مصر دولة ذات ريادة وتفوق وتميز فى صناعة التعهيد وللأسف مازال البعض يعتقد أن صناعة التعهيد كول سنتر وبس رغم أنها فى حقيقة الأمر صناعة عالمية وتجارة وفن وتحقق دخلًا وأرباحا مذهلة
وتعتمد صناعة التعهيد بالأساس على الاستعانة بموارد ومصادر خارجية من خلال تفويض أو إسناد بعض أنشطة وعمليات المؤسسة إلى مؤسسات خارجية من مقدمى الخدمات المتخصصين (المتعهدين) فى أداء تلك العمليات بكفاءة وطبعا لابد أن تكون التكلفة والجودة تنافسية ومتفق عليها فى علاقة تعاقدية بين الطرفين.
وتعد صناعة خدمات التعهيد من الصناعات العالمية العابرة للحدود وكذلك هى من الصناعات العالمية القائمة بذاتها، بمعنى أنها تحقق أرباحًا طائلة للدول المُقدمة والرائدة فى هذه الصناعة وتساهم فى نموها الاقتصادى ودخلها القومى من العملة الصعبة عوضا عن توسيع قاعدة الخبرة التكنولوجية والمعرفية لهذه البلاد
ولكى تتضح الصورة ونعرف أهمية هذه الصناعة نشير هنا إلى نموذج مهم جدا فى هذا المجال فمثلا الهند لديها 130 مليار دولار عائد سنوى و3 مليون موظف بسوق العمل فى صناعة خدمات التعهيد العابرة للحدود.
تخيل معى هذه الأرقام لتعلم أن الدخل من هذه الصناعة كيف يمكن أن يتعاظم سنويا وكيف يمكن أن يخلق ملايين الوظائف وهنا لابد أن نؤكد أن مصر تتمتع بكل المؤهلات والمزايا التنافسية التى جعلتها أحد أهم المواقع الرائدة عالميا فى مجال التعهيد ومقصدا جاذبًا لتقديم الخدمات العابرة للحدود وعلى رأس هذه المزايا وفرة المهارات ووجود عدد كبير جدا من الخريجين سنويًا يتخطى 600 ألف خريج، كذلك ميزة الموقع الجغرافى المتميز لعمليات أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، بالإضافة إلى مهارات اتقان اللغة الإنجليزية وغيرها لأن هذه الصناعة يمكن أن تعتمد على أكثر من 20 لغة حية كما أن مصر زاخرة عريضة بالكفاءات التقنية والمهندسين المتميزين
والدليل على ذلك المكانة المرموقة التى اكتسبتها مصر عالميا فى هذه الصناعة حيث تأتى فى المرتبة الأولى بأفريقيا والمرتبة 23 عالميا، طبقا لمؤشر «كيرني» عام 2023 ومع التطور التكنولوجى المذهل اتخذت عقود التعهيد اتجاهًا متناميًا فى أنشطة معينة من بينها نشاط خدمات العملاء ومراكز الاتصال لتقديم خدمات للعملاء عبر وسائل الاتصالات المختلفة وعبر الهاتف وتعتمد هذه الخدمات بالأساس على مهارات الاتصال والمهارات الشخصية والمهارات اللغوية وهى تأتى فى أول سلم فى سلسلة القيمة المضافة، ويزداد دخل الفرد فى هذه الوظائف حسب المهارات ويمكن للشاب الصغير أو الطالب أن يعمل بهذه الوظيفة براتب شهرى كبير جدا إذا كان يجيد مهارات التحدث بلغات مثل الالمانية أو غيرها من اللغات النادرة وكلما ازدادت قدرته على التحدث بطلاقة ازداد دخله الشهرى.
ثم تأتى بعد ذلك خدمات الأنشطة المؤسسية مثل العمليات المحاسبية والمالية وإدارة الموارد البشرية وإدارة سلاسل التوريد، وغيرها من العمليات المؤسسيةالداعمة، وهذه النوعية من الخدمات تصنف أيضا ضمن خدمات تعهيد أو الخدمات المشتركة ولا تستلزم الرد على المكالمات أو لبس السماعة والذى يزعج البعض من الشباب. ولدى مصر أيضا العديد من المزايا التنافسية فى هذا الشأن لما تتمتع به من وفرة الخريجين من الكليات ذات الصلة مثل كلية التجارة والحقوق وغيرها.
وللحديث بقية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ع الطاير مصر الصناعات العالمية هذه الصناعة
إقرأ أيضاً:
صناعة الاقتصاد في ولاية صور
محمد بن عيسى البلوشي
حجم ونوعية التغيير في مشهد "الاقتصاد التجاري" بولاية صور طوال العقود الأربعة الماضية، ألقى بظلاله على مستوى هذه الصناعة التي أضحت مهددة بسبب الحالة الاقتصادية التي تمر بها، فمن محال ومعارض وحركة تجارية كبيرة ونشطة في سوق صور القديم والمناطق المحاذية والقريبة منه كحارة الطينة وجبل العيد وما جاورها، إلى غياب الهوية الاقتصادية والتجارية للولاية.. فيا ترى ما هي الأسباب؟!
ويبدو أنَّ أسباب هذا التشويه الاقتصادي كان تراكميًا لسنوات ولقرارات متعددة، ولم تستطع الجهات المعنية سابقًا إدراك نتائج توزيعات صكوك "السكني/ التجاري" إلا بعد أن انتشرت المحلات التجارية في جميع الطرقات الرئيسية والفرعية في ولاية صور، وهذا ما رفع "التضخم" في عدد المعروض وجعل السوق غير منظم.
