يرى أستاذ السياسة العربية والتاريخ الفكري في جامعة كولومبيا الأميركية جوزيف مسعد أن الكراهية الغربية الواضحة للفلسطينيين حاليا تكشف أن الغرب لم يصبح أقل عدائية تجاههم، وأن أي تعاطف معهم يقتصر على كونهم ضحايا أبرياء، ولا تمتد لحقهم في التخلص من الاحتلال.

وقال مسعد -في مقال نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني- إن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة حشدت دعما غربيا هائلا لإسرائيل من مختلف ألوان الطيف السياسي، مقرونا بدعوات الإبادة الجماعية للقضاء على الفلسطينيين.

وأضاف الأكاديمي -وهو من أصول فلسطينية- أنه حتى الأصوات المتعاطفة مع الفلسطينيين سارعت أيضا إلى تبني الدعاية الإسرائيلية، بما في ذلك الادعاءات الغربية بقطع رؤوس الأطفال والاغتصاب، والتي تراجعت عنها لاحقا بهدوء مؤسسات إعلامية غربية مثل "سي إن إن" و"لوس أنجلوس تايمز" التي ساعدت في البداية في نشر هذه "الافتراءات".

وقال "لقد صدمت هذه الكراهية الغربية المتعصبة ضد الفلسطينيين والإعجاب بإسرائيل معظم العرب، حتى أولئك الذين اعتبروا الغرب العدو الرئيسي للشعب الفلسطيني".

ونبّه الكاتب إلى أنه على مدى العقود الأربعة الماضية كان هناك مفهوم سائد بين المثقفين العرب ورجال الأعمال والنخب السياسية الليبرالية المؤيدة للغرب، مفاده أن الليبراليين الغربيين، وحتى بعض المحافظين، قد غيروا وجهات نظرهم تجاه الفلسطينيين وأصبحوا أقل عدائية.

تتواصل الهجمات الإسرائيلية العنيفة على غزة منذ 22 يوما (الأناضول)

ديناميكية جديدة

واعتبر مسعد هذا التغيير في النظرة الغربية للفلسطينيين يقتصر على كونهم مجرد ضحايا للمذابح، لكنه لم يترجم إلى دعم غربي لحقهم في مقاومة "مستعمريهم الساديين"، وأي تعاطف يتلقونه ينسجم دائما مع الدعم الغربي الأبدي لإسرائيل بغض النظر عن عدد الفلسطينيين الذين تقتلهم.

وبحكم دراسته الأكاديمية، يرى الباحث أن وضع الفلسطينيين قد تغير في العقود اللاحقة، ويبدو أن ديناميكية جديدة قد تسللت إلى المفاهيم الثابتة التي تميز الفلسطينيين عادة في الولايات المتحدة وأوروبا. وبدأ المعلقون وصانعو السياسات من مختلف الأطياف السياسية الغربية في التعبير عن وجهات نظر الفلسطينيين الذين لم يعبروا عنها من قبل.

وقال إن الزلزال الأخير الذي أحدثته عملية المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى" أدى إلى عودة الغربيين من جميع الأطياف السياسية إلى الموقف الافتراضي، وهو الإدانة الصريحة لمقاومة الفلسطينيين ودعم "مستعمريهم" الذين صُوروا كضحايا.

وهذا الدعم الغربي لإسرائيل لا يرجع إلى الشعور بالرعب الغربي من موت المدنيين المؤسف والمرعب دائما، بل لأنهم كانوا مدنيين إسرائيليين. ولم يظهر تعبير مماثل عن الرعب إزاء القتل الإسرائيلي المتعمد لعشرات الآلاف من الفلسطينيين وغيرهم من العرب.


تعصب ثابت

وفي ضوء هذا التاريخ، ليس هناك سبب يذكر يجعل هذه الكراهية الغربية للشعب الفلسطيني تشكل صدمة في العالم العربي، فقد ظل هذ التعصب ثابتا منذ القرن الـ19. ويبدو أن هؤلاء الذين يشكلون النسبة القليلة من العرب الذين أصيبوا بالصدمة أخطؤوا في فهم بعض التعاطف الغربي تجاه الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا المجازر، حيث فهموه أنه دعم للمقاومة الفلسطينية والتحرير.

