السومرية نيوز – دوليات

بينما تستعد قوات الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ هجومها البري على قطاع غزة، تتصاعد التحذيرات الأمريكية من احتمال مواجهة الجيش الإسرائيلي مخاطر كبيرة دون اتخاذ خطة واضحةٍ لهذا الهجوم؛ إذ يخشى الجانب الأمريكي الداعم لتل أبيب أن يتحوّل الهجوم البري التي تنوي إسرائيل القيام به في إطار حربها على غزة إلى التسبب في خسائر بشرية كبيرة لجيش الإحتلال؛ لذا يحاول مسؤولون عسكريون أمريكيون إبعاد إسرائيل عن ذلك النوع من القتال في المناطق الحضرية الذي شاركت فيه الولايات المتحدة خلال غزوها للعراق.


وخلال مساعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي على وضع عدد من الاستراتيجيات المختلفة من أجل الانتصار على المقاومة الفلسطينية في غزة، يستشهد المستشارون العسكريون الأمريكيون في إسرائيل بالدروس المستفادة على وجه التحديد من معركة الفلوجة في عام 2004، وهي واحدة من أكثر المعارك دموية للجيش الأمريكي أثناء غزوه العراق.

هذا التخوف الأمريكي الواضح من شكل المعركة البرية في غزّة عبّر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي عبّر لنتنياهو أنه يريد أن يكون الغزو الإسرائيلي لغزة أقرب إلى ما حدث في الموصل عام 2016، وليس الفلوجة عام 2004.

ومن أجل تجنّب الكارثة التي قد تحصل بسبب معركة الفلوجة، أرسل بايدن الجنرال جيمس جلين الذي ترأس سابقاً العمليات الخاصة لمشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في معركة الفلوجة، من أجل تقديم المشورة لجيش الإحتلال الإسرائيلي بشأن تخطيطهم العسكري للمعركة البرية في غزة، فما هي معركة الفلوجة التي تخشى أمريكا وإسرائيل أن تتكرّر في غزة؟

معركة الفلوجة الأولى.. حين فشل الجيش الأمريكي في دخول الفلوجة
بعد سقوط بغداد في أبريل 2003، توجه الكثير من كبار ضباط الجيش العراقي إلى مدينة الفلوجة التي تمركزوا فيها، وقاموا بعقد اتفاقٍ مع الجيش الأمريكي، بالتعاون مع القوات الأمريكية مقابل عدم دخول الجيش الأمريكي إلى مدينة الفلوجة، لذا كانت الفلوجة واحدةً من المدن العراقية القليلة التي لم يحدث بها نهب وسلب وانفلات عند احتلال العراق.

استمر وضع المدينة على هذا الشكل إلا أنّ تمركزت قوات أمريكية في إحدى مدارس المدينة الأمر الذي أدى إلى وقوع احتجاجات لأهالي الفلوجة، نتج عنها مقتل 17 مدنياً في قمع القوات الأمريكية لهذه الاحتجاجات.

تصاعد الأمر ووصل إلى ذروته حين اختطفت مليشيا بلاك ووتر الأمريكية عروساً عراقية في حفل زفافها، الأمر الذي أدى بأهالي الفلوجة والمقاومة العراقية المتمركزة في المدينة إلى الهجوم على دورية لمليشيا بلاك ووتر وقتل 4 عناصر منها وسحلهم وتعليق جثثهم في مركز المدينة.

لم يمض أقل من 24 ساعة على مقتل الأمريكيين الأربعة، حتى حاصرت القوات الأمريكية الفلوجة من جميع الجهات، بهدف معلن هو تسليم الأشخاص المسؤولين عن الحادث، وبعد مناوشات محدودة بدأ الهجوم الأمريكي في الخامس من أبريل/ نيسان بقصف مدفعي وجوي من المروحيات قبل أن تتقدم الدبابات من الجهة الشرقية للمدينة حيث مدخلها الاعتيادي، وبدا لأول وهلة أن مهمة مشاة البحرية لن تكون صعبة في السيطرة على المدينة خلال ساعات أو أيام، وذلك قبل أن يواجه المهاجمون مقاومة شرسة، أعطت المعركة بُعداً مختلفاً، ووضعت الأمريكيين في خضم حرب حقيقية لم يحسبوا لها حساباً.

