القدس المحتلة- لطالما أخفقت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في تقدير القدرة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، وأخفقت حكوماتها المتعاقبة من تجريد قطاع غزة من الترسانة الصاروخية والسلاح.

أتت معركة طوفان الأقصى لتفاجئ الاحتلال بالقدرة الاستخباراتية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة المحاصر، وكشف الإخفاق التراكمي للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في التحذير ومنع الهجوم المفاجئ لمسلحي القسام على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية في الجنوب، وأُسّس وطُوّر جهاز الاستخبارات والترسانة العسكرية لحماس بعيدا عن الرصد الإسرائيلي.


القدرات الاستخباراتية لحماس

ترجح التقديرات الإسرائيلية أن جهاز الاستخبارات لحماس تتطور على نحو لافت منذ عقد من الزمن على الأقل، حيث نشط بجمع المعلومات الاستخباراتية عن انتشار ونشاط الجيش الإسرائيلي وقواعده العسكرية بالجنوب، وعلى طول السياج الأمني مع القطاع.

هذه القدرات والتفوق الاستخباراتي لحماس، استعرضه تحقيق موسع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في ملحق الصحيفة "7 أيام" في نهاية الأسبوع، في تحقيق مشترك أعدّه كلّ من: الصحفي الاستقصائي والمختص بالشؤون العسكرية والاستخباراتية، رونين بيرغمان، والصحفي المختص بالشؤون العسكرية والأمنية إيتاي إيلناي.

كشف التحقيق الاستقصائي عن حجم المعلومات التي حصل عليها المسلحون في كتائب القسام -الذراع العسكرية لحركة حماس-، وتمحورت حول مقار منشآت سرية للجيش الإسرائيلي في "غلاف غزة"، بما في ذلك القاعدة السرية "يركون- 8200" بالجنوب.

وحسب التحقيق، وظّفت حماس المعلومات الاستخباراتية من أجل المناورات العسكرية التي نفّذتها بقطاع غزة وعلى طول السياج الأمني مع "غلاف غزة". اعتمدت حماس على خداع وتضليل المخابرات الإسرائيلية على مختلف أذرعها التي أخفقت في اختراق شبكة الاتصالات الخاصة بقوات النخب التابعة لكتائب القسام ورصدها وتعقبها.

كشفت كتائب القسام السرية وحدة "سييرت متكال" في قطاع غزة، إذ تسلل عناصر الوحدة إلى خان يونس في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بيد أنهم كُشفوا واشتُبك معهم وأُوقع قتلى وجرحى بصفوفهم، وأخفقت العلمية التي وصفت إسرائيليا بـ"الغامضة".

تمكنت استخبارات حماس من تفكيك "شيفرة" الأجهزة اللاسلكية التي كانت بحوزة عناصر وحدة "سييرت متكال"، ما مكنها من جمع معلومات استخباراتية عن كل المقار العسكرية للجيش، وكشف الثغرات في السياج ومنظومة الإنذارات الإلكترونية على طول السياج الأمني.

تحقيق لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يكشف عن تطور الجهاز الاستخباراتي لحركة حماس (الجزيرة) اقتحام قاعدة "يركون- 8200"

أبرز المعلومات التي جمعتها حماس منذ عملية "سييرت متكال" في 2018 التي أُخفقت وأُبطلت من كتائب القسام، تتعلق بـ القاعدة "يركون- 8200″، التي تعرف -أيضا- باسم "وحدة الإنذار الوطني"، وهي تتمتع بقدرات هائلة، لكنهم في القاعدة أخفقوا في التوصل إلى الخطة الأكثر فتكا لأعضاء حماس.

في صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وصل "الفريق 17" من وحدة النخب التابعة لحماس إلى القاعدة العسكرية "يركون- 8200″، وكان الفريق مؤلفا من 10 مسلحين، تسللوا وتوغلوا على متن 5 دراجات نارية في عمق الجنوب بعيدا عن السياج المخترق، واقتحموا القاعدة العسكرية.

