يخلط الكثير من الناس بين اسم “إسرائيل” المذكور في القرآن الكريم وبين اسم دولة اسرائيل، والفرق بين كل منهما فما لا يعرفه الكثير من الناس أن إسرائيل هو النبي يعقوب عليه السلام وأن اسم اسرائيل هو لقب له وهو اسم اعجمي أما معنى يعقوب: "اسم علم مذكر عبري توراتي معناه: الذي يعقب الآخر أو يخلفه"، وحينما بلغ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- الكبر بشره الله -تعالى- بإسحاق -عليه السلام- ومن وراء إسحاق يعقوب، ذرية طيبة فيها النبوة يعقب بعضها بعضًا، وكان أن جاء سيدنا يعقوب لهذه الدنيا ورزقه الله ذرية كبيرة من بينهم سيدنا يوسف -عليه السلام-، وكان سيدنا يعقوب متصًلا بالله متوكلًا عليه مفوضًا أمره كله لله -تعالى-، وكان عبد لله -تعالى- صابر ومحتسب.

 

إسرائيل هو سيدنا يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم -عليهم السلام-، وانتقل هو وذريته إلى مصر حين أرسل لهم يوسف -عليه السلام- رسولًا أن ائتوني بأهلكم أجمعين، وتمكنوا في مصر إلى أن جاء فرعون واستعبد ذرية إسرائيل واستحيا نساءهم وقتل أبناءهم، وبنو إسرائيل كانوا مسلمين على دين إبراهيم فيهم الصالحين وفيهم الطالحين، أما اليهود فهم الذين عبدوا العجل ثم تابوا وهم فئة من بني إسرائيل على زمن موسى -عليه السلام- وذكر الله -تعالى- سيدنا يعقوب في القرآن بكلا الاسمين: 

يعقوب وإسرائيل، وذكر لفظ بني إسرائيل كثيراً في القرآن الكريم لأنَّ كثيرًا من الأنبياء كانوا من بني إسرائيل وفي قصصهم الكثير من المواعظ والعبر، فسيدنا يوسف وموسى وهارون -عليهم السلام- على سبيل المثال كانوا من بني إسرائيل. 

-من هم بنو إسرائيل:

في كتب تفسير القرآن الكريم وفي سورة البقرة ذكر الله -تعالى- أخبار بني إسرائيل واليهود منهم خاصة، وقد يلتبس على القارئ ثناء الله -تعالى- على بني إسرائيل في آيات وذم اليهود في آيات أخرى، والمتتبع لذلك يرى أن الآيات التي تحدثت عن بني إسرائيل تحدثت عن ذرية يعقوب -عليه السلام- والذين تكاثروا، وأصبحوا أمة عندما انتقلوا إلى مصر، حيث كان سيدنا يوسف -عليه السلام- وزيراً عظيم الشأن في مصر.

أما اليهود فهم الذين عبدوا عجل السامري على زمن سيدنا موسى، ثم تابوا ورجعوا إلى الله -تعالى- بقولهم إنا هدنا إليك أي تبنا ورجعنا، ولكنها توبة غير خالصة فقد تشرب العجل في قلوبهم وهم فئة من بني إسرائيل وليس كلهم، وتعدد الآراء في سبب تسمية اليهود بهذا إلى ما يأتي: أحد الأقوال وهو أنهم الفئة الذين عبدوا العجل ثم هادوا إلى الله -تعالى- وقيل أن اليهود سموا بهذا الاسم نسبة إليى يهوذا.

 

-الفارق بين بني إسرائيل واليهود:
يستخدم الكثير من الناس كلمة "اليهود" للتعبير عن كل بني إسرائيل. ولكن استخدم القرآن الكريم عدة تعبيرات عندما تحدث عن بني إسرائيل، وكل واحد من هذه التعبيرات له معناه ومدلوله الخاص ويتحدث عن فئة معينة، ومن بعض التعبيرات القرآنية المستخدمة:

-الفئة الأولى "بنو إسرائيل":

أي أبناء سيدنا يعقوب عليه السلام، والذي يسمى أيضا سيدنا إسرائيل كما جاء في الآية الكريمة:

(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ـ سورة مريم آية 58)

ومن بني إسرائيل سيدنا يوسف وسيدنا موسى وهارون وداود وسليمان وأيوب وزكريا ويحيى والمسيح عليهم جميعا سلام الله، ولذا فإن سب "إسرائيل"، وهو نبي الله يعقوب عليه أفضل السلام، أو "بني إسرائيل"، وفيهم أنبياء ورسل، ، فلا ينبغي أن ينسى أو يتناسى البعض ما قاله القرآن عن "بني إسرائيل" مثل:

(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ـ سورة البقرة: 47)

(وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ـ سورة الجاثية 16).

