لجريدة عمان:
2025-05-09@11:31:05 GMT

إسرائيل ومأزق فائض القوة في غزة!

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

ما تفعله إسرائيل اليوم بالمدنيين العزل في غزة من قتل غير مبرر وغير مسبوق في بربريته هو منطق لا يعبر عن أي قوة حقيقية، فأي منطق أصلًا يبرر لقوة هائلة، كالقوة التي يتوفر عليها الجيش الإسرائيلي قتل المدنيين العزل، وخصوصا النساء والأطفال؟

لكن في الحقيقة سنجد أن هذا المنطق الأعمى في الاستخدام الهائل للقوة المفرطة يخفي وراءه أسبابا ظاهرة من الخوف والهلع الذي تمر به إسرائيل من جراء أحداث 7 أكتوبر التي كانت عملا استثنائيا أعاد الكثير من الهواجس الوجودية لإسرائيل وذكر شعبها بحالات ضعف للكينونة طالما صحبته في فترات سابقة.

تتوهم إسرائيل أنها ستقضي على حماس، في الوقت الذي فيه أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي خبرت معنى الصراع مع حماس وتأكد لها بما لا يدع مجالا للشك أنها كلما قضت على قادة حماس في جولة من جولات الحرب واجهت جيلا أشد شراسة من الجيل السابق، بدليل ما واجهته إسرائيل من هذا الجيل في 7 أكتوبر الماضي من أحداث غير مسبوقة في تاريخها منذ عام 1948.

ولهذا نعتقد اليوم أن طبيعة هذه الجولة من الحرب بين حماس وإسرائيل ستكون جولة معقدة، ولها تداعيات خطيرة ليس فقط في داخل فلسطين وإنما في المنطقة ككل.

والسبب في ذلك، في تقديرنا، لا يتصل فقط بما يمكن أن يحدث من دخول أطراف أخرى في الحرب، فيما سمي بوحدة الساحات في محور المقاومة، بل كذلك بحدث خطير أدركته إسرائيل هذه المرة بوضوح، كما ذكرنا في مقالنا السابق، وهو معرفة إسرائيل بأن حماس بدأت تتقن أسلوب المواجهة الذي يوجع إسرائيل تمامًا هذه المرة، وخطورة إدراك إسرائيل لهذه الحقيقة تكمن في أنها مرعوبة من تكرار السيناريو القاسي الذي حدث لها في 7 أكتوبر، وبالتالي فإن المعركة مع حماس، هذه المرة معركة كسر عظم.

وفيما أشار إليه الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس المبادرة الفلسطينية من تفسير ذكي لعبارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التي قالها في خطابه قبل يومين، حين وصف هذه الحرب ضد حماس بأنها «حرب استقلال ثانية» بقول البرغوثي: نتانياهو يقصد من كلمة «حرب استقلال ثانية» تجديدًا للنكبة الفلسطينية. أي تهجير ثانٍ للفلسطينيين على غرار النكبة الأولى (التي تسمى بحرب الاستقلال في إسرائيل) ومن هنا سنجد بما أن إسرائيل باتت مدركةً لما تعنيه لها حماس من مقاومة خطيرة ما سيعني بالضرورة تهجيرًا للفلسطينيين جميعا من قطاع غزة إلى سيناء، وهو سيناريو بات واضحا اليوم في دلالته بين عجز إسرائيل عن القضاء على الحماس وبين هذا الخيار - أي خيار التهجير إلى سيناء - الذي سيكون هو السبب الحصري للقضاء على حماس، تماما، حسب ما تتصور إسرائيل.

وهذا الخيار (خيار التهجير في ارتباطه العضوي بمهمة القضاء على حماس نهائيا) هو ما يفسر لنا اليوم، ليس فقط سر القصف العشوائي للمدنيين العزل وقتل أكثر من 8 آلاف مدني فلسطيني في غزة خلال أقل من شهر، بل كذلك قصف الفلسطينيين الذين استجابوا لنداءات إسرائيل بالخروج من شمال غزة إلى جنوبها أثناء خروجهم.