في البداية دارت المعركة في الحي الصناعي، لكن قوات أمريكية أخرى حاولت التقدم من الشرق في حي نزال المجاور، وفي المنطقتين ركز المقاتلون العراقيون على تدمير الدبابات ومحاولة تحييدها، وخلال الأسبوع الأول لم تتجرأ الدبابات الأمريكية على التقدم داخل الفلوجة بسبب المقاتلين العراقيين الذين اصطادوا الآليات والدبابات الأمريكية بقاذفات (آر بي جي).

وكانت أعنف المعارك تلك التي وقعت في حي الجولان الواقع غربي الفلوجة، الذي امتاز بالكثافة العددية لسكانه، وكذلك ضيق شوارعه التي تجعل من السيطرة عليه أمراً شديد الصعوبة.

كما دار القتال في المدينة بصفة وحشية فقد استطاع قادة المقاومة بالاستناد إلى التنظيم المحكم بفرض السيطرة على أرض المعركة وإحداث إرباك للقوات المهاجمة وكان هذا باستعمال أسلحة بسيطة مع تكتيك حرب العصابات القائم على نصب الكمائن واللجوء إلى تقنية الكر والفر؛ مما أحدث خللاً في الخطة الهجومية للجيش الأمريكي، ولم يستطع الجيش الأمريكي فهم تكتيك المقاومة العراقية في الفلوجة وأدى هذا إلى اعتماد القصف العشوائي للبيوت مما أدى إلى مقتل عدد كبير من المدنيين.

كما زادت الضربات التي تلقتها القوات الأمريكية في المدن العراقية الأخرى والتي نفذها جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر من الإرباك والرعب في معركة الفلوجة، ليقرر الجيش الأمريكي الانسحاب من المعركة، وترك اللواء العراقي لإدارة المدينة.
معركة الفلوجة الثانية.. الجريمة الشنيعة التي لم يحاسب أمريكا عليها أحد
بقيت الفلوجة مدينة خارج الإدارة الأمريكية في العراق طيلة 6 أشهر، ومن أجل إخضاع المدينة، قام الجيش الأمريكي بإطلاق عملية الفجر، والتي تعرف بـ معركة الفلوجة الثانية.

كانت هذه العملية هي ثاني أكبر عملية في الفلوجة، بعد معركة الفلوجة الأولى في أبريل 2004، وكانت أكثر المعارك دموية في حرب غزو العراق بأكملها للقوات الأمريكية، وقد اشتهرت بكونها أكبر اشتباك في حرب غزو العراق ضد الفصائل المسلحة بدلاً من قوات الحكومة العراقية البعثية السابقة التي أطيح بها في 2003.

بدأت معركة الفلوجة الثانية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، وانتهت في 23 من ديسمبر/كانون الأول 2004، خلال هذه المعركة قاد كلٌ من الجنرال اللفتنانت والجنرال جون ف. ساتلر واللواء ريتشارد ف. ناتونسكي 15 ألف جندي أمريكي وجندي في قوات التحالف في مواجهة ما يقرب من 5 آلاف مقاتلٍ من المقاومة العراقية والعربية بقيادة كلٍ من عبد الله الجنابي وعمر حسين حديد.

بدأت المعركة بحصارٍ أمريكي خانقٍ على المدينة لمنع خروج المقاتلين منها، مع ذلك تم السماح بنزوح أكثر من 300 ألف مدني من الفلوجة، ليتسنى للجيش الأمريكي الهجوم بدون ضغوطٍ على المسلحين بداخلها، ثم شرعت الطائرات الأمريكية في قصف المدينة بقصف مكثف وغارات غير مسبوقة وأسلحة محرمة دولياً خلال أيام المعركة.
وقبل أن تشرع قوات التحالف في هجومها البري في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمدت التضليل والإشارة إلى أن هجوم التحالف سيأتي من الجنوب والجنوب الشرقي كما حدث في معركة الفلوجة الأولى في شهر أبريل/ نيسان. وبدلاً من ذلك، قامت قوات التحالف بالهجوم على المدينة من الشمال عبر كامل عرضها.

كان القتال بالنسبة للجيش الأمريكي وقوات التحالف في المناطق الحضرية عنيفاً، فقد كانت مواقع القناصة المخفية والأفخاخ المتفجرة تشكل خطراً شديداً على الجنود الأمريكيين.

