الليلة أقبح بكثير من البارحة ولكن!!
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
الصباح الجديد -
في مثل هذه الأوقات قبل عامين بدأ التحضير لإنقلاب 25 أكتوبر وكما ذكر الأستاذ المخضرم والمحلل السياسي محمد لطيف أن الخطة بدأت من خلال إشاعة الفوضى وبث الرعب بواسطة (عصابات 9 طويلة) ثم جاءت محاولات قيادة التخريب المعنوي وسط قوى الثورة المدنية لعزلها من الشعب السوداني فأطلق عليها (4 طويلة) في حين أن حكومة د.
ومن خطوات التصعيد الواضحة تحركات الناظر ترك في الشرق وإغلاقه لميناء بورتسودان وهجومه السافرعلى حكومة الثورة، وفي الوقت ذاته سمح فيه للفريق شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة مفاوضته لنزع فتيل الاحتقان ليعود منه باستعادة ضخ أنبوب بترول دولة الجنوب فقط، بينما الأدوية المنقذة لحياة مئات الآلاف من السودانيين المرضى لا تزال محتجزةً في ميناء بورتسودان بأمر الإغلاق الذي شمل كل شاحنات النقل المتجهة من الميناء إلى الخرطوم.
هذا يوضح طبيعة اللعبة الخطرة التي كان يخوضها المكون العسكري لجهة عدم المبالاة الرهيبة في الذهاب بعيداً إلى الحد الذي يهدد وحدة السودان وأمنه مقابل تسجيل مواقف ضد قوى الحرية والتغيير، ولكن بالرغم من كل ذلك كان الفيصل هو الإحتكام للشارع السياسي الذي نجحت قوى الحرية والتغيير في عطفه نحوها فخرجت مواكب الغضب لتثبيت الثورة السودانية وتحصين التحول الديمقراطي ضد أي محاولات إنقلابية.
وعندما أيقنت قوى الشر الهزيمة لجأت للإعتصام أمام القصر الجمهوري ثمانية أيام حسوماً وهتف التوم هجو وجبريل إبراهيم ومناوي (الليلة ما بنرجع إلا البيان يطلع).
من الواضح جداً أن الأزمة بلغت ذروتها في ذلك الوقت لإقتراب موعد تسليم العسكريين في مجلس السيادة رئاسة النصف الثاني من المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، لتبدو مؤشرات عناد العسكريين في هذا جلية في جملة من التحركات التي تؤشر دلالاتها إلى أن ثمة حراكاً خفياً يوعز به العسكريون لقوى سياسية وقبائل وبعض الحركات التي وقعت اتفاق جوبا للسلام.
هذا ما كان يجري في العلن أما خلف الكواليس فكانت الحركة الإسلامية السودانية وحزب المؤتمر الوطني المحلول يرتبان تفاصيل الخطة لخروج العسكريين من المأزق السياسي فيما تكفلت قوات الدعم السريع بالتمويل، وظهرت بصمات المؤتمر الوطني في ظهور نشطاءه في الاعتصام وكتابتهم للبيان الذي تلاه البرهان عن طريق لجنة قانونية شارك فيها محامون من العدل والمساواة وحركة تحرير السودان (مناوي).
وكما تنبأ الأستاذ الحاج وراق بأن الانقلاب سيعجل بخلافات المكون العسكري فقد أحس (حميدتي) بالخديعة وبدأ التمرد على الانقلاب تارة برفضه تعيين قيادات المؤتمر الوطني المحلول في وظائف سيادية بالدولة وتارة أخرى بالاتجاه غرباً لولاية غرب دارفور في رحلة قال إنها ستسغرق 6 أشهر في حين أنه الرجل الثاني في الدولة.
استمرت المناكفات حتى جاء الاتفاق الاطاري وتحسست الحركة الاسلامية الخطر وأدركت أنها لن تستطيع وقف المد الثوري هذه المرة، خاصة بعد أن فشلت الضغوط عن طريق صغار الضباط لوقف عجلة الاتفاق فكان الخيار هو الذهاب إلى الجحيم وإطلاق شرارة الحرب التي بحسب الخطة والتدابير لن تتجاوز الساعات، ولكن وقعت الكارثة واستمرت الحرب نصف عام وقضت على الأخضر واليابس ودمرت البنية التحتية، وإن كانت الليلة أقبح بكثير من البارحة إلا أن عودة الحركة الاسلامية الى الحكم عبر بوابة العنف باتت مستحيلة.