لكن في الرفض المصري القاطع لقرار تهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء، وإصرار الأردن على ذلك لقطع الطريق على إسرائيل في سيناريو محتمل بالضفة الغربية، سيكون من العسير على إسرائيل القيام بمهمة القضاء على حماس في غزة، وهذا سيعني احتمالات أخرى للحرب؛ منها إطالة الحرب البرية لأكثر من شهر، وهو خيار لا تتحمله إسرائيل، فضلا عن الطبيعة الممتنعة لهكذا حرب مع حماس في ظل الأنفاق التي تحتفظ بها داخل مدينة غزة وهي أنفاق متشعبة وتمتد لأكثر من 500 كيلومتر.

وكذلك هناك احتمال بتوسع نطاق الحرب نتيجة لاستخدام القوة المفرطة من إسرائيل والمذابح التي ترتكبها وهي مذابح أصبحت اليوم مثار انتقاد شعوب العالم التي بدأت تخرج في مظاهرات منددة بها.

كل هذه التطورات الخطيرة تضع إسرائيل في مأزق فائض القوة الذي كلما أفرطت فيه تورطت بصورة أكبر في مأزقها.

سيأتي الوقت الذي تدرك فيه إسرائيل تمامًا أن حل الدولتين هو أقصر الطرق لسلمها وأمنها وأمن المنطقة، وهذا ممكن قبل أن يتسع نطاق الحرب إلى ما لا تحمد عاقبته!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد 19 شهرا من الدمار.. صحيفة تكشف دعم الغرب لجرائم إسرائيل بغزة

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، افتتاحية، عابت فيها ما وصفته بـ"صمت الغرب أمام جرائم إسرائيل في غزة، وطالبت الأوروبيين والولايات المتحدة عمل المزيد من أجل ضبط بنيامين نتنياهو". 

وجاء في مقالها الذي ترجمته "عربي21" أنّه: "بعد 19 شهرا من الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأثار اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد إسرائيل، يستعد نتنياهو، مرة أخرى، لتصعيد الهجوم الإسرائيلي على غزة". 

"تضع الخطة الأخيرة، إسرائيل، على المسار نحو احتلال كامل للأراضي الفلسطينية، ومن شأنها أن تدفع سكان غزة لجيوب ضيقة في القطاع الممزق" تابعت الافتتاحية نفسها، مردفة: "من شأن ذلك أن يؤدي إلى تكثيف القصف وقيام القوات الإسرائيلية بتطهير الأراضي والسيطرة عليها، في حين تقوم بتدمير ما تبقى من المباني القليلة المتبقية في غزة". 

وقالت إنّ: "هذا سيكون بمثابة كارثة بالنسبة لـ2.2 مليون من سكان غزة، الذين عانوا بالفعل معاناة لا يمكن تصورها. وكل هجوم جديد يجعل من الصعب تجاهل أن الهدف النهائي لائتلاف نتنياهو، هو ضمان أن غزة غير صالحة للسكن وطرد الفلسطينيين من أراضيهم"، مشيرة إلى أنّ: "إسرائيل منعت ومنذ شهرين، إدخال كافة المساعدات إلى القطاع".

وأردفت: "تتزايد معدلات سوء التغذية بين الأطفال، كما أنّ المستشفيات القليلة العاملة بدأت تعاني من نقص الأدوية، وتتزايد التحذيرات من المجاعة والمرض. ورغم كل هذا لم تصدر ولا كلمة إدانة من الولايات المتحدة وأوروبا التي تروّج لإسرائيل كحليف يشترك معها في القيم، ويجب عليهم أن يخجلوا من صمتهم وأن يتوقفوا عن تمكين نتنياهو من التصرف بدون خوف من العقاب". 

وقالت إنّ: "الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد اعترف في تعليقات موجزة بأن الغزيين يجوعون واقترح أن واشنطن ستعمل من أجل توفير الطعام لغزة. لكن ترامب لم يفعل أي شيء سوى منح الجرأة لنتنياهو". 

وتضيف أنّ: "ترامب عاد للبيت الأبيض بوعد وقف حرب غزة، بعد أن ساعد فريقه في التوسط في وقف إطلاق النار في كانون الثاني/ يناير بين إسرائيل وحماس". 