اضطر الجيش الأمريكي خلال المعركة إلى القتال من منزلٍ لآخر، وذلك من خلال إحداث ثقوب في جدران المنازل خوفاً من المخاطرة باحتمال تفخيخ الأبواب.

وبعد عدة أيام من القتال في الشوارع، تم تأمين وسط المدينة، لكن جيوب المقاومة استمرت لعدة أسابيع، مع مقتل آلاف المدنيين بسبب عشوائية القصف الأمريكي.

اعترفت قوات التحالف في النهاية بمقتل حوالي 110 من عناصرها وجُرح حوالي 600 آخرين، بينما قُتل أو أُسر حوالي 3 آلاف عنصر من المقاومة العراقية.

وتخليداً لهذه المعركة، قامت البحرية الأمريكية بإطلاق اسم "الفلوجة" على إحدى سفنها الهجومية البرمائية، وذلك بعد أن لقيت في المدينة العراقية مقاومةً تاريخية.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: المقاومة العراقیة القوات الأمریکیة قوات التحالف فی الجیش الأمریکی للجیش الأمریکی معرکة الفلوجة من أجل

إقرأ أيضاً:

لوموند: في الفاشر شاهدت عائشة شنق شقيقها وقتل زوجها واغتصاب ابنتها

كشف تحقيق لصحيفة لوموند الفرنسية تفاصيل جديدة عن واحدة من أعنف الهجمات التي شهدها السودان منذ بداية الحرب، عندما حولت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر إلى مسرح لمجازر وعمليات انتقام واسعة النطاق عقب اقتحامها أواخر أكتوبر/تشرين الأول.

وعبر شهادات مؤلمة جمعها مراسل لوموند الخاص في الدبة إليوت براشيه من الناجين الذين وصلوا إلى مدينة الدبة شمال البلاد، تكشفت خريطة جرائم شنيعة تشمل القتل من مسافة صفر، والاغتصاب والاختطاف والتعذيب، والإعدام الميداني، وتجريف الأدلة عبر حفر مقابر جماعية وحرق الجثث.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال تكشف تفاصيل حصرية بشأن خروج ماتشادو من فنزويلاlist 2 of 2وثيقة سرية أميركية: الصين قد تدمر القوات الأميركية في أي حرب على تايوانend of list

وكان سكان عاصمة شمال دارفور يعيشون منذ أكثر من 550 يوما تحت حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع -كما يقول المراسل- لكن يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول مثّل النقطة الأكثر دموية في هذا الحصار، حيث انقطع الاتصال بالكامل مع حلول الفجر، واجتاحت القوات المدينة بعنف شديد.

حاول آلاف المدنيين الفرار سيرا على الأقدام، في وقت سُدت فيه الطرق بالجثث والمباني المدمرة، تروي أسماء إبراهيم التي فقدت زوجها داخل المستشفى الذي كان يتلقى العلاج فيه، أن المهاجمين اقتحموا المنازل وقتلوا الرجال والجرحى بلا تمييز، وأن المشهد على الطرق المؤدية إلى مليط كان مغطى بالجثث.

آثار الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على سوق المواشي بالفاشر (الفرنسية)جرائم موثقة

وتؤكد شهادات الناجين أن قوات الدعم السريع تعاملت مع أي رجل تحت الأربعين كمقاتل يجب إعدامه، ومع أي مدني كتابع للقوات المسلحة السودانية يستحق الإذلال أو القتل، فوجد ما بين 170 ألفا و260 ألف مدني أنفسهم عالقين داخل المدينة التي أصبحت "معسكر موت مفتوحا"، كما وصفها الناجون.

ودفعت آلاف الأسر مبالغ طائلة للمهربين الذين يرتبط بعضهم بالدعم السريع للعبور نحو مناطق أكثر أمانا -حسب المراسل- في حين تفرق عشرات الآلاف في جهات مختلفة، ولا يزال معظمهم مفقودين، وقد وصلت 400 أسرة في البداية، معظمها من النساء والأطفال مع غياب شبه تام للرجال.

