سر تسمية السيد البدوي بـ«شيخ العرب».. أثرى التصوف الإسلامي
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
قال الدكتور خالد عبد العال، عميد كلية أصول الدين بالمنوفية، إنَّ الإمام السيد أحمد البدوي أثرى التصوف الإسلامي، مشيرًا إلى أنَّ رؤية شاهدها في المنام، كانت سبباً لمجيئه إلى مصر، والرؤية تكررت معه ثلاث مرات، ومفادها: «اذهب إلى مصر فإنَّ لك فيها مُقامًا، وأنه سيكون لك فيها أتباعًا ومُريدين».
«عبد العال»: السيد البدوي جاء إلى مصر و«بيبرس» كان في استقبالهوأضاف «عبد العال»، خلال استضافته ببرنامج «مدد»، للإعلامي عبد الفتاح مصطفى، والمُذاع على شاشة «الحياة»، أنَّ السيد البدوي جاء إلى مصر وكان في استقباله الظاهر بيبرس، وأقام في بيت ركين الدين ثمَّ على سطح في منزل «شطيح» الذي كان بمثابة قلعة علمية يلتقي فيها بمريديه وتلاميذه وأحبابه.
وتابع عميد كلية أصول الدين: «لقب شيخ العرب من بين الألقاب التي تميز بها السيد البدوي، وأُطلق عليه بسبب جوده وكرمه والصفات العربية الأصيلة التي كانت فيه».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السيد البدوي الصوفية السيد أحمد البدوي السید البدوی إلى مصر
إقرأ أيضاً:
د. محمد بشاري يكتب: رحيل العلامة أحمد عمر هاشم: دموعُ العالِم وبصيرةُ الأزهري
حين يرحل العلماءُ الربانيون، لا تفقد الأمةُ مجرد اسمٍ بارزٍ في سجلها الأكاديمي، بل ينطفئ مصباحٌ من مصابيح الهداية التي كانت تهدي القلوب والعقول في ليل التيه. هكذا بدا رحيل الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم –عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق– صباح الثلاثاء 7 أكتوبر 2025، كفقدان ركنٍ من أركان الأزهر الذي ظل لعقود يُبشّر برسالة الوسطية، ويصدع بالحق، ويذود عن السنة النبوية.
لقد جمع أبو هاشم بين سمتِ المحدثين، وحرارة الخطباء، وبصيرة الأزهري الذي لا يساوم على أصول الدين، ولا يُخضِع الحقائق لعابرات الأهواء. عُرِف في محافل مصر وخارجها، وكان صوته المجلجل في الجامع الأزهر أو في مسجد عمرو بن العاص صدى لروحٍ تحمل على كاهلها ميراثًا نبوياً يَعتبر المنبر رسالةً لا وظيفة.
ولعل من أبرز المواقف التي تكشف عمق معدنه ما جرى في مارس 2010، في رحاب مؤتمر الجنادرية الثقافي بالرياض، حين احتدم النقاش بينه وبين بعض المثقفين ذوي الاتجاه العلماني اللاديني. كان أبو هاشم –كما عهدناه– ثابتًا في حجته، صادقًا في دفاعه، لا يتكلم بحدة الخصومة بل بصلابة الحارس الذي يعلم أن أي تفريط في العقيدة هو خيانة للأمانة. وقف يردّ ببيانٍ رصين عن رسالة الإسلام في بناء الإنسان والمجتمع، وعن أن الدين ليس قيدًا على الحرية بل هو الذي يُعطيها معناها، وأن محاولات إقصاء الدين عن الحياة لن تثمر إلا خواءً روحيًا لا يُعمِّر حضارة.
غير أن اللحظة التي خلّدت صورته في ذاكرة الحاضرين لم تكن في المطارحة الفكرية وحدها، بل في المشهد الإنساني الجليل الذي أعقبها؛ إذ جاءه خبر وفاة الإمام الأكبر الشيخ محمد سيد طنطاوي –شيخ الأزهر الشريف آنذاك– فغلبه البكاء، بكى بدموعٍ صافية كالطفل الذي فقد أباه. لم يجد حرجًا في أن يُظهر ألمه أمام الجمع، وكأنما أراد أن يعلّم الأجيال أن العلماء مهما علت منازلهم تبقى قلوبهم معلقة بالوفاء والرحمة. ثم غادر على عجل ليعود إلى القاهرة لحضور الجنازة، وإلقاء النظرة الأخيرة على أستاذه وشيخه، في وفاءٍ قلّ نظيره.
ذلك الموقف يلخص شخصية أحمد عمر هاشم: جمع بين حزم العالِم في الحجة ورِقّة القلب في الفقد، بين هيبة الأزهر في المناظرة وخشوعه في المحبة، بين المواقف الصلبة في الدفاع عن الدين والانكسار البشري أمام لوعة الموت. هو العالِم الذي يُذكّرنا بأن الدين ليس جدلًا نظريًا بل عاطفةً حيّةً تشدّ المرء إلى أخيه برباطٍ من الرحمة.
لقد عاش أبو هاشم أربعةً وثمانين عامًا يسقي الأمة من معين السنة والوسطية، يكتب ويخطب ويدرّس، يوازن بين تراث المحدثين وحاجات العصر، ويفتح للأزهر مكانةً في ساحات السياسة والثقافة والدعوة. بوفاته تُطوى صفحةٌ من صفحات العلم، لكن تبقى آثارُه في تلامذته، وخُطَبه، وكتبه، ومواقفه، شواهدَ على أن الرجل لم يعش لنفسه، بل للأمة كلها.
رحم الله أبا هاشم، فقد رحل جسدًا، وبقي أثرًا. رحل عن الدنيا، لكن بقيت دموعه على شيخه، وخطبه في الأزهر، وكلماته في الجنادرية، وصوته المجلجل في البرلمان؛ كلّها شواهد على أن العالِم لا يموت بموت جسده، بل يظل حيًّا بذكره، وبالرسالة التي حملها بصدقٍ وإخلاص.