الجزيرة:
2025-06-12@04:12:34 GMT

دول عظمى توقع أول إعلان عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT

دول عظمى توقع أول إعلان عن مخاطر الذكاء الاصطناعي

وقّعت الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ونحو 20 دولة في بريطانيا أمس الأربعاء إعلان بليتشلي من أجل تطوير "آمن" للذكاء الاصطناعي، وذلك خلال القمة الدولية الأولى لـ"أمن وسلامة الذكاء الاصطناعي" التي تبحث التطور السريع لهذه التكنولوجيا.

ورحب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عبر شبكة "إكس" (تويتر سابقا) بهذا الإعلان، قائلا إن "هذا الإعلان التاريخي يمثل بداية جهد عالمي جديد لبناء ثقة الجمهور في الذكاء الاصطناعي من خلال ضمان سلامته".

واتفق الاتحاد الأوروبي و28 دولة -اجتمع ممثلون عنها في بليتشلي بارك في شمال العاصمة البريطانية لندن- على "الحاجة الملحة إلى فهم وإدارة المخاطر المحتملة" للذكاء الاصطناعي بشكل جماعي من خلال "جهد عالمي جديد لضمان تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره بطريقة آمنة ومسؤولة".

وفي مواجهة الإمكانات المتزايدة لبرمجيات مثل "شات جي بي تي"، فإن إعلان بليتشلي "يُظهر أنه لأول مرة يجتمع العالم لتحديد المشكلة وإبراز الفرص المتصلة بها"، وفقا لما أكدته وزيرة التكنولوجيا البريطانية ميشال دونيلان لوكالة فرانس برس.

وأوضحت الوزيرة البريطانية أن هذا الاجتماع، الذي انطلق أمس الأربعاء ويختتم اليوم الخميس، "لا يهدف إلى وضع الأسس للتشريعات العالمية، بل يجب أن يعمل على رسم طريق للمضي قدما" في هذا المجال.

وأضافت من هذا الموقع ذي الرمزية الكبيرة والذي كان يضم مركز فك الشفرات في الحرب العالمية الثانية، أن هذه القمة ستتبعها قمتان دوليتان عن الذكاء الاصطناعي، الأولى في كوريا الجنوبية في غضون 6 أشهر، والثانية في فرنسا في غضون عام.

وعلى مدى يومي القمة، يجتمع القادة السياسيون وخبراء الذكاء الاصطناعي وعمالقة التكنولوجيا بمبادرة من المملكة المتحدة، التي تريد أن تأخذ زمام المبادرة في التعاون العالمي في هذه التكنولوجيا.

وفي الوقت نفسه، من المقرر أن تعلن كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي، في كلمة لها في لندن، عن إنشاء معهد لأمن الذكاء الاصطناعي في واشنطن. وسيجمع هذا المعهد -المشابه لذلك الذي أعلنت المملكة المتحدة أيضا عن إنشائه- الخبراء والمسؤولين عن وضع "مبادئ توجيهية" وتقييم نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدما من أجل "تحديد المخاطر وتخفيفها"، وفقا للبيت الأبيض.

وقد حقق الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على إنتاج نص أو أصوات أو صور بناء على طلب بسيط في غضون ثوانٍ، تقدّما مبهرا في السنوات الأخيرة، ويُتوقع أن تظهر الأجيال الجديدة من هذه النماذج في الأشهر المقبلة.

وحذرت الحكومة البريطانية في تقرير نُشر الخميس الماضي من أن هذه التكنولوجيا التي تثير آمالا كبيرة في الطب أو التعليم، قد تشكل أيضا "تهديدا وجوديا" من خلال زعزعة استقرار مجتمعات عبر إتاحتها تصنيع أسلحة أو الإفلات من السيطرة البشرية.

ريشي سوناك رحب بإعلان التوقيع على اتفاقية إعلان بليتشلي من أجل تطوير آمن للذكاء الاصطناعي (الأناضول) حضور السياسيين في اليوم الثاني

بعد اليوم الأول للقمة الذي خصص للحديث عن المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي الأكثر تقدما، من المتوقع اليوم الخميس حضور ممثلين سياسيين رفيعي المستوى إلى بليتشلي بارك.

ومن بين هؤلاء رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، وهي الوحيدة التي ستحضر القمة من بين زعماء بلدان مجموعة السبع.

