فورين بوليسي: على الغرب الحذر من صعود أنظمة الجاسوسية الجديدة
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
قال تقرير لمجلة "فورين بوليسي" إن عالم التجسس لم يعد خاضعا لهيمنة القوى العظمى، إذ لم تعد أجهزة الاستخبارات التابعة للقوى المتوسطة -وخاصة تلك الموجودة في ما يسمى الجنوب العالمي- تنشط في الغرب فحسب، بل من المرجح أيضا أن تعمل على توسيع نطاق أنشطتها وطموحها.
وأوضح التقرير أن 3 حالات حديثة تقدم لمحة سريعة عن قدرات أنظمة التجسس التابعة للقوى الوسطى، وتقترح بعض الطرق التي يمكن للدول الغربية من خلالها توقع هذه التهديدات بشكل أفضل -بل والاستعداد لإحباطها- في المستقبل.
وأشارت إلى أن الحالة الأولى تتعلق بمصر التي قد تكون اخترقت أعلى المستويات في عملية صنع القرار في الولايات المتحدة من خلال الاستعانة بالرئيس السابق للجنة مجلس الشيوخ الأميركي للعلاقات الخارجية بوب مينيديز. واتهم المدعون الفدراليون السيناتور مينينديز وزوجته نادين أرسلانيان مينينديز، بالتآمر والعمالة لصالح الحكومة المصرية من خلال استخدام منصب السيناتور القوي لتعزيز المبيعات العسكرية والمساعدات لمصر.
وذكرت لائحة اتهام وُضعت الشهر الماضي أن مينينديز وزوجته قبلا رشاوى تزيد على نصف مليون دولار وسبائك ذهبية وسيارة مرسيدس بنز مكشوفة وأشياء ثمينة أخرى من الحكومة المصرية.
وزعمت لائحة الاتهام البديلة، التي تتضمن تفاصيل مخططات الرشوة والفساد المختلفة، أن مينينديز زود مصر بمعلومات حساسة غير علنية، بما في ذلك قائمة الموظفين في السفارة الأميركية في القاهرة -وهي وثيقة يمكن أن تكون مفيدة لمكافحة التجسس- وأنه كتب "رسالة تسعى إلى إقناع أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين بالإفراج عن 300 مليون دولار من المساعدات لمصر".
وتتعلق الحالة الثانية بإثيوبيا؛ ففي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي ألقت وزارة العدل الأميركية القبض على أبراهام تيكلو ليما، وهو مقاول تكنولوجيا المعلومات لدى وزارة الخارجية الأميركية، بتهمة التجسس. وتزعم الاتهامات أن ليما، وهو مواطن أميركي من أصل إثيوبي، نسخ معلومات "سرية للغاية" من تقارير المخابرات، وحذف علامات التصنيف الخاصة بها، وأزالها من وزارة الخارجية، و"استخدم تطبيقا مشفرا لنقل معلومات الدفاع الوطني السرية إلى مسؤول حكومي أجنبي مرتبط بجهاز استخبارات دولة أجنبية".
تُظهر هذه الحوادث أن القوى الوسطى تقوم بمجموعة واسعة من الأنشطة الاستخباراتية، بما في ذلك عمليات التأثير، والعمل السري الذي يمكن إنكاره، والتجسس الكلاسيكي الذي يهدف إلى الوصول إلى المعلومات السرية وغير العامة.
ومع أن وزارة العدل لم تذكر اسم القوة الأجنبية، فإن صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أن ليما متهم بالتجسس لصالح إثيوبيا، وهي الدولة التي كانت منذ فترة طويلة تتلقى كميات هائلة من المساعدات الأميركية.
وتتعلق الحالة الثالثة بالهند، ففي حين قد تكون أقرب إلى قوة عظمى، فإن أنشطتها التجسسية كانت تقليديا تحت الرقابة. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعرب رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، علنا عن شكوكه في أن عملاء من جهاز الاستخبارات الخارجية في نيودلهي، جناح البحث والتحليل، على صلة باغتيال هارديب سينغ نيجار -وهو زعيم انفصالي من السيخ ومواطن كندي سبق أن صنفته نيودلهي بأنه "إرهابي"- في كولومبيا البريطانية في يونيو/حزيران. ومنذ ذلك الحين، تزايد الخلاف الدبلوماسي بين الهند وكندا.
القوى الوسطىوبشكل عام، تُظهر هذه الحوادث أن القوى الوسطى تقوم بمجموعة واسعة من الأنشطة الاستخباراتية، بما في ذلك عمليات التأثير، والعمل السري الذي يمكن إنكاره، والتجسس الكلاسيكي الذي يهدف إلى الوصول إلى المعلومات السرية وغير العامة.
