د. عبدالله باحجاج

عندما نُعمل التَّفكير في كيفية الرد على المجازر النازية للكيان الصهيوني بمُشاركة غربية واسعة- مُمثلة هنا بحلف الناتو- ونخص بالذكر الأربعة الكبار هم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، فإننا ينبغي أن نلفت الانتباه إلى أنَّ جرائمهم المُستمرة حتى الآن، ستؤسس لوقائع مُستدامة مُتعددة داخل فلسطين المحتلة وخارجها معًا.

. وقائع سياسية وأمنية وبشرية وسيكولوجية وجيوسياسية، وبالتالي يستوجب التفكير من رحم مُعاناة المجازر والتدمير الجنوني التفكير من الآن في أدوات لمواجهة هذه الجرائم واستمراريتها من جهة، وجعلها مستدامة لمواجهة استدامة تداعيات جرائمهم التي تستخدم فيها أسلحة مُحرمة دوليًا- بما فيها الفوسفور الأبيض الحارق والقاتل- وقد مُنح الكيان الصهيوني الرخصة الكاملة والمفتوحة في استخدام أي وسيلة للقتل عن بعد.

لذلك تُصنَّف تلكم الدول كالفاعل في الجرائم؛ حيث لم تكتف بالمُساهمة بالمال والعتاد البشري والعسكري والدعم السياسي، وبعضها كواشنطن قد أرسلت عناصر من نخبتها العسكرية "المارينز" تقاتل مع العدو على الأرض، والمُفارقة هنا أنَّ هذه الدول لم تكتف لوحدها بالوقوف مع الصهاينة، وإنما كذلك شركاتها الكبرى التي تبرعت بالأموال والغذاء وبصورة علانية تستفز وتُثير غضب المسلمين في العالم، وهي هنا تنحاز للكيان، ونحملها معه في مسؤولية مجازره النازية.

لن نطالب هنا بما هو مستحيل لا يتناغم مع الواقع السياسي العربي وخلفياته الدولية، وإنما بالممكن، وهو تطوير سلاح المقاطعة الشعبية الراهنة، بحيث تكون مؤسسية مستقلة ومستدامة وممهنجة- أي وضع خطة مرسومة وثابتة للمقاطعة- فحركات المقاطعة الشعبية الراهنة رغم تأثيراتها الآن، تحتاج إلى تنظيم وتعبئة عبر إقامة مؤسسات شعبية داخل الدول التي تفتقر لمثل هذه المؤسسات، وذلك لمقاطعة بضائع تلكم الدول وشركاتها بحيث تعبر عن إرادة الشعوب، لا عن أنظمة الدول التي فيها، لأنَّ الأنظمة تتعرض الآن لضغوط أمريكية قوية لمنع المساعدات لغزة، وتعمل على إصدار قوائم لمقاطعة الأفراد داخل كل دولة.

كلنا نعلم حجم سوق تلكم الدول وشركاتها في المنطقة العربية والخليجية على وجه الخصوص، لذلك المقاطعة كما يقال السلاح الأسهل، لكنه الأقوى تأثيرًا في ظل عدم مقدرة الأنظمة خوض حرب أو اتخاذ موقف رادع، كما إنها- أي هذه الأنظمة- لن تتمكن من مقاومة الضغوط الأمريكية والغربية عامة، لذلك تترك الشعوب تعبر عن موقفها ما دام سلميًا، والمقاطعة هي كذلك، وهي موقف سياسي، كما يُصنَّف بالمفهوم الغربي، ويتم تطبيقه على الدول والأفراد الجماعات، فلنتعامل معها بنفس فكرها وثقافتها.

هذه المقاطعة وفق تطبيقاتها الشعبية الاختيارية الراهنة في الكويت مثلًا، تفتح لنا آفاق تأسيس الرد الممنهج على الجرائم بصورة مستدامة، ووفق الأساليب السلمية، وسيكون من شأنها تجنب تفكير الشعوب في الرد غير السلمي الذي قد تجنح إليه العواطف إذا لم يكن هناك عمل فاعل للرد كالمقاطعة الشعبية الممنهجة والمؤسسية؛ فمجازر الأعداء تنتج عنفًا وإرهابًا منفلتًا إقليميًا ودوليًا نتيجةً لدموية المجازر النازية لأطفال غزة، وقد ارتفع عدد الشهداء من الأطفال إلى قرابة 3 شهيد، إلى جانب عشرات الآلاف من الجرحى ضمن حصيلة شهداء بلغت أكثر من 8 آلالاف شهيد.