وتأمل الحكومة البريطانية في التوصل -على الأقل- إلى أول إعلان دولي عن طبيعة مخاطر الذكاء الاصطناعي. وتقترح أيضا إنشاء مجموعة من الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي بناءً على نموذج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ المسؤولة عن متابعة القضايا المناخية.

ويجري الملياردير إيلون ماسك رئيس شبكة "إكس" محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بعد القمة. وقد شدد ماسك أمس الأربعاء على الحاجة إلى وجود "حَكَم" في مجال الذكاء الاصطناعي، قائلا إن هذه التكنولوجيا تشكّل أحد "أكبر التهديدات" التي تواجه البشرية.

وقال ماسك للصحفيين خلال مشاركته في القمة "ما نهدف إليه هو إنشاء إطار لفهم أفضل، بحيث يكون هناك على الأقل حَكَم مستقل يمكنه مراقبة ما تفعله شركات الذكاء الاصطناعي ودق ناقوس الخطر إذا ما كانت لديه مخاوف". وأضاف "آمل في هذه القمة أن يكون هناك إجماع دولي على الفهم الأولي للذكاء الاصطناعي المتقدم".

ماسك شدد على الحاجة إلى وجود "حَكَم" في مجال الذكاء الاصطناعي (غيتي)

وفي رسالة مفتوحة نُشرت أول أمس الثلاثاء، دعا العديد ممن يعتبرون "الآباء المؤسسين" لهذه التكنولوجيا، مثل يوشوا بنجيو وجيفري هينتون، إلى "تطوير معاهدة دولية بشأن الذكاء الاصطناعي والتصديق عليها"، وذلك من أجل الحد من المخاطر و"العواقب الكارثية المحتملة" التي تفرضها هذه الأنظمة على الإنسانية.

ويكمن التحدي الذي تواجهه الدول في التعامل مع الذكاء الاصطناعي في قدرتها على ضمان عمل الذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع المعايير العالمية دون إعاقة أو تقييد الابتكار لمختبرات الذكاء الاصطناعي، أي تنظيم عمل هذه التقنية، وهذا ما اختاره الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

والأسبوع الماضي، وافقت شركات عدة مثل "أوبن إيه آي" و"ميتا" -مالكة فيسبوك وإنستغرام- و"غوغل" -مالكة ديب مايند- على الإعلان عن بعض قواعدها الأمنية الخاصة بالذكاء الاصطناعي بناء على طلب المملكة المتحدة.

وفي رسالة مفتوحة موجهة إلى ريشي سوناك، أعرب نحو 100 منظمة دولية وخبراء وناشطون عن استيائهم من عقد هذه القمة بصورة "مغلقة"، مع هيمنة عمالقة التكنولوجيا عليها وحضور محدود للمجتمع المدني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی هذه التکنولوجیا ریشی سوناک من أجل

إقرأ أيضاً:

“شبكة العنكبوت”: الحرب في عصر الذكاء الاصطناعي

 

في صورة تعكس لنا كيف أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي والمُسيرات قادرة على تغيير قواعد الحرب، تمكنت أوكرانيا باستخدام عشرات الدرونز زهيدة الثمن من تعطيل قاذفات استراتيجية تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات في قلب العمق الروسي، قاصدة قواعد تبعد آلاف الكيلومترات عن كييف فيما يُعرف بـ”التفوّق الجغرافي البديل”، حيث لا يهم أين يقع الهدف بقدر ما يهم هل يمكن الوصول إليه بأسلوب غير تقليدي. حدث ذلك دون الحاجة إلى إطلاق صواريخ بعيدة المدى أو استخدام طائرات ضخمة، فقط أكواخ خشبية بأسقف قابلة للفتح ذاتياً محملة على شاحنات، انطلقت منها عشرات المسيرات نحو أهدافها متجاوزة أنظمة الدفاع الجوي الروسي.

وعلى الرغم من تفوق روسيا كماً وكيفاً منذ بداية الحرب، وامتلاكها للصواريخ البالستية والفرط صوتية وللقاذفات الاستراتيجية؛ فإن هذه العملية تظهر كيف أن الدرونز والذكاء الاصطناعي قادر على ترجيح كفة الطرف الأضعف والأقل من حيث القوة التدميرية، بما يعيد تعريف مفهوم “الردع”، ليصبح القدرة على استهداف نقاط ضعف العدو بذكاء وتكلفة منخفضة، وليس فقط امتلاك القوة المماثلة؛ فقد أثبتت هذه الحادثة أن روسيا غير قادرة على حماية عمقها الاستراتيجي، رغم تفوقها العددي والتقني.