الناجون من مجازر الفاشر ينتشرون في العراء فرارا من القتل (أسوشيتد برس)

وتعرضت النساء لاعتداءات جنسية شنيعة، كما فقد عدد كبير من الأطفال ذويهم، وقد سجلت المنظمات الإنسانية عشرات البلاغات عن الاغتصاب، بينها شهادة فتاة في الـ17 اغتصبت بعد قتل والدها أمام عينيها، كما يقول المراسل.

إعلان

وتابع المراسل روايات الناجين، وكيف فقدت عائشة موسى شقيقها الذي عُلق على شجرة وأعدم أمامها واغتصب الجنود ابنتها، وكيف قُتل زوج عائشة عبد الله بقذيفة، وكيف لم تستطع فاطمة إبراهيم دفع الفدية لتحرير زوجها، وفقدت والدها الذي لم يعد يستطيع الوقوف، أما خديجة حسين فلا تعرف مصير أبنائها الخمسة الذين انضموا للمقاومة الشعبية المساندة للجيش.

وتحدثت الطبيبة إخلاص عبد الله عن انهيار للمستشفيات بشكل كامل، وكيف عالجت الجرحى على الأرض باستخدام منظفات منزلية بدلا من المطهرات، وعن قصف المستشفى مرارا، ومقتل المئات من الجرحى والطواقم الطبية، مؤكدة أنها فقدت الاتصال بمعظم زملائها منذ سقوط المدينة.

وعلى طريق الفاشر الغربي، اعتقلت قوات الدعم السريع آلاف الرجال -حسب المراسل- ووصف أحد الناجين، وهو ميكانيكي من المدينة، 14 يوما من التعذيب داخل حاوية معدنية مغلقة تحت الشمس، وشاهد إعدام رجلين أمامه قبل أن يفديه أهله بفدية كبيرة.

ما جرى في الفاشر إبادة جماعية نفذت بدعم أجنبي وسط صمت دولي كامل

بواسطة مني أركو مناوي

حرب إبادة

ويؤكد والي دارفور مني أركو مناوي أن ما جرى في الفاشر إبادة جماعية نُفذت بدعم أجنبي وسط صمت دولي كامل، كما يرى السكان أن ما حدث يتجاوز مجرد معركة عسكرية، ويقول بعضهم إن قوات الدعم السريع استهدفت الهوية الاجتماعية للسكان، وقتلت أبناء قبائل بعينها مثل الجعلية.

ورغم مطالبة مجلس الأمن برفع الحصار، لم ينفذ القرار بعد، وهو ما ربطته مصادر محلية بالعمل على طمس الأدلة عبر حرق الجثث وحفر مقابر جماعية، وبالفعل أظهرت صور الأقمار الصناعية وشهادات عدة أن قوات الدعم السريع بدأت إخفاء الأدلة بحفر المقابر، في وقت تجبر فيه آلاف المدنيين على العودة إلى الفاشر لإخراج مشاهد توزيع مساعدات إنسانية أمام الكاميرات.

وعبر الناجون عن إحساس عميق بأن العالم تخلى عنهم، تقول أسماء إن "كل ما يحدث الآن مسرحية، يريدون الإيحاء بأن شيئا لم يقع، الفاشر منسية، والعالم أغمض عينيه"، وبالفعل انهارت مدينة الفاشر بالكامل تحت حصار طويل، وجرائم لا تزال مستمرة وسط غياب أي مساءلة.

مقالات مشابهة

  • «أمن طرابلس» تضبط مطلوباً في قضية اختطاف وقتل تعود لعام 2014!
  • لوموند: في الفاشر شاهدت عائشة شنق شقيقها وقتل زوجها واغتصاب ابنتها
  • انتهاكات بلا سقف.. حصار وقتل واغتصاب.. «الدعم السريع» يوسع دائرة الدم في كردفان
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • المؤبد لعاطل اشترك في خطف وقتل صاحب محل قطع غيار ببلبيس
  • على عكس تصريحات ترامب عن خسارة أوكرانيا.. مصادر لـCNN: الوضع في ساحة المعركة لم يتغير كثيرا
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”
  • دونالد ترامب: بايدن يتحمل أزمة الاقتصاد وحرب أوكرانيا
  • الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه
  • ترامب يحذر الدول التي تغرق الولايات المتحدة بالأرز الرخيص