"بموجب الاتفاق، وافقت حماس على إطلاق سراح الأسرى لديها على مراحل، فيما كان من المقرر أن تنسحب إسرائيل من غزة، وكان من المقرر أن يتوصل الأعداء لوقف دائم لإطلاق النار. ولكن بعد أسابيع من ترسيخ الهدنة، أعلن ترامب عن خطة غريبة لإخلاء غزة من الفلسطينيين واستيلاء الولايات المتحدة عليها" استرسلت الافتتاحية. 

وفي آذار/ مارس خرقت دولة الاحتلال الإسرائيلي وقف إطلاق النار بعدما حاولت تغيير شروط الاتفاق، بدعم من واشنطن. فيما قال مسؤولون إسرائيليون منذ ذلك الحين إنهم: "ينفذون خطة ترامب لنقل الفلسطينيين إلى خارج غزة". 

وقال وزير المالية اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، الاثنين: "سنتمكن أخيرا من احتلال قطاع غزة". معلقة أنّ: "نتنياهو يصرّ على أن توسيع الهجوم الموسع ضروري لتدمير حماس، وتحرير الأسرى الـ59 المتبقين. مع  أن رئيس الوزراء، لم يعلن قط عن خطة واضحة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".

وأردفت: "بدلا من ذلك، يكرّر شعاره المتطرف حول "النصر الكامل" فيما يسعى لاسترضاء حلفائه المتطرفين لضمان بقاء ائتلافه الحاكم" مبرزة أنّ: "إسرائيل تدفع أيضا ثمن أفعاله، ومن شأن الهجوم أنّ يدمر فرص إنقاذ حياة الأسرى، ويزيد من تقويض سمعة إسرائيل وتعميق الانقسامات الداخلية". 

وقالت دولة الاحتلال الإسرائيلي إنّ: "العملية الموسعة لن تبدأ إلا بعد زيارة ترامب للخليج الأسبوع المقبل، قائلة إن هناك "نافذة" أمام حماس لإطلاق سراح الأسرى مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار". 


وتعلق "فايننشال تايمز" بأنّ: "القادة العرب غاضبون من سعي نتنياهو المتواصل للصراع في غزة، ومع ذلك فهم سيستقبلون ترامب في احتفالات فخمة مع وعود باستثمارات بمليارات الدولارات وصفقات أسلحة. وسيحمل ترامب، حماس، المسؤولية عندما سيتحدث مع مضيفه الخليجيين".

وأكّد: "تتّفق دول الخليج على أنّ استمرار حصار غزة لا يعمل إلا على إطالة أمد الحرب. لكن عليهم أن يقفوا في وجه ترامب ويقنعوه بالضغط على نتنياهو لوقف القتل ورفع الحصار والعودة إلى المحادثات".

واختتمت الصحيفة بالقول إنّ: "الاضطرابات العالمية التي أثارها ترامب قد صرفت بالفعل الانتباه عن الكارثة في غزة. ولكن كلما طال أمد هذه الأزمة، كلما أصبح أولئك الذين يلتزمون الصمت أو يخشون التحدث علنا متواطئين ومتورطين أكثر".

مقالات مشابهة

  • يديعوت: دول الخليج تطالب ترامب بإنهاء حرب غزة وسط قلق إسرائيلي
  • بعد 19 شهرا من الدمار.. صحيفة تكشف دعم الغرب لجرائم إسرائيل بغزة
  • إسرائيل تقر بإصابة 4 جنود في انفجار عبوة ناسفة شرق رفح
  • إسرائيل تؤكد بقاء 24 من الأسرى على قيد الحياة
  • إسرائيل تصحح خطأ ترامب.. هناك 24 أسير على قيد الحياة في غزة
  • ‏حماس تنعى المسؤول العسكري خالد الأحمد الذي قتل في غارة اسرائيلية فجر اليوم في صيدا جنوب لبنان
  • على حافة الهاوية: حرب الهند وباكستان.. نارٌ تحت رماد كشمير
  • ما هو “محور موراج” الذي تريد إسرائيل حشر الغزاويين فيه؟
  • خطة عسكرية إسرائيلية بغزة التي لم يبق في جسدها مكان لجرح
  • حماس: خطط العدو الصهيوني بتوسيع الحرب قرار بالتضحية بأسراه