سواليف:
2025-05-20@01:45:10 GMT

الغيبيات في الدين

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

#الغيبيات_في_الدين
مقال الإثنين: 3 /2 /2025 ب

قلم: د. #هاشم_غرايبه
لعل أكثر ما يتحدى العقل البشري هو الإيمان بأمر لا يوجد له في قاعدة البيانات العقلية مرجعية ينتمي إليها، لأن طبيعة الفهم البشري تعتمد على مطابقة الأمر المعروض على العقل مع ما هو مثبت في الذاكرة، وعندما يكون هذا المعروض أمرا جديدا، يتم ربطه بأقرب الصور تشابها، وعندما لا ينجح هذا الربط، تبقى المعلومة مبهمة غير مفهومة.


من سخف التفكير أن يرفض الإنسان تقبل هذا الذي لم ينجح في ربطه، أو يحكم عليه بالتكذيب استنادا الى عدم معقوليته (أي عدم قدرة عقله على استيعابه)، فالعقل البشري ليس حكما موثوقا، لأن القدرات العقلية للبشر مبنية أساسا على مدى اكتساب المعارف، وهذا أمر متطور متوسع على الدوام، فما لا يعرف اليوم قد يعرف غدا، كما أن القدرات العقلية متباينة بين شخص وآخر.
وثبتت هذه الحقيقة مع تطور المعارف وتقدم علوم البشر، ويتبين على الدوام على مر العصور كم تغيرت من مفاهيم كانت تعتبر المعرفة المثلى، وكم نقضت من قناعات اعتبرت حقائق علمية مثبتة.
الدين هو مجموعة من القواعد السلوكية الضابطة لأفعال الأفراد، والمنظمة للعلاقات بينهم (المجتمعات)، التي تهدف لتنظيم الحياة البشرية والحيلولة دون تعدي بعضهم على بعض، والتي هي المنشئة للخلافات والمنازعات المؤدية الى الصراعات وإقلاق الأمن.
ولما كان الدين إلهي المنشأ، لذا فتعاليمه تمثل العدالة المطلقة، ولذلك يرحب به دائما المستضعفون لأنه ينتصر لهم من الظالمين، ويعاديه المترفون لأنه ينتقص من مكتسباتهم غير العادلة، وعلى مر العصور شكّل هؤلاء جبهة ممانعة للدين منذ أن بدأ الله بإنزاله على البشر، واعتمدوا في محاربته بداية على التشكيك في انتمائه الى الله، فقالوا إنه اخترعه مصلحون ادعوا أنهم أنبياء، ثم حاربوا من استجاب وأتبعهم، ثم اخترقوا الرسالات القديمة فقاموا بالتزوير والتحريف لإفساد الدين وحرفه عن غاياته، وفي النهاية انصبت جهودهم على تحييده لمنعه من أن يتبع كمنهج سياسي تطبقه السلطة، بحجة أنه يولد الخلافات ويؤجج الصراعات، فوضعوا بديلا بشريا لتشريعاته، ما سموه بالدساتير والقوانين وأطلق على ذلك المسعى “العلمانية”.
رغم أن البنود المنطقية في دساتيرهم هذه مشتقة من تشريعات الدين، إلا أنها محشوة ببنود تعزز سلطة الحاكم، وتضعف من قدرات المحكومين على الرقابة عليه، وذلك لأن طبقة المترفين طفيلية، تبني غناها على استغلال العامة، ولأنها تملك الثروة فهي تستأثر بالنفوذ أي التأثير على السلطة الحاكمة، والتي تخضع للمترفين فتجعل التشريعات ممالئة لهم وحامية لمصالحهم.
تكتسب تشريعات الدين قوة تأثيرها من أمرين: الأول عدالتها لأن مصدرها الإله القوي الحكيم، فلا تخضع لابتزاز ولا تأثير بشري عليها، والثانية أن الرقيب عليها قوة غيبية لا قدرة للبشر على الإفلات منها.
من هنا نفهم الحكمة من تغييب كثير من الأمور عن إدراك البشر:
1 – لا يمكن للنسبي الإحاطة بالمطلق، فمدارك البشر محدودة بقدرات حواسه، فمثلا قدرة إبصاره محدودة بمسافة معينة، وبعدها تصبح مبهمة، كما أن الأشياء الدقيقة كالجراثيم والذرة ومكوناتها لا يمكنه إبصارها، وكل ذلك جعله الخالق لمصلحته، فلو كان سيرى العوالق الدقيقة في الهواء الذي يتنفسه أو في الماء الذي يشربه لما استساغه ولباتت معيشته صعبة.
2 – إن تغييب الخالق ذاته العلية عن مدركات البشر لمصلحتهم، بدليل جواب الله العملي لموسى عندما طلب رؤيته، فعندما تجلى للجبل العظيم جعله دكا، فكيف لو تجلى للبشر!؟.
3 – إن الغيبيات مثل الملائكة والجن وموعد اليوم الأخر والجنة والنار والروح والأجل والمستقبل والرزق المقسوم ..الخ، غيبها الله عن علم البشر، لأنه لا قدرة لهم على التدخل فيها، وغيبيتها تريحهم من معرفة ما لا قدرة لهم على استيعابه، ولو عرفوها لانقطع الأمل لديهم بالأفضل ولأصبحت حياتهم تعيسة.
4 – معرفة المرء بوجود رقابة خفية ترصد كل أفعاله وأقواله أعظم تأثيرا ضابطا للسلوك من الرقابة الظاهرة له.
مما سبق نستنتج أن الغيبيات عنصر أساسي في الدين، وهي سر قوته وفعاليته في تحقيق صلاح البشر، لذلك هي أكثر ما يهاجمه معادوه، مستندين الى الحجة الباطلة وهي أنهم لا يؤمنون الا بما يروه، وهم كاذبون.. ألم يؤمنوا بالثقب الأسود الذي لا يمكن رؤيته!.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه لا قدرة