في المقطع الذي وثّق الهجوم بـ"كاميرا" لأحد المسلحين، سُجّلت عملية التسلل والاقتحام، حيث اتضح مدى عمق جمعهم للاستخبارات. يعرف المسلحون بالضبط كيفية العثور على القاعدة السرية من بين قواعد عدة في المنطقة، ثم التنقل في الأحراش المحاذية والوصول بالضبط إلى البوابة الخلفية للقاعدة، وهي فارغة بلا حراسة، حيث تم تفجيرها، واقتحامها وفتح النار على الجنود.

دخل المسلحون مخبأ القاعدة، وألقوا القذائف اليدوية بداخله، وأطلقوا النار على نحو عشوائي على الجنود الموجودين بداخله. ومن ثم حاولوا استخراج المعلومات الاستخباراتية من أجهزة الحاسوب والأنظمة العسكرية، التي عثر عليها بالقاعدة، ونقلها إلى استخبارات حماس مباشرة.

ولكن تسمع طلقات نارية من الخارج، فيغادر المسلحون، ويواجهون قوات خاصة تابعة للجيش الإسرائيلي، حيث وصل فريق من قاعدة "تساليم" إلى قاعدة "يركون"، وقتل بعض المسلحين، ثم فريق من وحدة "مكافحة الإرهاب"، الذي طارد الباقين، واشتبك معهم وقتلهم لاحقا.


فرقة غزة

الوضع نفسه واجهته وحدة "فرقة غزة" التابعة للجيش الإسرائيلي، حيث تسلل إليها العديد من المسلحين لحماس، واشتبكوا مع الجنود وعناصر الأمن، وقتلوا منهم كثيرا، في نهاية المعركة في القاعدة، عندما مر جنود الفرقة منهكون أمام باب مكتب قائد إحدى الفرق، لاحظوا شيا غريبا.

عرف المسلحون من حماس كيف يصلون إلى مكتب قائد الوحدة، وأطلقوا 3 رشقات نارية على الباب على ارتفاع محدد، وكأنهم يعرفون هيكل الغرفة، ويعرفون مكان جلوس القائد، وعرفوا -كذلك- كيفية إطلاق النار على باب جانبي في غرفة نوم القائد. من الواضح أنه بالهجوم على قاعدة "فرقة غزة"، كان لدى المسلحين معلومات استخباراتية دقيقة للغاية.

محاولات وضع اليد على أسرار قاعدة 8200 وضرب "الجنرال" في فرقة غزة ليست الدليل الوحيد على جمع حماس الاستخباري الدقيق استعدادا لمعركة "طوفان الأقصى"، حيث عُثر على كتيب قصير باللغة العربية بالقرب من سياج مستوطنة "مفالسيم"، يشرح من خلالها التعليمات والأوامر لمهاجمة المستوطنة.

قوات الاحتلال لم تكن تتوقع أن تشن حماس هجوما، خاصة في ظل رسائل الخداع الإستراتيجي التي أرسلتها الحركة (رويترز) سري للغاية

يصف الكتيب الذي صدر في يونيو/حزيران 2023، تحت عنوان "سري للغاية"، حسب تحقيق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، معركة "طوفان الأقصى" وخطة الهجوم بقدر كبير من التفصيل، حيث لم يكن هناك سوى تفصيل واحد مفقود هو تاريخ الهجوم الذي ترك فارغا.

وحسب الكتيب، فإن الفرقة المركزية التي كانت تنوي اقتحام ومهاجمة مستوطنة "مفالسيم"، ضمت 11 مسلحا، مكونة من قائد وفرقتين تتألف كل منهما من 5 مسلحين. وضمت القوة، إلى جانب القائد، 3 من "مقتحمي السياج" وقصّاص أثر وقناص.

وكان هدف القوة، حسب الأمر، هو "الاقتراب من بوابة أبو صفية في السياج الحدودي"، التي كان من المفترض أن تُخترق قبل الموعد المحدد. ومن هناك صدرت تعليمات للقوة بالتقدم نحو الزاوية الجنوبية الغربية للسياج المحيط بالمستوطنة، وهي أقرب نقطة لقطاع غزة.