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رأي.. إردام أوزان يكتب عن المسار الجديد لحزب العمال الكردستاني وتداعياته الإقليمية: باب يفتح ولكن ليس على مصراعيه
هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان *، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لقد كانت الأرض تتحرك تحت الشرق الأوسط منذ بعض الوقت. في خطوة جديدة غير متوقعة ومهمة، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK)، المتورط منذ زمن طويل في أحد أعنف الصراعات الإرهابية وأكثرها توترًا سياسيًا في المنطقة، عن نيته حلَّ صراعه المسلح الذي استمر عقودًا وإنهائه. بالنسبة لتركيا، يُعد هذا الحدث أكثر من مجرد حدث أمني بارز؛ بل لحظة فارقة قد تُعيد رسم مسارها المحلي وتُعيد تشكيل مصفوفة القوة الإقليمية.
في الوقت الذي تتعامل فيه تركيا مع مشكلتها الكردية المتغيرة بسرعة، فإنها لا تشكل مستقبلها فحسب، بل تعمل أيضاً على إعادة تعريف النظام الإقليمي.
لقد أثبت التاريخ أنه عندما تتحرك تركيا بعزم ووحدة، تحذو المنطقة حذوها، مما يفتح آفاقًا جديدة للسلام والتعاون. يحمل هذا التحول المحوري تداعيات عميقة، ليس فقط على تركيا، بل على الشرق الأوسط بأكمله، إذ يُمثل نقطة تحول مهمة في صراع امتد لعقود.
يأتي هذا القرار في أعقاب سلسلة من الإجراءات السياسية المهمة، بما في ذلك مبادرة أطلقها حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، بقيادة الرئيس أردوغان، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالتعاون مع حزب الحركة القومية. وقد مهدت دعوة عبد الله أوجلان لوقف أنشطته في فبراير/شباط الطريق للإعلان الرسمي لحزب العمال الكردستاني في 12 مايو/أيار. ويؤكد هذا التسلسل من الأحداث على التفاعل المعقد بين السياسة الداخلية والديناميكيات الإقليمية الأوسع.
يرتبط توقيت هذه المبادرة ارتباطًا وثيقًا بالمشهد السياسي التركي الراهن. فحزب "العدالة والتنمية" يُعاني من تراجع شعبيته، وتتوقف طموحات أردوغان لولاية رئاسية ثالثة على تعديل دستوري ضروري يتطلب أغلبية الثلثين في البرلمان. ولتحقيق ذلك، أصبح كسب دعم الأصوات السياسية الكردية أمرًا بالغ الأهمية. إضافةً إلى ذلك، دفع التباطؤ الاقتصادي المستمر النخبة السياسية إلى البحث عن قصة نجاح قد تحشد الدعم الشعبي أو تُحوّل الانتباه عن القضايا المالية المُلحة.
التشابك السوريخارجيًا، تُعقّد ديناميكيات الوضع في سوريا المجاورة الوضع أكثر. رسّخت وحدات حماية الشعب/قوات سوريا الديمقراطية، وجودًا شبه حكومي فيما يقرب من ثلث سوريا. ويُشير قبول النظام السوري مؤخرًا لقوات سوريا الديمقراطية إلى مرحلة جديدة من الاستقلال الاستراتيجي الكردي. والجدير بالذكر أن قرار وحدات حماية الشعب بالنأي بنفسها عن دعوة أوجلان لنزع السلاح أبرز مسارها المتباين وقدرتها على تعطيل مسار الحل في تركيا.
إذا رأت أنقرة في هذه اللحظة فرصةً لتفكيك القدرة العملياتية لحزب العمال الكردستاني في أضعف حالاته، فإن التطورات عبر الحدود تُهدد بإلغاء هذه المكاسب. إن تجزئة سوريا، وتمكين الميليشيات الكردية، وتغير التحالفات الإقليمية قد يجعل من تفكيك حزب العمال الكردستاني مجرد وهم تكتيكي لا حلاً استراتيجياً. وتُشكل هذه الشبكة المعقدة من المتغيرات الخارجية مخاطر جسيمة قد تُعقّد المشهد السياسي لأنقرة مستقبلاً.
التعامل مع الماضي وإدارة المستقبلإن الخسائر النفسية والاقتصادية لصراع حزب العمال الكردستاني لا تُحصى. فقدنا عشرات الآلاف من الأرواح، وهجّرنا أجيالًا، واستقطبنا مجتمعات. واستنزفت النفقات العسكرية الموارد الوطنية. يتطلب التئام هذه الندبة أكثر من مجرد نزع السلاح، بل يتطلب شجاعة سياسية، وعدالة انتقالية، وعقدًا اجتماعيًا يشمل أكراد تركيا كأصحاب مصلحة متساوين في مستقبل الجمهورية.
مع ذلك، على حكومة أردوغان أن تتوخى الحذر. فبينما قد يُسوّق لخطوة حزب العمال الكردستاني على أنها انتصار سياسي، فإن المبالغة في تصويرها على أنها "هزيمة" قد تُقوّض أي مصالحة حقيقية. ففي بلدٍ تُدمّره جروح الإرهاب بعمق، وتظلّ حقوق الأكراد قضيةً خلافية، يجب أن تُحقّق الرسائل العامة توازنًا دقيقًا بين تكريم الضحايا، وضمان الأمن، وخلق مساحة سياسية حقيقية للتماسك.