وفي إحدى تغريداتنا المنشورة على حساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان "دول الكذب.. لا تؤتمن"، طالبنا قمة الوعي السياسي الخليجي الحذر من مآلات كذب واشنطن ولندن وباريس وبرلين، فمن رؤسائها مرورًا باستخباراتها وأخيرًا إعلامها يكذبون منذ مئات السنين، وقد جاءت مجازر غزة لتكشف كذبهم المتجذر في وضح النهار، واستشرفنا في هذه التغريدة مستقبل قوة الأنظمة في الخليج عندما يطالها كذبهم المُعوْلَم، وطالبنا بالحفاظ على قوتهم الشعبية والفكرية، وعدم المساس بها، واعتبرنا أنَّ المساس بها سيكون من مستهدفات دول الكذب وضغوطهم على الأنظمة في الخليج؛ فالحذر الحذر من استعداء الشعوب، وجعل الأنظمة دون غطاء شعبي.

ومن الذكاء السياسي استيعاب الأنظمة لجموح شعوبها الغاضب من المجازر الإنسانية في غزة التي لن تُسقط مسؤولية تلكم الدول عنها أبدًا، لذلك على الدول العربية المسلمة التسليم بحق الشعوب في تبني خيارات ناعمة ذات تأثير خشن ومؤلم على تلكم الدول، دون أن تكون أنظمتها طرفًا فيها، لدواعي المستحيلات التي أشرنا إلى بعضها سابقًا.

بصرف النظر عنها- أي المستحيلات- فإن ميكانزمات العلاقة البنيوية بين رجال الأعمال في كل دولة، والقرارات الحكومية تحول بدورها دون المطالبة بقيادة الحكومات للمقاطعة، والكويت حالة استثنائية هنا، فرجال الأعمال في الحكومات، لن يضروا مصالحهم بهكذا قرارات، لذلك لا نطالب الحكومات بالمقاطعة، وإنما عدم الوقوف ضدها، واعتبارها كخيارات مجتمعية واعية ومسلم بها، لأن المجتمعات جزء أصيل من أركان الدول، وبالتالي ينبغي أن يكون هذا الركن متناغمًا مع بقية أركانه الأساسية، وما أحوجنا الآن إلى تطوير وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وشموليتها، وتحديث قوانينها.

وعندما نرسم مُحددات للمقاطعة الشعبية المستدامة، الممنهجة والمؤسسية، وذلك حتى تؤتي المقاطعة نتائجها المؤثرة سريعًا، وننتقل من المقاطعة العفوية والعاطفية والانتقائية رغم أنها مؤثرة الآن، بدليل ما أحدثته مقاطعة بعض المنتجات لمدة عشرة أيام فقط، فقد أدت بشركات كبيرة إلى التنصل عن مواقف فروعها التي وقفت مع الكيان المحتل، وتقديم الدعم المالي لغزة، وحجم هذا التأثير وتوسيعه وديمومته، هو المستهدف من المقاطعة الشعبية الممنهجة والمؤسسية؛ فالمجتمعات تحتاج إلى توجيهات وخارطة طريق للمقاطعة، لذلك لا بُد من وجود داخل هذه الكيانات أطر وكوادر متخصصة في كل القطاعات والمجالات، وعلى إلمام شامل ببعدها العالمي والسياسي والقانوني والتقني.

مثلًا نحتاج لأطباء متطوعين؛ فهناك شركات للأدوية كبرى أعلنت بعضها دعمها للكيان، مما قد يثير قضية البديل عن أدويتها من حيث الجودة والفاعلية، ومن ثم هل ينبغي أن تقاطع أم لا؟ كما نحتاج لخبرات على معرفة سياسية بالدول والشركات التي دعمت الكيان، ويستوجب مقاطعتها، وكذلك معرفتهم بطرق ووسائل تغلغل البضائع الصهيونية داخل منطقتنا العربية والخليجية سواء المباشرة أو عن طريق طرف آخر.. إلخ.

لن تتحمل الدول وشركاتها طويلًا مثل هذه المقاطعة، فقد رأينا نتائج مقاطعتها لعشرة أيام فقط وبالطريقة غير الممنهجة والمؤسسية وعلى يقين أن هذه المقاطعة ستنجح، وأنها ستؤثر على قوى الظلم واستباحة الدماء البريئة، وستنحني أمام ارادات الشعوب، لأن تأثير المقاطعات سيكون مؤلما على اقتصادياتها التي تشهد بصورة دائمة أزمات مالية واقتصادية نتيجة الصراعات والحروب والتوترات الجيوسياسية.

في المقابل ستنهض المقاطعة باقتصاديات أخرى منافسة للغرب كالصين وموسكو.. مما يفتح هنا الباب أمام تنافس عالمي على المنطقة الإسلامية العربية الخليجية، وسيكون لها إرادتها في فرض أجندتها، وحمل الدول الكبرى على عقلنة مواقفها، وستحسب شركاتها الكبرى حسابات عميقة قبل اتخاذ مواقف انحيازية، ولو كانت واشنطن ولندن وباريس وبرلين تعلم أن مشاركتها المباشرة والعلنية في العدوان على غزة سيكون له تداعيات كبرى على اقتصادياتها، فلن تكون مشاركتها بهذا الاستفزاز المنتج للعنف المضاد.