وراء هذا المشهد المعقد، يقف الذكاء الاصطناعي كمحرّك رئيسي غير مرئي، فبرمجة مسارات الطائرات وتفادي أنظمة الدفاع واستخدام أنظمة تمييز الأهداف داخل القواعد العسكرية، كل ذلك يشير إلى أن الخوارزميات أصبحت الآن جزءاً من مراكز اتخاذ القرار العسكري، لا مجرّد أداة للدعم.

عملية شبكة العنكبوت:

في عملية يُقال إنها استغرقت 18 شهراً من التحضير، تم تهريب عشرات الطائرات المسيّرة الصغيرة إلى داخل روسيا، حيث خُزّنت في مقصورات خاصة داخل شاحنات نقل، ثم نُقلت إلى ما لا يقل عن أربعة مواقع مختلفة، تفصل بينها آلاف الكيلومترات، لتُطلق لاحقاً عن بُعد من المسافة صفر باتجاه قواعد جوية قريبة، واستطاعت أن تدمر نحو 34% من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية حسب تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وقد استهدفت هذه المسيرات اثنتين من القواعد الجوية، فحسب بيان وزارة الدفاع الروسية: “أدى إطلاق طائرات مسيّرة انتحارية من مواقع قريبة جداً من مطارات منطقتي مورمانسك وإيركوتسك إلى اشتعال النيران في عدد من الطائرات”، وفي خطاب له قال زيلينسكي إن117 طائرة مسيّرة استُخدمت في الهجوم على القواعد الجوية الروسية.

وقد تمت عملية شبكة العنكبوت (Spider’s Web) – كما تمت تسميتها- على عدة مراحل، كانت المرحلة الأولى هي مرحلة تهريب الطائرات المسيّرة الصغيرة إلى العمق الروسي عبر مراحل زمنية متقطعة، بعيدة عن أي نمط يمكن رصده. ولتفادي أعين الرصد والمراقبة، تم إخفاء هذه الطائرات داخل هياكل خشبية بدائية الشكل على هيئة أكواخ صغيرة تم تحميلها على شاحنات نقل تجارية؛ ما منحها غطاءً لوجستياً يخفي غايتها العسكرية.

وما بدا للبعض أنه مجرد وحدات تخزين متنقلة، كان في الواقع منصات إطلاق هندسية دقيقة، جُهزت بأسقف معدنية يمكن فتحها عن بُعد، وعند لحظة الصفر، انفتحت هذه الهياكل تلقائياً، لتخرج منها الطائرات واحدة تلو الأخرى، وتنطلق نحو أهدافها دون أن تترك مجالاً لرد فعل استباقي. كان الهدف الأول هو مطار أولينيا، ويبعد نحو 1900 كيلومتر من أوكرانيا، والمطار الثاني هو بيلايا ويقع على بعد نحو 4300 كيلومتر من أوكرانيا.

أما الطائرات المسيرة ذاتها، فهي على الأرجح من طراز FPV (First Person View) وهي نماذج مسيّرة صغيرة الحجم، وخفيفة الوزن، ومجهّزة بكاميرات لبث مباشر، تُدار عن بُعد أو تُبرمج مسبقاً، وتُستخدم عادة في ضربات انتحارية محددة الأهداف؛ إذ تُزوّد غالباً برؤوس حربية صغيرة؛ لكنها كافية لإتلاف طائرات أو إشعال حرائق داخل منشآت عسكرية حساسة، ويتراوح مداها الجغرافي بين 5 و20 كيلومتراً؛ لذا فقد تم التغلب على هذا التحدي الجغرافي من خلالها تهريبها مسبقاً إلى قرب القواعد الجوية المستهدفة في الشاحنات.

