قال محللون وباحثون إن الأنظمة الرسمية العربية ليس مطلوبا منها إرسال جيوش لتحارب في قطاع غزة، بل المطلوب منهم اتخاذ موقف عربي موحد لإنقاذ السكان من المأساة الإنسانية المتعلقة بحصار وقتل شعب أعزل.

وأرجع هؤلاء -في حديثهم ضمن الجلسة التحليلية على قناة الجزيرة "غزة.. ماذا بعد؟- ما أسموه تخاذل الموقف الرسمي العربي في نصرة الفلسطينيين الذين يقتلهم الاحتلال في القطاع المحاصر- إلى ارتباط معظم الأنظمة الحاكمة بالقوى المهيمنة وخاصة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل.

ولم يتفاجأ أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور خليل العناني -كما قال- بالموقف الرسمي العربي إزاء المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق أهل غزة، لأن النظام العربي تفسخ وانتهى منذ 30 عاما، وبالتالي لا يمكن الحديث عن موقف عربي موحد.

وقال العناني إن أحد الأسباب التي جعلت إسرائيل تستبيح الدماء الفلسطينية في غزة مرتبط بقناعتها إلى حد بعيد بعدم وجود رد فعل عربي مناسب للفعل الإسرائيلي.

وبينما أشار إلى وجود "لا موقف عربيا" قسّم العناني المواقف العربية إلى التالي: مواقف تتماهى مع الموقف الإسرائيلي في إلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، ومواقف تحاول الضغط باتجاه تحقيق هدنة إنسانية، ومواقف أخرى خارج الخدمة ولا صوت لها إزاء ما يحدث في غزة.

ومن جانبه ثمّن الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي دور الشعوب العربية التي قال إنها أظهرت جميعها دعمها للفلسطينيين، لكنه تأسف لكون هذه المواقف الشعبية لم تنعكس بشكل ملموس في قرارات الحكومات.

ولا يدعو البرغوثي الجيوش العربية للذهاب إلى غزة لمحاربة الاحتلال، لكنه -كما يؤكد- يدعو الأنظمة العربية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات ومن المواقف الملموسة والمؤثرة لدعم أهل غزة، وأبرزها إلغاء كل أشكال التطبيع مع إسرائيل وطرد سفرائها من الدول التي طبعت معها، بالإضافة إلى استخدام ورقة النفط للضغط على تل أبيب والحلفاء الذين يدعمونها.

واقترح البرغوثي تنظيم قافلة إنسانية بمشاركة جهات دولية ترسل إلى غزة من أجل فك الحصار، ومساعدة الناس التي تقتل وتحرم من الأكل والماء والدواء.

كما طالب بقمة عربية لاتخاذ إجراءات عملية وملموسة تشعر إسرائيل وحلفاءها بالضغط وبأن ما تقوم به بحق الفلسطينيين في غزة له ثمن، محذرا الدول العربية من أن مطامع تل أبيب لا تتوقف عند فلسطين بل تمتد إلى مصر والأردن وسوريا والعراق وحتى السعودية، واستشهد في هذا السياق بالمثل القائل " أكلت يوم أكل الثور الأبيض".

أنظمة وظيفية

وفي نفس السياق، رأى الباحث والمحلل السياسي الدكتور صلاح القادري أن الأنظمة العربية الرسمية يمكنها الضغط على إسرائيل وحلفائها من خلال ورقة النفط والمقاطعة الاقتصادية، لكنه أعرب عن تشاؤمه بشأن قدرة هذه الأنظمة على التحرك بهذا الاتجاه.

وأرجع القادري سبب تخاذل الأنظمة العربية في نصرة الفلسطينيين إلى كون معظم هذه الأنظمة "وظيفية" خاضعة وتابعة للقوة المهيمنة في العالم.

واتهم بعض الأنظمة بأنها تتاجر بالقضية الفلسطينية، قائلا إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على سبيل المثال رفض تهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية لكنه لم يرفض تهجيرهم إلى صحراء النقب.

غير أن الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية رد على القادري بالقول إن أهل غزة لو تم تهجيرهم إلى النقب فسيكون ذلك تحقيقا لحق العودة الذي هو هدف كل فلسطيني، وأثنى في ذات السياق على موقف مصر من رفض التهجير إلى سيناء، قائلا إنه لولا الموقف المصري "الثابت والصلب" في رفض التهجير لنجح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مخططه.