من هنا ندعو الفعاليات الاجتماعية في كل دولة إلى العمل على تبني خيار المقاطعة الممنهجة والمؤسسية المستدامة فورًا، وهو أقل الأدوار وأنجعها في التأثير على الدول والشركات المُلطّخة أياديها بدماء المجازر في غزة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كرة القدم كيف يمكن أن تكون بهجة الشعوب وجوهرة الفنون؟!

يسرف كثيرون مساحات شاسعة من أوقاتهم في محاولات واهية لإقناع عشّاق كرة القدم بأنها ملهاة للشعوب ومضيعة للوقت، وأنها في أفضل أحوالها تستحيل قوة كاسحة لحرف المسار عن القضايا المهمة لصالح فرجة ومتعة ومنافسة لا طائل منها سوى تبديد الزمن.

لكن في حقيقة الأمر، لا يدرك هؤلاء الجاهلون حقاً في فلسفة كرة القدم وجوهرها الناصع البليغ، أنها كانت عبر تاريخها المشغول على سنّارة اللهفة بمثابة فسحة مترفة بصوغ الإلهام العالي، عند كثير من الفنانين والأدباء العرب والعالميين. ليس ذاك إنجازها الوحيد، فقد تخطّته على أرض الواقع بأشواط، لتسبك فرح الجماهير وتحقق ما عجزت عنه السياسة وأهلها!

المسألة قد تحتاج إلى اللعب بعقارب ساعة الزمن للعودة نحو الوراء، وتحديداً إلى عام 1986 عندما انتهت بطولة كأس العالم الخالدة آنذاك. انزوى الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش إلى طاولته بعدما غلبه الملل وسَيَّج يومياته الحزن، وكتب مقالاً طويلاً يصف فيه نجم تلك البطولة اللاعب الأسطوري دييغو مارادونا.

استهله: "لمن سنرفع صراخ الحماسة والمتعة ودبابيس الدم، بعدما وجدنا فيه بطلنا المنشود، وأجج فينا عطش الحاجة إلى: بطل.. بطل نصفق له، ندعو له بالنصر، نعلّق له تميمة، ونخاف عليه وعلى أملنا فيه من الانكسار؟ الفرد، الفرد ليس بدعة في التاريخ. يا مارادونا، يا مارادونا، ماذا فعلت بالساعة.. ماذا صنعت بالمواعيد؟".

بتلك الهيئة المسبوكة ببراعة أدبية لا تحتاج شهادة أحد، صاغ درويش حالة أدبية رفيعة مستمدة من كرة القدم، كونها منبعاً حقيقياً للدراما، باعتبارها صراعاً حراً ونزيهاً وعفوياً على مسرح تتلقفه ملايين الأبصار.

الشاعر الراحل محمود درويش تغنى بإبداعات الأسطورة الأرجنتيني مارادونا خلال كأس العالم 1986 (مواقع التواصل)

فكيف إذا كان يتسيّده لاعب استثنائي، مثل النجم الأرجنتيني الشهير الذي أنجزت عنه السينما العالمية فيلمين وثائقيين عظيمين: الأول صوّر سنة 2009 للصربي أمير كوستريتسا بعنوان "مارادونا"، والثاني "دييغو مارادونا" أنجز سنة 2019 لآصف كاباديا، الذي يفتح فيه أرشيف مارادونا في الفترة التي لعب لصالح نادي نابولي الإيطالي، ويعرض فيه لقطات عرضت لأوّل مرة في تاريخ ساحر الكرة الأرجنتينية.

إعلان

المخرج البريطاني ذو الأصل الهندي سبق أن أتحف جمهوره بعملين وثائقيين عن شخصيتين مميزتين: الأولى، سائق الفورمولا وان البرازيلي إيرتون سينا، الذي قضى في حادث في الرابعة والثلاثين من عمره، والثانية، المغنية البريطانية إيمي واينهاوس التي رحلت فجأة في السابعة والعشرين.

وقد رفض كاباديا إخراج الفيلم عندما عُرض عليه، لكنه عاد ليوافق علماً بأن مدير أعمال مارادونا كان قد استأجر له مصوّرَين مطلع الثمانينات، يصورانه كيفما تحرك، وجمع 500 ساعة مسجلة من حياته، قدّمت للمخرج البريطاني الذي اختار منها شريطاً أيقونياً، استعان فيه بصوت مارادونا نفسه كمعلق صوتي!