وبحسب ما ورد في التقارير الإعلامية الأوكرانية، فإن الخسائر الواردة نتيجة عملية “شبكة العنكبوت” قد تكون كبيرة، وعلى الرغم من صعوبة التحقق من دقة حجم الخسائر؛ فإنها تشير إلى استهداف نحو 41 قاذفة استراتيجية من أصل نحو 120 تمتلكها روسيا، منها Tu-95 وهي قاذفة استراتيجية تستخدم في الهجمات بعيدة المدى، وTu-22 وهي قاذفة قادرة على ضرب أهداف برية وبحرية، وطائرات رادار من طراز إيه-50. أما الخسارة الأكبر فتتمثل في القاذفة Tu-160 الأسرع من الصوت، وقد تم تدمير طائرتين منها، وهو ما وصفه أحد المعلقين الأوكرانيين بأنه “خسارة لوحدتين من أندر الطائرات، كأنها أحصنة وحيدة القرن وسط القطيع”، خاصة أن الطائرات Tu-160 وTu-95 لم تعد تُنتج؛ مما يجعل استبدالها شبه مستحيل . من جهته، أعلن جهاز الأمن الأوكراني (SBU) أن الخسائر تُقدّر قيمتها الإجمالية بنحو 7 مليارات دولار .

ومن المرجح أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد أسهمت في التخطيط لهذه العملية، بدافع الضغط على الرئيس الروسي للدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب. ففي أغسطس 2023 تحدثت كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع الأمريكي، في خطاب بعنوان “الحاجة الملحة إلى الابتكار”The Urgency to Innovate أمام الجمعية الوطنية للصناعة الدفاعية، عن ضرورة تطوير نظم ذكية غير مأهولة ورخيصة نسبياً يمكنها القيام بعمليات عسكرية تكتيكية، وفي خطابها أعلنت عن مبادرة أطلقت عليها اسم “المستنسخ” Replicator، وهي استراتيجية تسعى من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير تقنيات تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكن التضحية بها، يشمل ذلك أساطيل من الأسلحة والمعدات غير المأهولة والذكية والرخيصة نسبياً. وقد وصفت هيكس، هذه الأسلحة والمعدات بأنها “قابلة للتضحية”؛ بمعنى أنها يمكن أن تتعرض للتدمير دون التأثير في سلامة المهمة، ودون تكبد خسائر مالية باهظة، وهو ما حدث بالفعل في عملية شبكة العنكبوت، حيث تم إطلاق العشرات من الطائرات المسيرة رخيصة التكلفة للقيام بمهام انتحارية، مكبدة الروس خسائر كبيرة دون تحمل تكلفة مالية كبيرة.

تغير قواعد الحرب:

في المنظورات التقليدية، كان توازن القوى يُقاس بعدد الدبابات والمقاتلات وحجم الميزانيات العسكرية. أما اليوم، فإن الذكاء الاصطناعي يُدخل عاملاً نوعياً جديداً يتمثل في القدرة على إنشاء جيوش آلية من مركبات غير مأهولة رخيصة التكلفة، فضلاً عن قدراته الأخرى التي تتمثل في اتخاذ القرار الأسرع والأدق بناءً على تحليل لحظي للبيانات؛ مما يعني أن الجيوش الأصغر حجماً تستطيع أن تُعادل أو تتفوّق على قوى أكبر إذا امتلكت أنظمة ذكية لتحليل الحركة، والتوجيه، وتحديد الأهداف؛ أي إن توازن القوة لم يعد مرهوناً بمن يمتلك أكثر؛ بل بمن يفهم أسرع ويتصرف أذكى.

فلم تعد الأفضلية في التفوق النوعي وحده؛ بل بات العدد الكبير من الوسائل الذكية والمنخفضة الكلفة يشكل بحد ذاته سلاحاً نوعياً يعجز الخصم التقليدي أحياناً عن احتوائه، فتحولت المُسيرات إلى “صواريخ كروز” الطرف الضعيف، فهي رخيصة ومتوفرة بكثرة مقارنةً بنظم الدفاع الجوي الكفيلة بإسقاطها أو مقارنة بالأهداف القادرة على إصابتها، فإسقاط طائرة مسيّرة تجارية زهيدة الثمن لا يتعدى ثمنها بضعة آلاف من الدولارات باستخدام صاروخ باتريوت بقيمة 3.4 مليون دولار هو معركة استنزاف، وإن لم تسقط فهي قادرة على تخريب مقاتلات وقاذفات استراتيجية ثمنها عشرات الملايين من الدولارات.