-الفئة الثانية وهم "الذين هادوا":

أي الذين رجعوا إلى الله من بني إسرائيل فقالوا إنا هدنا إليك "أي رجعنا إليك)، وأطلق الله عليهم ذلك التعبير لأنهم رجعوا إليه (أي إلى الله) كما ذُكر في قوله تعالى {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ}، وكما جاء في الآيات الكريمة التالية عن بني إسرائيل الذين عبروا البحر مع موسى عليه السلام:

(وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا ۖ فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ۖ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ۖ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاءُ وَتَهْدِي مَن تَشَاءُ ۖ أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۖوَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا (أي رجعنا) إِلَيْكَ ـ سورة الأعراف 156 ـ 154)

-الفئة الثالثة وهم "أصحاب السبت":

 وكانوا مجموعة صغيرة من بني إسرائيل تمثل أهل قرية منهم، حاولوا أن يخدعوا الله ويتحايلوا على آيات التوراة وأوامره فيها بعدم العمل يوم السبت (أو كما يسمى حفظ يوم السبت)، وقد ذكرت قصة هؤلاء القوم في قوله تعالى:

(وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ (أي يوم السبت) إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون } وهؤلاء هم المعنيون فى قوله {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ).

وهؤلاء هم فقط المذكورون في الآية (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ـ سورة البقرة 65).

-الفئة الرابعة وهم "اليهود":

هم كما يتضح من تدبر القرآن بدقة طوائف محدودة من بني إسرائيل، كانت موجودة في الجزيرة العربية وقت ظهور الإسلام فيها (على حسب المراجع الإسلامية)، وهؤلاء أي "اليهود" هم الذين قالوا عُزير ابن الله {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} وهم الذين قالوا يد الله مغلولة {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وذلك يفرقهم عن باقي بنى إسرائيل والذين لم يقولوا مثل هذه الأشياء.

ومن يطلق عليهم أغلب المسلمين اليوم أنهم "يهود"، لا يؤمنون على الإطلاق بأن "عزير" هو ابن الله وأن المتدينين من بني إسرائيل يؤمنون ـ بل ويتبتلون إلى الله ـ بأن يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، وبالتالي فإن إطلاق كلمة "يهود" على كل بني إسرائيل ليس دقيقا ويخالف النص القرآني والواقع.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: القرآن الكريم اسحاق القرآن الکریم علیه السلام الکثیر من إلى الله هم الذین الذین ع ـ سورة

إقرأ أيضاً:

صيام العشر من ذي الحجة.. متى تبدأ وهل صامها النبي؟

صيام العشر من ذي الحجة، ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه كان يصوم التسع من ذي الحجة؛ ففي "سنن أبي داود"، وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس".

فضل صيام ذي الحجة

وعن حفصة رضي الله عنها قالت: "أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة"، رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه.

وأما ما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائمًا في العشر قط"، فقد قال الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (8/ 71-72): قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لا سيما التاسع منها، وهو يوم عرفة،.

وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في "صحيح البخاري" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنهُ فِي هَذِهِ» يعني العشر الأوائل من ذي الحجة فيتأول قولها "لم يصم العشر" أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر الإثنين من الشهر والخميس" ورواه أبو داود وهذا لفظه، وأحمد والنسائي وفي روايتهما: «وخميسَين»] اهـ.

دعاء رؤية الهلال.. دقائق قبل إعلان غرة شهر ذي الحجةدعاء لقضاء الحاجة لا يرد ومأثور عن النبي.. اغتنم الوقت وردده الآنصيام ذي الحجة

حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على بذل الأعمال الصالحة في الأيام العشر من ذي الحجة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري.

فالحديث أطلق هذه الأعمال الصالحة ولم يقيدها بعمل صالح معين، فتشمل قراءة القرآن والذكر والتسبيح وصلة الرحم والصيام؛ قال الحافظ ابن حجر: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره».

ويستدل من حديث ابن عباس السابق أيضًا ورود لفظة الأيام، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومعلوم أن أفضل عمل النهار الصوم، كما أن أفضل عمل الليل القيام، ولذلك سن قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان، فيكون صيام العشر الأوائل من ذي الحجة مندوباً قياساً على ذلك.

طباعة شارك صيام ذي الحجة فضل صيام ذي الحجة صيام العشر من ذي الحجة

مقالات مشابهة

  • الأذكار في العشر الأوائل من ذي الحجة كما أوصى بها النبي.. اغتنم أجرها
  • السيد القائد عبدالملك: من مقامات النبي إبراهيم التي ذكرت في القرآن الدروس الكثيرة لنهتدي بها
  • إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغرب
  • صيام العشر من ذي الحجة.. متى تبدأ وهل صامها النبي؟
  • المفتي: المملكة هيأت العلماء لبيان أداء الحج وفق منهج النبي
  • المفتي العام للمملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج لله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
  • دعاء قضاء الحاجة المأثور عن النبي .. لا يُرد اغتنمه وردده الآن
  • ماذا بينك وبين الله؟.. قصة "الحاج" عامر المهدي تتصدر "الترند"
  • ماذا بينك وبين الله؟.. ليبيون يتفاعلون مع حاج تعطلت الطائرة لكي يلحق بها
  • ماذا بينك وبين الله يا عامر؟.. شاب ليبي أصر على الحج فتعطلت الطائرة مرتين من أجله