لم يتمكن مجلس الأمن من تمرير قرار يدعو إلى وقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة للسماح للعمليات الإغاثية والإنسانية للسكان، وذلك بعدما عارضته عدة دول. ولن أتحدث عن أمريكا وفرنسا وبريطانيا، لأن ذلك خط سيرها منذ عقود في التعاطي مع قضايا الاحتلال والاستعمار، لكن الذي صدمني هو معارضة اليابان وامتناع سويسرا عن التصويت، لماذا ؟

يثير قرار عدم تصويت سويسرا على قرار أممي يرمي لوقف إطلاق "نار إنساني" في غزة، قشعريرة في النفس الإنسانية ويصدم وقعه الرأي العام العالمي وليس في الوطن العربي فحسب، لأن سويسرا تعدّ في الواقع مهد الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي المدينة التي تأسست فيها المنظمة الدولية في العام 1863 على يد أحد مواطنيها هنري دونان.

كان يعلو على مبناها قديما اسم "رابطة جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر"، قبل أن تتحول لاحقا إلى (الاتحاد الدولي) الذي يزيّن جدران مبناه شعار (الإنسانية هي طريق السلام). يكفي هذا الشعار وحده لسويسرا أن تكون صاحبة المبادرة في وقف الحرب في غزة وكل المنظمات الدولية بما فيها الصليب الأحمر يؤكد وجود مأساة إنسانية وإبادة جماعية وليس الامتناع عن التصويت على قرار وصفه معدّوه بأنه "إنساني".

هل يحق لسويسرا أن تقف على الحياد في القضايا الإنسانية، وهو العنوان الذي اختارته لنفسها طوال عقود، لكن الاعتداء الإسرائيلي على غزة لم يترك مجالا للقول إن جنيف كانت "تتاجر"، مثل الكثير من الدول، بمثل هذه الشعارات الإنسانية ولا تجد طريقها للتنفيذ في الميدان إلا وفق مكيالين.

الإمتناع عن التصويت على قرار أممي يخص قضية إنسانية، يعدّ من الصعب على سويسرا بالذات الالتزام بالحياد بشكل محض فيها، لأن سويسرا يفترض أنها "قبلة الإنسانية"، خصوصا في الأزمات والحروب، ويفترض أنها الأقرب من غيرها من الدول مثل أمريكا وفرنسا في ملامسة المعاناة الإنسانية والتعاطف مع الضحايا وما يمرّون به من محن، وبالتالي، فإن تمسكها بالحياد يعد قانونا في خانة "رفض مساعدة شعب في حالة نجدة".

لا أتحدث عن موقف سويسرا السياسي، فهي حرة في مواقفها، لكني أتحدّث عن سويسرا الإنسانية، لأن سويسرا مطالبة بالوفاء بالتفويض الرئيسي الذي منحه المجتمع الدولي للجنة الدولية التي تحتضن مقره، من خلال اتفاقيات جنيف المؤرخة في العام 1949 والبروتوكولين الإضافيين لها لعام 1977. نقول ذلك لأن القانون الدولي الإنساني يهدف إلى تنظيم استخدام القوة من جانب الأطراف المتحاربة أو الخصوم وكفالة احترام بعض المبادئ أثناء استخدام وسائل الحرب، مثل الحصانة التي يتمتّع بها الأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية، أو الذين كفوا عن المشاركة فيها (مثل الجرحى والأسرى والمدنيين بشكل عام).كما يسعى القانون الدولي الإنساني للحد من الإصابات المفرطة والمعاناة التي لا داعي لها وضمان توفير الرعاية الطبية والمساعدات العاجلة لمن هم بحاجة لها، وذلك بغير تحيّز. لكن كل العالم شهد قطع إسرائيل للغذاء والدواء والماء والكهرباء عن المدنيين الفلسطينيين وقصفها بالقنابل للمساكن والمستشفيات وسيارات الإسعاف، ومع ذلك لم يحرّك ذلك سويسرا التي تسمي نفسها "أم الإنسانية" وأب القانون الدولي الإنساني !!!، وهي بموقفها هذا مشاركة في مجزرة المستشفى الذي قصفته إسرائيل.

لن نلوم اليابان في تخندقه السياسي وراء الولايات المتحدة في مجلس الأمن، من باب أن مشروع القرار تقدمت به روسيا، لأنه يرى ربما نوع من الازدواجية بالنظر إلى حربها في أوكرانيا، لكن أن ترفض طوكيو قرارا أمميا لوقف إطلاق النار إنساني في غزة ، وهي تعلم علم اليقين أن إسرائيل التي تشنّ حربا لا ضوابط أخلاقية فيها لإبادة شعب، تملك ترسانة نووية، فهي تتنكّر تماما لتاريخها القديم والحديث، وسمحت كليا في روح ضحايا هيروشيما وناغازاكي (مقتل 140,000 شخص في هيروشيما و80 ألف شخص في ناغازاكي بحلول نهاية سنة 1945 في القنابل النووية التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية. هل مرور 78 عاما عن تلك المأساة أنسى حكام طوكيو قيم التضامن والإنسانية، خصوصا في ظل تصاعد ارتفاع خطر استخدام الأسلحة النووية إلى مستويات لم نشهدها منذ نهاية الحرب الباردة بفعل ازدياد وتيرة الصدامات العسكرية التي تشارك فيها دول نووية وحلفائها، ووجّهت هذه الدول تهديدات صريحة باستخدام الأسلحة النووية. هل ما يجري لشعب فلسطين من إبادة جماعية لا ترى فيها حكومة اليابان أي استعجال لوقفها، ولذلك صوّتت ضد وقف إطلاق النار إنساني في غزة ومنحت مزيدا من الوقت لإسرائيل لإسقاط المزيد من القتلى المدنيين الفلسطينيين ؟! التاريخ يسجل.

