في استهداف إسرائيلي طالهم مساء السبت 28 يونيو/حزيران 2025.

مقالات مشابهة

  • لماذا يمكن أن يُستأنف القتال بين إسرائيل وإيران في أي لحظة؟
  • الجنسية البرتغالية ستصبح واحدة من أصعب الجنسيات التي يمكن الحصول عليها في أوروبا
  • الحوثيون يعلنون مهاجمة إسرائيل بأربع عمليات عسكرية
  • الولايات المتحدة توافق على صفقة عسكرية ضخمة لـ إسرائيل
  • ترامب يرفع العقوبات عن سوريا مع رغبة إسرائيل بتطبيع العلاقات معها
  • بينهم 132 امرأة.. أكثر من 900 قتيل في إيران خلال الحرب مع إسرائيل
  • أكثر من 900 قتيل في إيران خلال الحرب مع إسرائيل
  • و أمرت النيابة العامة بحبس مالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية لتمكينه المتهم من قيادتها رغم علمه بعدم حيازته رخصة تجيز له قيادة تلك المركبة. جاء ذلك في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الحادث المروري المروع الذي وقع
  • إسرائيل تنشر فرقة عسكرية جديدة على الحدود مع الأردن
  • درَّب القسام وهندس الطوفان.. من هو أبو عمر السوري الذي اغتالته إسرائيل بغزة؟