وإذا ما تبحرنا إلى الآثار الجانبية لهذا الانتشار للمحلات التجارية بين الطرقات الرئيسية والفرعية، فسنجد أن هناك تضخمًا في عدد المعروض من المعارض والمحلات التجارية، وعدم اتساق في نوعية الأنشطة التجارية الممارسة (أنشطة كبيرة/ أنشطة متوسطة/ أنشطة صغيرة)، إلى جانب غياب التنظيم التجاري الذي يعكس الهوية التجارية للولاية.
ويمكننا أن نوجز هنا بعضًا من الفرص والحلول بهدف إعادة الحياة إلى تلك المشاريع العقارية والتجارية التي استثمر فيها المواطنون والمستثمرون والتجار مبالغ مالية كبيرة لو تم تجميعها بلغة اقتصادية، وتتمثل تلك التوصيات في الآتي:
أولًا: صناعة واجهة تجارية رئيسية بولاية صور تبدأ من بداية منطقة "صناعية صور" المعروفة لدى أبناء الولاية وصولًا إلى إشارات المرور بمنطقة السوق التجاري مرورًا بمنطقة حارة الكهرباء "النور" والمنطقة المحاذية لمكتب الإسكان وجبل العيد المقابلة لمسجد بهوان وحارة الطينة من ناحية الشارع العام، وصولًا إلى نادي صور وباتجاه سوق صور القديم، وأيضًا في المناطق المحاذية لهذا الخط الرئيسي بالولاية في طريق العودة إلى نفس الاتجاه.
ثانيًا: تحسين الواجهة الرئيسية السابقة الذكر من خلال إيجاد هوية اقتصادية تتناسب ونوعية المشاريع التجارية المستقطبة (مشاريع كبيرة/ مشاريع متوسطة/ مشاريع صغيرة نوعية) وإعادة هيكلة توزيع المشاريع، بحيث تتناسب مع الهوية البصرية، وذلك بهدف البعد عن التشويه الاقتصادي الذي قد يسببه وجود نشاط غسيل السيارات مع نشاط أغذية ونشاط حلاقة رجالي ونشاط صالون نسائي ونشاط صحي في نفس المبنى والموقع.
ثالثًا: رفع كفاءة الواجهة التجارية والاقتصادية الرئيسية بالولاية من خلال إيجاد مواقف للسيارات تتناسب مع الحركة التجارية والاقتصادية، وأيضًا تحسين البنية الأساسية من حيث صرف مياه الأمطار وإيجاد المخارج والمداخل المناسبة، فليس من المعقول أن يتواجد عدد من المشاريع المصرفية في حارة الطينة على الشارع العام، إضافة إلى مشاريع تجارية وخدمية واقتصادية ولا توجد لها مواقف كافية تتناسب مع تدفق أصحاب المصلحة للحصول على الخدمة، وتتوقف الحركة في المنطقة بسبب تجمع مياه الأمطار.. فأين التخطيط والحل؟!
رابعًا: رسم استراتيجية إعادة توزيع المشاريع التجارية بحيث تبقى بعض الأنشطة الثانوية في الطرقات الداخلية، ويقتصر تواجد المشاريع الاقتصادية الكبيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة والمتوسطة وبعض المشاريع الصغيرة المختارة في الخط الرئيسي؛ وذلك بهدف إيجاد هوية اقتصادية وتجارية تمكن من إنجاح المشاريع واستدامتها.
خامسًا: إحياء سوق صور التجاري القديم بأنشطة نوعية وتشجيع بيئة الأعمال بفتح أنشطة صغيرة ومتوسطة تتناسب مع رسالة وهوية السوق، إلى جانب ابتكار أفكار الأسواق التقليدية والشعبية والحرفية والزراعية لإعادة إحياء تلك الأمكنة، وإعادة تسمية إحدى المسارات كحي شركات السفر والسياحة أو سوق الذهب والصناعات التقليدية، بحيث تكون هناك هوية اقتصادية تمكن التجار من إقامة مشاريعهم التجارية ويسهم ذلك في إنجاح المشاريع، كحال "سوق الحريم" على سبيل المثال والذي يعطي انطباعًا بوجود كل المستلزمات التي تحتاجها المرأة، وتكون بذلك وجهة تجارية واقتصادية وسياحية.
سادسًا: إيجاد فريق مختص يعني بشؤون تنظيم الأعمال والأسواق ويعكف على وضع الحلول لمتطلبات أصحاب العقارات التجارية والاقتصادية وتذليل كافة التحديات التي يواجهها قطاع الأعمال التجارية والاقتصادية، ومنها - على سبيل الذكر لا الحصر - معاناة أصحاب العقارات في منطقة الطينة والتي تمتد لأكثر من خمس سنوات دون حل رغم كل المحاولات مع مكتب المحافظ والبلدية.
إنَّ إحياء القطاع التجاري بولاية صور بصناعة واجهة تجارية رئيسية وإنعاش سوق صور التجاري، أصبح ضرورة مُلحَّة، خصوصًا في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها الاقتصادات، وأيضًا لتطلعات الحكومة نحو تعزيز اقتصاد المحافظات ضمن رؤيتها الوطنية نحو "عُمان 2040"، كما نتطلع إلى تعظيم العائد الاقتصادي من كل الفرص الاستثمارية والاقتصادية المتاحة وإنشاء مسارات متجددة للتعامل مع تحديات هذه الصناعة.
** مستشار إعلامي مختص في الشأن الاقتصادي
رابط مختصر