لجريدة عمان:
2025-08-10@12:01:31 GMT

العالم مختطف نحو الحرب

تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT

العالم مختطف نحو الحرب

حين يُستخدم القانون لردع الضعفاء، وتُستدعى الأخلاق لتبرير القصف لا لوقفه، فإن القوة وحدها تصبح القيمة العليا التي تُحرّك القرار الدولي. العدوان الإسرائيلي ـ الأمريكي على إيران لم يكن سوى تأكيد إضافي لهذه الحقيقة التي كانت الدول الغربية تتهرب من الإقرار بها: لا القانون يُلزم الأقوياء، ولا المبادئ تحكم مسار الأحداث.

كل ما عدا القوة يتحوّل إلى مادة دعائية تُروّج في الإعلام ثم تُهمل عند أول اختبار على الأرض.

ولا تحتاج هذه الحقيقة أن تختبئ خلف بلاغة الكلمات، يقولها الغرب اليوم بكل وضوح. هذا ما نقرأه بوضوح في تصريح المستشار الألماني الذي قال بلا مواربة: «لا أرى سببًا لانتقاد ما فعلته إسرائيل أو الولايات المتحدة» مستدعيا ـ من دون أي مساءلة ـ مقولة إن «إيران كانت تقترب من إنتاج السلاح النووي». وفي بروكسل، ذهب الأمين العام لحلف الناتو إلى ما هو أبعد، مؤكدا أن الضربات «لا تنتهك القانون الدولي»! ما يُفترض أنه القانون الإنساني ذاته الذي خُلق لحماية المدنيين، بات يُعلَّق حين يتعلق الأمر بـ«الحلفاء». القانون الذي يُطبَّق على خصوم موسكو، يُجمَّد تماما حين يكون الضحية خصما لواشنطن أو تل أبيب.

من الصعب فهم أي قانون دولي يستند إليه المستشار الألماني، فالقانون كما نعرفه يُدين العدوان، لا يبرره، خصوصا حين يهدد حياة ملايين بالخطر النووي.

والواضح أننا لسنا أمام مجرد اختلاف في تأويل المادة القانونية، ولكن أمام انهيار منهجي في منظومة الشرعية الدولية نفسها. لا يمكن فهم هذا الانسياق الأوروبي وراء ضربة قررها دونالد ترامب ـ بكل تاريخه في تقويض الاتفاق النووي وإشعال التوترات ـ إلا بوصفه إخفاقا أخلاقيا وسياسيا مزدوجا؛ إذ إن القبول بالحل العسكري لم يكن ضرورة أمنية عاجلة. كانت أمام العالم فرصة حقيقية للدبلوماسية، وفرصة حقيقية للوساطة، وبعضها كان يجري فعليا في سلطنة عمان حيث كانت تقدم بديلا حضاريا لثقافة الإنذار والحرب، وكان يمكن البناء على هذا النموذج لو لم يُجهض بقرار منفرد يحكمه منطق الغلبة لا الحوار.. وكأن الغرب لا يريد أن يتعلم من تاريخه، من أفغانستان إلى العراق، حيث لم تنتج القوة إلا الفوضى.

يختزل هذا النوع من التفكير السياسة الدولية في منطق الثقة والريبة، ويتجاهل كل ما نادت به أوروبا نفسها لعقود من أجل بناء نظام أمن جماعي، واحترام القانون الدولي، ودعم الحلول المتعدّدة الأطراف.. لكنّ النزعة الغربوية نسفت كل ذلك وجعلت الغرب يسيرون خلف مقاتلات أمريكية، تاركين المقاربات السلمية على قارعة الطريق.

الأسوأ من الحرب ليس فقط دمارها، بل حين تصبح قدرًا يُدار ولا يُناقش، حتمية تتصرف على هديها الأمم، كألا بديل لها. لكن الحرب ليست قدَرًا. هي لحظة انهيار للعقل السياسي، وللمسؤولية الأخلاقية. وإذا استمر هذا النهج، حيث يُشرعن العنف ويُختزل القانون إلى موقف سياسي، فلن نواجه فقط شرقًا أوسط هشًا، بل عالمًا بلا شرعية، وبلا عدالة، وبلا صوت يقول: كفى.

كفى للانصياع الأعمى. كفى للقتل باسم القيم. كفى لتحويل الإنسان إلى رقم في نشرات الأخبار.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أردوغان: من جوّع أطفال غزة سيحاسب أمام القانون والتاريخ

صفا

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه دون شك سيحاسب أمام القانون والتاريخ من جوعوا الأطفال الأبرياء في قطاع غزة حتى هزلت أجسادهم.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، الخميس، عقده مع رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، في العاصمة التركية أنقرة.

وأشار الرئيس التركي إلى أنه بحث مع رئيس الوزراء السنغالي التطورات الجارية في قطاع غزة.

وأضاف: "لطالما أشدنا بالموقف الشجاع والحازم الذي تتخذه السنغال ضد ظلم إسرائيل. إن تضامن السنغال مع الشعب الفلسطيني يشكل مثالا يحتذى به للعديد من الدول".

وأردف: "مدت السنغال يد العون ولم تُدر ظهرها لأشقائنا الفلسطينيين. كما أنها تدعم دائما المبادرات التي أطلقناها في الأمم المتحدة، وترأس منذ عام 1975 لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف".

وتابع الرئيس التركي: "لذلك، فإن صوتنا اليوم كبلدين مسلمين شقيقين يتشاركان الرؤية نفسها يُسمع أقوى في المحافل الدولية والإقليمية".

وزاد: "نضالنا مستمر حتى انتهاء الإبادة الجماعية في غزة ومحاسبة الذين يحكمون على الأطفال الأبرياء بالجوع والموت".

وأكد بالقول: "سيُحاسب مرتكبو الجرائم بحق هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين أصبحوا جلداً على عظم بسبب الجوع، أمام القانون والتاريخ، لا محالة".

مقالات مشابهة

  • دول غربية تدين التصعيد الإسرائيلي في غزة وتحذر من انتهاك القانون الدولي
  • كيف ينظر القانون الدولي لاستخدام مصطلح السيطرة بدل احتلال غزة؟
  • عاطف حسن: العين بصيرة.. والليد قصيرة: قراءة بين الإعسار المشروع والوفاء الممكن
  • المجلس الأوروبي يحذر: احتلال غزة يهدد العلاقات مع ” إسرائيل ” ويقوض القانون الدولي
  • ـ”الكتائب الثورية” .. إقامة أول مباراة كرة قدم في استاد الخرطوم الدولي منذ اندلاع الحرب
  • «التكنولوجيا المتطورة».. القوة الضاربة في العالم
  • الخارجية الأسترالية: قرار إسرائيل السيطرة على غزة ينتهك القانون الدولي
  • أردوغان: من جوّع أطفال غزة سيحاسب أمام القانون والتاريخ
  • خبراء الأمم المتحدة: سلاح التجويع الذي تستخدمه إسرائيل في غزة جريمة بموجب القانون الدولي
  • من ألبانيزي إلى المقاومة.. شواهد التغيير في النظام الدولي