هذا الاختلال الصارخ بين “تكلفة التهديد” و”تكلفة الرد عليه” يكشف عن معضلة استراتيجية لم تجد الجيوش الكبرى بعد حلاً جذرياً لها: كيف يمكن مواجهة سلاح بسيط ومنتشر، دون الإفراط في استخدام وسائل دفاع باهظة وغير مستدامة. ومن هنا، يتّضح أن الحرب لم تعد تُخاض فقط على أساس من يمتلك السلاح الأقوى؛ بل أيضاً على من يستطيع الإنهاك بأقل تكلفة وأكبر مرونة، وهو بالضبط ما يجعل الطائرات المسيّرة، حين تقترن بالخوارزميات، سلاح المرحلة المقبلة.

هذا التطور يُعيد تعريف مفهوم “التفوق” من خلال “الكم” و”الضخامة” إلى التفوق النوعي، فحينما يمتلك الخصم المزيد من السفن والمزيد من الصواريخ والمزيد من المقاتلين، في مقابل محدودية الأسلحة والأفراد التي يمتلكها الطرف الآخر؛ تصبح الأسلحة القابلة للتضحية في هذه الحالة فعالة أمام الكتل الضخمة مرتفعة التكلفة. وفي هذه الحالة تستطيع الجيوش الصغيرة زيادة فاعليتها وتأثيرها أمام الجيوش الضخمة عبر أدوات ذكية ورخيصة، وبالمثل تستطيع الحركات المسلحة والجماعات الإرهابية أن تمتلك ميزة نسبية من خلال هذه التقنيات في مواجهة الجيوش النظامية؛ مما يغير من معادلة التفوق العسكري.

كما أن المفهوم التقليدي للردع تأثر أيضاً بتقنيات الذكاء الاصطناعي؛ إذ لم يعد بمقدور أي خصم أن يعرف على وجه اليقين ما الذي يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تنفّذه وما هي قادرة عليه، فهي تقنيات مربكة لساحة المعركة ولأدوات القتال التقليدية، كما أنها قللت من فاعلية الردع التقليدي؛ لأنها جعلت كلفة الهجوم منخفضة، فحين تتاح وسائل الضرب بتكلفة زهيدة يصبح من السهل المبادرة فيسقط معها الردع؛ ومن ثم أصبحنا أمام بيئة ردعية جديدة، لم تعد تقوم على وضوح العقوبة؛ بل على ضبابية القدرة وتعدّد سيناريوهات التهديد، حيث الخوف لا يأتي مما نعرفه؛ بل مما لا نستطيع التنبؤ به.

وما حدث في عملية شبكة العنكبوت أثبت مفهوم “شبكية” الحرب؛ أي لامركزيتها، فمجموعة من المسيرات، التي قد يتم تجميعها محلياً، تتحكم فيها مجموعة من الخوارزميات، وتنطلق من شاحنات قد تكون ذاتية القيادة في مناطق متفرقة من الدولة، وتتوجه لضرب قواعد عسكرية شديدة التأمين أو حتى بنية تحتية حرجة أو اغتيال قادة سياسيين وعسكريين، دون الحاجة إلى وجود مقاتلين على الأرض أو إرسال صواريخ عبر الحدود، وبعد كل ذلك قد لا يتبنى هذه العملية أحد ويظل المتهم الرئيسي هو “الذكاء الاصطناعي”.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • إيزي ليس توقع شراكة استراتيجية لتعزيز حلول الذكاء الاصطناعي
  • سام ألتمان: الذكاء الاصطناعي القادم لن يكرّر.. بل يبتكر
  • السبع يوضح أهم مميزات ⁧‫الذكاء الاصطناعي‬⁩ في نظام ⁦‪ iOS 26
  • وزير الاستثمار يرأس وفد المملكة في قمة الشراكة والاستثمار السعودية – البريطانية في “مانشن هاوس” بلندن
  • أخبار التكنولوجيا| آبل تكشف رسميًا عن iOS 26 .. تطبيق اختصارات مدعوم بالذكاء الاصطناعي
  • تعرف على أبرز الوظائف المستقبلية في عصر الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي.. خبير: التكنولوجيا دائما تعيد تشكيل عالمنا طوال الوقت
  • “شبكة العنكبوت”: الحرب في عصر الذكاء الاصطناعي
  • أبل ستتيح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها للمطورين
  • المملكة المتحدة ترسخ ريادتها في الذكاء الاصطناعي