ولن تنحرف البوصلة باتجاه أقل شأناً لو ابتعدنا قليلاً عن محمود درويش، بل على العكس، لأن أديب مرموق بحجم الراحل نجيب محفوظ قد نوّه مرات عدة بأنه لو لم يكن كاتباً، لكان لاعب كرة قدم.

عالمياً، السماء تعجّ بنجوم أدب وفن استلهموا وتغزّلوا بكرة القدم وحكوا عن عمق دورها في رحلاتهم. أبرز هؤلاء كان الفيلسوف والروائي الفرنسي ألبير كامو الذي لعب الكرة وولف بينها وبين الأدب، وكتب: "بعد سنوات طويلة، أتاح لي فيها هذا العالم خوض تجارب عديدة، توصلتُ إلى قناعة مفادها -حسبما عشت- أن ما أعرفه عن الأخلاق وواجبات الرجال، مدين بكلّه لكرة القدم".

الفيلسوف والروائي الفرنسي ألبير كامو لعب الكرة ومزج بينها وبين الأدب (مواقع التواصل)

في حين يصف الروائي التشيكي ميلان كونديرا لاعبي كرة القدم بطريقة لمّاعة وخاصة، إذ يقول: "لاعبو كرة القدم نفس جمال وتراجيديا الفراشات، فتلك تطير عالياً بمنتهى البهاء، من دون أن يتاح لها الاستمتاع أو الإعجاب بجمال طيرانها". ليس صاحب "خفة الكائن التي لا تحتمل" وحده من تشغفه كرة القدم، إنما تلك ليست سوى نماذج لعلاقة مبدعي الأدب بكرة القدم.

في حين عقّب أدباء وكتّاب ومثقفون وفنانون وشعراء على المطرح الذي ألهمتهم فيه كرة القدم، وأفادتهم بشكل أو بآخر في نتاجهم الأدبي الذي صار مرجعياً في العالم. ومن هؤلاء: أمبرتو إيكو وباولو كويلو وخوسيه ساراماغو ويفتوشينكو ومعروف الرصافي وآخرون.

أما في الحياة، فقد تجاوزت النتائج كل الصور الشعرية والمنطق الرومانسي الحالم، وتمكّنت "لعبة الفقراء" من إنجاز إذهال ينسب إلى أسطورة الكرة البرازيلي بيليه -بحسب مجلة "التايم" الأميركية والسيرة الذاتية للنجم الأسمر- عندما أحرز هدنة في حرب الانفصال النيجيرية سنة 1967 الدامية التي أرخت في ظروف إنسانية ساحقة ومجاعات عارمة. يومها، زار بيليه البلاد ولعب مع ناديه "سانتوس" ضد فرق محلية في البلد المنكوب.

أسطورة الكرة البرازيلية بيليه ساهم في الوصول إلى هدنة في حرب الانفصال النيجيرية سنة 1967 (مواقغ التواصل)

وفي القارة السمراء، وجّه ديدييه دروغبا، لاعب منتخب ساحل العاج وأسطورة نادي "تشلسي" لكرة القدم، نداءً إلى شعبه عقب تأهل بلاده إلى كأس العالم عام 2006 لإنهاء الحرب الأهلية التي استمرت خمس سنوات. وفعلا، انتهت الحرب بعد ذلك النداء بستة أشهر.

هي إذاً، أشرف الحروب بحسب شاعر الأرض الراحل، لكنّها وفقاً للقصص الحياتية الملهمة فإنها بريق السلام، ومساحة الخصب الأكيدة، والراية التي يجتمع حولها الجميع علّها تعلو كبارقة حلم تطوّق العنف وتبددّه.

إعلان

مقالات مشابهة

  • تريند البنات: هل المزيكا الشعبية أصبحت ضيفًا دائمًا في السهرات الراقية؟
  • المال يحكم العالم
  • وفد حزب الشعوب يثمن دور نيجيرفان بارزاني بإنجاح عملية السلام في تركيا (صور)
  • رحيل المخرج المصري سامح عبد العزيز.. صاحب البصمة الشعبية في السينما والدراما
  • شر البلية ما يضحك.. المنصات تتفاعل مع الرسوم التي فرضها ترامب على العراق
  • كرة القدم كيف يمكن أن تكون بهجة الشعوب وجوهرة الفنون؟!
  • الفاشر تكتوي بنيران القصف المدفعي.. مجددا
  • صورة ضوئية لرخصة بطاقة المقاومة الشعبية للقمص بطرس الجبلاوي
  • دولتان عربيتان ضمنها.. تقرير قد يصدمك عن هجرة المليونيرات وأبرز الدول التي تجذبهم
  • محلل سياسي: بقاء الحوثيين مرهون بمخططات الدول التي تسعى لتمزيق اليمن والسيطرة عليه