سواليف:
2025-07-04@20:45:35 GMT

الغيبيات في الدين

تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT

#الغيبيات_في_الدين
مقال الإثنين: 3 /2 /2025 ب

قلم: د. #هاشم_غرايبه
لعل أكثر ما يتحدى العقل البشري هو الإيمان بأمر لا يوجد له في قاعدة البيانات العقلية مرجعية ينتمي إليها، لأن طبيعة الفهم البشري تعتمد على مطابقة الأمر المعروض على العقل مع ما هو مثبت في الذاكرة، وعندما يكون هذا المعروض أمرا جديدا، يتم ربطه بأقرب الصور تشابها، وعندما لا ينجح هذا الربط، تبقى المعلومة مبهمة غير مفهومة.


من سخف التفكير أن يرفض الإنسان تقبل هذا الذي لم ينجح في ربطه، أو يحكم عليه بالتكذيب استنادا الى عدم معقوليته (أي عدم قدرة عقله على استيعابه)، فالعقل البشري ليس حكما موثوقا، لأن القدرات العقلية للبشر مبنية أساسا على مدى اكتساب المعارف، وهذا أمر متطور متوسع على الدوام، فما لا يعرف اليوم قد يعرف غدا، كما أن القدرات العقلية متباينة بين شخص وآخر.
وثبتت هذه الحقيقة مع تطور المعارف وتقدم علوم البشر، ويتبين على الدوام على مر العصور كم تغيرت من مفاهيم كانت تعتبر المعرفة المثلى، وكم نقضت من قناعات اعتبرت حقائق علمية مثبتة.
الدين هو مجموعة من القواعد السلوكية الضابطة لأفعال الأفراد، والمنظمة للعلاقات بينهم (المجتمعات)، التي تهدف لتنظيم الحياة البشرية والحيلولة دون تعدي بعضهم على بعض، والتي هي المنشئة للخلافات والمنازعات المؤدية الى الصراعات وإقلاق الأمن.
ولما كان الدين إلهي المنشأ، لذا فتعاليمه تمثل العدالة المطلقة، ولذلك يرحب به دائما المستضعفون لأنه ينتصر لهم من الظالمين، ويعاديه المترفون لأنه ينتقص من مكتسباتهم غير العادلة، وعلى مر العصور شكّل هؤلاء جبهة ممانعة للدين منذ أن بدأ الله بإنزاله على البشر، واعتمدوا في محاربته بداية على التشكيك في انتمائه الى الله، فقالوا إنه اخترعه مصلحون ادعوا أنهم أنبياء، ثم حاربوا من استجاب وأتبعهم، ثم اخترقوا الرسالات القديمة فقاموا بالتزوير والتحريف لإفساد الدين وحرفه عن غاياته، وفي النهاية انصبت جهودهم على تحييده لمنعه من أن يتبع كمنهج سياسي تطبقه السلطة، بحجة أنه يولد الخلافات ويؤجج الصراعات، فوضعوا بديلا بشريا لتشريعاته، ما سموه بالدساتير والقوانين وأطلق على ذلك المسعى “العلمانية”.
رغم أن البنود المنطقية في دساتيرهم هذه مشتقة من تشريعات الدين، إلا أنها محشوة ببنود تعزز سلطة الحاكم، وتضعف من قدرات المحكومين على الرقابة عليه، وذلك لأن طبقة المترفين طفيلية، تبني غناها على استغلال العامة، ولأنها تملك الثروة فهي تستأثر بالنفوذ أي التأثير على السلطة الحاكمة، والتي تخضع للمترفين فتجعل التشريعات ممالئة لهم وحامية لمصالحهم.
تكتسب تشريعات الدين قوة تأثيرها من أمرين: الأول عدالتها لأن مصدرها الإله القوي الحكيم، فلا تخضع لابتزاز ولا تأثير بشري عليها، والثانية أن الرقيب عليها قوة غيبية لا قدرة للبشر على الإفلات منها.
من هنا نفهم الحكمة من تغييب كثير من الأمور عن إدراك البشر:
1 – لا يمكن للنسبي الإحاطة بالمطلق، فمدارك البشر محدودة بقدرات حواسه، فمثلا قدرة إبصاره محدودة بمسافة معينة، وبعدها تصبح مبهمة، كما أن الأشياء الدقيقة كالجراثيم والذرة ومكوناتها لا يمكنه إبصارها، وكل ذلك جعله الخالق لمصلحته، فلو كان سيرى العوالق الدقيقة في الهواء الذي يتنفسه أو في الماء الذي يشربه لما استساغه ولباتت معيشته صعبة.
2 – إن تغييب الخالق ذاته العلية عن مدركات البشر لمصلحتهم، بدليل جواب الله العملي لموسى عندما طلب رؤيته، فعندما تجلى للجبل العظيم جعله دكا، فكيف لو تجلى للبشر!؟.
3 – إن الغيبيات مثل الملائكة والجن وموعد اليوم الأخر والجنة والنار والروح والأجل والمستقبل والرزق المقسوم ..الخ، غيبها الله عن علم البشر، لأنه لا قدرة لهم على التدخل فيها، وغيبيتها تريحهم من معرفة ما لا قدرة لهم على استيعابه، ولو عرفوها لانقطع الأمل لديهم بالأفضل ولأصبحت حياتهم تعيسة.
4 – معرفة المرء بوجود رقابة خفية ترصد كل أفعاله وأقواله أعظم تأثيرا ضابطا للسلوك من الرقابة الظاهرة له.
مما سبق نستنتج أن الغيبيات عنصر أساسي في الدين، وهي سر قوته وفعاليته في تحقيق صلاح البشر، لذلك هي أكثر ما يهاجمه معادوه، مستندين الى الحجة الباطلة وهي أنهم لا يؤمنون الا بما يروه، وهم كاذبون.. ألم يؤمنوا بالثقب الأسود الذي لا يمكن رؤيته!.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه لا قدرة