إقرأ أيضاً:

مليشيا الحوثي تستبدل معدات اتصالات إيرانية بأخرى من ‘‘روسيا والصين’’

كشفت منصة "ديفانس لاين" المتخصصة في الشأن العسكري والأمني عن تحوّل مليشيا الحوثي في اليمن نحو استيراد تقنيات اتصالات من الصين وروسيا، بدلاً من الاعتماد على المعدات الإيرانية، في محاولة لحماية بنيتها التحتية من الاختراقات الأمنية.

يأتي هذا التوجه مع تزايد مخاوف المليشيا من عمليات تجسس واختراق شبيهة بتلك التي تعرض لها حزب الله في لبنان.

وأوضحت المنصة، أن الحوثيين يسعون لتوطين أنظمة اتصالات جديدة وتقليل ارتباطهم بالبنية الإيرانية التي تربطهم بالحرس الثوري وفيلق القدس، خاصة مع تصاعد هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن واستهدافهم لإسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وحصلت المنصة على وثيقة تكشف عن استيراد أجهزة تجسس صينية لصالح أجهزة الأمن التابعة للمليشيا، بإشراف قيادات مالية وأمنية مقربة من زعيم الحوثيين.

وتتزامن هذه الخطوات مع تراجع قدرة إيران على دعم أذرعها في المنطقة، ما دفع الحوثيين إلى تنويع مصادر الدعم التقني، مستفيدين من توريدات عبر مطار صنعاء وموانئ الحديدة وعمليات تهريب بحرية وبرية. خلال العامين الماضيين، أجرت الجماعة تحديثات على منظومة اتصالاتها العسكرية والأمنية، التي تعتبر العمود الفقري لقيادتها وسيطرتها الأمنية.

ومع تعرض هذه البنية لهجمات جوية أمريكية أثرت على قدرة الجماعة في التنسيق، تسعى حاليًا لإعادة البناء والتطوير، وسط مراقبة استخباراتية مكثفة من قوى دولية بينها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، التي تستهدف اختراق الجماعة داخليًا ومراقبة تحركاتها. وتشير التقارير إلى أن المليشيا تواجه تهديدات متزايدة من عمليات استخباراتية واستطلاعية، مع توقع تصاعد في عمليات استهداف قياداتها مستقبلاً.

مقالات مشابهة

  • الكوكب الذي غاب عن السماء.. زاهر البوسعيدي في ذمة الله
  • مليشيا الحوثي تستبدل معدات اتصالات إيرانية بأخرى من ‘‘روسيا والصين’’
  • صندوق النقد: تبني سعر صرف مرن عزز قدرة مصر على مواجهة التقلبات الاقتصادية
  • من هو منشد حزب الله الذي تجسس لصالح إسرائيل وأطاح برؤوس حزب الله؟
  • الكائنات الغريبة التي لم نعهدها
  • AlphaEvolve يفك شيفرات رياضية أعجزت البشر لعقود!
  • أطال الله عمرك..مي عز الدين تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده
  • الروبوتات لن تأخذ من البشر وظائفهم
  • مسؤول صيني: الروبوتات لن تحل محل البشر