ومن جهة أخرى، تطرق المحللون والباحثون إلى مواقف تركيا وإيران من المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق الغزاويين، ونوّه أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية العناني إلى الخطاب القوي الذي ألقاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي أكدد فيه أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ليست منظمة إرهابية، في حين أن المسؤولين العرب الذين استقبلوا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم ينفوا أن حماس منظمة إرهابية.

وأشار الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية البرغوثي إلى وجود صراع إقليمي تنافسي بين تركيا وإيران وإسرائيل، دون وجود أي دور للعرب على الأقل في حماية مصالح شعوبهم، كما قال.

وكما ينصح الفلسطينيين بعدم التعويل على "الأنظمة الوظيفية" ينصح الباحث والمحلل السياسي القادري بعدم التعويل أيضا على تركيا وإيران.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

مصر وعدد من الدول العربية يؤكدون على الدور المحوري لـ"الأونروا"

يؤكد وزراء خارجية كلٍّ من جمهورية مصر العربية، المملكة الأردنية الهاشمية، الإمارات العربية المتحدة، جمهورية إندونيسيا، جمهورية باكستان الإسلامية، جمهورية تركيا، المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، على الدور الذي لا غنى عنه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين ورعاية شؤونهم. 

فعلى مدار عقود، قامت الأونروا بتنفيذ ولاية فريدة من نوعها أوكلها لها المجتمع الدولي، تُعنى بحماية اللاجئين وتقديم خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والمساعدة الطارئة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٣٠٢ لعام ١٩٤٩.

ويعكس اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار تجديد ولاية الأونروا لمدة ثلاث سنوات إضافية، الثقة الدولية في الدور الحيوي الذي تؤديه الوكالة واستمرارية عملياتها.

ويدين الوزراء اقتحام القوات الإسرائيلية لمقر وكالة الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، لما يمثله هذا الاعتداء من انتهاك صارخ للقانون الدولي وحرمة مقار الأمم المتحدة، وهو ما يعد تصعيداً غير مقبول، ويخالف الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٥، الذي ينص بوضوح على التزام إسرائيل كقوة احتلال بعدم عرقلة عمليات الأونروا، بل على العكس من ذلك، تسهيلها.

وعلى ضوء الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في قطاع غزة، يؤكد الوزراء على الدور الأساسي الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات الإنسانية عبر شبكة مراكز التوزيع التابعة لها، بما يضمن وصول الغذاء والمواد الإغاثية والمستلزمات الأساسية إلى مستحقيها بعدالة وكفاءة، وبما يتسق مع قرار مجلس الأمن رقم ٢٨٠٣.

 كما تُعد مدارس الأونروا ومرافقها الصحية شريان حياة لمجتمع اللاجئين في غزة، حيث تواصل دعم التعليم وتوفير خدمات الرعاية الصحية الأساسية رغم الظروف شديدة الصعوبة، وهو ما يدعم تنفيذ خطة الرئيس "ترامب" على الأرض وتمكين الفلسطينيين من البقاء على أرضهم وبناء وطنهم.

ويؤكد الوزراء على أن دور الأونروا غير قابل للاستبدال، إذ لا توجد أي جهة أخرى تمتلك البنية التحتية والخبرة والانتشار الميداني اللازم لتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين أو لضمان استمرارية تقديم الخدمات على النطاق المطلوب، وأي إضعاف لقدرة الوكالة سيترتب عليه تداعيات إنسانية واجتماعية وسياسية خطيرة على مستوى المنطقة بأسرها. وعليه، يدعو الوزراء المجتمع الدولي إلى ضمان توفير التمويل الكافي والمستدام لها، ومنحها المساحة السياسية والعملياتية اللازمة لمواصلة عملها الحيوي في كافة مناطق عملياتها الخمسة. 

إن دعم الأونروا يمثل ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار وصون الكرامة الإنسانية وضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لقضيتهم وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يبحث مع رئيس الوزراء الإماراتي أزمات الدول العربية
  • محللون: ميليشيات أبو شباب تتحول إلى “عبء أمني” على الاحتلال
  • إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية بحمولة 6 ملايين طن.. لهذه الأسباب
  • هل تنفذ إسرائيل تهديداتها ضد لبنان؟.. محللون يجيبون
  • المرأة العربية تعقد ورشة عمل إقليمية لمناقشة تطوير قوانين الأسرة
  • مصر وعدد من الدول العربية يؤكدون على الدور المحوري لـ"الأونروا"
  • كريم بنزيمة: لهذه الأسباب يعاني ريال مدريد تحت قيادة تشافي ألونسو
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • الذهب والنفط يتراجعان لهذه الأسباب