ويوضح الكتيب أنه في هذه المرحلة، صدرت أوامر لإحدى الفرق بالتمركز على الطريق، لمنع وصول التعزيزات للجيش الإسرائيلي. وأمرت الفرقة الثانية بالاقتراب من "الكيبوتس" وإحداث اختراق في السياج. وبعد ذلك، ينص الأمر على أنه يجب على المسلحين "اقتحام الكيبوتس، والسيطرة عليه، واحتجاز المدنيين والجنود رهائن".


"العدو"

لكن الأمر الوارد في الكتيب لم يحدد  خطة عمل حماس وتقدم عملية "طوفان الأقصى" فقط، بل يشمل -أيضا- معلومات عن انتشار القوات الإسرائيلية في الميدان تحت عنوان "العدو" مكتوب أنه يوجد في مستوطنة "مفالسيم" 1000 مدني، ونحو 20 عضوا في فرقة احتياطية، و37 جنديا آخرين من الجيش الإسرائيلي، 27 آخرين من مقاتلي فرقة المشاة.

ويدرج الأمر في الكتيب -كذلك- معلومات عن قوات الجيش الإسرائيلي الأخرى الموجودة والمنتشرة في المنطقة، التي يمكنها تقديم تعزيزات إلى المستوطنة عند الضرورة.

وتشمل هذه المعلومات 3 إلى 5 سيارات جيب عسكرية في "ناحال عوز"، التي عُرّفت على أنها قوة تعزيز أولية، وهي قادرة على الوصول إلى مستوطنة "مفالسيم" خلال 3 إلى 5 دقائق.

وأظهر الكتيب المزيد من المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها حماس، حيث ورد أنه وجد سيارتين أو 3 سيارات جيب عسكرية إضافية في الموقع الذي حصل على وصف "النقطة 16″، و6 دبابات أخرى تتمركز في المنطقة المجاورة، 3 منها في كيبوتس "نير عام"، بما في ذلك الصور الجوية للمنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المعلومات الاستخباراتیة للجیش الإسرائیلی یدیعوت أحرونوت طوفان الأقصى فرقة غزة

إقرأ أيضاً:

صفات القيادة عند الحلبوسي

بقلم : حسن حنظل النصار ..

بالرغم من كل ماتعرض له وواجهه رئيس حزب تقدم السيد محمد الحلبوسي والتناقضات التي طبعت سلوك الشركاء السياسيين الذين كان أغلبهم يريد الحفاظ على مسافة من التواصل معه والخشية منه في ذات الوقت وسبب الخشية يعود لقدراته التي لايملك الاخرون منها شيئا وهذا ماعزز الرغبة لدى البعض منهم الى الوصول الى مستوى المؤامرة لتحجيمه ومنعه من الاستمرار في طريقته التي أتعبتهم لعدم قدرتهم على مجاراته والتناقس الطبيعي معه ذلك لم يثنيه عن التقدم وعدم التراجع مطلقا. فالمنافسة الطبيعية تعني ان لديك قدرات توازي او تتجاوز او تقل بنزر قليل مع المنافس ولكن حين يختل الميزان الى المستوى القلق وحين لاتكون لديك قدرات اصلا او لاتكون لديك قدرات تصل الى مستوى قدرات المنافس عندها ربما ستكون عرضة للتصرف بطريقة غير اخلاقية وغير قانونية وإلا فبماذا نشبه أو نصف سلوك الخصوم والمنافسين الذين يحيكون المؤامرات ويصدرون القرارات والمواقف للتقليل من شأنه ومحاولة إبعاده عن جمهوره وعن منصبه وتشويه سمعته حتى وصل بهم المستوى الرخيص الى اتهامه بالرغبة بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي وقبوله بتوطين الفلسطينيين في الانبار وهو كذب وافتراء يدرك من اطلقه انه بعيد عن الواقع وانه لايصمد امام الحقيقة فالرجل واضح في تعاطيه مع هذا الملف وهو ضد التطبيع وضد التهجير كما انه مع الموقف الوطني الواضح والتركيز على قوة الدولة ودعم البرنامج الحكومي وتقديم الخدمات للمواطنين وتوفير فرص العمل التي لم يتحقق مثيلها لمعظم مناطق المكون السني والانبار خاصة طوال عقود مرت حتى صار اهل الانبار يحبونه ويثقون به ويفضلونه على الجميع ودليل ذلك ان اقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان بطريقة غير قانونية لم تؤد الى تغييبه أو فقدانه لقدرته على التأثير بل فوجيء الجميع بانه يحقق ارقام انتخابية لم يستطع السنة بكل قدراتهم وقوائمهم تحقيقها حتى في العاصمة بغداد..