ومع ذلك، فإن معظم الليبراليين الغربيين المتعاطفين مع محنة الفلسطينيين باعتبارهم ضحايا للقمع الإسرائيلي، نادرا ما دافعوا عن حقهم في الإطاحة بالنظام الاستعماري العنصري الذي أسسته إسرائيل منذ عام 1948.

وهذه القلة المدافعة عن هذا الحق تريد من الفلسطينيين أن يطيحوا بالعنصرية الاستعمارية والقمع بالوسائل "السلمية"، ربما بإلقاء الزهور على الدبابات الإسرائيلية أو كتابة رسائل إلى الأمم المتحدة.

وعلى الأكثر، سعت عبارات التعاطف الغربية إلى تخفيف قمع تعتقد أن الفلسطينيين يجب أن يتحملوه بنبل بدون تهديد إسرائيل بأي شكل من أشكال العنف الانتقامي.

وختم الكاتب مقاله بأنه في اللحظة التي نفذ فيها الفلسطينيون هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول -في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى- اختفى كل التعاطف.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية

رام الله (الاتحاد)

أخبار ذات صلة 16 وفاة وتدمير منازل وآلاف خيام النازحين جراء المنخفض الجوي في غزة لبنان.. الجدار الإسرائيلي يضع «اليونيفيل» أمام اختبار صعب

صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية «الكابينيت»، على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، بعضها بؤر استيطانية قائمة، وأخرى سيتم بناؤها مستقبلاً.
ومن بين المستوطنات التي شملها القرار الجديد، مستوطنتي «غنيم وكيديم»، اللتين تم إخلاؤهما من شمال الضفة الغربية عام 2005، بموجب خطة فك الارتباط عن قطاع غزة وشمال الضفة، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
والمستوطنات التي صودق على إقامتها هي: «إش كودِش، اللنبي، غفعات هرئيل، غنيم، هار بيزك، ياعر إل كيرن، ياتسيف، ييتاف غرب، كديم، كوخاف هشاحر شمال، كيدا، مشعول، ناحال دورون، باني كيدم، ريحانيت، روش هعاين شرق، شالم، طمون». وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، إلى أن من بين المستوطنات التي صودق عليها، مستوطنات قديمة إلى جانب أخرى في مراحل متقدمة من إقامتها.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن تنسيقاً مسبقاً تم بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن المصادقة على هذه المستوطنات، قبل الموافقة في اجتماع «الكابينيت».
وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، أمس، إن «قرار الكابينيت بالمصادقة على إقامة 19 مستوطنة جديدة، بينها مستعمرتان سبق إخلاؤهما، يشكل انتهاكاً مضاعفاً للقانون الدولي، وخرقاً فاضحاً لقرارات الشرعية الدولية وفتاوى الهيئات القضائية الدولية، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن».
وأضاف فتوح في بيان، أن «ما جرى يمثل توسعاً ممنهجاً لبنية استعمارية تحاول فرض وقائع قسرية على الأرض عبر ما يمكن وصفه بسلطة استعمار أمر واقع، وهي سلطة محظورة بموجب قواعد القانون الدولي العام، وبموجب نظام روما الأساسي».

مقالات مشابهة

  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • إسرائيل تصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية
  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • الأمم المتحدة تعتمد قرارًا يلزم “إسرائيل”بإدخال المساعدات وعدم تهجير الفلسطينيين بغزة
  • الاحتلال يعتدي على الفلسطينيين خلال اقتحامه مخيم الأمعري بالضفة الغربية
  • إسرائيل توافق على مطلب أميركي بتحمّل تكاليف إزالة الدمار في غزة
  • تركيا: هدف “نتنياهو” الأساسي هو تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية
  • لوموند: إسرائيل تفرض نظاما غير مسبوق من الإرهاب في الضفة الغربية
  • تفادياً لحرب مباشرة مع إسرائيل.. تقرير أميركي يكشف: هكذا تستغل إيران حزب الله
  • سيناتور أمريكي: ابن سلمان لن يطبع مع إسرائيل دون ثمن للفلسطينيين