* نائب رئيس تحرير "الخبر"

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" آخر ليلة عرض

حقق فيلم «فيها إيه يعني» للنجم ماجد الكدواني، في شباك التذاكر أمس الأحد، إيرادات بلغت 2 مليون و297 ألف جنيه، وذلك ضمن الأعمال المنافسة في دور العرض.

 

تفاصيل الفيلم 
 

وكانت الشركة المنتجة قد طرحت البرومو الرسمي للفيلم عبر منصاتها الإلكترونية، وحقق تفاعلًا كبيرًا، حيث ظهر الكدواني بشخصية رجل متقاعد يقرر السكن في شقة جديدة بمنطقة مصر الجديدة، ليعيد فتح صفحة قديمة في حياته، عندما يلتقي بحب سابق تؤدي دوره غادة عادل، بينما ترفض ابنته (أسماء جلال) هذه العلاقة، مما يشعل الخط الدرامي للعمل.


الفيلم يناقش فكرة أن الحب لا يرتبط بسن أو توقيت، وأنه قد يعود في أي لحظة، حتى لو بعد سنوات من الغياب، وتدور الأحداث في إطار اجتماعي يحمل لمسات إنسانية وخفيفة الظل، مع مواقف تجمع بين الحنين والتوتر والمفارقات الكوميدية.


ويشارك في بطولة «فيها إيه يعني» كل من: غادة عادل، أسماء جلال، مصطفى غريب، ميمي جمال، ريتال عبد العزيز، إلى جانب النجم ماجد الكدواني.


العمل من تأليف مصطفى عباس، محمد أشرف، ووليد المغازي، وإخراج عمر رشدي حامد، أما الإنتاج فتشارك فيه عدة شركات وهي: "ماجيك بينز" (أحمد الجنايني)، "سينرجي بلس" (تامر مرسي)، "رشيدي فيلمز"، و"روزناما".

توقيع بروتوكول تعاون بين المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض نجم البرتغال يغادر إلى ميلانو لهذا السبب عمر جابر ومدير كرة الزمالك يزوران حسن شحاتة وزير العمل: استمرار الحملات التفتيشية بالمواقع الإنشائية للتأكد لمتابعة السلامة والصحة المهنية تونس تكتسح ناميبيا بثلاثية نظيفة في تصفيات كأس العالم الأرقام تؤكد تفوق السعودية على العراق في تصفيات كأس العالم السيسي: الرئيس ترامب الوحيد القادر على إقرار السلام في المنطقة (فيديو) المتحدث العسكرى: انفجار مفاجىء بمخلفات متقادمة بإحدى ورش الأسلحة  النائب أيمن محسب: قمة شرم الشيخ لحظة تاريخية تعيد الأمل لشعوب المنطقة وزير الخارجية الامريكي: مصر لعبت دورا مهما في مفاوضات غزة موكب مهيب لترامب عقب وصوله شرم الشيخ لحضور قمة السلام.. شاهد محافظ الغربية يشهد الندوة التثقيفية الثانية والعشرين الأقصر تطرح مزايدات علنية لإقامة منتجعات سياحية.. تفاصيل ترامب: الولايات المتحدة مع الرئيس السيسي حتى النهاية (شاهد) مدرب العراق يستفز الجماهير السعودية قبل المواجهة المرتقبة

مقالات مشابهة

  • رابطةُ العالم الإسلامي تعرب عن تطلعها نحو مخرجات “قمة شرم الشيخ” لتخفيف الكارثة الإنسانية التي يعانيها أهالي غزة
  • اشتية يدعو سويسرا لاتخاذ خطوة تاريخية والاعتراف بفلسطين
  • إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" آخر ليلة عرض
  • لافروف: روسيا تزود إيران بالمعدات التي تحتاجها وتعاوننا العسكري معها ضمن القانون الدولي
  • دعماً لفلسطين.. تظاهرات تتسبب بإصابة العشرات وتدمير 57 مبنى في سويسرا
  • وزيرة التضامن تستقبل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية
  • وزير الدولة للتعاون الدولي تجتمع مع المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية
  • عالم روسي يحدد عدد المرات التي تسقط فيها النيازك على الأرض
  • خوري تبحث مع سفيري سويسرا وروسيا سبل دفع العملية السياسية في ليبيا
  • الصليب الأحمر الدولي: البحث عن المفقودين بغزة هو التحدى الأكبر