وفي اللغة فإن رباطة الجأش تعني هدوء النفس وثبات القلب، وقدرة الشخص على السيطرة على نفسه ومشاعره في مواجهة الصعاب والأزمات. هي حالة من الاتزان النفسي والجسدي لا تتأثر بالعواطف والألم أو غيرها من الظواهر التي قد تسبب فقدان الاتزان لدى الآخرين. وهي صفة تاكدت في السيد الحلبوسي فحين وصله خبر قرار الاقالة أدى التحية على النواب وغادر بهدوء ولم ينفعل وعاد خلال ايام الى ممارسة دوره السياسي وتواصله مع الجمهور ليحقق بعد ذلك بشهور نسبة من الاصوات في انتخابات مجالس المحافظات عالية جدا صدمت القوى السياسية جميعها سواء التي تآمرت عليه او تلك التي انحازت او حرضت ضده ولذلك فان الهدوء والثبات الانفعالي والاتزان وقوة الشخصية كانت من العلامات التي طبعت سلوك وشخصية السيد الحلبوسي الذي اثبت شجاعة في المواجهة ولعل سياسيا غيره وتعرض لما تعرض له من ضغوط ومؤامرات وقرارات ماكان ليصمد لساعات بينما الحلبوسي يعود اقوى من السابق ويجعل الخصوم في حيرة من امرهم ولايستطيعون مواجهته ومجاراته ولعل النصيحة التي تصلهم دائما توصيهم بالتحالف معه والتخلص من عبء المنافسة غير المتكافئة. السيد محمد الحلبوسي ونتيجة لذلك قرر ان يدخل الانتخابات بقائمة منفردة وهو امر طبيعي لأن الاخرين ليس لديهم جمهور وليس لديهم قدرات وربما يريد بعضهم الفوز من خلال اصوات تقدم وهو الامر الذي يجعل التحالف معهم لاجدوى منه وإلا فما السبب الذي يدعوك للتحالف مع قوى سياسية تريد الفوز باصواتك والافضل ان يدخل كل جانب لوحده ثم نرى كم تحقق من اصوات لهذا الطرف او ذاك ثم يجري الاتفاق على تحالف مع بعد الانتخابات وكل طرف يأخذ إستحقاقه الطبيعي.. وماتميز به الحلبوسي انه قادر على التحالف مع الجميع فهو لايعبر عن طائفية او انحياز بل يبعث برسائل تشير الى وحدة الوطن وقيمة المواطنة واحترام المنافسين دون التجاوز عليهم لكنهم للاسف لايريدون الاعتراف بتفوقه عليهم وهذا مايصعب مهمة الحوار والتلاقي معهم... حسن حنظل النصار

مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرونوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية
  • صفات القيادة عند الحلبوسي
  • “إسرائيل” تمنع غولان من الخدمة العسكرية بعد انتقاده قتلها أطفال غزة
  • تفاصيل التكوين الموسع والخدمة التي سيستفيد منها مجندو الخدمة العسكرية في 2025
  • أبرز الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثيين على إسرائيل عام 2025
  • إيهود باراك: العملية العسكرية بغزة لن تؤدي إلى تحقيق انتصار على حماس
  • نتنياهو: داعموا حماس يريدون تقويتها لتدمير إسرائيل
  • إسرائيل توسع عملياتها العسكرية في غزة
  • يديعوت أحرونوت: ملايين الإسرائيليين هرعوا للملاجئ بعد إطلاق صاروخ من اليمن
  • ماذا تريد إسرائيل من حملاتها العسكرية في الضفة الغربية؟