إقرأ أيضاً:

إذا اندلعت حرب نووية.. مكانان فقط قد ينجو فيهما البشر من نهاية العالم!

شمسان بوست / متابعات:

يشكل‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬عالمية‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬عميق‭ ‬للبشرية،‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬والبيئة‭. ‬الخبراء‭ ‬يحذرون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإشعاعات‭ ‬الناتجة‭ ‬عنها‭ ‬ستنتشر‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬معظم‭ ‬مناطق‭ ‬الأرض‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬للعيش‭.‬

وفقاً‭ ‬للخبيرة‭ ‬آني‭ ‬جاكوبسن،‭ ‬فإن‭ ‬المكانين‭ ‬الوحيدين‭ ‬اللذين‭ ‬سيبقيان‭ ‬آمنين‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬هما‭ ‬أستراليا‭ ‬ونيوزيلندا‭. ‬هذان‭ ‬البلدان‭ ‬يتمتعان‭ ‬بموقع‭ ‬جغرافي‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬الكرة‭ ‬الجنوبي‭ ‬يجعلهما‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬لتأثيرات‭ ‬الحرب‭ ‬النووية‭.‬

جاكوبسن‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشتاء‭ ‬النووي‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬الغبار‭ ‬والرماد‭ ‬سيحجب‭ ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬لعشر‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المناطق‭ ‬مثل‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وأيوا،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬الزراعة‭ ‬والمجاعات‭.‬

الأخطر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬التسمم‭ ‬الإشعاعي‭ ‬وتدمير‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬التعرض‭ ‬المباشر‭ ‬للشمس‭ ‬مميتاً‭ ‬ويجبر‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬الملاجئ‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬مع‭ ‬صراع‭ ‬دائم‭ ‬على‭ ‬الغذاء‭ ‬والموارد‭.‬

جاكوبسن‭ ‬نشرت‭ ‬كتاباً‭ ‬بعنوان‭ ‬‮»‬الحرب‭ ‬النووية‭: ‬سيناريو‮«‬‭ ‬استعرضت‭ ‬فيه‭ ‬تطورات‭ ‬الحرب‭ ‬النووية‭ ‬المحتملة،‭ ‬متوقعةً‭ ‬أن‭ ‬كرات‭ ‬النار‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬التفجيرات‭ ‬ستقتل‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭.‬

دراسة‭ ‬للبروفيسور‭ ‬أوين‭ ‬تون‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬قدرت‭ ‬أن‭ ‬خمسة‭ ‬مليارات‭ ‬إنسان‭ ‬سيقضون‭ ‬بسبب‭ ‬المجاعة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‭ ‬بعد‭ ‬الحرب،‭ ‬ما‭ ‬يهدد‭ ‬حياة‭ ‬غالبية‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭.‬

وستسبب‭ ‬الانفجارات‭ ‬النووية‭ ‬حرائق‭ ‬ضخمة‭ ‬ترسل‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الدخان‭ ‬إلى‭ ‬طبقات‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬العليا،‭ ‬مانعةً‭ ‬ضوء‭ ‬الشمس‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأرض،‭ ‬فتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬درجة‭ ‬فهرنهايت‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭ ‬العالمية،‭ ‬تبقى‭ ‬أستراليا‭ ‬ونيوزيلندا‭ ‬الخيارين‭ ‬الوحيدين‭ ‬للبقاء،‭ ‬حيث‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬التربة‭ ‬والزراعة‭ ‬ممكنة،‭ ‬ما‭ ‬يجعلهما‭ ‬الملاذ‭ ‬الأخير‭ ‬للبشرية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تحقق‭ ‬سيناريو‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬النووي‭.‬

مقالات مشابهة

  • قانون
  • إذا اندلعت حرب نووية.. مكانان فقط قد ينجو فيهما البشر من نهاية العالم!
  • حل جديد .. اكتشاف قدرة دواء شهير على علاج السكرى النوع الأول
  • «عمره 80 ألف عام».. اكتشاف أثري في الإمارات يعيد كتابة تاريخ البشر الأوائل
  • إرادة البقاء
  • أستاذ طب نفسي يوضح الكهوف المغلقة لدى البشر
  • في ذكرى رحيله الـ62.. عز الدين ذو الفقار “الفنان الضابط” الذي حوّل السينما إلى سلاحه الخاص
  • جمعية المصارف: نُرحّب بهذا القرار الذي يهدف إلى حماية جميع المودعين
  • قبلان: الرئيس عون هو قدرة وطنية ويستطيع فعل الكثير والتعويل على حكمته كبير
  • مفوض حقوق الإنسان الأممي يدعو لحماية البشر من فوضى المناخ