الشبكة الإقليمية لا تزال قائمةحزب العمال الكردستاني ليس مجرد جماعة مسلحة، بل هو كيان فاعل عابر للحدود الوطنية، يتواجد بشكل رئيسي في العراق وإيران وسوريا وأوروبا، ويمتد إلى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأيديولوجية. لن يؤدي حل جناحه المسلح إلى محو وحدات حماية الشعب الكردية، أو قوات سوريا الديمقراطية. بل قد تتطور هذه التشكيلات، أو تُعيد تقييم نفسها، أو تُعيد صياغة هويتها، مما يُشكل تحديات جديدة للجهات الفاعلة الإقليمية.
في ظل وضع مقلق، قد يُؤدي تفكك حزب العمال الكردستاني إلى انهيار الوحدة الكردية، مما يُؤدي إلى فراغ في السلطة قد تستغله الجماعات المنشقة المتطرفة. ومع تحول حزب العمال الكردستاني من الصراع المسلح إلى الاستراتيجيات السياسية، قد تشعر الفصائل داخل اتحاد المجتمع الكردستاني ووحدات حماية الشعب بضغوط لإظهار أهميتها من خلال أعمال عدائية أكثر. وقد يؤدي هذا إلى تصاعد العنف مع تنافس هذه الجماعات على السلطة والموارد والهيمنة الإقليمية، سواء داخل تركيا أو في جميع أنحاء المنطقة.
في ظل هذه البيئة الفوضوية، قد تستغل الجهات الخارجية الوضع لتحقيق أجنداتها الخاصة، مما قد يؤدي إلى صراع بالوكالة تدعم فيه القوى الإقليمية الفصائل الكردية المتنافسة. وقد يؤدي احتمال سوء التقدير والتصعيد إلى تفاقم الصراع في تركيا، مما يضطرها إلى التدخل عسكريًا ليس فقط ضد فلول حزب العمال الكردستاني، بل أيضًا ضد الجماعات الكردية الأخرى التي قد تنشط في المعارضة.
مفترق طرق استراتيجيتتكشف هذه اللحظة على خلفية تراجع النفوذ الأمريكي، وإعادة تقييم إيران لمواقفها، وتطبيع عربي مع سوريا، وعدم استقرار إسرائيل. في ظل بيئة متقلبة كهذه، ستختبر قدرة تركيا على تشكيل القضية الكردية داخليًا وخارجيًا براعتها الدبلوماسية وتماسكها الداخلي. قد تؤدي أي خطوات خاطئة إلى رد فعل عنيف من المتشددين، أو تمكين المتطرفين، أو دعوة للتدخل الأجنبي في عملية هشة أصلًا.
باب يفتح ولكن ليس على مصراعيهإعلان حزب العمال الكردستاني إنهاء الكفاح المسلح وحل نفسه حدث تاريخي، ولكنه ليس نهائيًا. فهو يُشير إلى نهاية فصل وبداية فصل آخر غامض. لدى تركيا فرصة للقيادة، ليس من خلال الهيمنة، بل من خلال حوار تحويلي يعالج المظالم الهيكلية العميقة.
إذا أُديرت هذه اللحظة بحكمة، فقد تُعيد تقييم ليس فقط الديناميكيات الداخلية لتركيا، بل أيضًا مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة. أما إذا أُسيء إدارتها، فقد تُمزّق المشهد الإقليمي المُتوتر أصلًا، وتُعيد إشعال صراعات قديمة تحت مسميات جديدة. في القضية الكردية، كما في معظم أنحاء الشرق الأوسط، لا توجد نهايات واضحة، بل تقارب في الإرادة والذاكرة والخيال السياسي.
* نبذة عن الكاتب:
إردام أوزان دبلوماسي تركي متمرس يتمتع بخبرة 27 عامًا في الخدمة الدبلوماسية. وقد شغل العديد من المناصب البارزة، بما في ذلك منصبه الأخير كسفير لدى الأردن، بالإضافة إلى مناصب في الإمارات العربية المتحدة والنمسا وفرنسا ونيجيريا.
ولد في إزمير عام 1975، وتخرج بمرتبة الشرف من كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. واكتسب معرفة واسعة بالمشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث قام بتحليل تعقيدات الصراعين السوري والفلسطيني، بما في ذلك جوانبهما الإنسانية وتداعياتهما الجيوسياسية.
كما شارك في العمليات الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وتخصص في مجال حقوق الإنسان والتطورات السياسية الإقليمية. وتشمل مساهماته توصيات لتعزيز السلام والاستقرار من خلال الحوار والتفاوض بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. ويواصل حاليا دراساته عن الشرق الأوسط بينما يعمل مستشارا.