وقال تقرير لمجلة "فورين بوليسي" إنه يتعين على القوى الغربية أن تتصالح مع هذا الواقع وأن تتبنى نهجا أكثر توازنا في مكافحة التجسس من خلال عدم إغفال القوى المتوسطة ودول الجنوب العالمي. وتقوم الدول الغربية حاليا باستخدام معظم مواردها في منافسة القوى العظمى، لكن التركيز بشكل كبير للغاية على أي اتجاه استخباراتي واحد يثير المشاكل.
وخلص التقرير إلى أن القوى الوسطى التي تتفوق على الدول الأخرى سوف تحاول مرة أخرى، وتبحث عن عملاء ساذجين أو مرتشين أو يشاركونها أيديولوجياتها. ولا ينبغي لصناع السياسات والمراقبين الغربيين أن يقللوا من طموح هذه الدول ونواياها وقدراتها الاستخباراتية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
من أوغندا إلى نيويورك.. رحلة صعود زهران ممداني في السياسة الأميركية
نجح السياسي الشاب زهران ممداني في كسب أصوات المجتمع الأميركي، حتى بات مؤهلا لتولّي منصب عمدة بلدية نيويورك، وسحق كبار المنافسين الذين أمضوا سنوات عديدة في دروب السياسة ومعارك الانتخابات.
كما شكّل صعوده في الساحة الأميركية مصدر إلهام للعديد من المهاجرين، إذ لفت أنظار المجتمع السياسي من حوله عندما نجح في إقناع العديد من الناس بأنه قادر على أن يكون عمدة لبلدية نيويورك.
يعتبر ممداني تجسيدا للمواطن العالمي، فبينما تعود أصول عائلته إلى الهند، فقد عاش بدايات طفولته في أفريقيا، حيث ولد في أوغندا، ثم انتقلت أسرته إلى جنوب أفريقيا قبل أن تستقر لاحقا في الولايات المتحدة الأميركية.
ورغم أن عمره لا يتجاوز 33 سنة، فإن ممداني الآن مرشح ليكون أول عمدة مسلم ينحدر أصله من جنوب آسيا عمدة لمدينة نيويورك التي يتصارع على قيادتها كبار السياسيين.
ومع أن النتائج النهائية لم تعلن بعد، فإن فوزه المتوقع في الانتخابات التمهيدية شكّل صدمة للمؤسسة الديمقراطية، إذ نجح هذا الشاب الاشتراكي الديمقراطي في التفوق على منافسين أكثر تمويلا وخبرة، من بينهم الحاكم السابق لولاية نيويورك أندرو كومو الذي تحظى حملته بدعم مالي واسع.
حملة طرق الأبوابوقد ساهم في صعود ممداني في الانتخابات التمهيدية اعتماده على جيش من المتطوعين الذي نجحوا في حملة لطرق مليون باب لجمع الأصوات لصالح مرشّحهم.
ووفقا لمقربين من الشاب وحملته، فإن حضوره في كل مكان أسهم في نجاح خطته، إذ يصر على التحدث مباشرة إلى سكان نيويورك، الأمر الذي ساعد في تحفيز الناخبين الجدد لدعمه.
ويقول المحامي جول الدين إن ممداني سواء نجح أو خسر، قد غيّر المعادلة السياسية في أكبر مدينة أميركية وأهمها، وشجّع الكثير من أبناء جنوب آسيا نحو الانخراط في الشأن العام داخل نيويورك، حيث يستحقون البقاء فيها والحصول على مستقبل أفضل لأنهم ساهموا في بنائها.
إعلانوأضاف جول الدين أن ممداني ألهم الجميع بضرورة المشاركة السياسية، وإمكانية الترشح لجميع المناصب الانتخابية، بما فيه النواب، ومنصب رئيس الولايات المتحدة.
ديانة ثابتةوتقول مهندسة البرمجيات تنزيلة رحمن إن ديانة الشاب ممداني كانت عاملا مؤثّرا في جذب بعض الناخبين الذين التفوا من حوله، وتطوّعوا لدعمه.
وتضيف رحمن أنه عندما ظهر للساحة أولا، أثيرت حوله بعض الشكوك، لكنه سرعان ما انجذب إليه الناس، لكونه كان صريحا، يظهر إسلامه وبشرته السمراء بلا خجل، ويتحدث إلى الناس ويحاول إقناعهم من دون حياء.
ومن المقرر إجراء الانتخابات العامة لمنصب عمدة نيويورك في بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث من المتوقع أن يواجه ممداني العمدة الحالي إريك أدامز، والمرشح الجمهوري كيرتس سليا.