حماقي ومحمد ثروت يتبرعان بأجر حفلاتهما لدعم فلسطين
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
في ظل الأحداث التصاعدية العصيبة التي يعيش فيها قطاع غزة، أعلن كلًا من الفنان محمد حماقي والفنان محمد ثروت، عن تبرعهما بأجر حفلاتهما كاملًا لدعم فلسطين، وذلك عبر حساباتهما الرسمية عبر موقع التواصل الإجتماعي الشهير فيس بوك.
تفاصيل تبرع حماقي بأجر حفلاته بالكامل لدعم فلسطينكان قد أعلن حماقي مساء أمس الخميس ، عن تبرعه، قائلًا:""طول عمر الفن ليه قوة بتظهر في المواقف الصعبة، دايمًا كنت بقف عند قوة أم كلثوم لما كانت في عز الحرب بتعمل حفلات عشان أرباحها تروح لدعم الجيس المصري “المجهود الحربي”.
وتابع" وبما إن السلاح اللي في إيدي هو فني، فقررت اني هستخدمه من النهاردة ولحد انتهاء أزمة أهلنا في فلسطين كل أرباح حفلاتي هتروح في صورة تبرعات للهلال الأحمر لدعم أخواتنا ضد العدوان اللي بيتعرضوله"
كما أعلن محمد ثروت تبرعه بأجر حفلاته وإقامة ليالي غنائية تجمع فناني الوطن العربي ويذهب ريعها لدعم أطفال غزة، بجانب خروج طاقم طبي من الجمعية الخيرية التي يمتلكها لرعاية المتضررين من الحرب الضارية بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
جاء نص إعلان محمد ثروت عن تبرعه، كالآتي:"إحساس العجز وعدم القدرة على التغيير أو المساعدة مميت، لكن كل واحد ربنا إداله عطاء مختلف عن التاني في صورة موهبة أو شغل ويقدر يقدمه ساعة الأزمة لإخواته، قررت التبرع بكل أرباح حفلاتي لأطفال غزة، وأيضًا إرسال القوافل الطبية لمؤسسة ثروت للرعاية الاجتماعية، للكشف على أطفالنا في غزة وعلاجهم.
وأضاف: "قريبًا سأقيم أكبر حفل وطني خيري في بلدنا الحبيب مصر، وكل أرباحها تخصص لصالح أخواتنا وأولادنا في غزة، وأناشد كل زملائي الفنانين المصريين والعرب المشاركة في هذا الحفل، وكل الدعم والحب لشعب فلسطين الحبيب.
كان قد تضامن حماقي مع الاحداث الفلسطينية العصيبة في بدايتها التي انتفض لها العالم العربي في مطلع أكتوبر الجاري، وحرص على الدعاء للشعب الفلسطيني في مجنته وذلك عبر حساباته الرسمية المختلفة عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد حماقي حماقى محمد ثروت أحداث غزة أحداث فلسطين محمد ثروت
إقرأ أيضاً:
غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
بقلم : سمير السعد ..
في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:
“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”
ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:
“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”
هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.
تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:
“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”
هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:
“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”
فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:
“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”
في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.
ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:
“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”
فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:
“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”
بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:
“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”
لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:
“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”
وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:
“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”
ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.
غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.
شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.
في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.